مقتل العشرات من مسلحي طالبان في غارة على شاحنتي نفط مخطوفتين

الناتو يحقق في الغارة على قندز * كرزاي: استهداف المدنيين بأي شكل غير مقبول

جندي أفغاني يعاين آثار شاحنة النفط المدمرة في صحراء قندز (رويترز)
TT

قالت الشرطة الأفغانية إن عشرات الأشخاص بينهم مدنيون قتلوا في غارة جوية لقوات حلف الأطلسي استهدفت أمس مجموعة من عناصر طالبان كانت استولت على شاحنتي بنزين في شمال أفغانستان.

وكان عناصر من حركة طالبان سيطروا مساء أول من أمس على شاحنتي بنزين على الطريق السريع في مدينة انغورباخ في إقليم قندز حسب ما قال لوكالة الصحافة الفرنسية قائد الشرطة المحلية باريالاي باشريار بارواني.

وأضاف المسؤول في الشرطة أن «الصهريج سقط في مجرى نهر، كان هناك مدنيون مع عناصر طالبان وتم قصفهم فقتل وجرح أكثر من 60 شخصا». وقال متحدث باسم الحلف الأطلسي لوكالة «فرانس برس» «إنها ضربة جوية للقوة الدولية للمساعدة في إرساء الأمن في أفغانستان (ايساف)» التابعة للحلف الأطلسي.

وتعهد حلف شمال الأطلسي بإجراء تحقيق موسع حول الغارة التي نفذتها قوات الناتو أمس بولاية قندز، واستهدفت شاحنتي نفط مخطوفتين وأسفرت عن مقتل نحو تسعين شخصا أكثر من أربعين منهم من المدنيين، فيما دعت بريطانيا لإجراء تحقيق عاجل وشفاف. وقال الأمين العام للناتو أندرس فوغ راسموسن، «نريد أن يشعر المواطنون الأفغان بأننا نسعى لتأمين حمايتهم، لذلك سنقوم فورا بإجراء التحقيق». أما وزير الخارجية البريطاني ديفد ميليباند فدعا قبيل مشاركته في مؤتمر لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي لإجراء تحقيق عاجل، وقال للصحافيين «من المهم أن نكون منفتحين وواضحين في معرفة ما حدث، وأن نضمن أن لا يتكرر ثانية». وشدد ميليباند على أن الحل في أفغانستان يجب أن يعطى للجانب السياسي وليس العسكري، وقال «أي عسكري في أفغانستان بوسعه أن يؤكد لك أن الحل في أفغانستان سياسي بالدرجة الأولى». من جهته اعتبر الرئيس الأفغاني حميد كرزاي أمس أن «استهداف المدنيين بأي شكل غير مقبول»، وذلك بعدما أعلن فتح تحقيق في غارة للحلف الأطلسي قال إنها أسفرت عن «تسعين قتيلا وجريحا» في شمال أفغانستان. وأورد بيان للرئاسة أن «الرئيس أعرب عن ألمه العميق للخسائر في صفوف مواطنيه وقال إن استهداف المدنيين بأي شكل غير مقبول، مشددا على وجوب ألا يقتل المدنيون الأبرياء أو يصابوا في العمليات العسكرية». وشنت قوات حلف شمال الأطلسي أمس في شمال البلاد غارة جوية استهدفت شاحنتي صهريج تحملان وقودا كان متمردو طالبان استولوا عليهما. وأسفرت الغارة عن عشرات القتلى بينهم عدد غير محدد من المدنيين بحسب مصادر مختلفة. وأضاف البيان أن «ممثلين لوزارة الداخلية والإدارة الوطنية للأمن (استخبارات) والحاكمية المحلية تم تعيينهم للتحقيق وتحديد ظروف مقتل أو إصابة تسعين شخصا في (هذا القصف)». وكانت القوة الدولية للمساعدة في إرساء الأمن (ايساف) التابعة للحلف الأطلسي أعلنت أنها أمرت بفتح تحقيق.

ونقل عدد كبير من المصابين بحروق من الدرجة الأولى إلى مستشفى بقندز عاصمة الإقليم لتلقي العلاج، على ما أفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية. وشوهدت جثث ثمانية أشخاص على الأقل محترقة بالكامل في إحدى قاعات المستشفى الذي تعذر على مسؤوليه على الفور تقديم حصيلة بالضحايا. وقال محمد داود (32 عاما) احد الناجين، لوكالة «فرانس برس» إن عناصر طالبان قالوا للأهالي انه يمكنهم التزود من الشاحنة الصهريج العالقة في النهر. وأضاف «هرع القرويون باتجاه الصهريج محملين بكافة الأوعية التي يمكنهم حملها». وتابع «كان هناك عشرة إلى 15 من عناصر طالبان فوق الصهريج حين وقعت الغارة، وقتل كل من كان هناك».

وتأتي هذه الواقعة في الوقت الذي تتصاعد فيه الاتهامات بحق القوات الدولية المكونة في معظمها من قوات أميركية، بالقصف العشوائي وقتل العديد من المدنيين في أفغانستان حيث يقاتل نحو مائة ألف جندي أجنبي تمرد طالبان. وجاءت هذه الغارة بعد أربعة أيام من توصية الجنرال ستانلي ماكريستال قائد القوات الأميركية والأطلسية في أفغانستان، في تقرير بـ«مراجعة استراتيجية» القوات الدولية بعد ثماني سنوات من النزاع، وذلك خصوصا من اجل السعي لكسب ثقة السكان. إلى ذلك تدخل وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس أول من أمس للدفاع عن استراتيجية الرئيس باراك اوباما في أفغانستان والسعي لإقناع الرأي العام الأميركي بضرورة هذه الحرب التي تتراجع شعبيتها كثيرا في الولايات المتحدة. وقال غيتس خلال مؤتمر صحافي «لا اعتقد بأن هذه الحرب بدأت تفلت من أيدي إدارة» الرئيس اوباما، موضحا أن الجهود التي تقوم بها الحكومة الأميركية الجديدة بالنسبة إلى هذا الملف «بالكاد بدأت». ومن المتوقع أن يعلن الرئيس الأميركي خلال الأسابيع القليلة المقبلة عن موقف جديد من إرسال المزيد من القوات الأميركية إلى أفغانستان اثر تدهور الوضع العسكري في هذا البلد. والمعروف أن الرئيس الأميركي سبق أن وافق على إرسال 21 ألف جندي أميركي إضافي إلى أفغانستان. واعتبر شهر أغسطس (آب) الماضي الأكثر دموية بالنسبة إلى الجيش الأميركي منذ بدء الحرب في أفغانستان عام 2001، في حين أفاد استطلاع للرأي نشر الثلاثاء الماضي أن نحو ستين بالمائة من الأميركيين باتوا يعارضون التدخل الأميركي في أفغانستان. وأضاف غيتس «أمامنا وقت محدود لإثبات نجاح هذه المقاربة»، مضيفا أن «بلادنا في حرب منذ ثمانية أعوام» و«ليس مفاجئا أن يكون الأميركيون تعبوا من رؤية أبنائهم وبناتهم يجازفون ويقاتلون».