منظمات تعترض على مشروع قانون حماية الصحافيين.. وتشكو: لم يعرض علينا

نقيب الصحافيين العراقيين لـ«الشرق الأوسط»: محاولات لتسييسه واستخدامه كورقة ضغط انتخابية

TT

عاد الجدل للوسط الإعلامي العراقي، فعلى الرغم من موافقة مجلس الوزراء العراقي على قانون الصحافة العراقي بعد إجراء تعديلات عليه وإحالته للبرلمان لغرض إقراره، قالت نقابة الصحافيين العراقيين إن مشروع القانون لم يعرض عليها. وأكد نقيب الصحافيين العراقيين، مؤيد اللامي، لـ«الشرق الأوسط» أن «النقابة لم تطلع على أي من التعديلات الأخيرة التي أجراها مجلس الوزراء على قانون الصحافيين العراقيين ولم تعلم بإرساله إلى مجلس النواب للمرة الثالثة».

وأضاف اللامي أن «النقابة حذرت في أكثر من مناسبة من وجود بعض الجهات السياسية التي تحاول أن تسيّس قانون حماية الصحافيين لصالحها وأن تستخدمه كورقة ضغط في الانتخابات البرلمانية المقبلة»، مطالبا رئاسة مجلس النواب مناقشة قانون حماية الصحافيين من جديد داخل أروقة لجنة الثقافة والإعلام النيابية وبحضور النقابة.

وفيما لو كانت الجهات السياسية قادرة على صياغة قانون يحظى برضا الصحافيين، قال اللامي «لو ترك الأمر للدولة، لوضعت ضوابط وقوانين على مقاسها وحجمها، ويطبق ذلك داخل البرلمان أيضا، فكل حزب أو كتلة داخل البرلمان تؤيد أو تعارض القانون وفقا لتوجهاتها وخطاباتها السياسية». ويذكر أن الحكومة العراقية كانت قد صادقت يوم 31 يوليو (تموز) الماضي على مشروع قانون لحماية الصحافيين العراقيين، لكن القانون جوبه باعتراضات كثيرة في الوسط الصحافي كونه حرم الصحافي من الحق في عدم الكشف عن مصدر معلوماته «في الحالات التي يتوجب فيها القانون الكشف عن تلك المصادر».

وقال كبار الإعلاميين العراقيين إن هذا القانون فيه من «الغموض» الكثير، فلم يوضح البيان أي تفصيلات عن الحالات والأسباب التي يوجب فيها القانون الكشف عن تلك المصادر، وهو ما أثار مخاوف نقابة الصحافيين العراقيين، كما اشترطت الحكومة، في الكثير من التسهيلات والتشريعات التي أقرها القانون والتي يحتاجها الصحافي للقيام بعمله، وجوب عدم تعارضها مع القانون.

كما تضمن مشروع القانون، الذي صادقت عليه الحكومة، صرف منحة مالية لأسرة من يقتل من الصحافيين من غير الموظفين، أو من يصاب بإصابة تسبب نسبة عجز مقدارها 50%. ويمثل ذلك تعديلا لمشروع قانون النقابة الذي طالب بمنح راتب تقاعدي لعائلة الصحافي الذي يقتل أو يصاب أثناء تأديته عمله أو نتيجة عمل إرهابي.

وحسب الإحصائيات الصادرة من مرصد الحريات الصحافية، الذي يتابع شؤون الخروقات التي ترتكب بحق الصحافيين العراقيين، فإن أكثر من 293 صحافيا قتلوا في العراق فضلا عن مئات الجرحى جراء الاستهداف المباشر أو خلال تغطيتهم للأحداث.

وقال نقيب الصحافيين العراقيين إن «النقابة لم تطلع حتى الآن على النسخة التي تضمنت تعديلات الحكومة»، وعبّر عن تخوفه من «أي إضافة فضفاضة لأنها قد تقيد الصحافي».

واستنكر اللامي الفقرة التي تطالب الصحافي بالكشف عن مصدر معلوماته، وقال «نحن طلبنا بأن لا يكشف الصحافي عن مصدر معلوماته إلا في حالة واحدة، عندما يكون عدم الكشف يؤدي إلى قتل مواطن بريء أو جريمة، على أن يتم هذا أمام القاضي فقط».

