أمين الإعلام في الحزب الحاكم بمصر: التشدد في الوقاية أفضل من أن تقع «الواقعة»

الدكتور علي الدين هلال لـ«الشرق الأوسط»: ملتزمون بإلغاء الطوارئ.. بعد إصدار قانون مكافحة الإرهاب

د. علي الدين هلال
TT

قال أمين الإعلام في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم بمصر الدكتور علي الدين هلال، إن من يريدون الوصاية على الشعب لا يمكنهم تحقيق فوز في انتخابات قرية، وأضاف أن المرة الوحيدة التي انتقلت فيها السلطة بشكل غير سلمي منذ عهد محمد علي باشا عام 1805، كانت في ثورة سنة 1952 على يد جزء من جهاز الدولة، هو القوات المسلحة، مشددا على أن مصر دولة مؤسسات، ولا حاجة إلى مجلس وصاية، كما يطالب بعض المعارضين، «لأننا لا نمر بانقلاب أو فراغ سياسي». وقال هلال في حوار مع «الشرق الأوسط»، قبل يومين من المؤتمر السنوي للحزب الحاكم المقرر أن يبدأ الجمعة المقبل، إن تحذيرات المعارضين من «ثورة الجياع»، و«انتفاضة الفقراء»، المستمرة منذ العام الماضي، غير واقعية ولم يستجب لها أحد، وأضاف أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ورّث نائبه أنور السادات الحكم، وأن السادات ورّث نائبه حسني مبارك، وأن الرئيس مبارك غيّر الدستور لصالح انتخابات رئاسية بين أكثر من مرشح، مشيرا إلى أن بعض المثقفين ما زالوا يحنّون إلى ضرورة وجود نائب للرئيس.

ووجه الدكتور هلال الذي شغل في السابق موقع وزير الشباب والرياضة في الحكومة المصرية، انتقادات إلى جماعة الإخوان المسلمين التي تُعتبر أكبر قوة معارضة في مصر، وقال إن مشكلة الجماعة تكمن في إصرارها على الجمع بين النشاط الدعوي المبني على طاعة الشيخ والعمل السياسي المبني على التعدد والاختلاف والنشاط السري المحظور، وكلها أمور لا يمكن أن تلتقي وتكون واضحة، لافتا إلى أن الإخوان أهدروا فرص التحول إلى حزب سياسي منذ ما قبل ثورة 1952، وقال إنهم يريدون الاستفادة من الغموض، مشددا على أن مقولة الجماعة بأنها لا تستند إلى الدستور وإنما إلى الشارع «دعوة إلى الفوضى».

وقال هلال إن الفكر الجديد في الحزب الوطني منفتح على الأحزاب السياسية وينظر إليها كمنافس وشريك في سفينة الوطن ومن يُرِد تعديل الدستور أو غيره عليه أن يلجأ إلى الرأي العام والبرلمان، مؤكدا أن الرئيس مبارك ملتزم بإلغاء حالة الطوارئ لكن بعد إصدار قانون لمكافحة الإرهاب. وأضاف هلال: «رؤيتنا تقول إن التشدد في الوقاية أفضل من أن تقع الواقعة، ورسالتنا في المؤتمر تقول: (من أجلك أنت) نغير وجه الحياة في مصر إلى الأفضل، والتخلص من مقولة (مافيش فايدة)».

* يوجد في الوقت الحالي لغط حول من يمكن أن يخلف الرئيس حسني مبارك، بل إن كثيرا من الصحف والحركات المعارضة تتحدث عما تقول إنه مشروع توريث للسلطة من الرئيس مبارك إلى نجله جمال. ويحدث هذا على الرغم من وجود دستور ينظم عملية انتقال السلطة عن طريق انتخابات من بين أكثر من مرشح كما حدث في انتخابات الرئاسة عام 2005، فكيف تنظر إلى هذا الأمر، خصوصا وأن بعض النشطاء المعارضين بدأوا باقتراح أسماء لخلافة مبارك، مثل اسم عمرو موسى وأحمد زويل ومحمد البرادعي؟

ـ أرى هذا التداول وهذا اللغط على ضوء عدة اعتبارات: أولا أن هذا التداول وهذا اللغط ينطلق من تشخيص خاطئ للوضع في مصر، بالقول إنه يوجد في البلاد أزمة طاحنة تلتهم الحياة السياسية المصرية، وبالقول إنه يوجد «فراغ» ويوجد «احتقان». هنا تبدأ بتشخيص الوضع تشخيصا معينا. والشيء الذي لا يقال أنك تنكر الشرعية على كل المؤسسات القائمة. من هذين المنطلقين يمكن فهم هذه الاقتراحات. إحدى سمات قطاع من المثقفين هي الحديث باسم الشعب. ستجد كل شخص مفكّر يقول إن الشعب يرى كذا وكذا كذا، حتى إن كان هذا الشخص لا ينتمي إلى حزب وليس عضوا في حزب وليست له علاقة بأحزاب. ومن هذا الباب يبدأ في الوصاية على الشعب، ووضع أفكار وكلمات في فم الشعب، بينما هذا الشخص، الذي يريد أن يكون وصيا على الشعب، لا يستطيع أن يفوز في انتخابات في قريته.

