متقي: سنعلن قرارنا خلال أيام حول اليورانيوم.. ومسؤول غربي: على طهران ألا يعتريها الغرور

توقع طلب طهران تعديلات في صيغة فيينا.. وروسيا تدعو المجتمع الدولي للصبر

معمل إنتاج الوقود وسط محافظة أصفهان في إيران الذي تم تدشينه مؤخرا (أ.ف.ب)
TT

قال وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي أمس إن إيران إما ستشتري الوقود النووي لمفاعل بطهران وإما ستوافق على خطة صاغتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة وتقضي بأن ترسل يورانيوم منخفض التخصيب إلى الخارج لمزيد من المعالجة.

ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن متقي قوله: «قرار إيران بشأن تدبير الوقود اللازم لمفاعل طهران سيعلن خلال الأيام القليلة المقبلة. هناك خياران مطروحان على المائدة: إما الشراء وإما إرسال جزء من وقودنا إلى الخارج لمزيد من المعالجة». وكانت إيران قالت يوم الجمعة إنها ستعطي ردا هذا الأسبوع على الخطة التي صاغتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لخفض مخزون نووي يخشى الغرب أن يكون بالإمكان استخدامه في تصنيع أسلحة متجاهلة مهلة انتهت في 23 أكتوبر (تشرين الأول) ومتحدية أساس الاتفاق.

وفي فيينا أشار مصدر دبلوماسي غربي إلى توقعات شبة محتملة ببعض التعديلات التي ستطالب بها إيران ضمن ردها على المقترح الذي رفعه مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي الخاص بتوفير وقود نووي لمفاعل طهران للأبحاث بتوريد إيران لكميات من اليورانيوم تتم معالجتها بالخارج، موضحا أن الاتفاقيات الدولية عادة لا يتم توقيعها إلا بعد مفاوضات مضنية ومراعاة مطالب من هذا الطرف أو ذاك ما دامت تلك المطالب معقولة وفي إطار ممكن وليست تغييرا كاملا يشوه صلب الاقتراح الأصلي.

وردا على سؤال من «الشرق الأوسط» عن أكثر التغييرات المتوقعة أشار الدبلوماسي الذي فضل عدم الكشف عن اسمه إلى كونه ليس مخولا له تصريحات صحافية، لاحتمال أن تطلب إيران تقليل كمية اليورانيوم الذي ستبعثه إلى الخارج بحكم أن اليورانيوم أساسا سيعود لتغطية احتياجات مفاعل طهران للأبحاث الذي يحتاج كمية محدودة جدا لا 1200 كيلوغراما كما تضمنت مسوَّدة الاتفاق. مبينا أن حجم الكمية سيظل نقطة أساسية للتفاوض, وكلما زاد الإصرار على كمية أكبر  ضغطت إيران لعدم إرسالها دفعة واحدة. مشبها إحساس الإيرانيين بإرسال ثلاثة أرباع ما يملكون من يورانيوم نجحوا في تخفيضه رغم العقوبات ورغم عزلة دولية بإحساس من يتعرض لمحاولة لنزع جلده.

في سياق آخر أشار الدبلوماسي، الذي أبدت دولته ترحيبا غير مسبوق ببدء مفاوضات مع إيران، على ضرورة أن لا تعتري طهرانَ حالةٌ من الغرور لما قد تعتبره تكالبا دوليا لحل قضية ملفها النووي وبأي ثمن. مذكرا أن إيران لا يُعقَل أن تغفل حقيقة وجود ثلاث حزمات من عقوبات صدرت بحقها من مجلس الأمن الدولي بتأييد من مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية وبإجماع أطراف الاتفاق كافة وهي فرنسا روسيا والولايات المتحدة تحت إشراف الوكالة. داعيا إيران إلى ضرورة أن لا تتجاوز خطوطا حمراء لن يكون بمقدور الوكالة أن تتسامح بشأنها، كما لن تسمح بقية الأطراف بالتغاضي عنها. مؤملا أن تتذكر إيران أن الاقتراح يعكس حالة من «السماح الدولي» عليها أن تتفاعل إيجابيا معها، وأن لا تكابر بتجاوز أطول للموعد الذي حُدد للرد، الجمعة 23 الحالي. لافتا النظر إلى حقيقة أن جميع العواصم تمسك حاليا عن الحديث عما يمكن أن يكون عليه رد فعل المجتمع الدولي في حال رفضت إيران الاقتراح أو حاولت الالتفاف عليه بتغييرات جذرية. في غضون ذلك كان يُنتظر أن يستأنف خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية أمس تفتيش منشأة تخصيب اليورانيوم الجديدة قرب قم (وسط) وذلك في اليوم الثاني من زيارتهم إلى إيران.

وكان أعضاء وفد الوكالة الأربعة، الذي وصلوا صباح الأحد إلى طهران، توجهوا في اليوم نفسه إلى موقع مصنع التخصيب الجاري بناؤه قرب قم (نحو 100 كلم جنوب طهران).

ولم يُدلِ المفتشون بأي تصريح للصحافيين منذ وصولهم إلى إيران، وتقضي مهمتهم التحقق من صحة المعلومات التي قدمتها إيران وكذلك من الطابع السلمي لهذه المنشأة التي كشفت طهران عن وجودها للمرة الأولى في رسالة وجهتها إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 21 سبتمبر (أيلول).

