المغرب: الترشيح لانتخابات مجلس المستشارين يبدأ اليوم.. وسط تكهنات متضاربة حول رئاسته

«العدالة والتنمية» لم يحصل على رئاسة أي منطقة.. و«التجمع» فاز في 3 جهات لكنه يتأهب للأسوأ

مهاجر ينظف أسنانه في منطقة معروفة باسم «الغابة» في منطقة كاليه (شمال فرنسا) حيث يقيم عدد كبير من المهاجرين القادم أغلبهم من أفغانستان ويعتزمون انطلاقا منها الدخول لبريطانيا (أ.ف.ب)
TT

يفتح اليوم (الاثنين) في المغرب باب الترشيح لانتخاب ثلث أعضاء مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان)، الذي يتواصل حتى يوم الخميس المقبل، في حين سيتوجه «الناخبون الكبار» في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل للاقتراع، في غمرة تكهنات متزايدة من أن بداية الدورة البرلمانية المقبلة ستعرف تبدلا في التحالفات داخل مجلس المستشارين، سيؤدي لا محالة إلى انتخاب رئيس جديد له.

ويشغل هذا المنصب حاليا المعطي بن قدور، وهو عضو قيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار.

وفي سياق ذلك، أشارت تكهنات إلى تطلع أحزاب «الاستقلال» و«الحركة الشعبية» و«الأصالة والمعاصرة» إلى هذا المنصب.

وعبرت قيادة حزب الأصالة والمعاصرة عن تفاؤلها بشأن تحقيق نتائج إيجابية في انتخابات مجلس المستشارين، خاصة بعد النتائج المتقدمة التي حصل عليها الحزب في انتخابات رؤساء المناطق. وفي غضون ذلك، تتواصل انتخابات رؤساء الجهات (المناطق)، وهي بمثابة حكومات محلية، بيد أن صلاحيات هذه الجهات لا تزال تواجه تحديات من طرف الولاة (المحافظين) الذين ترشحهم وزارة الداخلية، حيث يجمع هؤلاء بين أيديهم سلطات واسعة، تجعل من رؤساء المناطق في بعض الأحيان مجرد موظفين يخضعون لسلطة الولاة.

وعرفت انتخابات مجالس ورؤساء بعض المناطق تحولات مثيرة في التحالفات الحزبية، بحيث تحالفت أحزاب مشاركة في الائتلاف الحكومي،الذي يقوده عباس الفاسي، الأمين العام لحزب الاستقلال، مع أحزاب معارضة.

وكان حزب العدالة والتنمية المغربي المعارض، ذو المرجعية الإسلامية، أكثر الأحزاب التي واجهت صعوبات في نسج تحالفات محلية.

ورغم التقارب الحذر جدا بين «العدالة والتنمية» والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (مشارك في الحكومة)، ورغبة الإسلاميين في قيام هذا التحالف، فإنهم لم يستطيعوا حتى الآن الفوز برئاسة أية جهة (منطقة) من الجهات التي جرت فيها الانتخابات.

ويقول قادة الحزب بوضوح إن السلطات تتعمد مضايقتهم، بل شددت من خناقها عليهم. وقال مصطفى الرميد، العضو القيادي ورئيس الفريق النيابي للحزب «السلطات تمارس ضغوطات على أعضاء المجالس البلدية المنتخبين وأعضاء مجالس الجهات لمنعهم من التحالف معنا». وزاد قائلا «هناك فقط أعضاء الاتحاد الاشتراكي الذين صمدوا أمام هذه الضغوطات».

وحتى الآن فاز حزب الأصالة والمعاصرة (معارضة برلمانية) برئاسة أربع مناطق هي منطقة مراكش، ومنطقة دكالة، ومنطقة الغرب، والمنطقة الشرقية. في حين فاز حزب التجمع الوطني للأحرار بثلاث مناطق هي الدار البيضاء، وأكادير، وكلميم، والسمارة في الصحراء، وفاز حزب الاستقلال بمنطقة فاس، والعيون في الصحراء. أما الاتحاد الاشتراكي ففاز بمنطقتين هما مكناس، والداخلة في الصحراء. ولم يحصل حزب الحركة لشعبية، الذي كان آخر الملتحقين بالائتلاف الحكومي الحالي حتى الآن على رئاسة أية منطقة. لكن هناك ست مناطق أخرى لم تجر فيها الانتخابات من بينها منطقة الرباط العاصمة. وأعلن في الرباط أن انتخابات رئاسة ومجلس الجهة تأجلت إلى موعد لم يحدد بسبب خلافات حول من يتولى رئاسة جلسة التصويت. وعلى الرغم من أن حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يقوده مصطفى المنصوري، رئيس مجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان)، والذي يعتبر الشخصية الدستورية الثالثة في ترتيب هرم الدولة، حصل على رئاسة ثلاث جهات فإن الحزب نفسه قطع شوطا على طريق ضياع حظوته كحزب موالاة بسبب خلافات داخلية، تقول قيادة الحزب إنه يتم تغذيتها من طرف قيادة حزب الأصالة والمعاصرة، الذي دحض بشدة هذه الاتهامات.

وكان حزب التجمع الوطني للأحرار عند تأسيسه عام 1977، يضم زعامات محلية وأعيانا نسجوا علاقات قوية مع السلطات المحلية، ومع وزارة الداخلية، التي كانت تهيمن آنذاك هيمنة مطلقة على الحياة السياسة في البلاد. وتولى قيادته في ذلك الوقت، رئيس الوزراء آنذاك، أحمد عصمان، صهر الملك الراحل الحسن الثاني.

وقال عصمان نفسه في أكثر من مرة إن الحزب «متشبث بالملكية ويتطلع إلى ترسيخ ديمقراطية ذات طابع اجتماعي»، بيد أن ما كان يعرف في عقد السبعينات من القرن الماضي باسم «الأحزاب الوطنية» أي أحزاب المعارضة في تلك الفترة، كانت تقول إن حزب التجمع الوطني للأحرار هو مجرد «حزب تابع للإدارة ويحظى بدعم السلطة».

وتقول الصحافة المحلية الآن إن «الأصالة والمعاصرة» يرغب في أن يرث «التجمع» على اعتبار أن الحزب الجديد (الأصالة والمعاصرة) هو الأقرب الآن من دوائر القرار.

ويسود شعور وسط حزب التجمع الوطني للأحرار بأنه يواجه ظروفا صعبة، وهو ما يدعم إحساس قيادته بالقلق من أن فترة الحظوة قد ولت، على الرغم من أن المنصوري يلتزم صمتا مطبقا إزاء انتقادات وصلت حد التقريع يوجهها له أعضاء قياديين من بينهم صلاح الدين مزوار، وزير المالية. والواضح أن الحزب بات يتأهب لأسوء الاحتمالات.

ويشارك في انتخابات مجالس المناطق أعضاء المجالس البلدية وكذلك أعضاء الغرف المهنية، الذين ينتخبون من يمثلهم في عضوية هذه المجالس. وهؤلاء أنفسهم يتحولون إلى هيئات ناخبة لاختيار ثلث أعضاء مجلس المستشارين.