السعودية تحتفل بيومها الوطني الـ 79.. تجسيد للوحدة الوطنية وتكريس التنمية والحفاظ على المنجزات

مواكباً الافتتاح الرسمي لجامعة الملك عبد الله في ثول بحضور قادة وفعاليات علمية عالمية

الملك عبد العزيز بدل خوف الجزيرة العربية إلى أمن وجهلها إلى علم وفقرها إلى رخاء والملك عبد الله وولي العهد الأمير سلطان يداً بيد من أجل تنمية الوطن والحفاظ على مكتسباته
TT

يحتفل السعوديون اليوم الاربعاء بيومهم الوطني الـ 79 وسط إنجازات متعددة وتفاؤل بواقع ومستقبل أكثر اشراقاً، حيث يجسد اليوم الوطني والاحتفال به الوحدة الوطنية الحقيقية والراسخة والتي بسببها تحولت البلاد خلال ثمانية عقود من بلاد صحراوية لا تملك مقومات الدولة الحديثة الى قوة سياسية واقتصادية ودينية ذات شأن بل وصاعدة على مستوى العالم.

ويتزامن مع هذه المناسبة الافتتاح الرسمي لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في ثول غرب البلاد بحضور عدد من قادة الدول والفعاليات العلمية من مختلف انحاء العالم.

ويحل اليوم الوطني للعام الخامس على التوالي والبلاد طوت اربع سنوات ودخلت العام الخامس في عهد الملك عبد الله الذي نجح في دفع العجلة إلى الأمام ونقل البلاد نقلات أكثر تطورا، ومواصلا على طريق المنجزات التي تحققت في العهود السابقة لتتواصل مسيرة العطاء.

وأكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز خلال جلسة مجلس الوزراء الاسبوع الماضي على أن الاحتفاء باليوم الوطني السعودي التاسع والسبعين هو تجسيد للوحدة الوطنية والحفاظ على منجزات الوطن والالتزام بالمزيد من تكريس الجهود لتحقيق التنمية على اختلافها في كل بقاعه. مشدداً بالقول على أن من فضل الله علينا أن اليوم الوطني سيواكب الافتتاح الرسمي لمنجز حضاري كبير ليس للمملكة فحسب ولكن للعالم اجمع، وهو جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في ثول بحضور العديد من قادة الدول الشقيقة والصديقة، وهو تأكيد وتجسيد لمكانة المملكة ودورها في الإسهام في المعرفة البشرية وأن تكون هذه الجامعة جسراً للتواصل بين حضارات العالم. وجاءت تأكيدات الملك عبد الله خلال احتفالات الاعوام الماضية بذات المناسبة الوطنية السنوية على أن الاحتفاء باليوم الوطني يبرهن على أن البلاد رغم الصعوبات التي واجهتها خلال العقدين الماضيين قادرة على تجاوز كل الأزمات التي أحاطت بها وبالعالم أجمع، حيث أكد خادم الحرمين الشريفين بأن الاحتفاء بيوم الوطن يجسد الوحدة الوطنية الراسخة والتمسك بالإسلام عقيدة وشريعة ومقاصد ومنهج حياة وترسيخ قيم العدالة والمساواة بين المواطنين والالتزام بالعمل الحثيث نحو تنمية شاملة للوطن بكل أرجائه وتأكيد إسهام البلاد في وحدة الصف العربي وتماسك الأمة الإسلامية واستقلال ورخاء العالم أجمع.

واختصر الملك عبد الله بن عبد العزيز نهج هذه البلاد منذ مرحلة التأسيس وحتى اليوم عندما وضع منذ اليوم الأول لتوليه مقاليد الحكم في البلاد قبل أكثر من اربع سنوات أرضية جديدة لتحسين الأداء السياسي والاقتصادي والتعليمي والاجتماعي والفكري في بلاده التي واجهت صعوبات وتحديات كبيرة بسبب ظروف وأحداث طالت الجميع. ورسم الملك ملامح سياسته الخارجية في توازن ما بين احتياجات الداخل ومتطلبات الخارج، حيث استهل الملك عبد الله عهده في خطاب البيعة التاريخي بالتأكيد على أن شغله الشاغل هو إحقاق الحق وإرساء العدل وخدمة المواطنين كافة بلا تفرقة، كما توجه إلى المواطنين في الخطاب طالبا منهم أن يشدوا من أزره وأن يعينوه على حمل الأمانة وألا يبخلوا عليه بالنصح والدعاء.

وإذا كان الملك عبد العزيز فضل بحسه الفطري عندما قرر وهو شاب في العشرين أن يسترجع مملكة أجداده من خلال تلمس مراكز القوى وإدراكه أن استمرار حكمه سيظل يتوقف على القوة الجديدة الصاعدة في العالم خصوصا أنه المؤسس لأكبر مملكة عربية قامت على أنقاض الثورة العربية، فقد قرأ جيدا مستقبل العالم، حيث وجد أن أمريكا هي القوة الصاعدة الجديدة التي ستتحكم في قوانين اللعبة الدولية وأن النفط هو الطاقة المحورية لاقتصاد العالم في القرن العشرين، كما شدد الملك على أن الإسلام هو الطاقة الروحية الهائلة التي لا تنضب والتي لا تقوم بدونها أية دولة قوية في أرض العرب، فلذلك اتجه مباشرة إلى إقامة علاقات وثيقة مع واشنطن وأخضع نفطه لحماية أبنائه، وقبل ذلك طبق الشريعة الإسلامية وجعلها منهج حكم ودستور واعتمد ثوابت أساسية لبلاده تنطلق من مبادئ الدين الإسلامي الحنيف.

