أحمدي نجاد مخالفا خامنئي مجددا: لا بد من محاكمة زعماء الإصلاحيين وليس المتظاهرين

إمام جمعة طهران يدعو البرلمان إلى تسهيل مهمة نجاد والتصديق على حكومته

أحمدي نجاد مع آية الله جنتي خلال صلاة الجمعة أمس (إ.ب.أ)
TT

دعا الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى محاكمة ومعاقبة قادة الحركة الإصلاحية بعد الاضطرابات التي اندلعت في أعقاب الانتخابات الرئاسية المتنازع على نتائجها في يونيو (حزيران) الماضي، وجاءت لهجة نجاد المتشددة على عكس تصريحات للمرشد الأعلى لإيران آية الله على خامنئي قبل 3 أيام والتي استخدم فيها لهجة معتدلة، وقال إنه لا دليل على علاقة قادة الحركة الإصلاحية بالاستخبارات الغربية، موضحا أنه لم يجد دليلا على تلك الاتهامات.

إلا أن سياسيين متشددين وسط التيار المحافظ وقادة في الحرس الثوري دعوا أيضا لإلقاء القبض على المرشحين المهزومين مير حسين موسوي ومهدي كروبي والرئيس السابق محمد خاتمي بتهمة قيادة الاضطرابات. وسيرا على نفس الخط، قال أحمدي نجاد في خطبة الجمعة بجامعة طهران «يجب التعامل مع القادة والعناصر الرئيسية وراء القلاقل بأقصى درجات الحزم». وأضاف الرئيس أنه يتعين الإفراج عمن ألقي القبض عليهم خلال التوترات، لكن يجب أن يمثل زعماؤهم أمام العدالة. وقال في الخطبة التي بثتها الإذاعة الحكومية «الأشخاص الذين تعرضوا للتضليل يجب أن يحظوا برحمة الإسلام. لكن لا تمنحوا الحصانة والحماية للعناصر الرئيسية. من نظموا الاحتجاجات ونفذوا مطالب أعداء إيران يجب مواجهتهم بحزم». وهذه أول مرة يطلق فيها أحمدي نجاد دعوة ضد خصومه السياسيين الذين احتجوا على نتائج الانتخابات منددين بحصول عمليات تزوير. وقاطعه المصلون بالهتاف «الإعدام لقادة الشغب».

وأكد أحمدي نجاد ضمنيا مزاعم الاغتصاب في السجن ضد المعتقلين السياسيين، ودعا لمعاقبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات. وأضاف «وقعت أعمال غير ملائمة في بعض مراكز الاعتقال يتحمل مسؤوليتها الأعداء أيضا.. أطالب بمعاقبة المسؤولين».

وتابع «ما حدث في مساكن الطلاب ومراكز الاحتجاز كان جزءا من سيناريو العدو نفذه أتباع الحركة الانقلابية» مؤكدا أن «القوات الثورية بريئة من مثل هذه الأعمال المشينة». وأضاف «لقد تعرضت عناصر الباسيج للضرب في الشوارع لحماية الناس» في إشارة إلى الميليشيا الإيرانية المتشددة التي لعبت دورا كبيرا في إخماد تظاهرات الشوارع.

وواجهت الجمهورية الإيرانية مزيدا من الإحراج بسبب اتهامات بتعرض المتظاهرين للاغتصاب والتعذيب أثناء احتجازهم. وأغلقت السلطات الإيرانية سجن كاهريزاك جنوب طهران بعد وفاة اثنين من المعتقلين على الأقل متأثرين بجروح أصيبوا بها أثناء احتجازهم.

ودفعت الانتخابات والأحداث التي أعقبتها إيران إلى أكبر أزمة داخلية تشهدها منذ الثورة الإيرانية في 1979. ويحاكم عشرات من المعتدلين البارزين في اتهامات بإثارة الاضطرابات للإطاحة بالمؤسسة الدينية. وتقول جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان إن مئات من الأشخاص بينهم ساسة إصلاحيون بارزون وصحافيون ونشطاء احتجزوا منذ الانتخابات. ولا يزال كثيرون في السجون.

