الحريري يقدم تشكيلته الحكومية الأولية وسليمان يدرسها خلال 48 ساعة

جنبلاط لـالشرق الأوسط»: مع الوفاق الوطني وأتبنى نظرية «س ـ س»

الرئيس اللبناني ميشال سليمان مستقبلا، أمس، في قصر الرئاسة الصيفي الرئيس المكلف، سعد الحريري، الذي سلمه صيغة الحكومة الجديدة (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

بعد شهرين و7 أيام على تكليفه تأليف الحكومة اللبنانية، قدم رئيس كتلة «المستقبل» البرلمانية سعد الحريري «تشكيلة أولية» لحكومته إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، لم تحظ برضا المعارضة قبل الاطلاع عليها، باعتبار أن الحريري اختار إعداد تشكيلته دون أن يتواصل مع قياداتها، فيما برز تحرك لرئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط الذي أوفد النائب أكرم شهيب للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل إعلان الحريري عن تسليمه التشكيلة، كما توجه وزير الأشغال العامة، غازي العريضي، إلى جدة. وقد تبنى جنبلاط في اتصال مع «الشرق الأوسط» نظرية «س ـ س» التي أطلقها بري كمدخل للانفراج في الملف اللبناني، في إشارة إلى ضرورة تحسين العلاقات السعودية السورية وانعكاساتها الإيجابية على الملف اللبناني.

وقال جنبلاط لـ«الشرق الأوسط» «نحن ندعم أي جهد ضمن إطار حكومة الوحدة الوطنية والشراكة الوطنية، وما اتفق عليه من مبدأ 15+10+5. وأشار جنبلاط، ردا على سؤال، إلى أن الحريري لم يضعه خلال اجتماعه معه ليل أول من أمس في تفاصيل التشكيلة. وقال: «لقد أبلغني (الحريري) أنه سيقوم بمحاولة جديدة مع رئيس الجمهورية للخروج بحل. وقد أكدت له أهمية أن نبقى في إطار مبدأ الشراكة الوطنية وأن لا نخرج عنه لحفظ لبنان، ثم أضفت وأكدت ـ من عندي ـ مبدأ «س ـ س» كما يقول صاحبي وصديقي الرئيس نبيه بري».

وفيما تلقى سليمان التشكيلة، مستمهلا الحريري 48 ساعة لدرسها قبل اتخاذ قرار توقيعها أو عدمه، توقعت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» أن يقوم الرئيس باتصالات مع القيادات المعنية لاستمزاج رأيها إذا دعت الضرورة، على أن يتخذ قراره في أسرع وقت ممكن بناء على ما يراه مناسبا بشأنها.

وإذ رفضت مصادر مقربة من بري التعليق في اتصال مع «الشرق الأوسط» على التشكيلة، قالت مصادر في المعارضة إن بري «مستاء للغاية». ونقلت عنه أنه يعتبر نفسه المستهدف الأول من خطوة رئيس الحكومة المكلف بتقديم تشكيلة حكومية من دون اقتراح بري لأسماء وزرائه. وبدوره نأى الحريري بنفسه عن «التفاصيل»، واكتفت أوساط في «14 آذار» بالتأكيد أنه قدم تشكيلته وأنه ينتظر موقف رئيس الجمهورية منها ليبنى على الشيء مقتضاه. وبررت هذه الأوساط خطوة الحريري بأنها «نتيجة منطقية لما كان ينادي به في الأيام الماضية من ضرورة الحفاظ على المنطق الطبيعي للأمور بعد الانتخابات وعدم الذهاب إلى المطالب غير المنطقية». وقالت هذه الأوساط لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس الحريري يعتبر هذه التشكيلة أكثر من منطقية».

ولم تتسرب أسماء كثيرة من التشكيلة التي رفعها الحريري في ضوء التكتم المتبادل بينه وبين رئيس الجمهورية، لكن مصادر وزارية قالت لـ«الشرق الأوسط» إن التشكيلة تتضمن أسماء وزراء لا مجرد تقسيم للحقائب كما تردد، غير أنه لا يوجد بينها أسماء وزراء من الراسبين في الانتخابات النيابية الأخيرة، في إشارة إلى 3 من وزراء تكتل «التغيير والإصلاح» في الحكومة الحالية أبرزهم وزير الاتصالات جبران باسيل، كما أن وزارة الاتصالات لم تكن من حصة المعارضة.

