الهم الحكومي حضر بقوة في خطب العيد.. والدعوة إلى الانفتاح كانت القاسم المشترك

مفتي لبنان يدعو إلى حكومة «جامعة» تحصن البلاد

السيدة أسماء الأسد محاطة بجمع من الأطفال خلال زيارة أجرتها لأحد دور الأيتام في دمشق بمناسبة عيد الفطر أمس (سانا)
TT

لم يغب الهم الحكومي عن خطب عيد الفطر في لبنان، والتقت الكلمات على ضرورة تأليف حكومة تنقل البلاد إلى جو من الاستقرار لمواجهة الاستحقاقات الداهمة ورعاية شؤون المواطنين.

وقد ألقى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني خطبة العيد في مسجد محمد الأمين في وسط بيروت، وأم المصلين في حضور رئيس حكومة تصريف الأعمال الوزراء فؤاد السنيورة وعدد من الوزراء والنواب والشخصيات وحشد من المؤمنين.

وسأل قباني: «لماذا يجلب اللبنانيون الشقاء لأَنفسهم ولوطنهم، ولماذا يتركون الأمر للآخرين، لمن يسعون وراء مصالحهم، ومصالحهم فقط، غير عابئين بمصائر الشعوب، وحقوقها وأمانيها؟!». وأكد أن الناس تعبوا من الجدل والنقاش العبثيين والصراعات بين «القوى السياسية والحزبية والطائفية، التي تنكَفئ على نفسها، وتتحصن من وراء أسوار من المصالح والعصبيات والطموحات، بدلا من الانفتاح على مساحة الوطن، والخروج إلى رحابه، بما يقف في وجه رياح الخارج وتقلباتها.. وبما يمنع أن يتحول لبنان إلى ساحة للصراعات الإقليمية والنزاعات الدولية، أَو مسرحا لتصفية الحسابات».

ودعا إلى الاحتكام في الخلافات إلى القانون والدستور «بدل أن يكون لكل دستوره وتفسيره واجتهاده، بما يخرجنا عن الالتزام بما ارتضيناه لمجتمعنا من مبادئ ونظم، تنتظم بها حياتنا وحياة مؤسساتنا الدستورية، وقواعد عيشنا المشترك، فالخروج على الدستور هو خروج على الوفاق الوطني المتمثل فيه، وتسليم البلاد إلى أن تتحكم بها توازنات القوى على الأرض، أي تسليمها إلى الفوضى».

ورأى أنه آن الأوان لتأليف حكومة ترعى مصالح الناس وتدفع الأخطار عن البلاد وخصوصا «التهديدات الإسرائيلية، ومخططات إسرائيل العدوانية». ودعا الجميع إلى أن «يتعاونوا من أجل تشكيل حكومة جامعة وقادرة، وأن تستجيب القوى السياسية وقياداتها لمن يمد يده إليهم للتعاون، ومن يفتح قلبه ويضحي، ومن يؤثر على نفسه من أجل وحدة الوطن».

ثم توجه قباني والسنيورة ووزراء ونواب إلى ضريح الرئيس رفيق الحريري، حيث قرأوا الفاتحة عن روحه وأرواح رفاقه.

كذلك، ألقى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الإمام الشيخ عبد الأمير قبلان خطبة عيد الفطر في مقر المجلس، وطالب اللبنانيين بأن يكونوا «عند حسن ظن الله بهم، إخوة أصدقاء رفقاء يحبون الله ويحبهم، ويحبون بعضهم البعض، ويعملون لمصلحة هذا الشعب الأبي الصابر الكادح». وشدد على أن «لبنان وطن المحبة، لبنان المسلم والمسيحي، لبنان الوحدة الوطنية، لبنان العيش المشترك، لبنان الشراكة والتوافق. فلبنان مقصود من قبل أعداء الله وأعداء الإنسان المتمثلين بإسرائيل، وعلينا كلبنانيين أن نشد الأزر ونتعاون في ما بيننا لنكون في ساحة واحدة في رحابة الإيمان والصدق والتقوى، فنحافظ على لبنان الحبيب».

