تل أبيب تتوقع أن تقنع واشنطن أبو مازن بالتنازل عن شرط تجميد الاستيطان

حملة إسرائيلية تهدف لإبعاد الاتهامات الموجهة لها بإفشال جهود ميتشل

عجوز فلسطينية تتسول في احد شوارع غزة عشية عيد الفطر امس (أ. ب)
TT

في الوقت الذي يبدو فيه واضحا أن سبب عدم استئناف المفاوضات وفشل مهمة المبعوث الأميركي للمنطقة جورج ميتشل، هو الموقف الإسرائيلي المتعنت المتمسك بالاستمرار في البناء الاستيطاني، صرح مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بأنه يتوقع من إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، أن تمارس الضغوط على الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، «حتى ينزل عن الشجرة العالية التي تسلقها في إصراره على شرط تجميد الاستيطان» ويوافق على استئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة.

وكانت هذه التصريحات، الشرارة الأولى في حملة إسرائيلية تهدف إلى إبعاد الاتهامات عنها بإفشال جهود ميتشل. وجاء فيها أن الخلاف الأساسي هو ليس بين الإدارة الأميركية وبين إسرائيل بل بين الموقف الفلسطيني الرفضي والموقف الإسرائيلي، «فعلى الرغم من أننا وافقنا على تجميد الاستيطان بشكل جزئي، فقد أصر الفلسطينيون على موقفهم وطالبوا بوقف كامل للاستيطان وراحوا يطرحون مطالب أخرى توحي بأنهم يريدون أولا موافقة إسرائيلية على مطالبهم في التسوية الدائمة، وفقط بعد ذلك إجراء المفاوضات عليها». وأضافت: «إسرائيل قالت وتعيد إنها مستعدة للمفاوضات على التسوية الدائمة في كل الموضوعات، بما في ذلك القدس واللاجئون، ولكن من دون شروط مسبقة».

يذكر أن تجميد البناء الاستيطاني في جميع المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967، هو بند من بنود المرحلة الأولى من خطة خريطة الطريق الأميركية، وهي مشروع الرئيس جورج بوش لعملية السلام في الشرق الأوسط. وطرحه الرئيس أوباما، شرطا لاستئناف مفاوضات السلام على المسار الفلسطيني. وبعد طرحه، تبناه الفلسطينيون قائلين إنه شرطهم لاستئناف المفاوضات. وأوضحوا أن إسرائيل اعتادت على استغلال فترة المفاوضات دائما لتوسيع البناء الاستيطاني، في إطار سياسة الأمر الواقع.

وحاول ميتشل إيجاد صيغة لتجميد الاستيطان يمكن أن يتعايش معها الفلسطينيون. وكان من المفترض أن يتوصل إلى مثل هذه الصيغة في جولته الأخيرة في المنطقة، التي بدأت يوم السبت الموافق 12 سبتمبر (أيلول) الحالي، وانتهت بلا نتيجة أول من أمس. لكن نتنياهو استبق هذه الزيارة بتصريحات أكد فيها أنه يرفض تجميد الاستيطان بشكل قاطع، وأنه ينوي الاستمرار في بناء نحو 6000 وحدة سكن (3000 وحدة في القدس الشرقية المحتلة، 2500 وحدة سكنية بوشر في بنائها منذ فترة في مستوطناته في الضفة الغربية و455 وحدة سكنية جديدة قرر بناءها حاليا قبل أن يدخل تجميد الاستيطان إلى حيز التنفيذ).

وادعت إسرائيل أن ميتشل يتفهم هذا البناء، كونه «الصمغ الذي يحفظ تلاحم الائتلاف الحزبي في حكومة نتنياهو». وأنه، أي ميتشل، حاول إقناع الفلسطينيين بتجاوز هذا الشرط، في سبيل التوصل إلى ما هو أهم من الاستيطان، ألا وهو ترسيم حدود الدولة الفلسطينية، «فعندما نتفق على حدود الدولة يصبح تناول الموضوع الاستيطاني سهلا، حيث إنه يكون معروفا أي المستوطنات تبقى بأيدي إسرائيل وأيها ستضطر إسرائيل إلى إخلائه»، كما قالوا.

واليوم، تبني إسرائيل الرسمية سياستها على اتهام الفلسطينيين بإفشال مهمة ميتشل، لأنهم لم يرضخوا للشرط الفلسطيني. وحتى المعارضة الإسرائيلية لم تعترض على هذا الاتهام. وفقط في الصحافة تظهر مقالات وتعليقات ترفضه. فقد كتب يوئيل ماركوس في صحيفة «هآرتس» مقالا قال فيه إن ما يبدو جليا هو أن نتنياهو غاب عن كرسي الحكم 10 سنوات، ولكنه يعود إليه كما هو. فلم يغير شيئا في سياسته الضبابية وأسلوب اللف والدوران الذي يميزه. وحذر ماركوس: «نتنياهو يقول إنه لا يريد أن يكون مغفلا، ولذلك يطرح فكرة الاستمرار في الاستيطان تحت اسم (ضمان عيشة طبيعية للمستوطنين)، والحقيقة أنه يستغفلنا جميعا. فلماذا لا يفكر في حياة طبيعية للمواطنين الإسرائيليين من غير المستوطنين، أولئك الذين يعيشون داخل إسرائيل في حدود 1967. ولماذا لا يفكر في أن الرئيس أوباما أيضا ليس مغفلا».