وقال اللامي «إذا كانت هناك إضافات على القانون الذي رفعناه وأقره مجلس شورى الدولة من شأنها التقليل من هذه النقطة أو تلك ووضع عراقيل، فبالتأكيد سنرفض ذلك وسنكون في مجلس النواب حتى ندافع عن القانون».

ومن جانبه، أعرب حسن راضي، عضو جمعية الدفاع عن حقوق الصحافيين في العراق، عن اعتراضه على بعض بنود قانون الإعلام العراقي، واصفا إياه بأنه «خطوة للوراء وليس للأمام»، موضحا أن القانون الجديد «يعرقل حرية الصحافة والإعلام في البلاد ويفرض عليها رقابة من خلال جعل وسائل الإعلام تابعة لجهة واحدة هي النقابة، وأن تعريف الصحافي من وجهة نظر القانون هو من ينتمي إلى نقابة الصحافيين وأن من لا ينتمي لا يشمله ما يتضمنه القانون وهو أمر يخالف التعددية وحرية اختيار الصحافي لانتمائه إلى المنظمات المعنية بالصحافيين أو قد يحب أن يكون مستقلا».

ويضيف راضي «المفروض أن يعرّف القانون الصحافي بأنه هو من يعمل في وسائل الإعلام ومتفرغ للعمل الصحافي أما أن لا يتم الاعتراف بالصحافي إلا من ينضم إلى نقابة الصحافيين فهذه دكتاتورية جديدة سيما أن الجميع يعلم أن النقابات في العالم العربي لم تلبّ طموحات الصحافيين والإعلاميين لكونها تحت سيطرة الحكومات سواء بشكل مباشر أم غير مباشر».

واعتبر راضي أن من النقاط السلبية الأخرى التي تضمنها القانون هي أنه «يضع الصحافي تحت رحمة الحكومة من خلال إشارته إلى أن اعتقال الصحافي لا يتم إلا بمسوغ قانوني»، موضحا أن «هذه الصياغة مائعة وتحتمل التأويل وهو ما يجعل تأويلها وتفسيرها طبقا لأهواء ومصالح الحكومة والمسؤولين الحكوميين الذين يتعرضون لكشف فضائح مستمرة من قبل وسائل الإعلام».

ومن ناحيته، قال زياد العجيلي، مدير مرصد الحريات الصحافية في العراق، لـ«الشرق الأوسط» إن «القانون الذي تقدمت به الحكومة إلى البرلمان جاء في وقت يراد منه تقييد الحريات الصحافية والعودة إلى المركزية والشمولية وتحديد جهة واحدة معنية بالصحافيين وهي (نقابة الصحافيين) وهو ما يعيد السيناريو الذي كان موجودا قبل الغزو الأميركي في العراق والمتمثل بوجود وزارة الإعلام التي كانت تحكم السيطرة على الإعلام والنشر»، مضيفا «نحن مع تعويض ضحايانا من الصحافيين والإعلاميين لكن ليس على حساب حريتنا».

إلى ذلك، حمل النائب محمد إسماعيل الخزعلي، عضو لجنة الثقافة والإعلام، رئاسة مجلس الوزراء مسؤولية تأخير إقرار قانون حماية الصحافيين، قائلا إن رئاسة الوزراء تأخرت لمدة سنة ونصف سنة كاملة في إرسال مشروع القانون إلى مجلس النواب.

وقال الخزعلي لـ«الشرق الأوسط» إن «قانون حماية الصحافيين ظل يراوح بين مكاتب المسؤولين ومجلس شورى الدولة دون أن يتم إرساله إلى لجنة الثقافة والإعلام النيابية ومناقشته ومن ثم إقراره»، مضيفا أن «لجنة الثقافة والإعلام ستقوم بمناقشة قانون الصحافيين بعد التعديلات التي قام بها مجلس الوزراء قبل وقت قصير من الآن»، لافتا إلى أن «الفترة المتبقية لعمل البرلمان لم تعد كافية لمناقشة وإقرار قانون حماية الصحافيين الجديد».