محمد بن نايف.. «مُقِلم أظفار» القاعدة

رجل المبادرات يعمل بهدوء.. بعيدا عن الكاميرات

TT

منذ أن كان في الـ44 من عمره، وهو يقف على «جبهة» المعارك التي نفذتها قوى الأمن في السعودية، ضد تنظيم «القاعدة»، والذي بدأ نشاطه الفعلي في 12 مايو (أيار) 2003، بسلسلة تفجيرات استهدف خلالها مصالح حيوية، كانت تتفق نوعا ما مع الشعارات المعلنة للتنظيم الإرهابي، في ذلك الوقت. ومنذ تلك التفجيرات، كان الأمير محمد بن نايف، الذي جدد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، العام الماضي، الثقة فيه كمساعد لوزير الداخلية للشؤون الأمنية لـ4 سنوات جديدة، يعي، بأن ما حدث عشية 12 مايو (أيار)، ليس إلا بداية، وأن الجميع مستهدف في هذه الحرب، بما فيهم هو، وهو ما حدث مساء الأول من أمس. وبالرغم من الخطورة التي كانت تحيط بمسألة استقبال المطلوبين أمنيا الراغبين في تسليم أنفسهم للأمير محمد بن نايف شخصيا، غير أن الأمير الشاب لم يكن يتردد في تلبية طلب أيٍ منهم، حيث كان يتعامل معهم بمبدأ «حسن النية».

مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية، والذي يدخل العام الحالي عتبة الـ50 عاما، يوصف في الأوساط الأمنية بأنه من استطاع تقليم أظفار تنظيم القاعدة في السعودية، حتى بات هذا الغول لا يستطيع أن يجرح من أمامه.

ولد الأمير محمد بن نايف في عام 1959، وكغيره من الأمراء السعوديين تلقى تعليمه الأولي في مدينة الرياض.

دبلوماسيته الظاهرة لمن يقابله، عززتها فترة دراسته للعلوم السياسية في الولايات المتحدة الأميركية، وقاده اهتمامه بالمسائل الأمنية لتلقي مجموعة من الدورات التدريبية الأمنية داخل السعودية. ومقابل الشراسة التي يبديها الأمير محمد بن نايف في ميدان الذود عن الوطن ومكتسباته أمام كل من يحاول المساس بأمنه، يتمتع في الجانب الآخر، بطيبة قلب متناهية، لا تتوقف على الأقوال، بل تتعداها للأفعال. يعرف عن «أبو سارة»، وهي ابنته الكبرى، بأنه لا يمكن أن يخلد إلى النوم، قبل أن يكمل مهمة بدأها بعد آخر مرة نام فيها. ولعل هذا ما يفسر الاتصالات الهاتفية التي كان يجريها شخصيا بأهالي العائدين من غوانتانامو، لزف البشرى لهم بعودة أبنائهم من المعتقل الأميركي، حيث كان يفرض ذلك المواعيد المتأخرة التي كانت تصل بها الرحلات الجوية القادمة من كوبا. التوبة، والرجوع عن الأفكار الخاطئة، أمران كفيلان، بتحول البغضاء التي يكنها محمد بن نايف لكل شخص ينتمي إلى «القاعدة» إلى محبة. فهو من أشد الناس اقتناعا بأن الفكر مصدر تحول الشخص من معول لـ«الهدم» إلى أداة «بناء» فاعلة.

ولأنه يؤمن بأن «الفكر» لا يقارع إلا بـ«الفكر»، فقد أمر ببرنامج لمناصحة المتهمين على خلفية أعمال الإرهاب التي ضربت بلاده، رغبة في تصويب أفكارهم، قبل أن يتبع هذه الخطوة ببرنامج متقدم يحمل اسمه خصص للرعاية وإعادة تأهيل من يرى إمكانية أن يعود للانخراط في المجتمع.

لا تتوقف مهام الأمير محمد بن نايف، عند المطلوبين أمنيا في الداخل، فهو حريص كما يلاحظ بكل شخص تم التغرير به وخرج إلى مناطق الصراع، ثم قرر أن يعود إلى البلاد. تعتقد كل عائلة سعودية، تم التغرير بابنها في مناطق الصراع، أو شاءت الظروف لقذفه في غوانتانامو، أو قرر العدول عن أفكار «القاعدة»، تعتقد كل واحدة منهم، بأن ابنها يمثل الشغل الشاغل لمساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية، وذلك لفرط الاهتمام الذي يبديه بكل شخص اعترف بخطأ ما أقدم عليه في الماضي. ودائما ما كان الأمير محمد بن نايف، يقوم بمفاجآت «سارة»، على اسم ابنته الكبرى، لأهالي العائدين من غوانتانامو، حيث يبادر بحضور زواجات العائدين، والمباركة لهم، كإضافة إلى ما قام به من أجلهم من إعادتهم إلى أعمالهم، وبذل ما يستطيع لإعادة الآخرين على مقاعد الدراسة، بمبادرات قد لا يعلمها الغالبية لأنها تتم بهدوء، وبعيدا عن الكاميرات.