العلماء حائرون في تفسير إصابات إنفلونزا الخنازير بين فئات الأعمار الصغيرة والشابة

أميركا تتبرع بـ 10 في المائة من إمدادات اللقاح إلى الدول الفقيرة

TT

فيما أعلنت الولايات المتحدة عن تعهدها التبرع بـ 10 في المائة من إمداداتها من لقاحات إنفلونزا الخنازير لمنظمة الصحة العالمية لتحويلها إلى الدول الفقيرة، لا يزال الباحثون الأميركيون يحاولون التعرف على أسرار عدوى فيروس «إتش 1 إن 1» وتهديدها لحياة الأشخاص الأصحاء الأقل سنا أكثر من تهديدها لكبار السن.

وقال مسؤولون في البيت الأبيض إن الولايات المتحدة «قد اتخذت هذه الخطوة» المتعلقة باللقاحات مع ثماني دول أخرى، هي أستراليا والبرازيل وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا ونيوزيلاندا والنرويج وسويسرا. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن بيان صادر عن البيت الأبيض أن «الولايات المتحدة تعترف بأن هذا التحدي (للعدوى) عابر للحدود، ولذا فإن الاستجابة له ينبغي أن تكون مشابهة».

وكانت شركتا «سانوفي» و«غلاسكو سميث كلاين» المنتجتان للقاحات قد أعلنتا في وقت سابق أنهما ستتبرعان بـ 150 مليون جرعة من اللقاحات لمنظمة الصحة العالمية. وطلبت الحكومة الأميركية من عدد من الشركات المنتجة للقاحات تجهيزها بـ 195 مليون جرعة منها، يؤمل أن تصل بداية الشهر المقبل. ويتوقع أن تصل كل الإمدادات العالمية للقاحات المنتجة من قبل 20 شركة حول العالم إلى ما بين 2 و4 مليارات جرعة. ووفقا لتوقعات الخبراء فإن هذا يعني أن المليارات من سكان الدول النامية ليس لديهم أمل يذكر في الحصول على لقاح.

وأضاف بيان البيت الأبيض «إننا على ثقة بأن الولايات المتحدة ستظل تحتفظ بما يكفي من الجرعات، لكي يتمكن كل أميركي راغب بالتطعيم بها، الحصول عليها».

وكان كيجي فاكودا المدير العام المساعد لمنظمة الصحة العالمية قد صرح أمام مؤتمر لعلماء الأوبئة في واشنطن هذا الأسبوع أن «تحسين فرص الحصول على اللقاحات هي مسألة مركزية على نطاق العالم». وأضاف أن المفاوضات بين المنظمة وبين منظمة الأمم المتحدة والدول الغنية كانت «بطيئة واستغرقت وقتا طويلا». وقال إنه «من دون هذه اللقاحات فإن الدول الأقل تقدما لن يتاح لها أي فرصة للحصول على اللقاحات».

على صعيد آخر، قال باحثون أميركيون إنهم لا يزالون حائرين أمام ظاهرة إصابة الأشخاص الأصحاء في أعمار الشباب بعدوى إنفلونزا الخنازير. وكانت التفسيرات الأولى قد انصبت على أن كبار السن، وهي فئة الأعمار الأكثر تهديدا عادة بالإصابات المختلفة، قد تحصنوا من إنفلونزا الخنازير لتعرضهم قبل أكثر من 50 سنة لفيروسات تعتبر من «أجداد» السلالة الجديدة من الفيروس.

إلا أن صحيفة «لوس أنجليس تايمز» نقلت عن الدكتور وليام شافنر رئيس قسم الطب الوقائي في كلية الطب في جامعة فاندربيلت في نتشفيل «أن هذا التفسير لا يبدو كاملا». وإضافة إلى ذلك فإن اثنين من الجينات الرئيسية لهذه الإنفلونزا جاءا مباشرة من الخنازير وهما جديدان على أي انسان. وهذا يعني أن كل فئات الأعمار يجب أن تتعرض بشكل متساو لتهديدات الفيروس، لأن أي شخص لم يسبق له التعرض لهما. ومع ذلك، فإن الأطفال الرضع يبدون أقل خطرا من الإصابة مقارنة بالأطفال الأكبر سنا وبغالبية البالغين.

