صعود تشيني جديد داخل الحزب الجمهوري الأميركي

ليز تساعد والدها على كتابة مذكراته وتنتقد أوباما ولا تستبعد تولي منصب سياسي

TT

لا تشبه ليز تشيني والدها، لكن مع ذلك يبقى وجوده واضحا في حياتها، فقد جرى تقديمها على الساحة العامة باعتبارها «الابنة المفضلة لدى نائب الرئيس» خلال اجتماع عقد أخيرا لعناصر نسائية محافظة هنا. وعكفت ليز مرارا على الإشارة إلى والدها، حيث نقلت أطيب تمنياته إلى الحضور، وألقت على مسامعهم قصصا طريفة حول محاولات والدها إتقان التعامل مع جهاز البلاكبيري الذي اقتناه حديثا. مثلما الحال مع والدها، تتحدث ليز بنبرة متحفظة، تكاد تكون أكاديمية، مع تركيز اهتمامها على نحو واضح بالملحوظات المدونة أمامها. كما تشارك والدها الميل نحو الحديث عن الرئيس باراك أوباما بنبرة صارمة تنطوي على شعور بالازدراء، وتعبر عن توبيخ ساخر، وليس مجرد نقد. فمثلا، تساءلت ليز: «سيدي الرئيس، في إطار سيناريو يضم قنبلة موقوتة، ومع وجود خطر يتهدد حياة أميركيين، هل أنت مستعد فعلا للامتناع عن إخضاع إرهابي ما لأساليب التحقيق المطورة لاستخلاص معلومات من شأنها منع وقوع الهجوم؟». ومع نهاية خطابها، وفف الحاضرون والتف حشد غفير حول ابنة نائب الرئيس السابق يرغبون في التقاط صور معها وتعالت الأصوات المطالبة بترشحها لمنصب سياسي.

وصرحت ريبيكا ويلز، التي شاركت في تنظيم الحدث الذي حمل عنوان «سمارت غيرلز ساميت» (قمة الفتيات الذكيات)، بأن ليز تشيني «نجمة في الحزب الجمهوري». وأضاف واحد من أصحاب المدونات يتميز بتوجهات محافظة يعرف باسم فينغرز مالوي (أحد الرجال النادرين الذين شاركوا في الحشد) أن ليز تشيني تمثل «مستقبل رسالة تشيني». كما وصفها بأنها «واحدة من الوجوه الجديدة في حركتنا». الملاحظ أن جدالا دائرا في الوقت الراهن حول ما إذا كان لقب عائلة تشيني يشكل أصلا قيمة مضافة أم عبئا بالنسبة للمحامية والمسؤولة السابقة في وزارة الخارجية المتميزة بحضورها المتكرر على شاشات التلفزيون وفي الحلقات النقاشية التي تتناول المرشحين الجمهوريين المستقبليين. كما تدور تساؤلات حول ما إذا كانت «رسالة تشيني» على صعيد الأمن القومي، التي يجري ترجمتها بصورة رئيسة في صورة توجه عدواني وقائم على التدخل، تعد أمرا ينبغي أن يتباهى به الحزب علانية أم يدفنه. الواضح أن ليز تشيني، على الأقل، تحولت إلى محور لحشد الآراء المحافظة بشأن الأمن القومي. بمعنى أوسع، يجري الترويج لابنة نائب الرئيس السابق باعتبارها نجما صاعدا داخل الحزب الجمهوري لا يخجل من الارتباط باسم تشيني. (يذكر أن ليز متزوجة من المحامي فيليب بيري، لكنها تتمسك باستخدام لقبها قبل الزواج). ولا يبدو أن مواقف ليز تشيني الصارمة تجاه قضايا الأمن القومي تختلف عن تلك الخاصة بوالدها. وقالت ماري تشيني، الشقيقة الأصغر لليز: «أعتقد بأن من الصعب التوصل إلى أي اختلاف بين آراء ليز وتلك الخاصة بوالدي. ولا يرجع ذلك إلى أنه جرى تلقينها هذه الآراء، وإنما لأنه على صواب». وجدير بالذكر أن الأضواء سلطت على ماري تشيني خلال فترة تولي والدها منصب نائب الرئيس وأثارت انتقادات قوية من جانب بعض المحافظين لإنجابها طفلا في إطار علاقة مثلية تربطها بصديقة. من ناحية أخرى، اتضحت في غضون ثوان معدودة من وصولها مشاعر الإعجاب التي تثيرها ليز تشيني داخل التجمعات المحافظة مثل تلك المقامة في ناشفيل. وقد شقت طريقها دون حاشية تحيط بها إلى داخل قاعة بفندق «شيراتون»، حيث لم يلحظها الحضور في البداية، ومرت أمام مجموعة من النسوة كن يلتقطن صورا لهن برفقة «جو السباك». وبمجرد تعرفها عليها، صاحت امرأة من سكوتسديل بولاية أريزونا تدعى لوري فرانتزف: «باركك الله، إنني أدعو لك بالخير». وأجابت ليز: «إن لدي خمسة أطفال، في الواقع لدي الكثير من الخير».