* لكن توجد فعاليات وكتابات في صحف معارضة وصحف خاصة، وتحذيرات مما تسميه «مستقبلا غير واضح للدولة المصرية»، وبعض المعارضين طرحوا في الفترة الأخيرة أسماء لشخصيات مصرية مستقلة للمنافسة على الرئاسة. هل ترى أن كل هذا ليس ذا أثر حقيقي في أرض الواقع؟ ـ لا بد أن تدرك أن مصر دولة مؤسسات. وباستثناء ما حدث في عام 1952، أقول إنه منذ عهد محمد علي باشا (عام 1805) والي مصر الكبير، حتى حسني مبارك، يتم انتقال السلطة في مصر، بشكل سلمي، أعني أن هذا الانتقال السلمي جرى إبان نظام الوالي، ونظام الخديوي، والنظام الملكي، والنظام الجمهوري. وحتى المرة التي حدث فيها هذا التغيير، عام 1952، تم بواسطة القوات المسلحة، أي جزء من جهاز الدولة. وبالتالي، الحديث عن فوضى شعبية ونزول الناس في الشوارع... أنا أدعوك، لو كنت تابعت بعض هذه الصحف العام الماضي، وعدد المرات التي نشرت فيها تصريحات من قبيل «احذروا ثورة الجياع»، و«انتفاضة الفقراء قادمة»، و«الجوع يلتهم أغلبية المواطنين»... المواطنون لا ينتبهون ولا يستجيبون لمثل هذه الدعوات.

* وماذا يعني هذا في رأيك؟ وماذا تقول حول من يدعون أيضا لضرورة تعيين الرئيس مبارك نائبا له؟

ـ أنا سمّيت مثل هذه الأصوات، في إحدى المرات، «أنبياء الفجر الكاذب». في مصر توجد مؤسسات ويوجد دستور وتوجد قيادة سياسية قوية، لا فراغ، ولا فوضي، والذين يتحدثون عن الفراغ والفوضى هم يعكسون أفكارهم الشخصية وتصوراتهم الذاتية. الذين يتحدثون عن التوريث، عليهم أن ينظروا إلى التوريث الذي كان يحدث منذ عام 1952، حتى إجراء التعديلات الدستورية التي جعلت الرئاسة بالانتخاب من بين أكثر من مرشح عامَي 2005 و2007. ما كان يحدث قبل هذه التعديلات الدستورية كان هو التوريث، أعني أنه عندما يختار الرئيس جمال عبد الناصر السيد أنور السادات، ويصبح مفهوما أن أنور السادات هو رئيس الجمهورية القادم، وعندما يختار الرئيس أنور السادات السيد محمد حسني مبارك نائبا له، يبقى مفهوما «أن مبارك هو الرئيس القادم». هذا هو التوريث، أن يختار كل حاكم أو كل رئيس جمهورية خليفته. ولو عدت بذاكرتك إلى عامَي 2005 و2006 كانت إحدى المطالبات الكبرى للرئيس مبارك أنه لا بد أن يعين نائبا لرئيس الجمهورية، رغم أن الدستور يُجيز له تعيين نائب للرئيس، دون إلزام له بذلك. هذا يعني أن بعض المثقفين كأنه يعز عليهم أن توجد نصوص دستورية لاختيار مرشح للرئاسة من بين متنافسين، أيا كانت أسماؤهم أو أعدادهم، ودون وجود اختيار مسبق من جانب رئيس الجمهورية.. ثم يتحدثون عن الخوف من المجهول، كأن لديهم حنينا إلى فكرة أن يكون لرئيس الجمهورية نائب.. أقول إن الخوف من المجهول يكون مقبولا حين لا يكون هناك دستور أو مؤسسات قوية راسخة.

