البنتاغون يضع ضوابط على مدونات الجنود

صفحات خاصة لجنرالات الجيش على «فيسبوك» و«تويتر» و«يوتيوب»

TT

استمر أخصائي بالجيش خلال العشرة أشهر التي قضاها بأفغانستان في تحرير مدونة تحت اسم حركي «ماد بوبي»، يؤرخ فيها لحياته على الجبهة، بداية من الرعب الذي يخلفه انفجار القنابل على الطرقات إلى طغيان قيادات الجيش.

وكانت المدونة التي تحمل حسا بالفكاهة أحيانا وبالسخرية اللاذعة أحيانا أخرى تمر من رادار الجيش. وبالطبع لم يتم الموافقة عليها رسميا ولكنها كانت تختبئ وراء جدار ناري تحميه كلمة سر؛ نظرا لرغبة الجندي في إبقاء المدونة بعيدا عن رقابة رؤسائه، يقول الجندي الذي يبلغ 31 عاما والذي أصر على عدم ذكر اسمه من خلال رسالة إلكترونية: «سوف تخضع المدونة لرقابة أحد الضباط وسوف يجد إن عاجلا أو آجلا شيئا يمكنه من النيل مني».

فحتى في أعلى مستويات البنتاغون، لم يتم السماح للموظفين المدنيين والجنرالات (أربعة نجوم) باستخدام الشبكات الاجتماعية إلا أخيرا، وجاء السماح باستخدام تلك الشبكات بغرض تعزيز عاطفية أفراد الجيش الأميركي ولتشجيع المستجدين وتشكيل رأي عام بشأن الحرب.

والآن أصبح لدى الجنرال راي أوديرنو قائد القوات الأميركية في العراق صفحة خاصة على الفيسبوك، كما أصبح لدى رئيس هيئة الأركان المشتركة الأدميرال مايك مولان قناة على اليوتيوب، كما أنه يرسل تعليقات إلى موقع تويتر بمعدل شبه يومي.

ويشجع الجيش أفراده من كل المستويات بالدخول على شبكة الإنترنت والاشتراك بشكل جماعي في إعادة كتابة سبعة من كتب العمل الميداني الإرشادية الخاصة بالجيش.

وفي 17 أغسطس (آب) أعلنت وزارة الدفاع عن إنشاء موقع إلكتروني يحتوي على روابط إلى المدونات وصفحات الفيسبوك والفليكر والتويتر واليوتيوب الخاص بأفرادها.

ولكن شبكة الإنترنت هي فضاء واسع للغاية. وبالطبع فإن آلاف الجنود الذين لديهم مدونات أو صفحات على الفيسبوك والتويتر للتواصل مع الخارج ليسوا جميعا متفقين مع الرأي الرسمي للبنتاغون. وبالرغم من أن التحكم في كل ما ينشرونه يوميا من تعليقات ومقاطع فيديو ولقطات فوتوغرافية هو أمر مستحيل، فإن ذلك لم يمنع البعض في الجيش من المحاولة.

فنظرا للمخاوف المتزايدة لوزارة الدفاع حول الأمن الإلكتروني، فإنها تستعد لإصدار سياسة جديدة في الأسابيع القادمة تضع من خلالها ضوابط للدخول على مواقع الشبكات الاجتماعية من خلال كمبيوترات الجيش. ويقول بعض المطلعين على السياسة التي تعدها وزارة الدفاع إن هذه السياسة الجديدة سوف تحد من قدرة الأفراد على الدخول على المواقع الاجتماعية عدا الأشخاص الذين يتطلب عملهم ذلك مثل العاملين بالعلاقات العامة أو المستشارين الأسريين.

ويقول العديد من المسؤولين إن تطبيق هذه السياسة سوف يؤثر سلبا على جهود نشر وتحديث استخدام الجيش لشبكة الإنترنت في الوقت الذي كانت تلك الجهود قد بدأت تلقى ترحيبا. وبالرغم من أن تلك السياسة الجديدة لن تنطبق على الجنود الذين يدخلون على شبكة الإنترنت من كمبيوتراتهم الخاصة، فإن عددا كبيرا من أفراد الجيش الذين يعملون في القواعد العسكرية، أو السفن في أماكن بعيدة من العالم لا يستطيعون الدخول على شبكة الإنترنت إلا من خلال كمبيوترات الجيش.

ومن جهة أخرى، يرى العديد من المحللين والمسؤولين أن ذلك الجدل يعكس صداما للحضارات: بين الطبيعة الفوضوية غير المراقبة لشبكة الإنترنت وتقاليد الجيش التي تخضع لانضباط كامل وتراتبية دقيقة. يقول الجنرال وليام كالدويل قائد مركز أسلحة الجيش المشتركة بفورت ليفنورث بكانساس: «ما زلنا كمؤسسة لم نحدد الطريقة التي نريد أن نتعامل بها مع المدونات وغيرها من الشبكات الاجتماعية». ويقول الجنرال كالدويل وهو من أكثر المدافعين عن حرية الدخول على شبكة الإنترنت إن الشبكات الاجتماعية تسمح بالتفاعل بين الجنود والضباط والجنرالات بطريقة لم تكن ممكنة قبل عقد واحد، ويطالب أن يدخل الطلاب بكلية القيادة والأركان بليفنورث على شبكة الإنترنت وينشئوا مدونات. وتقوم الكلية بالفعل الآن برعاية حوالي 40 مدونة بما فيها مدونة الجنرال كالدويل، يتم مناقشة السياسة فيها بحرية.

ولكن الحصول على الموافقة بدخول الطلاب على المدونات واليوتيوب والفيسبوك في الكلية كان أمرا مثيرا للجدل. يقول الجنرال كالدويل: «في كل زاوية، يذكر أحد الضوابط». مضيفا: ولكن في الشهور الأخيرة «أجرى الجيش تغييرا كبيرا» بترحيبه بدخول أفراده على شبكة الإنترنت.

يقول نوح شاشتمان محرر موقع Wired.com الموقع الأمني القومي، والذي كتب العديد من التقارير حول السياسة الجديدة إنه سأل الطلاب أخيرا في «ويست بوينت» حول ما إذا كانوا سوف يسمحون للجنود بإنشاء مدونات، فأعلن معظم هؤلاء الطلاب عن رفضهم لذلك.

يتذكر شاشتمان: «ثم سألت، (كم عدد الأشخاص الذين يعتقدون بأنهم يستطيعون وقف تدفق المعلومات التي تصل إلى الجنود؟) فوافق الجميع على أنه لا توجد طريقة يمكن من خلالها وقف تدفق المعلومات، وبالتالي فكانت هناك ازدواجية في رؤية الأمر».

فيقول المتشككون في تقرير البنتاغون إنه مدفوع برغبة بعض الضباط بفرض السيطرة على أصوات الجنود الموجودين على شبكة الإنترنت.

ومنذ ظهور بعض المدونات خلال حرب العراق، أبدى بعض القادة تحفظات على ذلك النوع من التواصل لمخاوف تتعلق بالأمن واللياقة.

فخلال عدة سنوات، كانت المدونات تخضع للرقابة أو يتم إغلاقها، وكان الجيش قد أصدر قرارا بأن يسجل المدونون أنفسهم من خلال مكاتب قادتهم وأن يعرضوا التعليقات التي يرغبون في نشرها أولا على هؤلاء القادة. ومن ثم، وصف بعض المدونين هذه المدونات بالمدجنة ـ واختفى بعض هذه المدونات كما هو الحال في مدونة «ماد بوبي».

ويقول بعض المسؤولين المطلعين على السياسة الجديدة إن تلك السياسة هي نتاج للمخاوف المتزايدة في القيادة الاستراتيجية العليا للولايات المتحدة التي تشرف على استخدام الجيش للإنترنت، والمواقع الإلكترونية للشبكات الاجتماعية حيث إنها تجعل كمبيوترات الجيش معرضة للإصابة بالفيروسات، والقرصنة، وسرقة الهوية والإرهاب بل ولهجمات من الدول المعادية.( ولا تنطبق هذه المخاوف على النظام الأمني للجيش فيما يتعلق بالمواد السرية حيث إن هذه الأنظمة لا تستخدم شبكة الإنترنت العامة).

* خدمة «نيويورك تايمز»