انقسام الأوروبيين يخدم المرشح المصري لليونسكو

المجلس التنفيذي للمنظمة يبدأ اجتماعاته

TT

بدأت في مقر اليونسكو أمس في باريس اجتماعات المجلس التنفيذي للمنظمة الدولية التي ستفضي إلى انتخاب مدير جديد يحل محل الياباني كويشيرو ماتسورا الذي أمضى ولايتين من ثماني سنوات على رأس اليونسكو. وفيما ستبدأ جولات الاقتراع السرية التي يشارك فيها أعضاء المجلس التنفيذي الـ58 في الثامن عشر من الشهر الجاري، سيمثل المرشحون الثمانية أمام المجلس ما بين الحادي عشر والرابع عشر من سبتمبر (أيلول) في جلسات استماع يستغلها المرشحون لعرض مشاريعهم وطموحاتهم للمنظمة الدولية. غير أن ما سيجري خارج قاعة الاجتماعات أهم مما سيجري داخلها. فكل مرة، سيكون انتخاب المدير العام أشبه بمسرح الظل حيث تتداخل الوعود السياسية والاقتصادية والمالية بالضغوط من كل نوع. وسينصب اهتمام المرشحين الأكثر حظا على اجتياز جولات الاقتراع الواحدة بعد الأخرى للوصول إلى التصفيات أي إلى الجولة الأخيرة حيث يتنافس الحائزان على أكبر عدد من الأصوات.

ويبرز وزير الثقافة المصري فاروق حسني كأبرز المرشحين الثمانية الذين كانوا تسعة ولكن المرشح الجزائري محمد بجاوي أعلن انسحابه من السباق. وإذا ما نجح في مسعاه، فإنها ستكون المرة الأولى التي يتمكن فيها مرشح عربي من الفوز بمنصب دولي من هذا النوع داخل الأمم المتحدة والمنظمات المتفرعة عنها.

غير أن فاروق حسني الذي يحظى بدعم الدول العربية والاتحاد الأفريقي ومنظمة المؤتمر الإسلامي ما زال يواجه حملة معادية من أوساط المثقفين اليهود والجهات الموالية لإسرائيل بسبب تصريحات سابقة له اتهم بسببها بمعاداة السامية. وشكلت الرسالة المشتركة التي نشرها في شهر مايو (أيار) الماضي الحائز على جائزة نوبل للسلام المفكر اليهودي أيلي فايزل والفيلسوف الفرنسي برنار هنري ليفي والمخرج كلود لانزمان أوج الحملة على حسني. وتجددت هذه الحملة قبل أيام بعد المعلومات التي تم تداولها في فرنسا وتفيد أن باريس تدعم وصول المرشح المصري. وحاول حسني من جانبه «تفكيك» الحملة ضده في رسالة مفتوحة نشرها في صحيفة «لو موند» وفيها أعرب عن أسفه لتصريحات أدلى بها حول استعداده لإحراق كتب يهودية وأكد تمسكه بحوار الحضارات والقيم المشتركة والتسامح وغير ذلك.

وتبرز مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي النمساوية بنيتا فيريرو فالدنر كأبرز المنافسين لحسني بسبب خبرتها وشهرتها على المسرح الدولي رغم بعض الشوائب في تاريخها السياسي عندما كانت وزيرة في بلادها. غير أن مشكلة فيريرو فالدنير أن دول الاتحاد الأوروبي الـ27 لم تصل حتى تاريخه إلى موقف موحد لتقديم مرشح باسم الاتحاد إذ ثمة مرشحتان أوروبيتان أخريان: الأولى، مندوبة بلغاريا لدى المنظمة الدولية إيرينا بوكوفا والثانية المرشحة الليتوانية إينا مارسيوليونتي التي تقدمت بترشيحها دول البلطيق الثلاث ليتوانيا واستونيا ولتفيا. ويستفيد المرشح المصري من حجة «المداورة» على رأس اليونسكو للمطالبة بأن يعود هذا المنصب لدول العالم الثالث والعالم العربي على وجه الخصوص ويبدو «مطمئنا» لما ستؤول إليه الانتخابات. لا بل إن بعض المصادر واسعة الاطلاع أكدت لـ«الشرق الأوسط» أنه ربما يفوز منذ الجولة الأولى إذ يكفيه الحصول على الأكثرية العادية أي على ثلاثين صوتا. وتؤكد هذه المصادر أنه «حتى لو مورست ضغوط على المجموعة الأفريقية أو على الدول الآسيوية، فإن حسني يمكن أن يقترب من الثلاثين صوتا من الدورة الأولى. وعلمت «الشرق الأوسط» أن دولا مثل الصين والهند والفلبين وباكستان وماليزيا وإيطاليا واليونان وإسبانيا وأذربيجان وألبانيا وصربيا والبرازيل وكوبا وشيلي والسلفادور تدعم المرشح العربي فيما تعارضه الولايات المتحدة الأميركية. غير أن المعارضة الأميركية كان يمكن أن تكون أشد. كذلك فإن إسرائيل أعلنت قبل أشهر أنها لم تعد «تحارب» ضد وصول حسني إلى اليونسكو مما يعني أن عقبات مهمة قد زالت من طريقه.