فيلتمان: هناك إحساس بالعجلة.. وعلى إيران أن تتعاون «الآن».. كي لا نتحدث عن خيارات أخرى

مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: نريد مفاوضات سلام فورية.. وبحثنا مع السوريين مدخلا لاستئناف التفاوض مع إسرائيل.. وواثقون من قوة استخباراتنا

جيفري فيلتمان
TT

شدد مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان على أن هناك إحساسا بالعجلة لمعالجة الملف النووي الإيراني، موضحا في حوار مع «الشرق الأوسط» في نيويورك أن أمام إيران «فرصة» في اجتماع الأول من أكتوبر (تشرين الأول) للتعاون مع المجتمع الدولي والسماح لمفتشي وكالة الطاقة بدخول منشأة قم السرية، قائلا: «إننا لن ننتظر إلى الأبد. ونفضل أن تنتهز إيران الفرصة الآن، كي لا تضطرنا إلى الحديث عن خيارات أخرى». وأوضح المسؤول الأميركي: «الشيء الهام الآن هو أن تتمكن وكالة الطاقة الذرية من أن تحقق بشكل كامل في المنشأة الجديدة، وما هو الهدف من إنشائها. الإيرانيون يزعمون أنها للأغراض السلمية، لكن المرء ينبغي أن يستغرب لماذا بنتها إيران في موقع عسكري يتبع للحرس الثوري الإيراني، وفي نفق تحت الأرض. هذه كلها أسئلة يجب على خبراء وكالة الطاقة الرد عليها». وأكد المسؤول الأميركي أن الاستخبارات الأميركية واثقة من معلوماتها حول إيران، وأنه لا شبه بين الاستخبارات حول إيران والاستخبارات حول العراق. كما قال فيلتمان إن أميركا تريد استئناف مفاوضات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين فورا، كاشفا أن مسؤولين أميركيين وسوريين بحثوا على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة دورا أميركيا في المسار السوري، ومدخلا لبدء المفاوضات السورية ـ الإسرائيلية. وهنا نص الحوار:

* قال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إن الاتهامات الأميركية والفرنسية والبريطانية حول إخفاء إيران لمنشأة سرية تحت الأرض «لا أساس لها»، وإن إيران أبلغت وكالة الطاقة الذرية بأمر المنشأة الجديدة قبل كثير من الموعد المفترض أن تبلغ فيه إيران الوكالة بأمر المنشأة الجديدة. فهل ما زلتم تتهمون إيران بالتحايل؟

- هذا دليل آخر على الخداع الإيراني. إيران أرسلت يوم الاثنين رسالة إلى وكالة الطاقة الذرية تعترف فيها ببناء منشأة ثانية لتخصيب اليورانيوم، وكانت الرسالة بلا أي تفاصيل يمكن أن تساعد الوكالة على متابعة الأمر. وهذا ما دفع الرئيس أوباما ورئيس الوزراء غوردن براون والرئيس نيكولا ساركوزي إلى كشف المعلومات التي لدينا، لأننا نريد أن تتابع وكالة الطاقة المنشأة الجديدة وأن تجري تحقيقا حولها. فلا أحد يناقش حق إيران في امتلاك برنامج نووي سلمي، هذا حق إيران بموجب معاهدة الحد من الانتشار النووي، إلا أن إيران لديها أيضا مسؤوليات تسير جنبا إلى جنب مع هذا الحق. ومرة أخرى ذكرتنا إيران هذا الأسبوع بتاريخ من ممارسات الخداع والأكاذيب ومحاولة إخفاء أنشطة تقوم بها. في هذه اللحظة لدينا حس بضرورة التحرك بسرعة في الملف الإيراني. لدينا اجتماع الأول من أكتوبر (تشرين الأول) في جنيف لدول 5 زائد 1 مع إيران. آمل بعد تطورات هذا الأسبوع أن يكون لدى إيران دوافع كي تكون شفافة، وأن تقدم الوثائق المطلوبة وأن تسمح لمفتشي وكالة الطاقة بزيارة المنشأة الجديدة وإجراء تحقيقاتها.