* وكيف يتعامل الحزب الوطني مع مطالب الحركات المعارضة وأصواتها التي تظهر بين الحين والآخر، مثل حركة «ضد التوريث» وغيرها ممن أعلنت عن نفسها قبل أيام من انعقاد المؤتمر السنوي للحزب، مع الوضع في الحسبان أن بعض هذه الأصوات تطالب بتأسيس مجلس حكماء أو مجلس أمناء لصياغة دستور جديد للبلاد ينظم عملية الانتخابات والعلاقة بين لسلطات؟

ـ نحن جميعا في مجتمع ديمقراطي، ومن حق كل واحد أن يقول رأيه ما دام يعبّر عن هذا الرأي بشكل سلمي ويطرح رأيه علنا وبشفافية. الرأي يقابله الرأي الآخر، والحجة تقارعها الحجة. وبعد ذلك تترك المجتمع يقيّم سلامة هذه الأفكار من حيث مدى واقعيتها وإلى أي مدى تجد هذه الأفكار سندا في الواقع، وإلى أي مدى تعبر عن مشكلات أو هموم الناس. نحن تصورنا لطرح «هذه الحركات المعارضة» مثل هذه الموضوعات قبل انعقاد مؤتمر الحزب الوطني بأسبوع أو عشرة أيام، محاولة منها لشغل الانتباه، ومحاولة منها للتشويش، ومحاولة منها لعمل أجندة مخالفة للقضايا التي سيناقشها المؤتمر وترتبط بشكل مباشر بحياة المواطن المصري. أما في ما يتعلق بالذين يدعون لمجلس حكماء أو أن يؤسس الرئيس مبارك مجلس أمناء لإعادة صياغة الدستور، فإن مثل هذه الآراء تعني ببساطة دعوتها لسحب الشرعية من جميع مؤسسات الدولة الحالية، وهذا أمر لا يمكن أن يحدث إلا في حالتين: أن يكون في مصر فراغ، أو انقلاب، وهذا أمر غير موجود، لأن مصر بها دستور، والدستور توجد طرق معروفة لتعديله، بطلب إما من رئيس الجمهورية، وإما من البرلمان. أما موضوع مجلس حكماء فلم يظهر على الساحة في مصر إلا في واقعتين: الأولى أيام استقلال مصر عن بريطانيا عام 1923، والثانية أيام ثورة عام 1952. ومصر بعيدة تماما عن مثل هذه الوقائع التي تتطلب الانتقال من نظام إلى نظام جديد، وإعادة النظر في طريقة حكم البلاد، أي ليس لدينا فراغ دستوري ولا وقع لدينا انقلاب. ومن ثم كل هذه الأفكار لا محل لها في الواقع.

* الحزب الحاكم متهم من جانب كثير من المعارضين بأنه منغلق على نفسه ولا يريد التجاوب مع مطالب التيارات السياسية الأخرى، سواء كانت هذه التيارات «شرعية» كأحزاب المعارضة، أو محظورة كجماعة الإخوان المسلمين. كيف ترد على هذا؟ ـ الفكر الجديد في الحزب الوطني هو فكر منفتح على الأحزاب السياسية، يحترم رؤاها، وينظر إليها كمنافس ومنتقد لسياساته، بل أيضا كمشاركين في سفينة الوطن. والقضية مع أي قوى أخرى، دون تسمية لأي تيار، ليست بالنسبة إلينا في مضمون ما يطرحونه من أفكار، بل قضية قانون ودستور وشرعية. في كل دول العالم مَن يُرِد أن يعمل في العمل العام يكُن هذا من خلال الدستور والقانون، سواء في مجال الخير ونشر الدعوة والفضيلة، تستطيع أن تنشئ جمعية أهلية لهذا الغرض، وإذا أردت أن تعمل في المعترك السياسي، وأن تتنافس على السلطة، وهو عمل مشروع وديمقراطي، فعليك أن تنشئ حزبا سياسيا يتوافق مع القانون والدستور. الإشكال في جماعة الإخوان المسلمين أنهم يريدون الجمع بين أمرين: أن يكونوا جماعة دعوية تنشر الفضيلة والدعوة الدينية التي هي بحكم تعريفها تتطلب الطاعة، ثم تريد أيضا أن تشتغل بالسياسة، والعمل السياسي بحكم تعريفه يفترض التنوع والاختلاف. وهنا يظهر الخلط لدى جماعة الإخوان: هل العلاقات هي بين شيخ ومريديه، وهي علاقات مشروعة ومحترَمه، أم هي علاقات بين أطراف في توجه سياسي؟ العلاقة بين الشيخ ومريديه تقوم على الطاعة والانضباط، بينما العلاقة في العمل السياسي تقوم على التنوع والتعدد والاختلاف.

