معارضو نجاد يخشون أن تؤدي العقوبات إلى زيادة تضييق النظام عليهم

محللون: العقوبات قد تغذي الاضطرابات الداخلية

TT

في الوقت الذي تعكف فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها على دراسة فرض مزيد من العقوبات ضد إيران بسبب برنامجها النووي، أعرب معارضو الرئيس محمود أحمدي نجاد عن مخاوفهم حيال إمكانية أن يخلف مثل هذا العقاب عواقب غير مقصودة، بحيث يعزز قبضة الحكومة في مواجهة المنشقين الداخليين ويدفعها لشن موجة أشد من الإجراءات الصارمة ضد خصومها السياسيين. عشية عقد محادثات في جنيف بين مندوبين عن إيران وست قوى عالمية، حذرت قيادات إيرانية معارضة ومحللون من أن من شأن فرض عقوبات مالية أو أي عقوبات أخرى جديدة الإضرار بالإيرانيين العاديين، بدلا من تغيير سلوك الحكومة. وندد زعماء المعارضة بما اعتبروه سياسة خارجية عدائية من جانب أحمدي نجاد، إلا أنهم امتنعوا عن انتقاد بناء طهران سرا منشأة ثانية لتخصيب اليورانيوم بالقرب من مدينة قم ـ التي تشكل محل الخلاف الأخير بين إيران والغرب ـ خوفا من استهدافهم كخونة لقضية وطنية، وهي السعي لاستغلال الطاقة النووية وتحقيق تقدم تقني.

وعلى الرغم من وجود اتفاق عام حول أن المعارضة في مأزق عسير، أعرب بعض المحللين عن اعتقادهم بأن تشديد العقوبات سيلهب مشاعر الغضب العام حيال الصعوبات الاقتصادية، ويحبط آمال الحكومة في توحيد صفوف الإيرانيين ضد التهديدات الأجنبية. من جهته، وصف المرشح الرئاسي السابق مير حسين موسوي، الزعيم الرئيسي للمعارضة السياسية الإيرانية، سياسة أحمدي نجاد الخارجية، في تصريح له هذا الأسبوع، بأنها «خاطئة ومتهورة». لكنه أبدى معارضته لفرض عقوبات جديدة ضد طهران، مشيرا إلى قلقه من أن «المعوزين» هم من سيتكبدون الثمن الأكبر. وأضاف في بيان له: «لن تؤثر العقوبات على الحكومة، وإنما ستخلق كثيرا من الصعوبات أمام الشعب، الذي يعاني بما يكفي جراء فاجعة حكامهم المخبولين». طبقا لآراء سياسيين ومحللين من الجانبين، من المحتمل أن يتعرض منتقدو الحكومة ومنشقون عن النظام، الذين تجري محاكمة العشرات منهم بالفعل بناء على اتهامات بإثارة القلاقل بعد إعادة انتخاب أحمدي نجاد في 12 يونيو (حزيران)، لمزيد من الضغوط حال فرض عقوبات أشد ضد طهران. وهذا هو رأي علي شكوريراد، العضو البارز في «جبهة المشاركة الإسلامية الإيرانية» المعارضة. واتفق أمير مهبيان، المحلل الذي يشارك أحمدي نجاد أيديولوجيته، مع الرأي القائل بأن «الضغوط على المعارضة والمنشقين ستزداد بدرجة بالغة إذا فرض الغرب مزيدا من العقوبات ضد إيران». من جانبه، يصر أحمدي نجاد على أنها باعتبارها دولة موقعة على «معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية»، تتمتع إيران بحق «لا يمكن إنكاره» في السعي للاستفادة من الطاقة النووية السلمية وتخصيب اليورانيوم لضمان إمدادات طاقة مستقلة لمفاعلاتها النووية. إلا أن بعض المحللين أكدوا أن فرض عقوبات جديدة الآن ربما يغذي القلاقل داخل مدن كبرى حول السياسات الحكومية، بما في ذلك حملة الإجراءات الصارمة التي أعقبت الانتخابات وتمخضت عن مقتل عشرات المتظاهرين المعارضين. الملاحظ أن الطبقتين الوسطى والأدنى في البلاد تضررت بالفعل جراء حالة من الركود يعزوها كثيرون لسوء إدارة البلاد اقتصاديا. وشهدت البلاد انهيار أسعار المنازل، وانحسار مستويات النقد داخل المصارف واستمرار ارتفاع معدلات التضخم. في الوقت ذاته، تضر العقوبات التجارية التي تفرضها الأمم المتحدة على البلاد بقطاع الاستيراد الصغير في إيران، الذي يجابه مشكلات حادة في إجراء صفقات دولية. علاوة على ذلك، ينتاب الشباب الإيراني، المثقف تقنيا، سخط متزايد إزاء القيود الداخلية. في هذا الإطار، قال ماشاء الله شمسولفازين، أحد منتقدي الحكومة: «تعي الحكومة أنه حال إقرار عقوبات، ستكون تلك النقطة الكبرى التي يمكن للمعارضة استغلالها لإثبات سوء إدارة أحدي نجاد للبلاد وصحة موقفها». وأضاف أنه يتوقع أن يخفف المفاوضون الإيرانيون حدة موقفهم أمام القوى العالمية خلال اجتماع الخميس في جنيف. إلا أن المقربين من الحكومة يعارضون هذا الرأي. في هذا الإطار، قال مهبيان إن القضية النووية أمر لا يقبل التفاوض، وإن إيران «جادة تماما» في موقفها من أساسيات البرنامج. وتوقع أن تركز طهران خلال المحادثات على بناء الثقة، وليس تجميد تخصيب اليورانيوم، وهو المطلب الرئيس للقوى العالمية.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»