مقتل 130 شخصا وإصابة 500 بتفجيرين انتحاريين في بغداد.. والمالكي يتوعد بالقصاص

الحكومة العراقية تتهم «القاعدة» و«البعث».. واللواء عطا لـ «الشرق الأوسط»: سندرج الهجوم ضمن طلبنا بالتحقيق الدولي

عراقي يعاين الخراب الذي حل جراء التفجير الانتحاري الذي استهدف مبنى وزارة العدل وسط بغداد أمس (أ.ب)
TT

في ثاني أكبر انفجار في العراق خلال شهرين بعد انفجارات 19 أغسطس (آب) والتي أطلق عليها اسم «تفجيرات الأربعاء الدامي»، قتل أكثر من 130 شخصا وأصيب 500 آخرون في تفجيرين انتحاريين استهدفا مجلس محافظة بغداد ووزارة العدل العراقية في منطقة الصالحية وسط بغداد. وعد المسؤولون العراقيون الانفجارين بالخرق الأمني الكبير.

وكانت بغداد قد شهدت في أغسطس الماضي هجمات دامية استهدفت وزارتي المالية والخارجية وراح ضحيتها مئات من القتلى والجرحى، وطالب العراق بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في تلك التفجيرات التي اتهم من خلالها دمشق بإيواء العناصر التي خططت لها.

وتوعد نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي، أمس «بإنزال القصاص العادل بأعداء الشعب العراقي الذين يريدون إشاعة الفوضى في البلاد وتعطيل العملية السياسية ومنع إجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها المحدد، والتي ستكون أقوى رد وأبلغ رسالة لأعداء العملية السياسية المدعومين من الخارج». وقال المالكي خلال تفقده لمنطقة الصالحية إن «الاعتداءات الإرهابية الجبانة التي حدثت اليوم (أمس) يجب أن لا تثني عزيمة الشعب العراقي عن مواصلة مسيرته وجهاده ضد بقايا النظام المباد وعصابات البعث المجرم وتنظيم القاعدة الإرهابي، التي ارتكبت أبشع الجرائم ضد المدنيين وآخرها اعتداءات الأربعاء الدامي في التاسع عشر من أغسطس (آب) الماضي، وهي ذات الأيدي السوداء التي تلطخت بدماء أبناء الشعب العراقي».

وهز الانفجاران القويان المباني وتصاعد دخان من المنطقة في وسط بغداد قرب نهر دجلة. وذكرت الشرطة أن الانفجار الأول استهدف مبنى وزارة العدل وأن الثاني الذي وقع بعده بدقائق استهدف مبنى محافظة بغداد بالقرب من فندق المنصور ميليا، في منطقة حيوية مجاورة للمنطقة الخضراء.

ويعد الفندق أحد فنادق الدرجة الأولى في بغداد كما أنه مقر السفارة الصينية في بغداد ومقر لوكالات أنباء محلية وعالمية. وغمرت المياه الشارع الواقع قرب مبنى محافظة بغداد وانتشل رجال الإطفاء الجثث المحترقة والممزقة من الشوارع. وهناك سيارات محترقة في الشارع. وبحث عمال الإنقاذ وسط الواجهة المتهدمة لوزارة العدل وانتشلوا جثثا ولفوها في ملاءات.

