نحت أصغر ثور في العالم بتقنيات الليزر يمهد الطريق لتطويرات كبرى في العلاج الطبي

أجهزة متناهية الصغر تتجول في المستقبل داخل الجسم البشري للمراقبة والتحكم وإجراء العمليات الجراحية

TT

أوساكا (اليابان) ـ «الشرق الأوسط» رويترز: اصبحت العجائب متناهية الصغر من النتاجات اليومية للاستاذ الياباني ساتوشي كاواتا الذي يفخر بأنه نحت اصغر ثور في العالم على الاطلاق (انظر «الشرق الأوسط» ـ شؤون علمية الجمعة 17/8/2001). والثور الصغير الذي لا يرى الا بعدسات مجهر الكتروني، يمثل ثورة في عالم الاشياء متناهية الصغر وصناعة البصريات.

وبالنسبة لبلاد تشتهر بالاشياء الصغيرة، فان هذه التقنية التي طورها فريق كاواتا في جامعة اوساكا بغرب اليابان، ربما تساعد صناعة الاشياء متناهية الصغر في الابتعاد عن الاعتماد على مادة السيليكون، واستخدام البلاستيك بدلا منه. ويبلغ حجم الثور المنحوت من الذيل الى القرنين عشرة من الالف من المليمتر. ويحاكي هذ المنحوت البلاستيكي المتناهي الصغر كل تفاصيل المخلوق الطبيعي.

وفي مقابلة اجريت معه اخيرا قال كاواتا لـ«رويترز»: «يبلغ طول الثور نحو عشرة ميكرونات وهو يقارب حجم كرية دم حمراء». والميكرون هو واحد من الالف من المليمتر، او واحد الى ثلاثين الف من البوصة. لكن الحجم ليس كل ما يهم في هذه المسألة، اذ ان هذه التقنية التي مكنت كاواتا من نحت الثور الاعجوبة، تمثل املا لصانعي الالات متناهية الصغر باستخدام البلاستيك بطرق لم تكن متخيلة من قبل. وتمنح عجينة البلاستيك الصانعين مزيدا من الامكانيات الصناعية لا تتوفر في السيليكون. واظهرت اكتشافات حديثة انه يمكن تصنيع البلاستيك ليكون موصلا للكهرباء مما يفتح الباب امام انواع لا حصر لها من الرقائق، اضافة الى ان البلاستيك يتمتع بمرونة عالية ويمكن صنعه ليضيء في الظلام. والاحتمالات العملية لاستخدام البلاستيك لا حدود لها.

ويقول كاواتا ان من الممكن ان تؤدي هذه التقنية الى بناء رقائق الكترونية بلاستيكية ثلاثية الابعاد على شكل طبقات جزيئية مما سيزيد قوة الحسابات الالية، او الكومبيوترية، بشكل كبير. وتصنع الدوائر المتكاملة الحالية التي توضع على الرقائق الالكترونية، ضمن اسطح من السيليكون ثنائية الابعاد. واضاف العالم الياباني «حاليا تكنولوجيا (صنع) الاشياء متناهية الصغر، تعني في معظمها (استخدام) تقنية الطباعة الحجرية.. وهذا يعني اساسا اسقاط الانماط (المطلوبة) على السيليكون، ثم طبع اشكال خيالية ومعقدة على الشرائح الرقيقة جدا... الا ان تقنيتنا ثلاثية الابعاد».

ويحلم المتخصصون في هذا المجال بادخال روبوتات متناهية الصغر الى الاوعية الدموية والخلايا اللمفاوية لمكافحة الامراض والتصدي لها. وترى صناعات تمتد ما بين الالكترونيات الى صناعات السيارات في التقنية الجديدة، تطويرا يقدم مواد جديدة للجيل المقبل من المنتجات بما في ذلك الياف اقوى كثيرا من الصلب ومنتجات التقنية العالية. ويقول كاواتا «في المستقبل ربما يكون لدينا الكثير من الاجهزة الصغيرة في داخل الجسم البشري للمراقبة والتحكم او لاجراء العمليات الجراحية».

وكاواتا ربما يكون صانع اصغر آلة مستخدمة في التاريخ وهي زنبرك متحرك يبلغ قطره ثلاثة ميكرونات. ويمثل نحت التماثيل متناهية الصغر جزءا محدودا من اتجاه علمي يعرف باسم «البصريات ضيقة الحيز والاستقطاب السطحي للبروتوبلازما». ويقول كاواتا ان الحيلة هي تشكيل قطرة متناهية الصغر من البلاستيك السائل باستخدام دقيق لاشعة الليزر التي يتم التحكم فيها بالكومبيوتر.

وتنجح هذه الطريقة لان المادة الصناعية تصبح صلبة عند الاتصال مع موجات معينة. ويتم التخلص من الاجزاء التي لم تتحول الى الحالة الصلبة عند عملية التكوين بكل عناية وحذر. ويضيف انه حتى الآن «اعتقد الناس ان هناك حدودا لتقنية الليزر البصرية بسبب طبيعة طول موجات الضوء.. اصغر شيء يمكن الحصول عليه بالطرق التقليدية يبلغ حجمه نحو 500 او 600 ميكرون»، اي اكبر من ثور كاواتا بنحو 500 مرة، الا انه من خلال عملية اخرى تمكن كاواتا من الوصول الى 100 نانوميتراو عشر الميكرون (نانومتر جزء من آلاف المليارات من المتر او ما يعادل جزء من الالف من الميكرون). ولا يزال كاواتا غير راض بما وصل اليه حتى الان ويقول ان هدفه هو تصغير الثور الجديد ليصبح ميكرونا واحدا فقط اي اصغر عشر مرات من حجمه الحالي.

=