* متى عرفتم بأمر المنشأة الجديدة في قم؟ هل عرفتم منذ سنوات أم أشهر؟ - لا أريد التحدث عن معلومات استخباراتية، لكننا نعرف أمر المنشأة في قم منذ فترة، وراقبنا الأمر بقلق وجمعنا حولها مزيدا من المعلومات مع الوقت. لكن الشيء الهام الآن هو أن تتمكن وكالة الطاقة الذرية الآن من أن تحقق بشكل كامل في المنشأة الجديدة، وما هو الهدف من إنشائها. الإيرانيون يزعمون أنها للأغراض السلمية، لكن المرء ينبغي أن يستغرب لماذا بنتها إيران في موقع عسكري يتبع للحرس الثوري الإيراني، وفي نفق تحت الأرض. هذه كلها أسئلة يجب على خبراء وكالة الطاقة الرد عليها، وبالتالي يجب أن تسمح إيران للمفتشين بدخول المنشأة والتحقيق فيها والاطلاع على كل الوثائق المتعلقة بها.

* وفقا لالتزامات إيران بمعاهدة الحد من الانتشار النووي، هل ينبغي على إيران أن تبلغ الوكالة مسبقا بكل المنشآت تحت البناء أو خلال البناء؟ - أنا لست خبيرا في تفاصيل معاهدة الحد من الانتشار النووي، وبالتالي لا أستطيع أن أعلق على الجانب القانوني من المسألة. لكن يمكنني أن أقول إن سلوك إيران أفقدها ثقة المجتمع الدولي. وهذه هي المشكلة الجوهرية، وإيران تحتاج استعادة الثقة الدولية في أن برنامجها النووي هو بالفعل للأغراض السلمية وأن إيران ملتزمة بتعهداتها الدولية. بصراحة في هذه المرحلة لا أعتقد أن أحدا في المجتمع الدولي يثق في نوايا إيران، وهذه هي المشكلة. وبالتعاون مع وكالة الطاقة والسماح بتفتيش الموقع واطلاع المفتشين على الوثائق اللازمة، يمكن لإيران إعادة بناء ثقة المجتمع الدولي فيها. * لماذا غاب رؤساء الصين وروسيا ومستشارة ألمانيا عن إعلان كشف المنشأة الجديدة؟

-بحسب معرفتي فإن الاستخبارات حول المنشأة الجديدة هي استخبارات أميركية وبريطانية وفرنسية. لكن روسيا والصين وألمانيا دعموا بيان قادة أميركا وفرنسا وبريطانيا حول إيران. الرئيسيان الصيني والروسي دعما موقفنا في بيانات صحافية، أما المستشارة ميركل فلم تكن أساسا في بتسبرغ، حيث عقدت قمة العشرين. كان لديها التزامات أخرى. لكن ينبغي تذكر أن دول 5 زائد 1، التي تتولى التفاوض النووي مع طهران، لديها نفس الموقف. فروسيا والصين تقف معنا على نفس الأرضية حول ما المطلوب من إيران يوم 1 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

* هذه هي المرة التي تبني فيها إيران منشأة نووية سرية دون إبلاغ الوكالة. هل تشكون في أن هناك أي أنشطة أخرى نووية سرية تقوم بها طهران؟ - لا أعلم ما الذي لدى إيران من أنشطة. ولا أعتقد أن أي أحد يعرف ماذا لدى إيران من أنشطة، وهذا يعكس ضعف الثقة فيها والخداع الذي تمارسه والذي كشف هذا الأسبوع بطريقة درامية. هناك 5 قرارات من مجلس الأمن حول إيران وتقارير كثيرة من وكالة الطاقة الذرية تنتقد إيران بسبب المدارة والخداع الذي تمارسه.

* أميركا وبريطانيا وفرنسا قدمت المعلومات الاستخباراتية التي لديها حول منشأة قم إلى وكالة الطاقة الذرية كي تتحرك. فماذا تتوقعون من الوكالة أن تفعل تحديدا؟ ماذا تريدون منها؟ - نتوقع أن تقوم الوكالة بالتحقيق في المنشأة ومعرفة النوايا من إنشائها ولماذا تم إنشاؤها، وتأخذ من إيران الوثائق اللازمة كي تظهر إيران شفافيتها والتزامها بالقوانين الدولية أمام العالم.

* الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي دعا إيران للكشف عن كل المعلومات المتعلقة بمنشأة قم في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، فهل هذه مهلة زمنية؟ وماذا سيحدث لو لم تلتزم إيران بها؟

- أعتقد أنه من مصلحة إيران أن تتعاون مع وكالة الطاقة حول المنشأة الجديدة، لأن إيران تواصل القول إنها لا تعتزم بناء سلاح نووي. حسنا، الآن أمام إيران الفرصة كي تثبت هذا بفتح موقع قم للتفتيش الدولي وإطلاع الوكالة على الوثائق المتعلقة به. بمعنى آخر يجب أن تنظر إيران إلى طلب وكالة الطاقة الذرية دخول الموقع للتفتيش كـ«فرصة» لتظهر للعالم أنها تتعاون مع الوكالة ولا تخفي أي أنشطة سرية. ولا أعتقد أن هناك مهلة زمنية محددة بدقة، لكنْ هناك حس دولي بحتمية معالجة الملف الإيراني بشكل عاجل. وأمامنا اجتماع الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، وهو فرصة كي تظهر إيران تعاونها مع الوكالة وشفافيتها والتزامها بالقوانين الدولية، مع الأخذ في الاعتبار أن التجارب السابقة لإيران في هذا المجال لم تكن مشجعة.

* إذن ليس هناك مهلة زمنية محددة لإيران كي تفتح منشأة قم للتفتيش الدولي؟

- هناك إحساس بالعجلة لدينا، وإن إيران يجب أن تتعاون الآن، وإننا لن ننتظر إلى الأبد. ونفضل أن تنتهز إيران الفرصة الآن، كي لا تضطرنا إلى الحديث عن خيارات أخرى. * في عام 2007 أصدرت الاستخبارات الأميركية تقديرات أن إيران أوقفت العمل على الشق العسكري من برنامجها النووي عام 2003. بعد تطورات هذا الأسبوع حول إيران، هل ما زلتم تتمسكون بهذا التقدير، أم أن المعلومات الجديدة التي لديكم غيرت تقديراتكم؟

- أعتقد أن الاستخبارات الأميركية ما زالت تتمسك بتقديراتها عام 2007 حول وقف الشق العسكري لبرنامج إيران النووي عام 2003، حتى بعد الكشف عن المنشأة الجديدة. لكن كلما سمحت إيران للوكالة بالتفتيش عرفنا أكثر. وسأترك الأمر عند هذا الحد لمسوؤلي الاستخبارات الأميركية الذين وفقا لآخر تقديراتهم فإن الشق العسكري توقف 2003.

* الرئيس ساركوزي اتهم مدير عام وكالة الطاقة الذرية محمد البرادعي بإخفاء معلومات حول البرنامج النووي الإيراني. هل تشاركونه وجهة نظره؟ وما هي المعلومات التي تشكون في إخفائها؟ - لست خبيرا في شؤون وكالة الطاقة الذرية، لكننا ندعم الوكالة ومديرها من ناحية العمل الذي يقومون به، ومن ناحية التزاماتها المالية وميزانيها، ونريد أن يكون لدى الوكالة الأدوات كي تتمكن من القيام بعملها حول العالم، وتتمتع بممر للمنشآت النووية حول العالم بما في ذلك المنشآت الإيرانية.

* زودتم وكالة الطاقة قبل أيام بمعلوماتكم الاستخباراتية الجديدة حول إيران. لكن البعض يتخوف من «خلط الاستخبارات» و«استخدامها السياسي» متخوفا من سيناريو مماثل لما حدث في العراق. فهل انتم واثقون من صحة المعلومات التي لديكم ودقة الطريقة التي حللت بها؟

- أعتقد أن مسؤولينا في الاستخبارات واثقون من المعلومات التي لديهم. رأينا الرئيس أوباما مع الرئيس ساركوزي ووزير الخارجية غوردن براون في بتسبرغ يتحدثون معا حول المنشأة الجديدة، وبالتالي أقول إن مستوى الثقة في المعلومات الاستخباراتية التي لدينا مرتفع. لكن الأمر الهام الآن أن تفتش وكالة الطاقة الذرية المنشأة على الأرض وأن تحصل على تفسيرات من الإيرانيين حولها. الرئيس أوباما قال: «هذه هي المعلومات التي لدينا، لكن على وكالة الطاقة الذرية أن تقوم بنفسها بالتحقيق في الموضوع».

* هل أخبرتم دولا بمنطقة الشرق الأوسط بالمعلومات الاستخباراتية التي كانت لديكم حول منشأة قم؟ - لا يمكنني التحدث عن تبادل معلوماتنا الاستخباراتية.

* اجتماع الأول من أكتوبر (تشرين الأول) على قدر كبير من الأهمية.. فماذا تريدون تحديدا من الإيرانيين؟

- أن توفي بالتزاماتها وفق معاهدة الحد من الانتشار النووي وقرارات مجلس الأمن.

