باريس: كوشنير «يؤجل» ولا «يلغي» زيارته لدمشق

رفض إسرائيل زيارته لغزة وراء اختصار جولته

TT

ألغى وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير ثلاثا من المحطات الأربع التي كانت مقررة في جولته الشرق أوسطية التي تبدأ غدا، وقد حرصت الخارجية على الإعلان أنه «تأجيل» وليس إلغاء، مبررة ذلك بتضارب الأجندات والمواعيد.

كان مقررا، ووفق البرنامج الرسمي الذي وزعته الخارجية الفرنسية يوم الجمعة الماضي، أن يبدأ كوشنير جولته في بيروت ثم ينتقل منها إلى دمشق، وبعد ذلك كان من المقرر أن يذهب إلى إسرائيل وإلى الأراضي الفلسطينية. غير أن الناطق باسم الخارجية، برنار فاليرو، قال أمس في مؤتمره الصحافي الأسبوعي إن الوزير كوشنير سيذهب إلى بيروت فقط، وإن زيارته إلى المحطات الأخرى «أُجّلت ولم تُلغَ»، وإن البحث ينصب على إيجاد تواريخ تلائم كل الأطراف. فضلا عن ذلك، أشار فاليرو إلى أنه يتعين على الوزير مواجهة استحقاقات كثيرة منها تحضير ميزانية الوزارة للعام القادم، وتحضير اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي بداية الأسبوع القادم.

غير أن هذه الشروحات لا تبدو كافية لتفسير إلغاء ثلاث من أربع محطات للزيارة الوزراية، وتربط أوساط واسعة الاطلاع في باريس بين هذا الإلغاء وبين خلافات ظهرت مؤخرا مع الطرفين الإسرائيلي والسوري.

وقالت مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع في العاصمة الفرنسية لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة الإسرائيلية تأخذ على فرنسا تغيبها عن جلسة التصويت في مجلس حقوق الإنسان في جنيف الذي تبنى تقرير غولدستون الذي يتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في أثناء حملتها على غزة. كذلك اعتبرت إسرائيل وفق هذه المصادر أن الرسالة المشتركة التي أرسلها الرئيس ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني براون لبنيامين نتنياهو بمثابة «ضغوط» على إسرائيل. أما السبب الأخر للتأجيل فهو رغبة الوزير كوشنير في زيارة قطاع غزة للاطلاع على ما وصلت إليه الأعمال في مستشفى القدس التي ترعاها فرنسا. وبحسب هذه المصادر فإن إسرائيل عارضت زيارة كوشنير إلى غزة كما عارضت قبل أيام زيارة وزير الخارجية التركي إلى غزة، ما أدى إلى إعلانه إلغاء الزيارة.

أما بخصوص الجانب السوري فيشير المراقبون إلى وجود تضارب سوري ـ أوروبي في موضوع التوقيع على اتفاقية الشراكة التي اقترحت الرئاسة السويدية للاتحاد أن يتم في السادس والعشرين من الشهر الحالي في بروكسيل. غير أن الجانب السوري أكد رفضه لهذا التاريخ مطالبا بوقت كافٍ لدراسة كل تفاصيل الاتفاقية بما فيها التفاصيل المالية والاقتصادية. وقامت الخارجية السورية بإرسال رسالة بهذا المعنى إلى الاتحاد الأوروبي.

وإلى جانب المسائل المالية والاقتصادية أبدت سورية رفضها ربط إبرام الاتفاقية بشروط تتناول موضوع حقوق الإنسان. وبرز الخلاف بشكل علني يوم زيارة الوزير وليد المعلم لباريس قبل أكثر من أسبوعين، حيث قال بوضوح إن بلاده «ترفض أي شروط سياسية» للتوقيع، ما رد عليه نظيره الفرنسي بأن أي اتفاقية مع الاتحاد «تتضمن شروطا سياسية». وفهم أن الاتحاد الأوروبي قبِل استبدال فقرات حول حقوق الإنسان في متن النص برسالة من الجانب الأوروبي تضم إلى الاتفاقية ويعتبرها الاتحاد جزءا منها.

وأول من أمس عاد موضوع حقوق الإنسان إلى الواجهة بعد اعتقال السلطات السورية المحامي والناشط في الدفاع عن حقوق الإنسان هيثم المالح. ولم تتردد باريس في إدانة ما قامت به سورية مطالبة بالإفراج «الفوري» عنه، وباحترام سورية لالتزاماتها الدولية التي «قبلتها بمحض إرادتها»، مشيرة إلى الحقوق المدنية والسياسية وحرية الرأي والتعبير والحق بالحصول على محاكمة عادلة.

وسيغادر كوشنير باريس مساء الخميس ليعود من بيروت مباشرة يوم السبت.