وقال العلماء إن الكشف عن أسرار إنفلونزا الخنازير حيوي لوضع خطط دفاعية لمجابهته. وقد بدت طبيعة الفيروس غير التقليدية واضحة في بداية انتشاره في الربيع، إذ ظهرت الإصابات به في الولايات المتحدة والمكسيك بين صفوف الأطفال بالدرجة الرئيسية، أكثر من كبار السن.

وفي الولايات المتحدة وقع نصف الإصابات المؤكدة بفيروس «إتش 1 إن 1» لدى الأطفال من عمر 12 سنة وأقل، وفقا لتقارير مراكز مراقبة الأمراض والوقاية. وحسب تلك التقارير التي أوقفت المراكز إصدارها في 24 يوليو (تموز) الماضي، فإن 60 في المائة من المصابين كانوا في أعمار 5 إلى 24 سنة، و20 في المائة أخرى للأعمار 24 إلى 49 سنة. و1 في المائة فقط لأعمار 65 سنة.

كما يبدو أن الإصابات الشديدة تحدث للأشخاص الأصغر سنا، إذ بلغ متوسط عمر الداخلين إلى المستشفى من المصابين 20 سنة. أما المتوسط بالنسبة للإصابات القاتلة فكان 37 سنة. وتتناقض هذه الأرقام بشكل قوي مع إصابات الإنفلونزا الموسمية التي تقود على الأغلب لإصابات كبار السن والأطفال الصغار جدا، إذ تشكل نسبة إصابات كبار السن القاتلة بها 90 في المائة.

وظل العلماء يقدمون نظريات لتفسير الإصابة بفيروس «إتش 1 إن 1» الجديد، باعتباره سليلا من فيروس الإنفلونزا الإسبانية لعام 1918 التي أدت إلى هلاك نحو 50 مليون شخص في حينه. ولذلك فإن كبار السن قد تحصنوا منه بعد تعرض أجسامهم له أو لأمثاله.

إلا أن تحاليل نشرت في مجلة «نيو إنغلاند جورنال اوف ميديسن» الأسبوع الماضي أشارت إلى أن الأجسام المضادة لفيروس «إتش 1 إن 1» تم رصدها في عينات من دم 39 من أصل 115 من المصابين الذين ولدوا قبل عام 1950، أي في 34 في المائة منهم. وتدعم هذه النتيجة نتائج تحاليل سابقة أجريت في مايو (أيار) الماضي. كما أشارت تحاليل أجريت في اليابان إلى أن عددا صغيرا من المولودين بعد عام 1918 رصدت في عينات دمهم أجسام مضادة للفيروس الجديد. إلا أنها أكثرها رصدت لدى الأشخاص من أعمار تزيد على 90 سنة. وهذا يفترض أن التحصين ضد الفيروس الجديد جاء من الفيروس الأصلي الإنفلونزا الإسبانية وليس من توابعه اللاحقة.

ويطرح الدكتور بيتر وينغر البروفسور في كلية طب نيو جيرسي رأيا بديلا يفسر وقوع الصغار ضحية الفيروس الجديد، إذ يقول إنه «ربما لأن جهاز المناعة القوي المتأهب لديهم يقوم ببساطة بتحدي فيروس الإنفلونزا بقوة». ونتيجة لذلك فإن الأجسام المضادة تقوم بنشاط أكثر من المعتاد، وتفرز بروتينات تقود إلى سلسلة من الالتهابات تؤدي بدورها إلى تعطيل عمل الرئتين والجهاز التنفسي. وقد يؤدي ذلك إلى الوفاة.

إلى ذلك أعلنت وزارة الصحة اليونانية أن نحو 100 ألف جرعة تطعيم ضد فيروس إنفلونزا الخنازير سوف تصل البلاد اليوم، وصرح وزير الصحة ديمتريس افراموبولوس أن الجرعات سوف يتم تخزينها في ثلاجات خاصة بمركز للصحة العامة في منطقة فاري جنوب أثينا. ويتوقع أن تنطلق حملة التطعيم في 15 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.