* هل يتضمن هذا تجميد تخصيب اليورانيوم؟

- هناك عرض من دول 5 زائد 1 وهو «التجميد مقابل التجميد»، أي تجميد التخصيب مقابل تجميد العقوبات، وهذه قد تكون نقطة تمهيدية للدخول في مفاوضات. كما أن هناك عددا من الخطوات التي يمكن أن تأخذها إيران وتكون بناءة وتضعنا على الطريق الصحيح لإعادة بناء الثقة في إيران وسط الكثير من التشكك الدولي فيها. لكن الخيار الآن خيار إيران. نحن في مجموعة 5 زائد 1 أخذنا خيارا أن نذهب إلى اجتماع الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، ملتزمين تماما بمحاولة حل الأزمة عبر الحوار، ولأول مرة أميركا لن تكون مراقبا في اللقاء، بل ستكون مفاوضا مباشرا مع الإيرانيين. هذه هي الخطوات التي اتخذناها كي نظهر لإيران أننا ملتزمون تماما بالحوار كي نحل القضايا التي تثير قلقنا.

* هل الكشف عن المنشأة الجديدة في قم قبل اجتماع الأول من أكتوبر (تشرين الأول) مباشرة كان متعمدا لزيادة الضغوط على طهران خلال المفاوضات؟ - إيران أرسلت يوم الاثنين رسالة إلى وكالة الطاقة الذرية تخبرها بأمر المنشأة الجديدة دون أن تعطي أي تفاصيل. ما فعله الرئيس أوباما والرئيس ساركوزي ورئيس الوزراء براون هو الخروج بالمعلومات التي لديهم بعد ذلك بأيام قليلة كي تبدأ وكالة الطاقة التحقيق في المنشأة الجديدة وتقوم بمهامها.

* ننتقل إلى عملية سلام الشرق الأوسط. القمة الثلاثية بين الرئيسين الأميركي باراك أوباما والفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استقبلت بشكل جيد في الغرب على أساس أنها تساعد على إطلاق عملية سلام، إلا أنها استقبلت بتشكك من دول وشعوب المنطقة بسبب فشل مساعي أميركا في إقناع إسرائيل بوقف بناء المستوطنات. فهل غيرت أميركا مدخلها للسلام وقبلت باستمرار إسرائيل في بناء المستوطنات في ظل المفاوضات؟

- دعيني أذكر أن رئيس الولايات المتحدة تحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عن حل الدولتين وعن القضايا التي ينبغي أن نتطرق إليها للتوصل إلى حل نهائي، وهي قضايا الحدود والقدس والأمن واللاجئين. وفي سياق حديثه تطرق إلى أن السياسة الأميركية في موضوع المستوطنات لم تتغير، فنحن لا نعترف ولا نقبل بشرعية المستوطنات. هدف الرئيس أوباما من القمة الثلاثية مع الرئيس عباس ورئيس الوزراء نتنياهو هو توصيل «حس العجلة» الذي نشعر به، وأنه آن الأوان للعودة إلى طاولة المفاوضات. فعدم وجود مفاوضات مباشرة جعل من المستحيل على الجانبين أن يقتربا خطوة من القضايا الخلافية. نحن لن نحل قضايا القدس واللاجئين والأمن الحدود والمياه دون مفاوضات. نريد أن نرى مفاوضات ذات معنى في أسرع وقت ممكن. ورسالة الرئيس أوباما إلى الرئيس عباس ورئيس الوزراء نتنياهو كانت: «لقد آن الأوان، لدينا عمل كثير ويجب أن نبدأ فورا».

* ما الذي سيحدث الآن؟ هل سيلتقي السيناتور ميتشل مع الفلسطينيين والإسرائيليين قريبا؟ ولبحث ماذا تحديدا؟