ومن بين من يواجهون المحاكمة نائب خاتمي السابق محمد على أبطحي والعديد من الوزراء السابقين وقادة الإصلاحيين مثل بهزاد نبوي ومحسن ميردامادي وعبد الله رمضان زادة وآخرين. وفي تصريحات تستهدف تهدئة الأوضاع السياسية، قال خامنئي يوم الأربعاء إن المزاعم بأن قادة المعارضة على صلات بالقوى الغربية لم تثبت حتى الآن بالرغم من ادعاءات المتشددين بوجود دور أجنبي كبير في هذه الاضطرابات. لكن خامنئي أضاف أن التوترات التي أعقبت الانتخابات من تدبير أعداء إيران «سواء علم قادة التوترات بذلك أم لا». وانتقد خامنئي زعماء المعارضة لإلقائهم الضوء على مزاعم بشأن تعرض المحتجين المحتجزين لانتهاكات. وطالب كروبي وموسوي اللذين يقولان إن الانتخابات زورت لتأمين فوز أحمدي نجاد بالتحقيق في مزاعم تعذيب واغتصاب ضد عناصر الأمن.

من ناحيته انتقد إمام صلاة الجمعة في جامع جامعة طهران کاظم صديقي استغلال منبر صلاة الجمعة لتحقيق أغراض شخصية وحزبية وعائلية ومهنية، داعيا البرلمان في الوقت ذاته إلى تسهيل عمل حكومة أحمدي نجاد والتصديق عليها. وما زال البرلمان يناقش تشكيلة الحكومة الجديدة والتي بها 5 وزراء مقترحين قد لا ينالون دعم نواب البرلمان الإيراني.

إلى ذلك وعلى صعيد آخر، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أمس في موسكو أن لقاء الوسطاء الدوليين الستة بشأن البرنامج النووي الإيراني سيعقد في ألمانيا في الثاني من سبتمبر (أيلول) على مستوى المديرين السياسيين لوزارات الخارجية. ونقلت وكالة «إنترفاكس» عن ريابكوف قوله للصحافيين، إن «المحادثات السداسية ستجري في الثاني من سبتمبر في فرانكفورت ـ سور ـ لو ـ مين (غرب ألمانيا) على مستوى المديرين السياسيين» لوزارات الخارجية. وريابكوف هو المدير السياسي الروسي المكلف ملف البرنامج النووي الإيراني. ومن جهتها، رفضت وزارة الخارجية الألمانية الإدلاء بأي تعليق حول هذه المسألة. وكان المديرون السياسيون في الدول الست الكبرى المعنية بالمباحثات مع طهران ـ الصين والولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا ـ اجتمعوا في ألمانيا في السابق. وستعرض هذه الدول ما تم التوصل إليه بشأن الملف النووي الإيراني في سبتمبر (أيلول)، وتتوقع من الآن حتى ذلك الوقت ردا على عرضها الحوار على إيران. ويأتي ذلك فيما طلبت إيران أمس من واشنطن أن تنأى بنفسها عن سياسات الإدارات السابقة بشأن النزاع في الشرق الأوسط، وذلك غداة دعوة وجهتها إسرائيل إلى فرض عقوبات أقسى على إيران بسبب برنامجها النووي. وأعلن وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي بحسب ما نقلت عنه وكالة فارس «إننا نحذر الإدارة الأميركية و(الرئيس باراك) أوباما من الوقوع في فخ السياسيين الأميركيين السابقين حول ملف فلسطين». وأضاف أن على الحكومة الأميركية أن تعلم أن أي خطة سلام في الشرق الأوسط لا يمكنها تجاهل حقوق الفلسطينيين. وأعلن متكي من جهة أخرى أن المصالح القومية لإيران مرتبطة بـ«الحصول على حقوق الفلسطينيين». وأثناء زيارة إلى برلين أول من أمس، طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بفرض «عقوبات تشل» إيران لمنعها من امتلاك السلاح النووي.