تطابق الرواية الرسمية وإعلان القاعدة عن الحادث الإرهابي الذي استهدف الأمير محمد بن نايف

شريط للتنظيم تحدث عن حجم العبوة الناسفة

TT

رجحت معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» أن يكون سعيد الشهري الملقب بـ(أبو سفيان الأزدي) نائب قائد تنظيم القاعدة في اليمن، الشخص الذي تحدث مع الأمير محمد بن نايف أثناء استقبال الأمير للإرهابي عبد الله عسيري الذي فجر نفسه في مجلس الأمير أثناء المكالمة، حيث طلب عسيري من الأمير التحدث إلى شخص آخر عبر هاتفه الجوال، واستمرت المحادثة 4 دقائق، وأثناء حديث الأمير مع الشخص المجهول حدث دوي انفجار وانقطع الاتصال، وكانت المؤسسة الافتراضية التابعة لتنظيم القاعدة (الملاحم) قد بثت تسجيلا أخفت فيه الشخص الذي يتحدث مع الأمير قبيل لحظة التفجير.

ويأتي التسجيل الذي نشره تنظيم القاعدة على الانترنت تأكيداً لبيانات وزارة الداخلية السعودية والشفافية التي تعاملت بها عند وقوع حادثة الاغتيال الفاشلة التي نفذها التنظيم ضد مساعد وزير الداخلية السعودي.

كذلك استعان التنظيم في تسجيل تفاصيل عملية الاغتيال الفاشلة بالمعلومات التي تضمنها بيان وزارة الداخلية السعودية حول حادثة التفجير نفسها والجهة التي كان يجلس فيها الانتحاري أثناء لقائه بالأمير. وبدورها لم تصدر وزارة الداخلية السعودية بيانا حول التسجيل الذي بثه تنظيم القاعدة، فيما اعتذر اللواء منصور التركي المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية عن التعليق على ما تضمنه التسجيل.

من جانبه قال عبد العزيز بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث لـ«الشرق الأوسط» إن التنظيم لم يأت بجديد في العملية، حيث جاء كتأكيد للبيانات التي أصدرتها وزارة الداخلية السعودية حول العملية الفاشلة.

وقال بن صقر إن الثغرة المهمة التي يشير إليها تسجيل القاعدة هي السرعة التي يتطلب اتباعها عند تنفيذ العملية، فالتأكيد أن المطلوب الأمني يتم نقله بطائرة خاصة هذه تعطيه ضمانة بأنه لن يتعب وبأنه سيصل في الوقت المناسب لكي تتعرض القنبلة التي يحملها لأي مؤثر فيما طالت المدة الزمنية، وكذلك اختصار المسافة وأنه لن يمر على الإجراءات الاعتيادية.

ويشدد ابن صقر أن القاعدة عندما توصلت لهذه التقنية فإنها تهدد قطاع الطيران بشكل كبير، لأن الأجهزة في الوقت الراهن تكشف الأجسام الصلبة والسائلة لكن لا تكشف البودرة داخل جسم الإنسان. ويبين عبد العزيز بن صقر أن القاعدة فشلت في الهدف لكنها نجحت في التخطيط والتكنيك واستخدام الوسيلة والوصول إلى الهدف، لكن العملية فشلت في تحقيق الغاية منها وهي اغتيال الأمير.

ونقلت القاعدة عبر تسجليها الأخير ومدته 17 دقيقة مراحل التحضير للعملية حيث يقول عسيري إن قسم التصنيع في القاعدة يستنبط من المواد البسيطة مواد تستخدم في عمليات التفجير، كما كشف عن حجم العبوة الناسفة التي حاول أن يغتال بها الأمير محمد بن نايف والتي يراوح وزنها بين 50 و200 غرام. فيما قال صقر إن نشر القاعدة لهذا التسجيل رغم فشل العملية، كان من أجل نجاحها في التخطيط واستخدام الطريقة وكذلك الوصول إلى الهدف.

ويضيف أن المهم في التسجيل الذي بثه التنظيم أن تنظيم القاعدة أراد من خلال التسجيل القول إن التنظيم في السعودية وكذلك في اليمن له قيادة واحدة ويتبع عملا منظما مخططا له ومدروسا، والعمل جماعي وليس فرديا وأنه يستهدف السعودية بالدرجة الأولى فبعد نجاح الأمن السعودي في الحرب على تنظيم القاعدة والمتعاطفين معه إلا أنه اختار بلدا مجاورا وتمتد حدوده مع السعودية إلى 1300 كم، حتى ينطلق منها التنظيم لأهدافه داخل السعودية.

وأرجع رئيس مركز الخليج للأبحاث تأخر ظهور التسجيل إلى عوائق معينة للحصول على إذن ببث التسجيل من داخل التنظيم نفسه، لكن الأهم من ذلك أن القيادة التي تقف وراء هذا العمل قيادة منظمة وليست فردية.

ويؤكد أن الطريقة التي اتبعتها القاعدة في تنفيذها للعملية أول مرة تستخدم هذه الطريقة في العمليات الانتحارية، حيث كانت تستخدمها العصابات المنظمة في عمليات تهريب المخدرات فقط، ويضيف: القاعدة هي أول من فكر في استخدام هذه الطريقة في العمليات الانتحارية، لأن هذه الطريقة لا تكشف عبر الأجهزة التي يمر عليها الجسم، لذلك على الأجهزة الأمنية عبء كبير لتطوير تقنيات يمكن أن تكشف هذه المواد.

ويبين أن عملية التفجير لو حدثت في طائرة لأحدثت دمارا هائلا وكانت قوة الانفجار أكبر لذلك الخطورة ستكون شديدة على قطاع الطيران من استخدام الإرهابيين لهذه الطريقة، لأن الجسم البشري يمكن أن يتحمل إلى نصف كيلو، ويحتاج لتنفيذ هذه العملية إلى مادة متفجرة والصاعق والكهرباء التي يمكن توفيرها عبر بطارية الجوال، والجوال يمكن أن يستقبل مكالمات على ارتفاعات منخفضة. يشار إلى أن الانتحاري عبد الله عسيري يحمل الرقم 40 في قائمة المطلوبين الـ85، حيث ظهر في التسجيل باسم (أبو الخير) بينما يحمل سعيد الشهري الرقم 32 على قائمة المطلوبين أمنيا لوزارة الداخلية السعودية، فيما ظهر في التسجيل قائد التنظيم ناصر الوحيشي الملقب بأبو بصير (يمني الجنسية) المطلوب رقم 80 على قائمة وزارة الداخلية السعودية، ونائب قائد التنظيم سعيد الشهري (أبو سفيان الأزدي) والقائد الميداني قاسم الريمي (يمني الجنسية) المطلوب رقم 69 على ذات القائمة.

يشار إلى أن سعيد الشهري، السجين السابق في معتقل غوانتانامو، ويحمل الرقم 372 وتم الإفراج عنه عام 2007 وعاد إلى السعودية، ليخضع لبرنامج تأهيلي (برنامج المناصحة) الذي تنفذه وزارة الداخلية السعودية كمحاربة فكرية لأفكار القاعدة والأفكار الإرهابية والمتطرفة، ومن ثم سافر إلى اليمن «منذ أكثر من عشرة أشهر».