- حتى هنا في نيويورك خلال اجتماعات الجمعية العامة عقدنا الكثير من الاجتماعات، غير القمة الثلاثية واجتماع اللجنة الرباعية، التقينا مع القادة العرب ووزراء الخارجية العرب لبحث كيف نبدأ التفاوض، وكيف نمهد الأرضية لهذا التفاوض كي ينجح. فنحن نريد النجاح، لا نريد مفاوضات من أجل المفاوضات، نريد مفاوضات من أجل السلام. التقينا مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، ثم مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي زائد مصر والأردن والعراق. وعملية السلام من القضايا التي تم مناقشتها خلال كل هذه الاجتماعات، فنحن نبحث عن أفكار لاستئناف المفاوضات. السيناتور جورج ميتشل التقى مع مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين هنا في نيويورك. أنا التقيت أمين عام الجامعة العربية عمرو موسي، الذي التقاه ميتشل أيضا. كل ذلك في إطار تحديد الإطار العام الذي يمكن أن تنطلق منه عملية سلام ذات معنى. الأسبوع المقبل نأمل في استئناف المفاوضات في واشنطن. نعرف أن الأرضية تحتاج إلى تمهيد، لكننا نعرف أيضا أن عدم استئناف المحادثات لن يؤدي إلى حل مسألة المستوطنات أو أي مسألة أخرى ولن يحقق طموحات الشعب الفلسطيني في دولة. لهذا نريد بدء مفاوضات في أسرع وقت.

* إذن نحن سنبدأ التحضير لعملية سلام فيما تبني إسرائيل مزيدا من المستوطنات دون دعوات أو مساعي أميركية كي تخفض أو تقلل إسرائيل من وتيرتها في إطار إجراءات بناء الثقة؟

- أوضحنا بجلاء وجهة نظرنا للإسرائيليين، وهى، وكما قال الرئيس أوباما، أننا لا نقبل بشرعية المستوطنات الإسرائيلية. نتوقع من الطرفين أن يوفيا بالتزاماتهما حيال الطرف الآخر. ومن هذه الالتزامات الواضحة في خريطة الطريق أن توقف إسرائيل بناء المستوطنات، وسنواصل الضغط على إسرائيل في هذا الإطار. لكن هل توقّف المفاوضات يخدم مساعي وقف المستوطنات؟ لا نعتقد هذا. نعتقد أن التاريخ الحديث أثبت أن الفشل في التوصل إلى تسويات في قضايا الحل النهائي لم يساعد الفلسطينيين. كي يحقق الفلسطينيون ما يريدون نحتاج إلى العودة إلى المفاوضات. الرئيس الأميركي ملتزم باستخدام مكانته من أجل أن يفعل هذا. السيناتور ميتشل يعمل بجدية في هذا الملف. وزيرة الخارجية كلينتون منخرطة في العملية أيضا. دعونا ننتهز هذه الفرصة الآن لمعالجة هذه القضايا والتوصل إلى تسويات في قضايا الحل النهائي لبناء دولة فلسطينية.

* رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال في كلمته أمام الجمعية العامة في نيويورك إنه لا بد من اعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة الإسرائيلية قبل التوصل إلى أي تسويات نهائية.. هل تدعمون هذا الشرط الإسرائيلي؟ وهل ترون أنه عقبة؟

- لا أعتقد أنه من الصواب تعليق مصير المفاوضات على «ألقاب أو ماركات». فإذا كان لدينا دولتان جنبا إلى جنب، دولة فلسطينية ودولة إسرائيلية، فمن سيعيش في الدولة الفلسطينية ومن سيعيش في الدولة الإسرائيلية؟ الفلسطينيون سيعيشون في الدولة الفلسطينية والإسرائيليون سيعيشون في الدولة الإسرائيلية. معظم الإسرائيليين يهود، ولا أقول كلهم، فإسرائيل دولة ديمقراطية بها أقلية عربية حيوية.

كما أن أغلب اليهود حول العالم يعتبرون إسرائيل دولتهم بغض النظر عما إذا كانوا يعيشون فيها أم لا. إذن بغض النظر عن أي اسم يريد الإسرائيليون أن يسموا به دولتهم، فإن هذا لن يغير من حقيقة أن غالبية الإسرائيليين يهود وأن يهود العالم يعتبرون إسرائيل «وطنا قوميا لليهود». وسواء قبل الفلسطينيون والعرب أو رفضوا ما يقوله نتنياهو فإن حقيقة الأمر هي أن أغلبية الإسرائيليين يهود ويعتبرون إسرائيل وطنا لليهود. ولا أعتقد أن هذه مشكلة يجب على العرب أو الفلسطينيين أن يعلقوا عليها المفاوضات.

* ما تقوله هو نفس ما يقوله الرئيس محمود عباس لكن بحجة معاكسة، فهو يقول: ما دام أن إسرائيل غالبيتها من اليهود، لماذا يصر الإسرائيليون على أن يعترف الفلسطينيون بـ«يهودية» الدولة كشرط للتوصل إلى السلام النهائي؟

- لا أدري. هذا ليس موضوعا ينبغي أن يصعب المفاوضات. دعونا ننتقل إلى المفاوضات أولا، دعونا نتفاوض في أقرب فرصة.

