غموض وارتباك في واشنطن حول 4 إيرانيين بينهم عالمان نوويان قالت طهران إنهم اختفوا أو اختطفوا

وزير الخارجية الايراني في واشنطن بعد يوم من منحه تأشيرة دخول

وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي خلال مؤتمر صحافي في نيويورك أمس (أ.ف.ب)
TT

تزامنا مع اجتماعات جنيف حول الملف النووي الإيراني، شهد الملف الإيراني تطورات عدة خلال ساعات قليلة حملت الكثير من المفاجآت، على رأسها ظهور وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي في واشنطن. وبينما كان الضغط يزداد على إيران للكشف عن تفاصيل برنامجها النووي خصوصا بعد الكشف عن منشأة قم النووية السرية، سعى متقي لتحويل الانتباه إلى اتجاه آخر بإثارته لقضية يقول إنها مصدر قلق وغضب لطهران وهي اختفاء أربعة إيرانيين من بينهم عالمان نوويان، متهماً الولايات المتحدة إما باعتقالهم أو السعي لاعتقالهم.

وكانت «الشرق الأوسط» قد كشفت في عددها الصادر أمس أن لقاء متوترا عقد بين الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ووزير الخارجية الإيراني أثار فيه متقي موضوع اختفاء الإيرانيين الأربعة بينما تحدث بان كي مون عن مناورات إيران في الموضوع النووي وحجبها للكثير من الحقائق وإخفاء أنشطتها النووية. ومن بين الأربعة الذين قال متقي إن إيران تطالب بمعرفة مصيرهم العالم النووي شهرام اميري الذي قال (متقي) إنه اختفى قبل شهرين بعد أداء العمرة في السعودية، وعلي رضا اصغري نائب وزير الدفاع الإيراني الذي اختفى في تركيا قبل عامين.

وحاولت «الشرق الأوسط» على مدار اليومين الماضيين الحصول على رد رسمي من الحكومة الأميركية على ما أثاره متقي وما إذا كانت الإدارة الأميركية تملك أي معلومات حول هؤلاء الإيرانيين الأربعة، لكن وزارة الخارجية الأميركية امتنعت بداية عن التعليق، كما لم يرد مجلس الأمن القومي على محاولات الاتصال التي قامت بها «الشرق الأوسط» حول الموضوع. ثم أرسلت الخارجية توضيحا للصحيفة يقول إن الخارجية لا تعلق على قضايا تنتظر إجراءات قانونية، الأمر الذي يوحي بأن أحد الإيرانيين الأربعة أو أكثر ربما يكون معتقلا أو أن موضوعه يجري النظر فيه من وجهة نظر قانونية. وعادت الخارجية لتطلب في وقت لاحق عدم استخدام هذا التوضيح على أساس أنه عام ولا يتعلق بموضوع الإيرانيين الأربعة المذكورين. وقال ناطق باسم الخارجية لـ«الشرق الأوسط»: «ليس لدينا تعليق على هذه الحالات بالذات». وظلت «الشرق الأوسط» تنتظر حتى وقت متأخر من مساء أمس الحصول على توضيح من الخارجية الأميركية حول الغموض والارتباك في الموقف الأميركي. ومن جهة أخرى، كان وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي قد وصل إلى واشنطن وسط أخبار عن لقائه مع اثنين من أعضاء «لجنة العلاقات الخارجية» في الكونغرس. وقالت وكالة الأنباء الإيرانية «اسنا» إن متقي التقى بعضوين من الكونغرس من دون الإفصاح عن هويتهما. وكان رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ جون كيري قد نشر مقالا عن التعامل مع إيران في صحيفة «فاينانشال تايمز» أمس جاء فيه «إذا كانت إيران غير مستعدة للتفاوض بشكل ايجابي فيجب أن تفهم نتائج ذلك، الضغط ليس بديلا للتفاوض، الاستراتيجيتان تدعمان بعضهما البعض». ولكنه أضاف أن من الضروري أن «نقبل كلمة نعم»، في حال وافقت إيران على تفتيش مواقعها النووية حلا للأزمة الحالية». وأكد الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية بي جي كرولي أول من أمس مجيء متقي إلى واشنطن، لكنه امتنع عن الحديث عن الزيارة، مشدداً على أن الإدارة الأميركية «مهتمة أكثر بمجيء (ممثل) إيران إلى جنيف»، مشيراً إلى اجتماعات الدول الست الكبرى مع إيران حول ملفها النووي في سويسرا. وعلى الرغم من امتناع وزارة الخارجية الأميركية عن الإفصاح عن تفاصيل زيارة متقي وتأكيدها عدم وجود ترتيب لأي لقاءات مع مسؤولين أميركيين مع ارفع مسؤول إيراني يزور واشنطن منذ نحو عقد من الزمان، أكدت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية أن قرار السماح لمتقي بزيارة واشنطن «يتماشى مع التزام الرئيس بالتحاور المبدئي» مع إيران. وأضافت الناطقة لـ«الشرق الأوسط»: «وزير الخارجية الإيرانية طلب السماح للمجيء إلى واشنطن لزيارة قسم رعاية المصالح الإيرانية والولايات المتحدة سمحت بذلك». وكان متقي قد تقدم بهذا الطلب يوم الثلاثاء الماضي ليمنح خلال ساعات الموافقة ليصل إلى واشنطن أول من أمس قادما من نيويورك حيث شارك في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقالت وزارة الخارجية الأميركية انه بالنسبة لها، فإن سبب زيارة وزير الخارجية متقي التي تمت الموافقة عليها هو زيارة قسم رعاية المصالح الإيرانية الموجود في السفارة الباكستانية في واشنطن، مشددة على عدم لقاء متقي بأي مسؤولين أميركيين. ويذكر أن مسؤولين إيرانيين يعملون في البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة في نيويورك عادة ما يطلبون السماح بزيارة مركز رعاية المصالح الإيرانية في واشنطن، وأقرت الخارجية الأميركية مثل هذه الطلبات في السابق. ومن اللافت انه عند سؤال الناطقة حول ما إذا كانت هناك خطط لمسؤولين أميركيين لزيارة قسم رعاية المصالح الإيرانية في طهران، الذي يوجد في السفارة السويسرية في طهران، قالت «ليس الآن»، بدلا من نفي مطلق. ومن جهته، قال السفير الباكستاني لدى واشنطن حسن حقاني لـ«الشرق الأوسط» انه لم يلتق بوزير الخارجية الإيرانية، موضحا أن قسم رعاية المصالح الإيرانية في مبنى آخر ومختلف عن مقر السفارة الباكستانية الرئيسية. وتأتي زيارة متقي ورفض الإدارة الأميركية التعليق على مطالب إيران في التحقيق في قضية الإيرانيين الأربعة المفقودين على خلفية اجتماع جنيف أمس والمطالب الدولية لإيران للكشف عن ملفها النووي. ولفت الناطق باسم البيت الأبيض روبرت غيبس إلى أن «هذه ليست محادثات من أجل المحادثات، نريد الخروج بنتائج ملموسة». وتأكيدا على رغبتها في الحصول على نتائج ملموسة والتعامل مع الملف الإيراني بشكل موسع، قال مسؤولون أميركيون إنهم لا يمانعون لقاء مع المندوب الإيراني في جنيف، سعيد جليلي، على هامش الاجتماع الرئيسي بين الدول الست.