إسرائيل وأميركا تباشران معا قريبا أكبر مناورات عسكرية في تاريخهما

بهدف مواجهة هجمات صاروخية متعددة المصادر في آن واحد

TT

يجري الجيش الإسرائيلي والأسطول الأميركي في البحر الأبيض المتوسط، في غضون الأيام القليلة المقبلة، إحدى أكبر المناورات العسكرية المشتركة. وسيكون هدف هذه المناورات التدرب على مجابهة هجوم صاروخي على إسرائيل متعدد المصادر (من إيران وسورية وحزب الله اللبناني وحركة حماس) في آن واحد.

ووصلت إحدى البوارج الحربية الأميركية إلى ميناء حيفا في نهاية الأسبوع الماضي، وباشر أحد طواقمها الإعداد لتلك المناورات. وسيتم في هذه المناورات استخدام شبكة صواريخ مضادة للصواريخ، ومنها: شبكة الدفاع الصاروخي الأميركية المعروفة بـ«باتريوت»، وشبكة الدفاع الأميركية الإسرائيلية «حيتس ـ 2»، وشبكة الدفاع الصاروخي الأميركية المتنقلة «باتريوت هوك ـ 3» وغيرها. وسيؤدي الدور المركزي في هذه المناورات سلاحا الجو الإسرائيلي والبحرية الأميركية. وحسب مصدر إسرائيلي رفيع، فإن حكومة بنيامين نتنياهو تسعى إلى أن تبقي الولايات المتحدة في إسرائيل قسما من الأجهزة التي ستستخدم في هذه المناورات، لاستخدامها فعليا في حال تعرض إسرائيل لهجوم صاروخي.

وتأتي هذه التدريبات في إطار التنسيق العسكري الاستراتيجي بين واشنطن وتل أبيب، الذي تحاول إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما تطويره وتحسينه. وفي هذا الإطار أيضا، يرى الإسرائيليون أن قرار إدارة الرئيس أوباما إلغاء مشروع إدارة الرئيس السابق، جورج بوش، نصب صواريخ مضادة للصواريخ في بولندا وجمهورية التشيك، هو كنز لإسرائيل. لأن البديل الذي اختاره أوباما، وهو استخدام الصواريخ المتنقلة في البحر الأبيض المتوسط وهو ما يوفر لها حماية غير محسوبة. وتكلم في هذا الموضوع بصراحة البروفسور دين فيلكينغ، العالم الفيزيائي الأميركي الذي بادر إلى هذا المشروع. فقال في حديث مع إذاعة الجيش الإسرائيلي إن الفارق الأساسي بين مشروع بوش ومشروع أوباما هو أن شبكة الصواريخ في أوروبا كانت تستهدف الدفاع عن الأراضي الأميركية من صواريخ إيرانية بعيدة المدى. وهي تحتاج إلى وقت حتى تجهز. بينما هدف الصواريخ المتنقلة هو حماية حلفاء أميركا في أوروبا والشرق الأوسط، وخصوصا تركيا وإسرائيل، التي تواجه خطرا فعليا. وهذه الشبكة جاهزة. وتعرف باسم «إي جيس». وقال دين فيلكينغ إنه في الوقت الراهن لا يوجد خطر على الولايات المتحدة من صواريخ إيرانية بعيدة المدى. والخطر الآني هو من صواريخ متوسطة المدى، حيث إنها تصيب دول أوروبا والشرق الأوسط. ورحبت إسرائيل بهذه الخطوة. وتقرر أن يسافر وزير دفاعها، إيهود باراك، إلى الولايات المتحدة بعد الأعياد اليهودية ليبحث مع نظيره الأميركي، روبرت غيتس، وغيره من المسؤولين العسكريين كيفية التنسيق المشترك حولها. وسيبحث إمكانية التعاون الإسرائيلي الأميركي وإدخال شبكة صواريخ «حيتس ـ 2» فورا، وشبكة صواريخ «حيتس ـ 3» لاحقا، إلى التدريبات الأميركية حول استخدام هذه الصواريخ. ومع أن إسرائيل ترحب بهذا التعاون وترى فيه قفزة إلى فوق في التنسيق الاستراتيجي بين البلدين، لكن هناك أوساطا إسرائيلية تنظر ببعض الشكوك وتعبر عن بعض التخوفات من أن يكون لهذا التعاون ثمن باهظ من الناحية السياسية. ولذلك فإنها تتحفظ فيه. فحسب اعتقادها، تحاول إدارة أوباما توفير أقصى ما يمكن من حماية عسكرية لإسرائيل من أجل إشعارها بأقصى حد من الأمن والأمان، وبالتالي فإنها بهذه الحماية تستطيع ـ وفقا للقناعة الأميركية ـ اتخاذ خطوات جريئة في المجال السياسي لصالح العملية السلمية. وفي حالة كهذه، ستزيد الضغوط السياسية الأميركية على الحكومة الإسرائيلية حتى تنسحب من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وتوافق على حل الدولتين.

وذكرت هذه المصادر أن خلافات ما زالت قائمة بين تل أبيب وواشنطن حول صفقتي أسلحة بالغتي الحساسية: الأولى تتعلق بطائرة «أف ـ 35» والثانية تتعلق بالبارجة الحربية «أل سي أس». فإسرائيل تطالب بأن تكون شريكة بنسبة 50% في تكنولوجيا صنع الطائرة المذكورة، بهدف تخفيض ثمنها (حاليا 100 مليون دولار لكل طائرة)، وهو ما ترفضه شركة «لوكهيد مارتن» الأميركية المنتجة لهذه الطائرة. وتطالب بتخفيض سعر البارجة المذكورة (ثمنها الحالي 500 مليون دولار). وتدعي هذه المصادر أن الامتحان الحقيقي لنوايا الولايات المتحدة في ضمان التفوق الإسرائيلي على كل جيرانها هو في التجاوب مع مطالبها في هاتين الصفقتين.

وسيحاول باراك تسوية هاتين القضيتين أيضا خلال زيارته القادمة إلى الولايات المتحدة. ويرى المقربون منه أن احتمالات نجاحه كبيرة، خاصة أنه لا يقف في معارضة المطالب السياسية الأميركية لعملية السلام، مثلما يقف بقية الوزراء وفي مقدمتهم رئيس الحكومة اليميني، بنيامين نتنياهو.