أحمدي نجاد يدافع عن تشكيلة حكومته.. ونواب ينتقدون وزراء عديمي الخبرة

خامنئي: النظام سيتحرك من دون تردد في حال تبين أن قوات الأمن ارتكبت جرائم

الرئيس أحمدي نجاد يتوسط عددا من وزرائه الجدد خلال جلسة البرلمان في طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

أعلن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران آية لله علي خامنئي، أمس، أن النظام سيتحرك من دون تردد في حال تبين أن قوات الأمن ارتكبت «جرائم» خلال قمع التظاهرات التي أعقبت انتخاب محمود أحمدي نجاد رئيسا للبلاد.

ونقل التلفزيون الرسمي عن خامنئي قوله «على كل الذين أصيبوا خلال هذه الأحداث أن يعلموا بأن النظام لا ينوي تعريض نفسه للشبهات».

وأضاف «في حال تم ارتكاب أعمال جرمية فإن الذين يقفون وراءها سيعاملون طبقا للطرق القانونية والشرعية، على غرار التعاطي مع الذين يعارضون النظام».

في غضون ذلك بدأ مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) أمس، مناقشاته التي تستمر 3 أيام، حول تشكيلة الحكومة الجديدة التي اقترحها الرئيس محمود أحمدي نجاد، وتضم 21 وزيرا بينهم ثلاث نساء، وسيصوت المجلس يوم الأربعاء على الثقة التي ستشكل اختبارا للرئيس ومدى النفوذ الذي يحظى به، بعد الانتخابات التي جرت في يونيو (حزيران)، ودفعت بإيران إلى أشد أزمة داخلية منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979. وقال أعضاء في البرلمان إنهم سيرفضون على الأرجح نحو 3 مرشحين على الأقل لقلة خبرتهم.

وافتتح الجلسة رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني، وبثتها الإذاعة الرسمية، في حضور 197 نائبا، من أصل 290 يتألف منهم البرلمان، وبدأها بكلمة قصيرة، قبل أن يلقي الرئيس أحمدي نجاد خطابا دام نحو ساعة، دافع فيه عن خياراته. وأكد أن حكومته الجديدة ستدافع عن «كرامة» الأمة الإيرانية.. وستواجه «دول الاستكبار»، وأن برنامج عملها يركز على صيانة الحريات العامة لأقصى مدى. وأبلغ الرئيس أعضاء البرلمان بأنه يعتزم اتخاذ «خطوات مهمة إلى الإمام» خلال فترة رئاسته الثانية التي تستمر أربع سنوات. وأضاف «مستعدون لخدمة الشعب بكل قوتنا.. وإنني واثق من أن البرلمان سيؤيدنا». وقال إن «تعزيز التضامن الوطني والتنمية والمشاركة السياسية»، سيكون من أولوياته. وعن سياسته الخارجية قال أحمدي نجاد إن إيران «يجب أن تدخل في تفاعل بناء مع كل الدول والبلدان باستثناء الكيان الصهيوني غير المشروع».

وسرد نجاد السيرة الذاتية لوزرائه المقترحين. ودافع بقوة عن خياره في تعيين ثلاث نساء في التشكيلة الحكومية، مشيرا إلى أن ذلك يعتبر «حدثا كبيرا». وقال في هذه الصدد «إنها المرة الأولى منذ الثورة التي توجد فيها نساء في الحكومة.. إنه حدث عظيم. فلبناء مجتمع مثالي علينا أن نستجيب لتطلعات المجتمع العادلة.. وأن تكون هناك سيدات داخل الحكومة». وأكد أن «الحكومة قامت بواجبها، وآمل أن يصوت البرلمان على منحها الثقة». وقال أحمدي نجاد «ينبغي أن نستجيب لتوقعات المجتمع لبناء مجتمع مثالي».

