مصادر عراقية مطلعة لـ «الشرق الأوسط»: أدلتنا ضد سورية تقوم على رصد هاتفي وجوي

مجالس تأبين في أربعينية قتلى تفجيرات «الأربعاء الدامي»

TT

شهدت بغداد أمس إقامة عدد من مجالس التأبين بمناسبة أربعينية قتلى التفجيرين اللذين استهدفا وزارتي الخارجية والمالية في 19 أغسطس (آب) الماضي أو «الأربعاء الدامي» وخلفا مئات القتلى والجرحى. وأثار التفجيران شكوكا كثيرة نجم عنها اعتقال العديد من الضباط المكلفين بحماية مناطق بغداد، ثم أخذت القضية منحى آخر بعد توجيه أصابع الاتهام إلى سورية وأيضا قيادات كبيرة بحزب البعث هناك مما أدى إلى تأزم العلاقة بين البلدين وسحب السفراء وأخيرا وصول الأمر إلى أروقة الأمم المتحدة التي تعتزم تعيين مبعوث لها للتحقيق في القضية.

وفيما تنتظر بغداد وصول المبعوث الدولي، كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» بعض التفاصيل بشأن الأدلة التي ستضعها الحكومة العراقية أمام هذا المبعوث. وأكد علي الدباغ الناطق باسم الحكومة أن أدلة كثيرة جمعت خلال السنوات الأخيرة تؤكد تدخلات وضلوع مجموعات إرهابية تتخذ من سورية مقرا لها في الاعتداء على العراق. من جهته، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي عباس البياتي «إن هذه الأدلة جزء منها اعترافات وجزء آخر معلومات استخباراتية، وكذلك هناك رصد، وأيضا توصلت أجهزتنا الأمنية لمعلومات مهمة بعد تفتيش محال ومقرات ومكاتب وبالتالي لدينا أنواع من الأدلة ولن نقتصر على نوع واحد بل سنضع أدلة مختلفة بين يدي المبعوث». وبشأن الرصد قال البياتي «إنه رصد إخباري وأيضا رصد هاتفي ورصد جوي». وأضاف أن «الحاجة قائمة إلى جهة دولية محايدة تقوم بالتحقيق في التدخلات الإرهابية التي هزت العاصمة في ذلك اليوم، ونحن قد قدمنا رسالة من قبل الحكومة العراقية لمجلس الأمن نطالب بضرورة التحقيق الذي يتقدم على مسألة المحكمة الدولية، ونعتقد بأن هذا المبعوث عليه أن يستمع إلى العراقيين وإلى الأدلة التي لدينا وكذلك لا بد أن يتابع خيوط التحقيق مع كل الجهات ومع كل الأشخاص الذين ساهموا في التفجيرات وفي الإرهاب في العراق وفي تشجيع المنظمات الدولية».

من جانبه، أكد النائب سامي العسكري المقرب من رئيس الوزراء نوري المالكي «أن الأدلة التي تمتلكها الحكومة تتمثل باعترافات الإرهابيين التي تم إلقاء القبض عليهم والتي تشير إلى طرق وصولهم إلى البلاد والمساعدات التي تلقوها من قبل الأجهزة الأمنية السورية فضلا عن امتلاك الحكومة صورا التقطت من الجو لمعسكرات داخل الأراضي السورية يتم تدريب الإرهابيين فيها مؤكدا أن الأجهزة الأمنية السورية تساعد هؤلاء الإرهابيين في تنفيذ مهامهم داخل العراق»، مشيرا إلى «أن تسجيلات واعترافات مخططي عمليات الأربعاء الدامي تؤكد ضلوع عدد من قيادات البعث الموجودين في سورية والبعض منهم مطلوب من قبل الشرطة الدولية (الإنتربول) للجرائم التي نفذوها بحق الشعب العراقي». وشدد على أن العراق طالب ويطالب بتسليم هؤلاء ليس اليوم وإنما منذ سنوات طويلة. وكانت السلطات العراقية قد عرضت شريط فيديو يتضمن تسجيلا لاعترافات قيادي رفيع في حزب البعث المنحل (جناح الأحمد)، أكد خلالها مسؤوليته عن الهجوم الذي استهدف وزارة المالية وأنه قام بذلك بطلب من مسؤوله الحزبي سطام فرحان.

يذكر أنه وبعد حدوث التفجيرات بدأت الأحداث تتسارع ففي 25 أغسطس (آب) سحب العراق سفيره في دمشق وردت سورية بالمثل وبعد ذلك طلبت بغداد من دمشق تسليمها القياديين البعثيين محمد يونس الأحمد وسطام فرحان، بدعوى ضلوعهما في التفجيرين. غير أن سورية قللت من أهمية الاتهامات ورفضت تسليم المطلوبين وطالبت العراق بإرسال وفد لإطلاعها على الأدلة، وإلا فإنها «ستعتبر أن ما يجري بثه في وسائل الإعلام العراقية ما هو إلا دليل مفبرك يخدم الأغراض السياسية المحلية».

وقد بدأ وزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو نهاية أغسطس وساطة بين البلدين لاحتواء الأزمة غير أن بغداد، ورغم استجابتها لوساطة تركيا أرسلت وفودا أمنية ودبلوماسية للتحاور مع السوريين بحضور الأتراك وأيضا الجامعة العربية، اتهمت دمشق بأنها لم تتجاوب مع أدلتها ومطالبها وأصرت بسبب ذلك على تدويل القضية من خلال عرض الأمر على الأمم المتحدة وفعلا تم ذلك خلال جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخيرة.