استقالة 3 من قياديي الإخوان بالأردن.. وتضارب بين قيادات مصر حول الأزمة

عاكف لـ«الشرق الأوسط»: أثق في عربيات.. والعريان مستاء من رغبة حماس في الانفصال

TT

قدم رئيس الدائرة السياسية في جماعة الإخوان المسلمين بالأردن رحيل الغرايبة استقالته من المكتب التنفيذي للجماعة، ضمن استقالة اثنين آخرين من «تيار الحمائم» احتجاجا على «حل الدائرة السياسية في الجماعة، وعدم حسم موضوع ازدواجية التنظيم مع حماس، واتهامات أحد قادة تيار الصقور للحمائم بمحاولة زعزعة الجماعة». وباستقالة الدكتور رحيل الغرايبة وممدوح المحيسن وأحمد الكفاوين التي قدموها إلى أمانة سر الجماعة، يصبح عدد المستقيلين من المكتب التنفيذي الذي يضم 9 أعضاء أربعة لوجود استقالة سابقة قدمها نائب المراقب العام للجماعة الدكتور عبد الحميد القضاة.

وجاء تقديم الاستقالات بعد فشل جهود وساطة ومبادرة توفيق، قادها رئيس مجلس شورى حزب جبهة العمل الإسلامي رئيس كتلة نواب الحزب في مجلس النواب الأردني حمزة منصور، وقامت تلك الجهود على اقتراحين الأول تضمن إنشاء مكاتب إدارية تتبع جماعة الإخوان المسلمين في الأردن وأخرى مستقلة تتبع حركة حماس في الخارج. واشترطت المبادرة أن يحضر ممثلو مكاتب إخوان الأردن اجتماعات مجلس شورى الجماعة بـ«صفة مراقب»، على أن تصبح المكاتب الإدارية التابعة للإخوان وحماس في الخليج العربي «تنظيما مستقلا»، الأمر الذي قوبل بالرفض من قبل رموز الصقور والتيار الرابع في الجماعة. واعتبر متخصصون في شؤون الجماعات الإسلامية بالأردن، أن تقديم الاستقالات وفشل مبادرات ووساطات العقلاء في الجماعة قد يؤدي إلى استقالة الحمائم من جميع هيئات الجماعة وذراعها السياسية حزب جبهة العمل الإسلامي مما يعني انقساما عميقا في الجماعة.

وقال الغرايبة أمس إن أسباب الاستقالة تعود إلى حل الدائرة السياسية للجماعة على خلفية تسريب ونشر التقرير السياسي الذي قدم خلال جلسة سابقة لـ«شورى الجماعة» وجاء فيه أن «الأردن لا يزال منخرطا على الصعيد السياسي في المشروع الأميركي الصهيوني الذي يقضي بتصفية القضية الفلسطينية وفقا للرؤية الصهيونية المفروضة على المنطقة»، واعتبر محللون ذلك «لهجة غير مسبوقة في خطاب الجماعة السياسي».

وكان رئيس الدائرة السياسية في الإخوان رحيل الغرايبة أكد في تصريح صحافي سابق أنه لم يعلم بقرار حل الدائرة «إلا من خلال وسائل الإعلام»، معتبرا القرار «خاطئا إداريا وتنظيميا».

واتخذ القرار بغياب أربعة من أعضاء المكتب التنفيذي هم، نائب المراقب العام لجماعة الإخوان الدكتور عبد الحميد القضاة والدكتور رحيل الغرايبة وأحمد الكفاوين وممدوح المحيسن.

وتتضمن أسباب الاستقالة تراجع الصقور عن تفاهمات سابقة بشأن إنهاء ازدواجية التنظيم المتمثلة في المكاتب الإدارية الأربعة في الخليج العربي وفشل جهود لجنة المصالحة العشرية والمحاولات العديدة لقيادات إخوانية للوصول إلى تفاهم بهذا الشأن.