* الرئيس أوباما جدد في كلمته أمام الجمعية العامة الحديث عن مسار سلام شامل في إطار مبادرة إقليمية؟ هل هناك إمكانية لمحادثات سلام على باقي مسارات السلام بحضور أميركي؟

- نحن قضينا الآن أغلب الوقت نتحدث عن المسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وأعتقد أن هذا ملائم لأننا لا نريد حربا أخرى مثل حرب غزة الشتاء الماضي. لكن هذا لا ينبغي أن يأتي على حساب باقي مسارات السلام الأخرى. سواء المسار السوري ـ الإسرائيلي أو اللبناني ـ الإسرائيلي. نريد سلاما شاملا في الشرق الأوسط، ولا نرى أن هناك منافسة بين مسارات السلام المختلفة كما قد يعتقد البعض، بل على العكس، نرى أن هذه المسارات يكمل بعضها بعضا. فتحقيق اختراق في مسار معين قد يعطى مسارا آخر قوة دفع. ونحن لا نريد أن نعطي الانطباع أننا من كثرة ما نتحدث عن المسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي فإننا نتجاهل المسار السوري ـ الإسرائيلي، لأننا نريد أن نرى المسار السوري والمسار اللبناني يتحركان قدما. وقد بحثنا مع المسؤولين السوريين في نيويورك مسألة المفاوضات مع إسرائيل.

لكن هناك جوانب أخرى للمبادرة الإقليمية تتعلق بالبيئة والمياه والصحة وأشياء أخرى كثيرة تتجاوز مجرد بلد واحد في المنطقة. نريد أن نرى تبادلا في الخبرات لمواجهة التحديات المشتركة لأن مشكلات المياه والبيئة والصحة لا تتوقف عند الحدود الوطنية، إنها تعبر الحدود.

* السوريون أعربوا أكثر من مرة عن رغبتهم في الدخول في مفاوضات سلام مع إسرائيل بحضور أميركي مباشر. فهل أنتم راغبون في هذا الآن؟

- نريد أن نرى مسار سلام سوري ـ إسرائيلي قريبا. لكنّ الطرفين لديهما وجهات نظر مختلفة حول كيف تبدأ المفاوضات. واشنطن تتحدث مع الطرفين حول كيف نجد طريقة مقبولة ومدخلا لبدء المفاوضات السورية ـ الإسرائيلية بطريقة ترضي الطرفين. وما زال لدينا مزيد من العمل لإنجازه في هذا الإطار.

* هل هناك سبب ما لتأخر إرسال السفير الأميركي إلى دمشق؟

- عملية الانتقاء والاختيار والموافقة تأخذ وقتا. الإدارة الأميركية جديدة، وهناك تعيينات لم تتم بعد. الأمر يتوقف على حركة البيروقراطية، لكن ليس هناك سبب سياسي للتأخير.

* هل الأزمة السورية العراقية بعد تفجيرات 19 أغسطس (آب) أثرت على الانفتاح الأميركي على سورية؟ وما هو موقفكم من الرغبة العراقية في تحقيق دولي في التفجيرات؟

- عبرنا مرارا عن قلقنا من شبكات تعمل داخل العراق من دول مجاورة، وهذا ليس لتوجيه أصابع الاتهام إلى أي دولة بعينها، بل إقرار أمر واقع. ودعونا إلى تعاون جماعي لمنع تلك الهجمات الدموية في العراق. أما موضوع التحقيق الدولي فأفضل تركه لأمين عام الأمم المتحدة.

* لكن أميركا سابقا سمت سورية بالاسم ضمن الدول التي دعتها لتفكيك الشبكات داخلها.

- نعم. نعتقد أن هناك شبكات تعمل داخل سورية، وبحثنا الأمر مرارا مع السوريين، ووافق السوريون على التعاون معنا فيما يتعلق ببعض الحالات. لكن المشكلة ليست فقط سورية، فهناك شبكات في دول أخرى أيضا.

* هل واشنطن راضية عن مستوى التعاون السوري في مسألة أمن العراق؟

- أعتقد أننا بصدد بداية مثمرة فيما يتعلق بهذه القضية.

* عندما أشرت إلى دول أخرى على أراضيها شبكات.. هل قصدت إيران؟

- نعم. بشكل أساسي قصدت إيران.