وقد تم اقتراح أسماء كل من سوسن كشوراز، ومرضية وحيد دستجردي، وفاطمة أجورلو لتولي وزارات التربية والصحة والضمان الاجتماعي. وكان رجل الدين المحافظ آية الله أحمد خاتمي اعتبر أن «الإسلام يحترم المرأة، لكن ذلك لا يعني السماح لها بتولي مناصب اجتماعية مهمة». وكان عدد من النواب المحافظين انتقدوا وجود نساء في الحكومة، وهي سابقة منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران في 1979. واعتبروا أيضا أن بعض المرشحين للمناصب الوزارية لا يتمتعون بالكفاءة المطلوبة لشغل هذه المناصب. وندد النائب علي أكبر يوسف نجاد بافتقاد الوزراء المرشحين إلى «رؤية استراتيجية في إدارة الوزارات». وجدد (أمس) النائب المحافظ علي مطهري، الذي كان أعلن أن أحمدي نجاد عين أشخاصا لا يعترضون على قراراته بهدف «السيطرة على وزارات الاستخبارات والداخلية والثقافة والنفط والخارجية الرئيسية»، انتقاداته للحكومة. وقال «إنها حكومة ضعيفة... نرى أن بعض الوزراء المقترحين ليست لديهم أي خبرة بالوزارة التي وضعوا على رأسها». وخص بالذكر المرشحين لوزارات النفط والطاقة والداخلية. ولكن نائبا آخر هو حسين غروسي أبدى تأييده للحكومة المؤلفة من 21 عضوا قائلا إن أحمدي نجاد وضع في اعتباره «كل المعايير المهمة».

من جهته، أخذ محمد رضا باهونار، أحد نواب البرلمان والشخصية المحافظة، على الرئيس أنه لم يستشر النواب بشأن تشكيل الحكومة. وقال «كان يمكن أن نقول له كيف يقوم بذلك» لو سأل. واعتبر النائب المحافظ المؤيد للحكومة الجديدة حسين غروسي من جهته أن المرشحين لتولي مناصب وزارية «يتمتعون بمستويات تعليمية عالية»، وأن «وجود نساء في الحكومة» يجب أن ينظر إليه على أنه أمر مفيد لإيران على الساحة الدولية.

وبين الوزراء الرئيسيين وزير الخارجية المنتهية ولايته منوشهر متقي الذي بقي في منصبه. وجرى نقل وزير التجارة السابق مسعود مير كاظمي ليصبح وزيرا للنفط. وهو منصب حيوي إذ تمثل مبيعات النفط أغلب إيرادات الدولة. وينظر لمير كاظمي على أنه حليف لأحمدي نجاد ولكنه ليست لديه خبرة معروفة تذكر في مجال النفط. وفي عام 2005 لم يتمكن الرئيس من تعيين أول ثلاثة اختيارات قام بها لتولي وزارة النفط بسبب معارضة البرلمان. ويواجه وزير النفط الجديد تحدي زيادة إنتاج النفط والغاز في ظل عقوبات أميركية وأخرى من الأمم المتحدة فرضت بسبب برنامج إيران النووي. وعمل مير كاظمي والمرشحان لوزارتي الاستخبارات والداخلية في الحرس الثوري شأنهم شأن أحمدي نجاد. وحقق الحرس الثوري المتمسك بشدة بقيم الجمهورية الإسلامية المزيد من النفوذ السياسي والاقتصادي فيما يبدو منذ تولى أحمدي نجاد منصبه قبل أربع سنوات. واقترح محمود أحمدي نجاد لوزارة الدفاع اسم أحمد وحيدي المطلوب من الإنتربول منذ 2007 لتورطه المفترض في اعتداء دام معاد للسامية في الأرجنتين في 1994. ومن الوزراء الجدد، وزيرة التعليم سوسن كشوراز، وزيرة الإعانات والشؤون الاجتماعية فاطمة أجورلو، وزيرة الصحة مرضية وحيد دستجردي، ووزير الزراعة صادق خليليان، وزير التجارة مهدي غضنفري، وزير الاتصالات وتقنية المعلومات رضا تاجيبور، وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي محمد حسيني، وزير الدفاع أحمد وحيدي، وزير العدل مرتضى بختياري، وزير الإسكان والتخطيط المدني علي نكزاد، وزير الاستخبارات حيدر مصلحي، وزير العلوم والبحث والتكنولوجيا كمران دانشجو، وزير العمل عبد الرضا شيخ الإسلامي. وإلى جانب متقي احتفظ 4 وزراء آخرون بحقائبهم، وهم: وزير التعاونيات محمد عباسي، وزير الاقتصاد شمس الدين حسيني، وزير الصناعة والمناجم علي أكبر محربيان، وزير النقل، حميد بهبهاني. كما تم نقل 3 وزراء من وزاراتهم إلى أخرى، وهم: وزير الطاقة محمد علي آبادي، زير الداخلية مصطفى محمد نجار، وزير النفط مسعود مير كاظمي.