على صعيد آخر نقلت صحيفة إيرانية عن نائب رئيس البرلمان الإيراني محمد رضا بهنر قوله إن الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي يعارض إجراء مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة.

لكن وزير الخارجية منوشهر متقي قال إن المحادثات بشأن القضية النووية ستستمر في إطار اتصالات طهران مع القوى العالمية الست التي تضم الولايات المتحدة.

وكانت التصريحات التي أدلى بها تتناقض في ما يبدو مع المحادثات التي أُجريت حول البرنامج النووي الإيراني في سويسرا في وقت سابق من الشهر الجاري والتي ضمت مسؤولين من البلدين.

الرئيس محمود أحمدي نجاد قال إنه يؤيد الحوار مع دول أخرى بما في ذلك الولايات المتحدة إذا كانت تلك الاتصالات تقوم على العدل والاحترام. وعندما سُئل متقي عما إذا كان هناك احتمال لإجراء محادثات أميركية إيرانية مباشرة، نقلت عنه وكالة فارس قوله: «سنواصل المحادثات حول القضية النووية خلال الاتصالات الشاملة مع الدول 5 + 1» وبحسب دبلوماسيين غربيين فإن مشروع الاتفاق يقضي بأن تسلم إيران حتى نهاية عام 2009، 1200 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بأقل من خمسة في المائة لتخصيبه بنسبة 19.75 في المائة في روسيا قبل نقله إلى فرنسا حيث يحول إلى قضبان وقود للمفاعل.

ويوم الأحد قال محسن رضائي أمين مجلس تشخيص مصلحة النظام والقائد السابق للحرس الثوري إن إيران ترغب في الاحتفاظ بـ1100 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 3.5%.

وقال رضائي: «أعتقد أن الاتفاق النووي لا يطرح مشكلة (مع الدول الست المعنية بالملف النووي الإيراني)، لكن علينا أن نحتفظ في البلاد بـ1100 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 3.5%».

إلى ذلك قالت قناة «العالم» الإيرانية التلفزيونية الناطقة بالعربية إن علاء الدين بوروجردي رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمن القومي في البرلمان الإيراني صرح أمس بأنه يجب على إيران إرسال اليورانيوم منخفض التخصيب إلى عدد من المراحل للخارج لمزيد من المعالجة.

وتابع أنه لأن الغرب انتهك مرارا الاتفاقات في الماضي فيجب أن ترسل إيران اليورانيوم منخفض التخصيب لديها للخارج بشكل تدريجي وعلى عدد من المراحل مع ضرورة اتخاذ الضمانات اللازمة.

وقال بوروجردي مكررا تصريحات مشرعين آخرين إن إيران عليها شراء الوقود اللازم للمفاعل في طهران بدلا من إرسال اليورانيوم المخصب لديها إلى الخارج لمعالجته. ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن بوروجردي قوله: «من الأفضل أن تشتري إيران وقودا مخصبا بنسبة 20 في المائة من روسيا أو أي مورد آخر».

وحذر أيضا الغرب من أن إيران ستنتج وقودا نوويا بنفسها من أجل المفاعل إذا لم تُعِد الجهة الأخرى اليورانيوم المخصب الإيراني بعد زيادة معالجته.

من جانبها دعت روسيا أمس على لسان مسؤول كبير المجتمعَ الدولي إلى التحلي بـ«أقصى قدر من الصبر» في الأزمة النووية الإيرانية، في إشارة جديدة إلى تردد موسكو في توجيه إنذارات أخيرة للإيرانيين.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي الذي يمثل بلاده في المفاوضات الخاصة بهذا الملف سيرغي ريابكوف، في حديث لصحيفة «فريميا نوفوستي» الروسية: «على الجميع إبداء أكبر قدر من الصبر والتركيز على الآلية التي وُضعت بفضل جهود الدول الست (التي تتفاوض مع طهران) وإيران نفسها».

وأشاد ريابكوف باقتراح الوكالة الدولية للطاقة الذرية القاضي بتخصيب اليورانيوم الإيراني في الخارج ورأى فيه وسيلة «لتهدئة المشاعر».

وقال إن «حلولا محددة يمكن أن تنجح» طرحت على طاولة المفاوضات دون أن يستبعد «أن لا تتطور الأمور بالشكل المكثف» الذي يرغب فيه البعض.

وبحسب دبلوماسيين غربيين، فإن مشروع الاتفاق يقضي بأن تسلم إيران حتى نهاية عام 2009، 1200 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بأقل من خمسة في المائة لتخصيبه بنسبة 19.75 في المائة في روسيا قبل نقله إلى فرنسا حيث يحول إلى قضبان وقود للمفاعل.

وقال ريابكوف: «علينا أن لا نعطي الانطباع بأن شيئا لم يتغير في حين أننا نحرز تقدما».

وفي قضية أخرى قال متقي إن إسرائيل «ضعيفة» للغاية ولا تمتلك «الجرأة» لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، بحسب ما نقلت عنه وكالة مهر الإيرانية للأنباء.

وقال متقي: «نعتبر أن النظام الصهيوني اليوم أضعف من أي وقت مضى (...) لا نعتقد أن لديه القدرة على القيام بعمل ضد جيرانه».

وأضاف: «في ما يخص المسألة النووية الإيرانية، الجميع متفق على القول إن العلوم (الإيرانية) لا يمكن تدميرها بالقصف، ونحن لا نرى (لدى إسرائيل) مثل هذه الجرأة».