وكان الحريري قد زار أمس رئيس الجمهورية في المقر الرئاسي الصيفي في قصر بيت الدين، معلنا أنه «تقدم من الرئيس بتشكيلة حكومة وحدة من 30 وزيرا على أساس صيغة 15+10+5 تضم جميع الكتل النيابية الرئيسية وتراعي التوازن وتحترم نتائج الانتخابات وتعتمد مبدأ المداورة في الحقائب وتراعي ضرورة الانسجام ضمن الفريق الحكومي لتكون حكومة إنجاز وطني وحكومة مشاركة بكل معنى الكلمة في خدمة المواطنين وقضاياهم، في خدمة الوطن وحمايته، وفي حفظ الاستقرار والأمن وفي إطلاق عجلة الاقتصاد». وقال «أبلغني الرئيس سليمان أنه سيقوم بدرس التشكيلة ليأخذ قراره بشأن توقيع المرسوم حسب الأصول الدستورية، وبناء عليه فأنا في انتظار جوابه».

وأعلن عضو تكتل «لبنان أولا» النائب عقاب صقر، أن «الطريقة التي قدّم فيها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري التشكيلة الحكومية شرعية وليست أمرًا واقعًا». وأضاف أن «الأمر الواقع هو ما يفرض بالقوة، بينما الحريري قدّم الحكومة بحسب ما ينص الدستور، والتشكيلة أعطت الجميع حقوقهم ولم تظلم أحدا من الفرقاء»، مشيرا إلى أن «عدم تجاوب المعارضة معناه أنها تخضع لإملاءات خارجية».

ورأى عضو كتلة «المستقبل»، النائب أحمد فتفت، أن الحريري أدى دوره بتقديم تشكيلة بعدما بحث في الأمور السياسية مع كل الأطراف، مضيفا بعد زيارته الحريري «الآن التشكيلة هي في عهدة رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي سيرى ما يرى أن يفعله فإما أن تكون هناك مداولات أو أن يصدر التشكيلة فورا».

وكان وزير الاتصالات جبران باسيل قد زار بري أمس متحدثا عن «اضطهاد سياسي» يتعرض له التيار الوطني الحر الذي يرأسه النائب ميشال عون. وقال «نحن اليوم وتحت عنوان اليد الممدودة نتعرض لهذا الاضطهاد السياسي، وفي الحقيقة هذه اليد ممدودة على الحقوق وليست يدا ممدودة للحوار والمصافحة الفعلية. هي ممدودة على الحقوق ونحن لا نفهم لماذا نعاني اليوم من الفريق ذاته الاضطهاد السياسي الذي يقوم على عدم الاعتراف بالآخر وبحجمه التمثيلي وحقوقه السياسية وحقوق الناس الذين يمثلهم. نسمع كلاما عن الحوار ونذهب ونقدم التنازلات تلو التنازلات ولا نجد في المقابل أمامنا أي عرض جدي أو أية نية حقيقية للتقدم، وهذا الواقع هو الذي يجب أن يطلع عليه الرأي العام اللبناني. هناك شكليات في التفاوض لكي يظهروا أن هناك مسرحية كاملة من الدعوات واللقاءات المتكررة في القصر الجمهوري وقريطم وفي «بيت الوسط» ودعوة إلى الغداء لكي يقولوا: يا معارضة نحاول أن نتفاهم مع الجنرال عون ولكن لم نستطع أن نتفاهم معه. والحقيقة هي أنه ليست هناك محاولة جدية للتفاهم حتى الآن، وللأسف القرار بتشكيل الحكومة لم يصدر بعد وهذه كلها عملية إلهاء إعلامية وظاهرية ليقولوا إن هناك محاولات جدية للحوار». وتابع «من جهة أخرى، هذه مؤامرة تتعرض لها المعارضة الوطنية، المؤامرة شكلها داخلي ولكن مضمونها الفعلي خارجي لتمرير كل ما يتم التخطيط له للبنان. ومن الواضح أن هذا الأمر يحصل لأنه من غير المناسب أن يكون هناك جو من الهدوء والاستقرار السياسي بهدف تمرير هذه المخططات الخارجية التي باتت معروفة وبات أصحابها معروفين... ومعروف أن الأرضية اللبنانية يتوجب أن تكون مهتزة وغير مستقرة، وتتم تغطية هذه اللعبة الخارجية بغطاء داخلي عبر التحضير لمشكلة داخلية».