وقالت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية إن من المتوقع أن يمضي البرلمان ثلاثة أيام في مناقشات بشأن الحكومة المقترحة، وسيجرى الاقتراع على كل وزير يوم الأربعاء. ويسيطر المحافظون على البرلمان، ولكن بعض أنصار أحمدي نجاد تخلوا عنه منذ الانتخابات على الرغم من أنه يتمتع بمساندة الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي أعلى سلطة في إيران.

وأكد أحمدي نجاد أمام 197 نائبا من أصل 290 يتألف منهم البرلمان، رغبة الحكومة الجديدة في «تقليص تبعية البلاد للعائدات النفطية». واقترح خفض «صادرات النفط الخام» لتشجيع إنتاج «المشتقات المكررة» في إيران التي تحتل المرتبة الثانية في التصدير داخل منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك). وأبدى تأييده من جهة أخرى لانتهاج «سياسة خارجية نشطة» مع «تعاون بناء مع جميع الدول باستثناء النظام الصهيوني».

وأوضح الرئيس الإيراني أن «الحكومة تريد الحد من تبعية البلاد للعائدات لنفطية». وتعتمد إيران التي تعد ثاني بلد مصدر للذهب الأسود في منظمة الدول المصدرة لنفط (أوبك) بشكل رئيسي على عائداتها النفطية. وأضاف أن الحكومة «تريد أيضا خفض الإعانات» للمنتجات الأساسية التي تكلف الدولة غاليا. واستطرد «سنواصل الدفاع عن مصالح الإيرانيين بانتهاج سياسة خارجية ناشطة تقوم على التعاون والتفاعل البناء مع كل الدول باستثناء النظام الصهيوني».

وفي شأن متصل، قال أحمدي نجاد إن على إيران أن تطور صناعة النفط بها وتقلل صادراتها من النفط الخام. وشدد على ضرورة أن تعم فوائد قطاع النفط الاقتصاد الإيراني كله، وأن تسهم في إيجاد الوظائف. وقال أمام البرلمان إنه يجب «أن يتم تأميمه من جديد وأن يخدم الصناعة كلها في البلاد». وأضاف «ظلت الاستراتيجية الرئيسية حتى اليوم تقوم على الاستغلال الاقتصادي لهذه الصناعة من أجل الحصول على ميزانية الحكومة. وعلينا أن نغير هذا النهج».

ولم يذكر تفاصيل أخرى عن اقتراحه «تأميم» الصناعة، لكنه كان يشير فيما يبدو إلى ضرورة نشر فوائد قطاع النفط الذي تسيطر عليه الدولة بالفعل لتشمل المجتمع بأسره. وكان أحمدي نجاد أدلى بتصريحات مماثلة من قبل. وسبق أن قالت إيران خامس أكبر دول العالم تصديرا للنفط أنه يجب عليها تطوير قطاع التكرير.