مواجهات بين الفلسطينيين والشرطة داخل الأقصى.. والرئاسة تحذر من «تداعيات خطيرة»

إسرائيل: نريد أن يبقى الأقصى مفتوحا أمام كل المؤمنين.. ومدير الأوقاف الإسلامية يرد: فشروا

TT

اشتعلت المواجهات مرة أخرى بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في باحات المسجد الأقصى وفي شوارع البلدة القديمة في القدس، إثر محاولة الشرطة الإسرائيلية وقواتها الخاصة اقتحام الأقصى لإخراج عشرات المرابطين بداخله الذين تجمعوا بعد نداءات لحمايته من خطط متطرفين يهود لاقتحامه.

وكان عشرات الفلسطينيين بدأوا بالتجمع داخل المسجد الأقصى مساء السبت تلبية لنداءات شخصيات دينية ووطنية، لرد جماعات يهودية متطرفة أعلنت نيتها اقتحام المسجد أمس.

وتجددت الاشتباكات مرتين بالأمس، وهي ثالث اشتباكات من نوعها خلال شهر واحد، وصد المرابطون داخل المسجد محاولة أولى لاقتحامه من قبل الشرطة، بعد حصار استمر عدة ساعات، اشتبك خلاله المحاصرون مع الشرطة، وقد بثوا نداءات عبر مآذن الأقصى لأهالي القدس لنصرة المحاصرين.

وفي محاولة ثانية، لاقتحام الأقصى، تفجرت الاشتباكات على مستوى واسع، إذ شارك فلسطينيون في البلدة القديمة في محيط الأقصى في صد تقدم قوات إسرائيلية معززة نحو المسجد، وتركزت المواجهات عند باب المجلس، وباب حطة، وباب الأسباط، وأضرم المتظاهرون النار عبر إحداث تماس كهربائي، وألقوا حجارة وكراسي وبعض الزيت المحروق على الشرطة في الشوارع الضيقة، وهو ما أعاق تقدم الشرطة نحو الأقصى.

وردت الشرطة بالقنابل الغازية والرصاص المطاطي، وقالت مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط» إن عدد المصابين الفلسطينيين تجاوز العشرين، بينما أصيب 3 من أفراد الشرطة الإسرائيلية، واعتقلت الشرطة نحو 17 فلسطينيا، بينهم وزير القدس الأسبق حاتم عبد القادر الذي كان أبلغ أنه ممنوع من دخول البلدة القديمة، أو الوجود في محيطها لمسافة 150 مترا، وعلي أبو شيخة مستشار الحركة الإسلامية في إسرائيل، واتهمتهما بالتحريض على التظاهر.

واتهمت الشرطة الإسرائيلية قيادة الحركة الإسلامية في الداخل بتأجيج المواجهات، وتوعد دودي كوهين الناطق باسم الشرطة بالتعامل بصرامة ضد كل من سماهم «المخلين بالنظام العام».

وادعت إسرائيل أنها تتبع سياسة أن تبقي الحرم مفتوحا لكل المؤمنين، في إشارة إلى الإسرائيليين كذلك. ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن كوهين قوله «إن سياسة الحكومة الإسرائيلية تقضي بإبقاء الحرم مفتوحا أمام كل المؤمنين». وزعم يتسحاك ليفانون، الناطق باسم الحكومة الإسرائيلية، أن ثمة اتفاقا مع الأوقاف الإسلامية بالسماح لليهود بالدخول إلى باحة الحرم في ساعات محددة، وليس إلى المسجد.

ورد عزام الخطيب مسؤول الأوقاف الإسلامية في القدس نافيا لـ«الشرق الأوسط» أن ثمة اتفاقا حول دخول «سياح» إلى باحات الأقصى، وقال «إن السلطات الإسرائيلية التي تمتلك مفاتيح باب المغاربة هي التي تدخل سياحا بدون التنسيق معنا». أما بشأن دخول مصلين يهود، فقال الخطيب «فشروا».

وكانت تنظيمات يهودية من بينها تنظيم يسمى «منظمة حقوق الإنسان في جبل الهيكل» قد دعت إلى المشاركة في مراسم إحياء ما يسمى بـ«يوم صعود رامبام إلى الهيكل»، ووزعت أكثر من 30 جماعة يهودية ملصقات تدعو لحشد أنصارها بالقرب من المدينة المقدسة تمهيدا لعملية الاقتحام. وقال تيسير التميمي، قاضي قضاة فلسطين، في بيان إن «المسجد الأقصى المبارك يتعرض لأكبر مؤامرة تحيكها سلطات الاحتلال، حيث قامت سرا بعمليات تصوير واسعة لساحاته ومبانيه، ووضعت الخطط والرسومات والخرائط تمهيدا لتقسيمه على غرار الحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل».

وقال نبيل أبو ردينة، الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، في بيان رسمي «إن القدس خط أحمر لا يجوز تجاوزه»، وأضاف الناطق أن «معركة السيطرة على القدس والمسجد الأقصى من قبل سلطات الاحتلال ستكون معركة مستحيلة ومحكومة بالفشل والهزيمة، فالشعب الفلسطيني وقواه وسلطته الوطنية سيدافعون بكل ما أوتوا من قوة عن عاصمة دولتهم ودرة مقدساتهم، الأقصى الشريف، وسيواصل شعبنا صموده على أرض مدينته المقدسة، وسينتصر في مقاومة تهوديها والسيطرة عليها وتهجير أهلها».

وطالبت الرئاسة الأسرة الدولية ومؤسساتها المختلفة وبخاصة مجلس الأمن والأمم المتحدة بالتدخل فورا لوقف الجرائم الإسرائيلية ضد المدينة وأهلها ومقدساتها.

وقال مسؤول فلسطيني إن اجتماعا سيعقد للجنة القدس برئاسة الملك محمد السادس عاهل المغرب في 27 و28 من الشهر الجاري بمشاركة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لبحث الأوضاع في المدينة المقدسة وما تشهده من تصعيد.

ومن جانبه، اتهم النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي أحمد الطيبي، الذي منع من دخول الأقصى، إسرائيل بمحاولة وضع اليد الفعلي أكثر مما كان حتى الآن على المسجد الأقصى، واصفا ما يجري الآن بأنه مسلسل متواصل في محاولة متجددة من الجانب الإسرائيلي أن يثبت من هو صاحب السيادة على الأقصى والقدس المحتلة.

أما حركة حماس، فقالت إنه «ما كان لهذا الهجوم أن يكون لولا الضوء الأخضر الأميركي الداعم للاحتلال الصهيوني لارتكاب الجرائم، وغطاء المفاوضات مع السلطة الفلسطينية الذي يجرّئ الاحتلال على فرض سياسته الدينية والسياسية على أرضنا ومقدساتنا». وقال فوزي برهوم، الناطق باسم الحركة «إن العلاقات الصهيونية مع بعض الدول العربية والإسلامية ـ التي ما زال العلم الصهيوني يرفع في بعض عواصمها ـ تجرِّئ العدو على تطبيق المسلسل الخطير والخطة التدميرية للمسجد الأقصى والقدس والتغوّل في الحقوق الفلسطينية للشعب وسلب مقدَّراته».