وقال شاهد عيان وأحد موظفي أمانة بغداد لـ«الشرق الأوسط» إن الانفجار كان يستهدف على الأكثر الاجتماعات التي تعقد في فندق المنصور ميليا. فيما قال حميد سعدي، وهو شاهد عيان وصاحب متجر لبيع الهواتف المحمولة يقع قرب مبنى وزارة العدل، عن الانفجار، لوكالة «رويترز» «كان قويا جدا.. ووقع وسط الشارع وأدى إلى تدمير المكان بالكامل وكأن المكان قد أصابته هزة أرضية حولته إلى منطقة منكوبة... حتى الأرض انقلعت من شدة الانفجار». وتابع لـ«رويترز» «لا أعرف كيف أني ما زلت حيا... شاهدت عشرات الجثث تم نقلها وكثيرون ينزفون.. لم يبق شيء سالم في مكان الانفجار». ومن جانبه، قال اللواء قاسم عطا، المتحدث الرسمي باسم خطة فرض القانون ببغداد، لـ«الشرق الأوسط» إن هجوم أمس يعد ثاني أكبر تفجير بعد تفجيرات أغسطس (آب) الماضي، مضيفا أن «التجمعات الإرهابية من تنظيمات القاعدة والإرهابيين تجمع لديها كل ما تملك من عدة للتأثير على سير الانتخابات القادمة».

وقال عطا إن «اليد التي قامت بالتخطيط لتفجيرات الأربعاء هي نفس اليد التي خططت ونفذت تفجيرات الأحد»، موضحا أن «هناك أجندات خارجية تدعم هذه التنظيمات»، لكنه أضاف «علينا أن لا نستبق الأحداث وستكشف التحقيقات عن مخططي ومنفذي العمل».

وحول ما إذا كانت تفجيرات أمس ستدرج ضمن طلب العراق للأمم المتحدة للتحقيق فيها أسوة بتفجيرات الأربعاء، قال عطا «حتما سيضاف ما حصل اليوم إلى المعلومات والأدلة المقدمة لتضمينها ضمن مطالبات العراق بإنشاء محكمة دولية للكشف عن المتورطين في دعم الإرهاب في العراق».

وأشار عطا إلى أن تحقيقات ستبدأ مع القوى الأمنية المسؤولة عن المنطقة لمعرفة كيفية دخول هذه السيارات إليها. ولم يستبعد وجود «تورط أو إهمال أو تواطؤ» من قبل أجهزة الأمن المسؤولة عن المنطقة في تلك التفجيرات، مؤكدا أنه سيتم تسليم من تثبت عليه الإدانة للقضاء العراقي. إلى ذلك، قال علي الدباغ، المتحدث باسم الحكومة العراقية، إنه كان في فندق المنصور ميليا عندما انفجرت القنبلتان وأن الزجاج المتطاير تهاوى عليه هو وآخرين. وأضاف أنه يعتقد أن مقاتلي تنظيم القاعدة أو فلول البعثيين وراء الهجومين. وأضاف أن الهجومين يحملان «بصمات القاعدة وجماعات البعثيين»، مشيرا إلى أنهما «تحد لسلطة الدولة والأجهزة الأمنية».

ويقول مسؤولون عسكريون أميركيون إن مثل هذه الهجمات تهدف إلى إعادة إثارة الصراع الطائفي الذي سيطر على البلاد بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 أو إلى تقويض ثقة المالكي قبل الانتخابات البرلمانية العام المقبل.

ومن المتوقع أن يترشح المالكي مستندا إلى تحسن الوضع الأمني في أنحاء البلاد. وتثير الهجمات شكوكا بشأن قدرة قوات الأمن العراقية على تولي المسؤولية الأمنية من الجنود الأميركيين الذين انسحبوا من المدن في يونيو (حزيران) قبل انسحاب كامل من البلاد بنهاية 2011. وفي تطور لاحق أمس، أدانت سورية التفجيرات الإرهابية التي وقعت في بغداد، وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية في بيان تسلمت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن «سورية إذ تؤكد إدانتها لمثل هذه الأعمال الإرهابية المنافية للقيم الأخلاقية والإنسانية فإنها تجدد موقفها الثابت الرافض والمستنكر للإرهاب أيا كان نوعه ومصدره». وقدمت سورية تعازيها معبرة عن تعاطفها مع أسر الضحايا والجرحى مؤكدة «وقوفها إلى جانب الشعب العراقي الشقيق في مواجهة هذه الأعمال الإجرامية».