«الرموز».. هدف جديد لـ«القاعدة» في السعودية

1260 قتيلا ومصابا وخسائر بالمليارات ثمنٌ دُفع للقضاء على فلول التنظيم

أكواع وعجائن متفجرة وجدت بكثرة خلال السنوات الأولى من حرب السعودية على الإرهاب («الشرق الأوسط»)
TT

الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية، ليس رمزا أمنيا فقط، باعتباره الرجل الثالث على سلم الجهاز الأمني، ولكنه رمز سياسي، كونه ينتمي إلى الأسرة المالكة السعودية، وباستهدافه أمس الأول، يكون تنظيم القاعدة قد دخل مرحلة متقدمة من عملياته الميدانية، على الرغم من «محدودية تأثيرها».

واختصر الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، أبعاد الحرب التي شنتها القاعدة على بلادها بأنها «حملة إرهابية منظمة ترتبط بأرباب الفتنة والفساد في الخارج. هذه الحملة استهدفت المجتمع السعودي في منهجه وثوابته واقتصاده ونمط حياته، وتدعو لإشاعة الفوضى، هذه الحملة لها ارتباط مباشر بالتنظيم الضال، الذي يتبنى التكفير منهجا، والمسمى بالقاعدة».

وكان تنظيم القاعدة، سبق أن هدد باستهداف القيادات السياسية والدينية والاجتماعية في السعودية، وكشفت بعض بيانات الداخلية وجود قوائم لأشخاص مستهدفين من قبل التنظيم الإرهابي.

ويدل تأخر التنظيم، في إلحاق من هددوا بإلحاق الضرر به - وبلا شك منسوبو الجهاز الأمني في مقدمتهم - على أن تلك التهديدات كانت لإثارة نوع من البلبلة داخل المجتمع بدلا أن تكون على أرض الواقع، إلا أن ما حدث البارحة الأولى، يشير إلى أن ذلك الهدف ما زال على أعمال تنظيم القاعدة.

فما بين مايو (أيار) 2003، وحتى فبراير (شباط) 2006، نفذ تنظيم القاعدة قرابة الـ30 هجوما مسلحا في السعودية، بدأها باستهداف مجمعات سكنية ومواقع حيوية في هجوم أوقع قتلى ومصابين، وانتهى بمحاولة فاشلة لاستهدف مرفق أبقيق النفطي.

وبلغ مجموع القتلى والجرحى نتيجة الحرب على القاعدة، 1260 شخصا ما بين مدني ورجل أمن. وأسفرت العمليات الإرهابية والاشتباكات المسلحة التي شهدتها الأراضي السعودية بين قوى الأمن وتنظيم القاعدة، عن مقتل 164 شخصا، من بينهم 74 من قوات الأمن، وإصابة 657 من القوات الأمنية، و439 مدنيا آخرين.

وركز تنظيم القاعدة في بدايات هجماته في السعودية، على الأجانب بشكل خاص، حيث استهدف في 12 مايو (أيار) 2003، مجمعات سكنية ومواقع حيوية يشكل الأجانب جزءا لا يستهان به ممن يسكنونها أو يعملون بها.

غير أنه ومع تقدم الوقت، وجه تنظيم القاعدة عمله العسكري ضد الجهات الحكومية، وهو الأمر الذي جعله يفقد شعبية لدى بعض المتعاطفين معه من الداخل ممن كانوا يبدون دعما له ولنشاطاته.

وبدأ تنظيم القاعدة يفقد مؤيديه في الشارع، منذ استهدافه مجمع المحيا السكني في نوفمبر (تشرين الثاني) 2003، والذي وقع في شهر رمضان، وراح ضحيته عدد من الأبرياء غالبيتهم من المسلمين كانوا قد أنهوا للتو صلاة التراويح.

وبلغ انحسار شعبية تنظيم القاعدة أوجه في السعودية، بعد استهدافه مبنى الإدارة العامة للمرور في عام 2004، أسفر عن مقتل ضابط كبير، وإصابة 148 آخرين.

وفي 29 ديسمبر (كانون الأول) في 2004، شن مسلحون اعتداءين منفصلين بسيارتين مفخختين استهدف الأول مبنى وزارة الداخلية، فيما استهدف الآخر مقر قوات الطوارئ الخاصة.

واستطاعت قوات الأمن السعودية، منذ بدء حربها على القاعدة، أن تحقق نجاحات متتالية، قلصت فيها مع تقدم الوقت مساحة الاشتباكات المسلحة، بتنفيذها عمليات دهم نوعية، تفضي إلى القبض على المسلحين من دون الدخول معهم في اشتباكات تذكر.

وتجاوزت كمية المواد المتفجرة التي ضبطت من مواد «آر. دي. إكس» و«سي. فور» و«تي. إن. تي» ثلاثة أطنان وما يزيد على خمسة وعشرين طنا من الخلائط المتفجرة ذات القدرة التدميرية العالية، بالإضافة إلى الآلاف من القذائف باختلاف أنواعها وصواريخ متنوعة مع بطارياتها وقنابل مستوردة وأخرى مصنعة محليا وكميات من سم الساينايد القاتل والآلاف من قطع الأسلحة الرشاشة والبنادق والمسدسات والوسائط المشركة. وصدرت عن وزارة الداخلية 4 قوائم لعناصر إرهابية في الداخل والخارج. وحاولت أجهزة الأمن إحكام السيطرة على 45 إرهابيا في الداخل، بإصدارها قائمتين منفصلتين حملت الأولى 19 اسما، والأخرى 26 اسما.

ومع تضييق الأجهزة الأمنية الخناق على نشاط القاعدة، اضطر بعض المسلحين إلى مغادرة البلاد للمشاركة في القتال بالمناطق المضطربة، غير أن هذا الأمر لم يثن السعودية عن أن تصدر قائمة ثالثة شملت 36 اسما، منهم من كان متواجدا خارج الأراضي السعودية.

وبعد أن سيطرت الداخلية السعودية على كافة النواحي التي كانت عناصر تنظيم القاعدة تستمد وجودها منها، أصبح هناك ما يشبه خروجا جماعيا لعناصر التنظيم في محاولة لإعادة إحيائه، وهو ما يفسر إصدار السعودية قائمة شملت 85 شخصا، جميعهم خارج البلاد، وتطلب الرياض ملاحقتهم وتسليمهم في حال القبض عليهم.