السودان يكشف عن حوافز وعدت بها إدارة أوباما منها عدم دعم المحكمة الجنائية ضد البشير

الخرطوم تعكف لإعداد استراتيجية «موازية» للتعامل مع الأميركية الجديدة

TT

كشفت الخرطوم أن من الحوافز، التي وعدت بها الإدارة الأميركية في سياستها تجاه السودان، التي أعلنتها قبل عشرة أيام، عدم دعم المحكمة الجنائية الدولية بشأن توقيف الرئيس عمر البشير بتهم جرائم الحرب في إقليم دارفور، وتسهيل تطبيع العلاقات مع دولة تشاد. فيما أعلن أن الحكومة السودانية تعكف لإعداد استراتيجية سودانية «موازية» للتعامل مع الاستراتيجية الأميركية الجديدة حيال الخرطوم، في وقت بدأ فيه البرلمان السوداني، أمس، مناقشة مشروع قانون خلافي للأمن بمقاطعة الحركة الشعبية لتحرير السودان لجلسات البرلمان، لأجل غير مسمى. وقال مسؤول الشؤون الأميركية في الخارجية، نصر الدين والي: «إن الإدارة الأميركية ستتخذ عقوبات ضد السودان ضمن استراتيجيتها الجديدة إزاء البلاد، في حال قدمت الحكومة الدعم لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أو إذا تضررت المصالح الأميركية من علاقات السودان بإيران أو سورية، أو بدعم الخرطوم لزعيم (جيش الرب) الأوغندي، جوزيف كوني».

وكشف في ورشة عن «العلاقات السودانية الأميركية»، نظمتها في الخرطوم مستشارية الأمن الوليدة، عن أن السفارة السودانية في واشنطن استفسرت المبعوث الأميركي سكوت غرايشن حول الاستراتيجية التي أعلنتها بلاده مؤخرا، وأكد غرايشن أن الحوافز التي أشارت إليها بلاده تمثلت في إنجاح الزيارة التي قام بها مستشار الرئيس السوداني، الدكتور غازي صلاح الدين العتباني، الأسبوع الماضي، إلى تشاد من أجل تطبيع العلاقات بين البلدين، فضلا عن الجهود التي تبذلها بلاده لتوحيد الحركات المسلحة في دارفور للمشاركة في محادثات الدوحة للسلام، إضافة إلى أن واشنطن لن تقوم بدعم مساعي المحكمة الجنائية الدولية بشأن توقيف الرئيس عمر البشير.

وكشف والي، سفير السودان في واشنطن، أن دعوة الحركات المتمردة للتفاوض، أحد المحفزات في الاستراتيجية. وقال الدبلوماسي السوداني إن السمة الأساسية للسياسة الأميركية الجديدة تجاه السودان هي «الإيجابية»، وأضاف أن «بصمات المبعوث الأميركي غرايشن بارزة فيها»، واعتبر الدبلوماسي السوداني أن غرايشن ومن معه نجحوا في إدخال سمات إيجابية على الاستراتيجية، ومضى: «إنها رفعت الثقة في أن تعمل التيارات المختلفة داخل الإدارة الأميركية لتحقيق الهدف ذاته»، وقال إن الاستراتيجية فتحت إطار التعاون مع شركاء آخرين، كالصين.

وناقشت الورشة توصيات لاستراتيجية سودانية ستقدم اليوم إلى مسؤول ملف دارفور، الدكتور غازي صلاح الدين، توطئة لصياغة استراتيجية قومية «موازية» للتعامل مع الاستراتيجية الأميركية الجديدة تجاه السودان، وسيتم إجازة الاستراتيجية من قبل رئاسة الجمهورية والمكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني، وقالت مصادر مطلعة إن الاستراتيجية ستكون ملزمة للتعامل مع واشنطن.

وجاء في توصيات الاستراتيجية السودانية المقترحة أنه في ما يخص دارفور يجب أن يكون للخرطوم دور في التقييم الأميركي الدوري للأوضاع في السودان، كما ورد في الاستراتيجية الأميركية، «واغتنام أجواء التفاهم الحالية وعدم العودة لحوار الطرشان، والعمل لكسب جماعات الضغط الأميركية، أو تخفيف عدائها أو تحييدها، ومعاملة تقرير حكماء أفريقيا حول دارفور كفرصة لإعادة القضية السودانية من ساحة التدويل إلى الساحة الإقليمية»، ودعت الاستراتيجية السودانية إلى توحيد خطاب الدولة واستثمار الوجود السوداني المجنس في أميركا». وذكرت التوصيات على صعيد تنفيذ اتفاق السلام بين الشمال والجنوب (اتفاق نيفاشا) حيث ملامح الاستراتيجية على تنشيط اللجان المشتركة بين شريكي الحكم وحل النقاط الخلافية، لا سيما حول قضايا: الحدود والانتخابات والاستفتاء لتقرير مصير جنوب السودان. وفي الورشة، أعلن مستشار الأمن السوداني، الفريق صلاح عبد الله قوش، أن مستشاريته بصدد وضع استراتيجيات وسياسات مدروسة ممرحلة، قائمة على المعلومة، لتقوية أجهزة الدولة. وقال إنه ربما حصل تضخم في الأجهزة الأمينة بسبب انتشارها في كل أنشطة الدولة، مما يعني إنشاء مستشارية للأمن القومي من أجل تقوية القوة الشالة للدولة، بما في ذلك الأجهزة القائمة على تنفيذ القانون. وقال إن تضخم الأجهزة الأمنية، وأسبابا أخرى، وصفها بالملحة قادت لقيام مستشارية الأمن القومي. وقال إنه كان يشعر بضرورة إنشائها منذ أن كان يدير جهاز الأمن. وقال إن المستشارية تعمل على نقل تلك الأجهزة من مرحلة «الهرولة اليومية»، التي وصفها أيضا، بـ«رزق اليوم باليوم» إلى إطار السياسات والاستراتيجيات الموضوعة والممرحلة، التي تقوم على الموضوعية، وقال إن المستشارية الأمينة قامت «لدواع ملحة نشعر بضروراتها». ودعا المشاركون في الندوة إلى تنسيق الجهود بين الخرطوم وواشنطن حول قضية مكافحة الإرهاب بما يخدم مصلحة البلاد، وأن لا تتخذ الحكومة موقفا سلبيا إزاء تقرير لجنة حكماء أفريقيا بشأن دارفور، واستخدام التقرير كوسيلة للتعامل مع مخرجات السياسة الأميركية الجديدة، وانتقدوا «تضارب الخطاب الرسمي للحكومة» في هذا الصدد، ونادوا بتنشيط لجان الشريكين لتجاوز القضايا العالقة بينهما، والإلحاح على الإدارة الأميركية بشطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ورفع العقوبات الاقتصادية.