عمار الحكيم يناشد المالكي الانضمام إلى الائتلاف الوطني العراقي الجديد «توحيدا للصف»

جثمان والده يوارى الثرى في النجف اليوم غداة مراسم تشييع رسمية في مطار بغداد

عمار الحكيم يقبّل نعش والده عبد العزيز الحكيم خلال مراسم التشييع في مطار بغداد أمس (رويترز)
TT

شيع أمس في مراسم رسمية ووسط إجراءات أمنية مشددة جثمان عبد العزيز الحكيم، رئيس المجلس الأعلى الإسلامي، الذي توفي الأربعاء الماضي في إيران إثر إصابته بسرطان الرئة، وسيوارى الجثمان الثرى في مدينة النجف اليوم.

ووصل جثمان الحكيم، رئيس المجلس الأعلى الإسلامي، الذي توفي عن 59 عاما، صباحا إلى مطار بغداد الدولي على متن طائرة رسمية قادمة من مدينة قم الإيرانية. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، حضر إلى المطار حيث أقيمت مراسم التشييع الرئيس جلال طالباني، وأعضاء الحكومة جميعا وفي مقدمتهم رئيس الوزراء نوري المالكي، وأفراد عائلة الحكيم، وقادة الأحزاب، وزعماء عشائر ورجال دين، إضافة إلى سفراء عدد من الدول بينهم السفيران الأميركي كريستوفر هيل والبريطاني كريستوفر برنتيس. ثم نقل الجثمان إلى مسجد براثا في بغداد حيث جرت الصلاة عليه لينقل لاحقا إلى مدينة كربلاء حيث مرقد الإمام الحسين وأخيه العباس، ثم إلى مسقط رأسه النجف جنوب بغداد.

وقد غطي النعش بالعلم العراقي، ووضعت عليه العمامة السوداء التي اعتاد الحكيم ارتداءها خلال حياته. وكان عدد من عناصر المجلس الأعلى الإسلامي الذين ارتدى معظمهم بدلات سوداء، يبكون بدون توقف خلال المراسم. ورفعت أعلام عراقية على الخيمة التي خصصت لجلوس المسؤولين، وعلقت لافتات كتب على إحداها «سيبقى الحكيم في عقولنا» وأخرى «فقدان الحكيم سيضاعف مسؤوليتنا».

وقال الرئيس جلال طالباني خلال كلمة أثناء المراسم «كان قائدا ومجاهدا بذل نفسه للعراق كما هو شأن هذه الأسرة، لكننا مطمئنون واثقون أن الفراغ الذي تركه الراحل سيمتلئ برجال مناضلين من جميع القوى، هذا الفراغ الذي خلفه سيملأه رجال وقادة من الأسرة الطاهرة والمجلس الأعلى مثل عمار الحكيم الباني لعراق ديمقراطي مستقل».

وعمار الحكيم النجل الأكبر للراحل عبد العزيز الحكيم، هو الأوفر حظا لتولي خلافته. وسيدعو المجلس الأعلى الإسلامي هيئاته الإدارية إلى الاجتماع بعد مرور أيام الحداد الثلاثة لتعيين زعيمه الجديد رسميا، على أن يستعد للانتخابات التشريعية المقررة في يناير (كانون الثاني) والتي تعتبر حاسمة بالنسبة إلى مستقبل العراق.

وفي مسجد براثا وسط بغداد اغتنم عمار الحكيم فرصة تأجج المشاعر للآلاف من أنصار المجلس الأعلى الذين احتشدوا لتأبين والده ليوجه دعوة إلى رئيس الحكومة المالكي للانضمام إلى الائتلاف الوطني العراقي الذي أعلن تشكيله عشية وفاة والده ويضم كل القوى والأحزاب الشيعية والذي رفض المالكي وحزبه حزب الدعوة الانضمام إليه. وحسب وكالة «رويترز»، قال عمار: «أناشد أولئك الإخوان الأعزاء الذين لم يتخذوا قرارهم بعد بالانضمام إلى الائتلاف.. وأن يعيدوا النظر في قرارهم لنرى جميع القوى الخيرة حاضرة في صف واحد». ورفض المالكي الانضمام إلى الائتلاف الذي أعلن عنه قبل أيام. ولم يعلن المالكي حتى الآن عن ائتلافه الذي سيخوض فيه الانتخابات المقبلة. وكان المالكي قد أعلن مرارا أنه لا ينوي الدخول في ائتلافات طائفية وأنه يفضل ائتلافا وطنيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء نوري المالكي في كلمته «أيها الأخ السند القوي.. عطاءاتك كبيرة في مسيرة العلم والثقافة. محطتك الأولى كانت وأنت تقف إلى جانب الذين خاضوا المواجهة مع الشهيد الصدر الأول وكل من وقف ضد الديكتاتورية. كنت رمزا وقائدا في مكافحة الديكتاتورية والعمل ضد النظام الكافر». وأضاف «هذا الموقع سيملأه أبناؤك عمار ومحسن وكل المجاهدين في المجلس الأعلى الذين تعاهدوا للمضي معا لتأسيس دولة العراق على أسس ديمقراطية ينعم فيها الإنسان بالمساواة والديمقراطية».