وأعاد الملوك من أبنائه سعود وفيصل وخالد وفهد وعبد الله النهج ذاته، حيث ترجم هؤلاء الملوك كل ما وضعه الملك المؤسس من إستراتيجيات وأهداف بعد رحلة كفاح وبطولة في مسيرته الطويلة لبناء الدولة الحديثة وتحويل المستحيل إلى حقائق تنطق بعظمة المسيرة والعمل.

وإذا كانت السعودية قد شهدت عقودا طويلة من الفوضى والقلاقل والاضطرابات ليأتي الملك المؤسس ليبدل خوفها إلى أمن، وجهلها إلى علم، وفقرها إلى رخاء فإنه يمكن القول بأن الملك عبد العزيز قد كرس جهوده في إرساء قواعد النهضة الحديثة من خلال ترسيخ الأمن والاستقرار والتعمير وتوطين البادية وتأمين طرق الحج وتأسيس مجلس الشورى وإطلاق مشاريع تعليمية واستحداث أساليب الحياة، بالإضافة إلى إقامة علاقات مميزة مع الدول العربية والإسلامية والأجنبية والدفاع عن قضايا الحق والعدل، وهذا ما جعل البلاد تحتل مكانتها على خارطة العالم ومعها أصبحت السعودية إحدى الدول القلائل في العالم التي تحظى بتقدير واحترام المجتمع الدولي.

ويجب الاعتراف بأن اكتشاف النفط عام 1938 بكميات تجارية ساهم في وضع أرضية لتطوير البلاد والنهوض بها وتطوير مواردها الاقتصادية.

واستطاعت القيادات السعودية بعد رحيل الملك المؤسس أن ترسو بسفينة الوطن إلى بر الأمان ونجحت في قراءة أحداث العالم وجنبت البلاد الكثير من الهزات العالمية وساهمت في تحقيق إنجازات تنموية لافتة، كما نجحت البلاد في تحقيق كيان اقتصادي واجتماعي لافت حقق الرفاهية والاستقرار والرخاء للمجتمع، كما واكبت البلاد طوال رحلة تاريخها أساليب التطوير والتنمية وحققت نقلة نوعية في أسلوب الحكم وتحقيق التنمية الشاملة وتوفير المناخ الملائم للنمو الاقتصادي، إضافة إلى تحقيق رغبات الشعب من خلال التوسع في التعليم بكافة مراحله والاهتمام بالتدريب وتوفير الرعاية الصحية المتقدمة وتشجيع حركة القطاع الخاص وتعضيد دوره كما ارتكزت خطط التنمية على أهداف من ناحية تنمية قدرات الموارد البشرية وتوفير الفرص الوظيفية الملائمة وتوفير الخدمات التعليمية والاجتماعية والتدريب.

وترجم الملك عبد الله سادس ملوك الدولة السعودية الثالثة كل هذا التوجه من خلال خطاب البيعة الذي أكد فيه على اهتمامه بجميع القضايا المعاصرة محليا وعربيا وإسلاميا وعالميا وحمل فيه هواجسه تجاه رسم طريق مستقبل البلاد والأمة: «إن التاريخ علمنا أن الفترات التي شهدت وحدة الأمة هي عصورها الذهبية المزدهرة وأن فترات الفرقة والشتات كانت عهود الضعف والهوان والخضوع لسيطرة الأعداء. ومن هذا المنطلق فإن كل جهد سواء كان سياسيا أو اقتصاديا أو فكريا يقرب بين أبناء الأمة هو جهد مبارك مشكور وكل جهد يزرع بذور الفتنة والشقاق هو نكسة تعود بنا إلى الوراء».

وأطلق الملك عبد الله بعد أيام من توليه مقاليد السلطة في البلاد مبادرات لصالح الوطن والمواطنين والأمة تمثلت في إنشاء المدينة الاقتصادية برابغ التي حملت اسمه وتعد الأكبر في العالم في قيمتها الاستثمارية والفرص التي ستتيحها للاقتصاد الوطني. كما أطلق مدنا اقتصادية أخرى في مناطق مختلفة من البلاد باستثمارات وصلت إلى أرقام فلكية، بالإضافة إلى تبنيه قرارات تتعلق بتحسين ظروف المواطنين والمقيمين من خلال زيادة رواتب الموظفين وزيادة مخصصات المستفيدين من الضمان الاجتماعي ومخصصات المتقاعدين وخفض أسعار الوقود، كما استهل الملك عبد الله عامه الأول في الحكم بزيارات تفقدية لعدد من مناطق المملكة ليتلمس فيها احتياجات المواطنين ويستمع إلى همومهم وآمالهم، ودشن خلال هذه الزيارات مشاريع اقتصادية وصحية وإسكانية وتعليمية ستعود بالأثر الإيجابي والكبير على واقع ومستقبل البلاد.