ليبيا تعتزم هدم وإزالة سجن «أبو سليم».. وتوقع الإفراج عن 50 من أعضاء الجماعة الإسلامية المقاتلة قريبا

بعد أن أوشك الحوار بين التنظيم والسلطات على الاكتمال

عبد الباسط المقرحي يتحدث إلى طبيب خلال اجتماع عقده أمس مع وفد أفريقي جاء لزيارته في المستشفى بطرابلس، وذلك في أول ظهور علني له منذ دخوله إلى المستشفى (ا ف ب)
TT

تعتزم ليبيا هدم وإزالة سجن أبو سليم أحد أسوأ سجونها وأحطها سمعة. وفي سياق ذلك، عينت قاضيا للتحقيق والإشراف على تعويض كل من لقوا حتفهم في حادث التمرد الذي وقع قبل سنوات داخل السجن.

وقال مسؤول ليبي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن السلطات الليبية بصدد هدم وإزالة سجن أبو سليم، في وقت تسعى فيه مؤسسة القذافي للتنمية التي يقودها سيف الإسلام القذافي إلى التوفيق بين وجهات نظر أهالي ضحايا التمرد العنيف الذي حدث بالسجن. أما القاضي المعين فهو محمد بشير الخضار، الذي يعمل مستشارا لمؤتمر الشعب العام (البرلمان الليبي).

وأدى ستة من المستشارين القانونيين أول من أمس اليمين القانوني كمساعدين لقاضي التحقيق المستقل الذي سيبدأ عمله خلال الأيام القليلة المقبلة.

وجاء تعيين هذا القاضي بناء على قرار صادر عن وزير الدفاع الليبي المؤقت الفريق أبو بكر يونس جابر، بعدما لجأ العديد من أسر الضحايا للمحاكم الليبية للمطالبة بالكشف عن مصير أقربائهم حيث أمرت محكمة في بنغازي العام الماضي الحكومة بالكشف عن مصير الضحايا.

ويأتي هذا التطور في الوقت الذي علمت فيه «الشرق الأوسط» أن السلطات الليبية ستفرج عن نحو خمسين من أعضاء الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، في تأكيد رسمي جديد على قرب إغلاق ملف هذه التنظيم الذي رفع في السابق شعارات العمل العسكري المسلح للإطاحة بنظام حكم الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي.

وقالت مصادر ليبية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن الدفعة الجديدة من المفرج عنهم من أعضاء الجماعة الإسلامية تؤكد أن الحوار بين التنظيم والسلطات الليبية قد أوشك على الاكتمال لصالح فتح صفحة جديدة في العلاقات ذات التاريخ المضطرب بين الطرفين.

وأنهت الجماعة الإسلامية مراجعتها الفقهية والفكرية بعد أيام قليلة فقط من تقديمها اعتذارا علنيا ونادرا للعقيد القذافي الأسبوع الماضي، في ذروة الاحتفالات الضخمة والمترفة التي شهدتها ليبيا بمناسبة تولي القذافي السلطة إثر الثورة التي قام بها في الأول من سبتمبر (أيلول) 1969. وجاء في نص رسالة وجهتها الجماعة إلى العقيد القذافي: «نتقدم إليكم باعتذارنا عن جميع ما صدر منا في حقكم، ابتداء من تكوين تنظيم سري إلى كل ما تفرع عنه من أعمال صغيرة أو كبيرة».

ومضت الرسالة إلى القول: «ونحن نأمل أن يكون ردكم على اعتذارنا هو قول يوسف عليه السلام لإخوته، لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، وأصحاب النجدات من الناس لا ينظرون وراءهم إلا لأجل أن تزداد خطواتهم قوة وصدورهم سعة، وتقبلوا بالغ اعتذارنا وفائق احترامنا».

وأطلقت الجماعة مراجعاتها المطولة التي تقع في نحو 427 صفحة، تحت اسم «دراسات تصحيحية في مفاهيم الجهاد والحسبة والحكم على الناس»، حملت أسماء ستة من قيادييها في السجن العسكري «أبو سليم»، وهم سامي مصطفى الساعدي، وعبد الحكيم الخويلدي الحاج، ومفتاح المبروك الذوادي، وعبد الوهاب محمد قايد، ومصطفى الصيد قنيفيد، وخالد محمد الشريف.

إلى ذلك، اعتبر الدكتور على الصلابي، الوسيط الليبي في عملية المصالحة بين الجماعة الإسلامية المقاتلة والسلطات الليبية والمشرف على المرجعات التي أنهتها الجماعة أمس، أن صدور مراجعات الجماعة هو خطوة نحو إنهاء الملف نهائيا، لكنه لاحظ في المقابل أن إنهاء الملف سيتوج بخروج جميع أعضائها من المعتقل. وتحدثت السلطات الليبية أكثر من مرة عن قرب الإفراج عن المئات من معتقلي الجماعة الذين لم يُعرف على وجه الدقة عددهم الإجمالي. بيد أن الدكتور الصلابي أبلغ «الشرق الأوسط» أنه ما زال يتعين على المهندس سيف الإسلام القذافي، راعي الحوار بين الجماعة المقاتلة والسلطات في ليبيا، بذل المزيد من الجهود لإطلاق سراح بقية المعتقلين من كوادر وقيادات الجماعة داخل السجون الليبية.

وقال: «المطلوب الآن منه (نجل القذافي) بذل جهد مضاعف من أجل إخراج هؤلاء الناس من المعتقل لأن هؤلاء الناس التزموا بما هو مطلوب منهم، وهو قال إذا نبذوا العنف والسلاح فسيخرجون من المعتقل، والآن أنا على يقين من أن الله سيوفقه لخروجهم من السجن لأن هذا هو هدفه».

وخلص إلى القول إن الكرة الآن في ملعب الدولة الليبية، معربا عن توقعاته المتفائلة بقرب حدوث انفراج في هذا الصدد.

وأضاف: «في تصوري النجاح الحقيقي للحوار سيكون بخروج جميع أعضاء التيار الإسلامي وعلى رأسهم الجماعة الإسلامية الليبية ويكون الحوار بالفعل قد اعطى ثماره. أما الآن فقد قطع مراحل متميزة ولكن النتائج المرجوة والمطلوبة لم تنتهِ بعد وإنما عندما يكون الناس قد عادوا بالفعل إلى أهلهم ومارسوا حياتهم وعملهم بشك اعتيادي وطبيعي».