أما الصحافية المحافظة ميشيل مالكين فرحبت بليز تشيني قائلة: «مرحبا بك أختي!» ووقفتا لالتقاط صور لهما وتبادلتا القبلات عبر الهواء. وأعلنت مالكين عن إعجابها بليز تشيني وأعربت عن اعتقادها بأن الأخيرة «تبلي بلاء حسنا». تعتمد ليز تشيني في عملها على شبكة الانترنت على حساب يتبع محرك البحث «ياهو» فحسب، وتتلقى من خلاله عشرات الطلبات لعقد مقابلات معها شهريا، وتقبل منها بالفعل الكثير. (يذكر أنها رفضت عقد مقابلة معها من أجل هذا المقال، مبررة ذلك بشعورها بعدم الارتياح حيال فكرة المقال لتركيزه على شخصها، بدلا من آرائها السياسية). ومن المقرر أن تشارك ليز في التجمعات الهادفة لحشد الأموال لصالح مرشحين جمهوريين على امتداد الفترة المتبقية من العام الحالي. وعلاوة على ذلك، شاركت ليز في إنشاء موقع على الانترنت يدعى KeepAmericaSafe.com، من المنتظر أن تنطلق نشاطاته الشهر القادم كمنتدى ومصدر موارد ومصدر للإصدارات الموجهة لخدمة وجهات النظر المحافظة. والملاحظ أن ليز تبدي تأييدها لآراء والدها بقوة شديدة أشبه بتلك التي ميزت والدتها، لين (التي كانت ضيفة منتظمة ببرنامج «كروسفاير» بمحطة «سي إن إن» التلفزيونية). وفي إطار مقابلة أجراها معها لاري كينغ ببرنامجه بمحطة «سي إن إن»، قالت ليز إن أوباما «رئيس أميركي يبدو خائفا من الدفاع عن أميركا». وقد أثارت المقابلة اهتماما كبيرا بعدما أبدت ليز عدم معارضتها لتلميحات بأن الرئيس لم يولد داخل الولايات المتحدة. وانتشرت في أوساط المدونين المحافظين مقاطع مصورة لمواجهات بين ليز وخصوم ليبراليين ـ كان آخرها مواجهة وقعت بينها وبين سام دونالدسون حول أساليب التحقيق التي تنتهجها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية خلال برنامج «ذيس ويك» على محطة «بي بي سي». وعندما قال دونالدسون إن جميع من يعرفهم يعتقدون بأن التعذيب والإيهام بالغرق أساليب خاطئة، هاجمته ليز بقولها: «الإيهام بالغرق ليس تعذيبا، ويمكننا المضي قدما على هذا النحو. إن غياب الخطورة هنا أمر مهم».

من ناحية أخرى، قال دان سينور، عضو الحزب الجمهوري ومستشار السياسة الخارجية والذي تولى منصب المتحدث الرسمي باسم «سلطة الائتلاف المؤقتة» في العراق خلال فترتي رئاسة بوش: «هناك الكثير من المفكرين الاستراتيجيين الجمهوريين ممن يكررون أحاديث آخرين يعتقدون بأن ديك تشيني ينبغي أن يبتعد عن الأضواء. بينما في حقيقة الأمر أعطى تشيني صوتا مهما للانتقادات الصقورية للإدارة الحالية. وأرى أن ليز تمثل باقتدار الموجة التالية من الأصوات». وتبدي ليز ولاء شديدا ودفاعا مستميتا عن والدها، وتولي جزءا كبيرا من طاقتها للقضايا المتعلقة ـ على نحو مباشر أو غير مباشر ـ بالحفاظ على (أو إصلاح) تراثه. وقد أقنعته بكتابة مذكراته، وتتعاون معه من كثب بهذا الشأن، وأعلنت في ناشفيل أن هذا الأمر سيشغل وقتها على امتداد عام 2011. وعندما سألها أحد الحضور ما إذا كانت ستترشح لمنصب سياسي، أجابت: «سنرى». واستطردت أن تركيزها الرئيس في الوقت الراهن ينصب، بجانب مذكرات والدها، على توصيل أطفالها من وإلى المدارس وتدريبات كرة القدم. من جهته، وصف لورانس بي. ويلكرسون، الكولونيل المتقاعد بالجيش، ليز، بنبرة سلبية، بأنها من «المؤمنين المخلصين» وشخص «يعتني كثيرا بوالديه». يذكر أن ويلكرسون كان من بين أشد منتقدي تشيني عندما كان كولين باول وزيرا للخارجية. توحي جميع الدلائل أن أسرة تشيني شديدة الترابط، وتميل إلى الانعزال في بعض الأحيان. ويعيش أفراد الأسرة جميعا على بعد قرابة 15 دقيقة من بعضهم بعضا في شمال فيرجينيا. ويجتمعون لتناول العشاء مساء الآحاد، عادة في منزل ليز، ويسافرون معا لقضاء بعض الوقت بمنزلي الأسرة في جاكسون هول في ويميونغ وإيسترن شور في ماريلاند. بدأت ليز خطابها في ناشفيل بالقول إنها طلبت من والدها النصيحة بشأن ما ينبغي أن تقوله. وأضافت أن والدها قال لها: «إنها قاعة مهمة تعج بالحضور، فلا تفسدي الأمر». وهنا، انبعثت ضحكات من الجمهور. واختتمت حديثها بالقول إن التيار المحافظ عاود الظهور بقوة وحثت النشطاء على الإبقاء على جهودهم. وشددت على أنه «لا يمكننا الفوز إذا لم نحارب»، منوهة بأنها تعلمت هذا الدرس منذ سنوات ماضية «على يد أميركي عظيم، والدي، ديك تشيني».

* خدمة «نيويورك تايمز»