تقارير مخابراتية فرنسية تحدثت عن خطة لمنح طارق عزيز اللجوء قبل الغزو الأميركي

نجله زياد لـ «الشرق الأوسط»: لم يقدم لنا أي عرض ولو تم لرفضه والدي

TT

نفى النجل الأكبر لطارق عزيز، نائب رئيس الوزراء العراقي في عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين، أن تكون السفارة الفرنسية قد فاتحت أو عرضت على والده أو عائلته مقترحا باستقبالهم كلاجئين أو ضيوف في باريس قبل الغزو الأميركي للعراق.

يأتي ذلك في الوقت الذي كشفت فيه صحيفة «ليبيراسيون» الفرنسية أمس ملاحظات دوّنها أحد كبار الجواسيس الفرنسيين السابقين وأشارت إلى أن فرنسا كانت تفكر قبل أشهر من الاجتياح الأميركي للعراق في استقبال شخصيات من نظام صدام حسين بينها نائب رئيس الوزراء السابق طارق عزيز.

وقال زياد طارق عزيز لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من عمان أمس «مع أن السفير الفرنسي الذي كان معتمدا في العراق وقتذاك هو صديقنا، صديق والدي وصديقي، وكنا نلتقي به باستمرار فإنه لم يقدم عرضا مثل هذا لوالدي أو لنا»، مشددا على ان «السفير الفرنسي أو غيره لا يجرؤ على مثل هذا التصرف مع والدي».

وأضاف عزيز قائلا «حتى لو كان السفير الفرنسي أو غيره قد قدم مقترحا على والدي بمغادرة العراق إلى دولة أوربية أو عربية، سواء قبل أو خلال أو بعد الاحتلال فإن والدي ما كان سيفعل ذلك على الإطلاق كونه رجل دولة وصاحب مبادئ وطنية سامية لم ولن يتنازل عنها، وهو ليس من أولئك الذين يدعون العمل السياسي ويهربون تاركين وطنهم وشعبهم»، مشيرا إلى أن «والدي لو كان من هذا النوع لقبل بالمساومات التي مورست معه في السجن وأجاب على أسئلتهم التي تتعلق بالقيادة العراقية السابقة ليخرج، وهم يعرفون ماذا عرضوا عليه وكيف أجابهم، ثم إن طارق عزيز هو الذي سلم نفسه ولم يُلقِ أحد القبض عليه لأنه متأكد أنه بريء ولم يرتكب أي جرائم في حق أحد وكان معروفا بأنه رجل ثقافة وكاتب ومسؤول عن الدبلوماسية العراقية».

وحمّل نجل المسؤول العراقي السابق الإدارة الأميركية والحكومة العراقية مسؤولية حياة والده، وقال إن «دم طارق عزيز برقبة (جورج) بوش والإدارة الأميركية الحالية، والحكومة العراقية، وأحملهم المسؤولية التاريخية عن حياة والدي»، منوها إلى أن «الإدارة الأميركية التي تعتقل والدي في معتقل كروبر قرب مطار بغداد الدولي، وحكومة بغداد، يريدون قتل والدي من خلال إبقائه في سجنه حتى يموت انتقاما منه».

واستطرد قائلا: «لقد منعت الإدارة الأميركية للسجن اتصال والدي بنا، حيث كان يتصل أسبوعيا لدقائق بحجة أنه ليس للمكالمات الدولية مخصصات مالية، ونحن لا نعرف عنه أي شيء منذ أربعة أشهر، حيث عرفنا من الصليب الأحمر أنه لا يستطيع المشي، ويتحرك بواسطة كرسي متحرك».

وحسب وكالة الصحافة الفرنسية فإن الجنرال فيليب روندو أشار في دفتر ملاحظاته بتاريخ الثالث من ديسمبر (كانون الأول) 2002 إلى «موافقة مبدئية (من باريس) إن دعت الحاجة، على (إحضار) طارق عزيز و(عبد المجيد) الرافعي» النائب اللبناني السابق.

وكتب بُعيد لقائه رئيس أركان الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك «الوضع في العراق: إخراج شخصيات. مثلا: طارق عزيز، مصادر، مهندسون. زيارتي المقبلة إلى المنطقة في منتصف يناير (كانون الثاني)».

وشغل الجنرال روندو منصب مستشار وزارة الدفاع لشؤون الاستخبارات والعمليات الخاصة بين 1997 و2005، تاريخ تقاعده.

وكتب أنه أطلع وزير الخارجية آنذاك دومينيك دو فيلبان على مخططاته في الثاني من يناير( كانون الثاني) 2002. وقال «اطّلع على مخططي حول ص. حسين ويتوقع أن نسعى إلى إحضار عراقيين يريدون (اللجوء) إلى السفارة، باحثون في مواقع حساسة، وضع طارق عزيز».

وتضيف الملاحظات أن «الاتصالات المباشرة التي أجريها مع وزارة الدفاع ومختلف الأجهزة السورية توحي بأن سورية قد تشكل قاعدة لانطلاق عمليات سرية محتملة على الساحة العراقية». وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2002 كتب بخصوص العراق «لا شك أن عملية عسكرية مداها غير معروف ستجري».

وسلم طارق عزيز نفسه إلى القوات الأميركية في أواخر أبريل (نيسان) 2003 بعد سقوط نظام حسين. وحُكم عليه في محاكمتين بالسجن 15 عاما و7 أعوام، وهو يمضي عقوبتيه حاليا في سجن قرب بغداد.

من جهة أخرى تحدث روندو عن «اغتيالات محددة الأهداف» لعناصر في القاعدة، عارضها جاك شيراك.

لكنه أضاف أن رئيس الوزراء الاشتراكي الأسبق ووزير دفاعه آلان ريشار كانا «يؤيدان» تلك العمليات.

ونفى الرجلان المعلومات في مقابلة في ليبراسيون. وقال جوسبان «إنها خزعبلات. لم تذكر إشكالية التصفية هذه أو هذا النوع من العمليات أمامي على الإطلاق».

وتم تسريب ملاحظات الجنرال روندو إلى الصحافة. وكانت بحوزة القضاة الذين يحققون في قضية كليرستريم التي كان العميل السابق طرفا رئيسيا فيها إلى جانب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي يشكل جهة الادعاء المدني في القضية.