مصدر قضائي: الحملة على المحكمة الدولية تزامنت مع وصول محققين لبيروت

ردا على هجوم اللواء السيد على الحريري واتهامه بحماية المتورطين

TT

قال مصدر قضائي رفيع لـ«الشرق الأوسط» إن «الهجوم على المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري كان متوقعا، وذلك لعرقلة عمل المحققين والموظفين الدوليين الذين بدأوا يتمركزون في المكتب التابع للمحكمة في بيروت». وأضاف أن «الحملة تزامنت مع وصول وفد من المحكمة لإرساء أسس العمل على الرغم من العرقلة التي تسود بعض الإجراءات المتعلقة بمهماتهم والتي نعمل لتذليلها».

كلام المصدر القضائي جاء ردا على البيان الذي أصدره أمس المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيد وهاجم فيه الرئيس المكلف سعد الحريري واتهمه بأنه «يستميت في الدفاع عن المتورطين»، وطالبه بأن «يحيل القاضيين سعيد ميرزا وصقر صقر و(رئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي المقدم) وسام الحسن وغيرهم على التفتيش القضائي، وعندها إما أن يتبين أن اللواء السيد غير صادق فتتم محاسبته علنا، وإما أن يتبين أن هؤلاء متورطون في مؤامرة شهود الزور، فتتم إقالتهم وسجنهم علنا». كما أضاف أن بعض نواب كتلة الحريري «يدافعون عن بعض القضاة والضباط المتورطين في محمد زهير الصديق وهسام هسام وغيرهما من شهود الزور». وردا على إشارة السيد إلى أن «الناطقة الرسمية باسم المحكمة قالت رسميا من بيروت إن على السلطات اللبنانية أن تحاسب شهود الزور وشركاءهم في القضاء والأمن والسياسة والإعلام»، أوضح المصدر أن «المحكمة الدولية لم تنعقد حتى الآن لتبدأ بتبرئة أو تجريم أي كان. والناطقة الرسمية قالت أن لا شأن للمحكمة بالصديق لأنها لم تبدأ فعلا. أما الجمع بين الصديق وهسام هسام فهو يظهر التناقض في هذا الهجوم، ذلك أن هسام الذي أعلن من سورية أنه شاهد زور، ظهر تورطه بالصور في موقع جريمة اغتيال الأمين العام السابق للحزب الشيوعي جورج حاوي». وأكد المصدر أن «كل ما حصل وسيحصل يثبت القناعات الأولى عن الجهات المتورطة في المحكمة. والهجوم الذي نشهده لا يترك مجالا للتوهم أو الشك بمدى تضرر هذه الجهات من تفعيل العمل الذي يتواصل. ولن يوقفه تركيب السيناريوهات. وجميل السيد لا يؤثر على مسار المحكمة. والدعوى التي قال إنه رفعها في باريس لا مردود لها. وما يحصل ليس أكثر من إعلان حرب». وأضاف: «معلوم أن النظام السوري استعان بمكتب محاماة في لندن وآخر في سنغافورة لمتابعة مجريات المحكمة، ما يدفعنا إلى طرح سؤال بديهي: هل يتولى مكتب محاماة متابعة قضية ما إذا لم تكن الجهة التي وكلته متورطة بهذه القضية؟».

وردا على ذكره بالاسم في بيان السيد، قال النائب في تكتل «لبنان أولا» عقاب صقر لـ«الشرق الأوسط» إن «الأصوات التي تهاجم المحكمة الدولية تزداد توترا معتقدة أن صوتها سيعلو فوق صوت المحكمة وصورة العدالة الدولية. وهذه الأصوات تعبر عن مأزق». وأضاف: «المشكلة أنهم يرسلون رسائل عبر العنوان الخطأ. لبنان لا يستطيع أن يغير مسار المحكمة. والحريري لا يستطيع ولا يريد أن يغير مسار المحكمة. وهو أعلن التزامه بكل ما يصدر عنها». أما عن مطالبة السيد بسجن قضاة ومسؤولين أمنيين ومستشارين، فيقول صقر: «يجب أن يعرف البعض أن زمن الوصاية الأمنية على لبنان انتهى. وسعد الحريري ليس من خامة الزعماء والمسؤولين الذين يعزلون القضاة ويعتقلون الصحافيين ويحاكمونهم. فهذا الزمن كان له رموزه وأشخاصه. وعلى الذين يعيشون في أوهامه أن يخرجوا منه، لا أن يطلبوا من رجال الدولة العودة إليه. إضافة إلى أني لا أفهم كيف لا يتمنى الشخص المظلوم وصول المحكمة إلى حقائق تثبت براءته؟ وأستغرب كيف أن من يدعي المظلومية يهاجم المحكمة ضمنا وعلنا؟ المنطق يفرض أن يتشبث بها لتظهر براءته. ما نسمعه يعيدنا إلى زمن الافتراءات، لكنه لن يكون بالتأكيد زمن الأجهزة الأمنية الذي ولّت رموزه إلى غير رجعة».

وربط صقر الهجوم المركز على المحكمة بمعادلة تزداد وضوحا وهي: «إما المحكمة أو الحكومة والأمن والاستقرار. بمعنى آخر: إما المحكمة أو الكيان اللبناني. وهذا الأمر يدفع إلى الاعتقاد أن العقد الخارجية الكبرى تدار بقبضة داخلية. لذا نفهم كيف عدنا إلى ما دون الصفر في مسألة تأليف الحكومة. فقد جدد (رئيس تكتل التغيير والإصلاح) النائب ميشال عون عبر موفده وصهره الوزير جبران باسيل مطالبه كاملة، ما يعني وضع عملية التأليف في معادلة تتأرجح بين المعجزة والمستحيل، وتقوض إيجابيات اللقاء الذي عقد بين الحريري وعون في بعبدا وتنسف مفاعيل الخطاب الذي وضع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان فيه رؤيته لحلحلة التعقيدات وإنجاز تشكيل الحكومة».

وأبدى صقر تخوفه من موجة اغتيالات واضطرابات أمنية جديدة. وقال: «أكثر ما يبعث على القلق معايشتنا التجارب السابقة التي علمتنا أنه كلما فتح ملف المحكمة الدولية والتحقيق لإصدار القرار الظني، بدأت التفجيرات والاغتيالات. آمل أن لا نعود إلى هذه المرحلة».