أضاف: «نطالب السياسيين بأن يرأفوا بهذا الشعب ويحترموه ويقدروه ويتعاملوا معه بصدق ومودة ووفاء، ونطالبهم بالإسراع في تشكيل الحكومة من الأكفياء والوطنيين والمخلصين الذين يعملون لصالح الوطن ومصلحة الشعب. لذلك نناشدكم جميعا في هذا العيد المبارك العمل لإدخال السرور على قلوب المؤمنين وعلى قلوب المسلمين واللبنانيين».

ولفت إلى أن «لبنان العزيز في حاجة إلى وحدة صف ووحدة كلمة وإخلاص وإيمان وتقوى وورع وبعد عن المشاكل وعن الشبهات. لبنان يجب أن يتجه إلى وحدة طاهرة نقية طيبة فنكون دائما في حفظ الوطن محبين متعاونين متفقين لحماية هذا الوطن».

وفي بلدة عبيه، ألقى شيخ عقل الدروز الشيخ نعيم حسن خطبة العيد، ودعا فيها إلى «استدراك أمر إدارة البلاد بالحكمة والروية وحسن النوايا واستعادة الثقة واستثمار الفرص المتاحة من أجل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي تتغنى بشعارها كل القوى السياسية». وأكد أن «الحكم مسؤولية كبرى على عاتق كل مسؤول، مسؤولية أمام الله لأن من يتولى أمر إدارة شؤون الناس مطالب بالعدل والاستقامة وحسن التدبير، ومسؤولية أمام الناس لأن السلطة في مواقع الدولة كلها مستمدة من أصوات أولئك الناس أنفسهم، وثقتهم بهم، وتطلعاتهم إلى الحرية والأمن والعيش الكريم.

وحذر من أن «التصرف بعيدا عن هذه المقومات الأساسية للعقد الاجتماعي الذي اتفق عليه اللبنانيون وتمثل في دستورهم وأعرافهم وأنظمتهم التي وضعوها لضبط إدارة الدولة، لهو تصرف مدان أمام الله والضمير والأمانة المتعلقة بمصائر الناس». ولفت إلى «الأخطار الكبرى التي تهدد استقرار لبنان، وأولها العدو الإسرائيلي وتهديداته العدوانية، واستعداداته لتنفيذها»، مذكرا «بخطر الاستهتار والعبث بثوابت الصيغة اللبنانية، لأن هذه الصيغة غير مرتبطة بنفوذ هذه الفئة أو تلك، وإنما هي ثمرة التفاهم والاحتكام إلى العقل، التي أدت إلى قيام لبنان، وإنه بنبذها ـ لا سمح الله ـ نعود القهقرى، بل إلى هاوية التنابذ والتنافر اللذين هما بدايات الفتنة».

من جهته، ألقى مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو خطبة العيد في بلدة برجا في الشوف، ودان فيها «كل هؤلاء الذين يتآمرون على هذا البلد من أجل مصالح خارجية لا تمت بصلة إلى مصلحة البلد». وأسف لأن «السياسة أصبحت نوعا من الخداع والكذب والدجل والسعي إلى المصالح الذاتية على الرغم من أن هذه المصالح هي على حساب الوطن والشعب». وقال: «الناس يئنون ويصرخون من ضعف الاقتصاد في لبنان ومن وضعنا الذي تراجع إلى درجة بعيدة جدا، وأتى أناس أنانيون كانوا يعيشون في الماضي وفي عقولهم القتل والذبح على الهوية، فهم لا يعرفون رحمة ولا شفقة، فأطلقوا مدافعهم وصواريخهم على أحيائنا فقتلوا الناس بالجملة، ومن ثم يدعون الشفافية وأنهم فوق الظن والتهمة وهم الذين سرقوا أموال الدولة وهربوا بها إلى الخارج. يتحدثون عن الشفافية وهم غارقون إلى آذانهم بكل العيوب التي يتهمون بها الناس».

وفي إشارة إلى وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال، جبران باسيل، لاحظ أنه «منذ شهور وشهور لا يستطيع البلد أن يؤلف حكومة من أجل شخص واحد كان بالأمس طالبا على طاولة في مدرسة ما أو جامعة ما، ثم أصبح فجأة وزيرا، وأصبح يتناول الناس بالتهم وبالهجوم عليهم. إنها مسألة عجيبة في هذا البلد».