من جانبه، قال عمار الحكيم إن «الراحل الكبير تميز بخصائص ذاتية يشهد لها كل من احتك به وتواصل معه، بدءا من علاقته الشخصية بالله تعالى، وعلاقاته الاجتماعية، والانفتاح الواسع على كل المكونات العراقية والشخصية، وبنى شبكة من العلاقات مع الدول الإسلامية والمجتمع الدولي». وأضاف «إن هذا الموقع المتميز لم يكسبه من صفاته الذاتية فحسب، وإنما من المشروع السياسي الذي التزم به على مدار أكثر من عقدين من الزمن في عهد المعارضة والسنوات الست في عهد العراق الجديد». وأشار إلى أن والده عرف بـ«الالتزام بالدستور والقانون، وتعزيز الوحدة الوطنية، والعمل الجاد لتحقيق السيادة الوطنية.. هذه هي القواعد التي سار عليها من أجل أن يبني العراق الجديد».

بدوره، قال رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني في كلمة ألقاها بالنيابة نوري شاويس «لقد فقدنا أخا عزيزا تمتعنا بمساندته عندما كنا بحاجة ماسة إلى الدعم. لقد فقدنا أخا عزيزا نسأل الله أن يتغمده برحمته».

وقال النائب الأول لرئاسة مجلس النواب الشيخ خالد العطية في كلمة «نودع قائدا اشتعل في قلبه حب الوطن، ودخل الصراع مع الديكتاتورية منذ كان شابا، وواكب حركة المعارضة منذ بدايتها إلى أن حققت هدفها في سقوط النظام الصدامي المقبور». وأضاف أن الراحل «عمل على إعادة الرخاء والعزة والوحدة لشعبه. نم قرير العين فقد أديت ما عليك وخلفت من ورائك إخوة من قادة العراق عاهدوا الله على أن يواصلوا الكفاح من أجل هذا الشعب» وتابع «إن رحلت عنا بجسدك فإن روحك الطاهرة ترفرف في سماء العراق».

وأحيطت إجراءات نقل الجثمان إلى مسجد براثا ثم إلى مرقد الإمام الكاظم بتدابير أمنية مشددة، وانتشرت قوات الشرطة والجيش على طول الطريق المؤدي إلى المطار. وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع العراقية للصحافيين إن وزارة الدفاع بالتعاون مع وزارة الداخلية وقيادة عمليات فرض القانون في بغداد، أعدت خطة أمنية لتأمين الحماية لمراسم تشييع جثمان الحكيم بإسناد جوي عراقي. وأضاف محمد العسكري أن «مراحل التشييع الرسمية الأولى بدأت في مطار بغداد الدولي، إضافة إلى إقامة مراسم تشييع شعبية انطلاقا من جامع براثا إلى مدينة الكاظمية».

إلى ذلك، أعلنت قيادة شرطة النجف عدة إجراءات أمنية، منها «إغلاق المدينة القديمة والمنافذ المؤدية لها ابتداء من منتصف الليلة الماضية، ومنع حمل السلاح إلا باستثناء القوة المكلفة بذلك، ومنع دخول مواكب حماية المسؤولين في السيطرات الخارجية للمحافظة، باستثناء سيارة المسؤول». وتوقع مسؤول الثقافة والإعلام في المجلس الأعلى لطيف العميدي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن يحضر أكثر من نصف مليون شخص في مراسم التشييع في النجف وقال «الجثمان سيوارى الثرى في مرقد شهيد المحراب بجوار أخيه محمد باقر الحكيم».

وفي النجف أيضا عبر آية الله العظمى علي السيستاني، المرجع الشيعي الأعلى في العراق، عن حزنه لوفاة الحكيم. وقال في بيان صدر عن مكتبه إنه تلقى «ببالغ الأسى والأسف نبأ وفاة فضيلة العلامة حجة الإسلام السيد عبد العزيز الحكيم طاب ثراه، الذي انتقل إلى جوار ربه الكريم بعد عمر حافل بالعطاء في سبيل خدمة دينه ووطنه وخلاص شعبه من الظلم والقهر والاستبداد».