ومن أسباب الاستقالة «الإساءة» التي قام بها أحد قادة الصقور في الجماعة لتيار الحمائم واتهامه لهم «بمحاولة زعزعة التنظيم» وفق مصادر داخل جماعة الإخوان المسلمين.

وفي القاهرة لم يتضح موقف جماعة الإخوان المسلمين المصرية التي تعد الأكبر بين جماعات الإخوان، وبدا أن هناك تضاربا بين قيادات الجماعة في هذا الشأن، لكن الدكتور محمد حبيب النائب الأول للمرشد العام للجماعة قال لـ«الشرق الأوسط» إن الموقف الرسمي للجماعة سيصدر (اليوم)، أو بعد غد «الأربعاء».

وقال محمد مهدي عاكف المرشد العام للجماعة لـ«الشرق الأوسط»: أثق تماما في عبد اللطيف عربيات رئيس مجلس شورى الجماعة بالأردن وفي قدرته على احتواء الأزمة، وأضاف «اتصلت أخيرا بسالم فليحات المراقب السابق للجماعة بالأردن، لأداء واجب العزاء في وفاة شقيقه، وطمأنني خلال الاتصال على أن الأمور في طريقها للحل».

وعلق عصام العريان القيادي بالجماعة، على موقف حركة حماس الساعي للانفصال عن إخوان الأردن قائلا: إن الشأن الفلسطيني شأن عربي يحتاج عناية كل الأقطار العربية والإسلامية، مشددا على «أن موقف الإخوان من هذه القضية مبدئي وهو ضرورة احترام اللوائح الداخلية». وأبدى العريان استياءه من فكرة الانفصال، مشيرا إلى أن الجماعة تسعى إلى وحدة العالم العربي والإسلامي، فكيف لها أن تفشل في تحقيق هذه الوحدة في قطر من أقطارها. وأضاف العريان «هناك مشكلة حقيقية في التكوين السكاني للأردن، لكن الإخوة في حماس أو لنقل الأطراف جميعا تملك وجهات نظر، تستحق أن نتوقف أمامها، كما أن لها وجاهتها». وقال العريان «على الإخوان في حماس الاعتبار من تجربة منظمة التحرير التي سعت لأن تكون الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وهو ما قادها للنفق المظلم الذي تعاني منه فلسطين اليوم بعد اتفاقية أوسلو». واعتبر الدكتور عمرو الشوبكي الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، أن الوضع الأردني كشف عن خلل عميق في التوجه الآيديولوجي والفكري للجماعة، مشيرا إلى أن الحديث عن تضامن إسلامي عابر للقوميات، وعن أمة إسلامية واحدة، تبخر على أرضية الخلاف الفلسطيني الأردني، وقال «هذا الخلاف يعمل في العمق منذ سنوات، قد تغلفه قضايا سياسية، لكن جذره الأساسي متعلق بالخلاف الأردني الفلسطيني، وهو الأمر الذي يوجب على الجماعة إعادة التفكير بالدولة القومية».

وأشار الشوبكي إلى ما وصفه بتدخلات قوية من مكتب الإرشاد بالقاهرة، في محاولة لتجاوز الخلافات بين أطراف الجماعة في الأردن، لكن هذه المساعي لم تسفر عن شيء حتى الآن، مضيفا أن «مكتب الإرشاد في القاهرة حاول سابقا احتواء أزمة إخوان الجزائر لكنه فشل، ومساعيه في الأردن مرشحة للمصير نفسه».

وكانت الأزمة قد اندلعت داخل مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين، على خلفية تسرب تقرير سياسي سري للجماعة لوسائل الإعلام. واتهم التقرير مثار الجدل الأردن بالانخراط في ما سماه بمشروع تصفية القضية الفلسطينية، وقال إن «الأردن لا يزال منخرطا على الصعيد السياسي في المشروع الأميركي الصهيوني الذي يقضي بتصفية القضية الفلسطينية». وتضمن التقرير استعراضا للأوضاع السياسية المحلية والتطورات الإقليمية، مع وضع توصية في كل باب من التقرير بتوجه الجماعة وموقفها وسياستها في المرحلة المقبلة.