* هل هذا يعني أنكم في الحزب الحاكم لم تتمكنوا من تحديد الأطر العامة التي تنطلق منها جماعة الإخوان، وما إذا كانت جماعة دعوية أم جماعة سياسية، أم ما بين بين؟ ـ الإخوان ليس لديهم رغبة في تقنين وضعهم.. مثلا: في الفترة قبل عام 1952 كان تأسيس حزب جديد لا يتطلب أكثر من إرسال خطاب موقع عليه من 3 أشخاص للجهة المختصة، لكن الإخوان، ورغم دخولهم الحياة السياسية قبل عام 1952، لم يفعلوا ولم يبادروا بتأسيس حزب لهم.. وبعد عودة الأحزاب السياسية، منذ عام 1977 وحتى تعديل الدستور في 2005 (الذي أضيفت فيه مواد تحظر استغلال الدين في العمل السياسي) لم يتقدم الإخوان أو جزء منهم لإنشاء حزب سياسي. ولهذا ذهب بعض المحللين، في تفسير موقفهم، إلى القول إن جماعة الإخوان تريد الاستفادة من هذا الغموض.. تريد أن تجمع بين أمور مختلفة.. أي أن تستمر بين كونها حركة دعوية إصلاحية لنشر الإسلام، وحزبا سياسيا يسعى للسلطة، وتنظيما سريا في وقت من الأوقات كان يحمل السلاح. وتستمع في هذا الإطار إلى أفكار غريبة من جانب الإخوان، منها القول بأن «شرعيتنا لا تُستمد من الدستور والقانون بل تُستمد من الشارع».. هذه دعوة إلى الفوضى.

* حسنا، لكن أحزاب المعارضة «الشرعية»، خصوصا الكبيرة، ومنها الوفد والتجمع والناصري، ترى أيضا أن الحياة السياسية في مصر تحتاج إلى بعض الحلحلة، وأعلنوا الأسبوع الماضي عن عدة مطالب منها ضرورة إيجاد ضمانات لانتخابات رئاسية وبرلمانية عادلة ونزيهة، تحت إشراف كامل للقضاء، وإنهاء حالة الطوارئ المستمرة في البلاد منذ عام 1981. هل لدى الحزب الحاكم استعداد لمناقشة هذه الأحزاب في مطالبها؟

ـ الحزب الوطني ينطلق من أن الديمقراطية الحقيقية تعني، وتتطلب أيضا، حياة حزبية فاعلة وقوية، وشرعية النظام السياسي في مصر مستمدة من الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة. من حق أي حزب أن يطرح أو أن يقترح ما يعتقد أنه يصب في المصلحة العامة. نحن لا نستطيع، ولا يجب أن نصادر على حق الآخرين في التعبير عن آرائهم لكن لنا رأيا في ما يقال. نفس هذا الكلام الذي تتحدث عنه أحزاب المعارضة اليوم قيل منذ سنتين، أي عند إجراء التعديلات الدستورية عام 2007، طرحت الكثير من هذه الآراء.. أنا أتفهم أن الأيام التي تسبق مؤتمر الحزب الوطني يتزايد فيها الاهتمام بالقضايا السياسية، كما يحدث هذه الأيام. لن أكيل الاتهام لأحد، لكن مرة أخرى أتساءل: ما مدى واقعية هذا الكلام؟ وما الطريقة القانونية لإثارته؟ مثلا المطالبون بالانتقال من نظام حكم رئاسي إلى نظام حكم برلماني، لكي تنفذ هذا عليك أن تتبع الطرق التي رسمها الدستور لتغيير بعض مواده، فليطرح آراءه بالطريق السلمي لإقناع الرأي العام ونواب البرلمان والمثقفين بهذه الفكرة.. أما عن إلغاء حالة الطوارئ، فقد تم الالتزام من جانب الرئيس مبارك بهذا الإلغاء، بحيث يحل محل حالة الطوارئ قانون لمكافحة الإرهاب.. ومع هذا ارتفعت أصوات تعارض هذا، وتقول إن استمرار حالة الطوارئ أفضل من قانون جديد لمكافحة الإرهاب. إذا أردت أن تلغي حالة الطوارئ فلا بد من استصدار قانون لمكافحة الإرهاب مثلما فعلت معظم دول العالم. إلغاء حالة الطوارئ دون قانون لمكافحة الإرهاب يثير علامات استفهام، والحزب الحاكم عليه مسؤوليات سياسية ودستورية وأخلاقية، ويفكر في النتائج. رأيي أن الحظر والتشدد في الوقاية أفضل من أن تقع الواقعة.

* هل هذا يعني أن أجندة مؤتمر الحزب ستخلو من أي ذكر للانتخابات الرئاسية المقرر لها عام 2011، خلافا لما تردد من جانب بعض الحركات المعارضة؟

ـ كنت أتصور، ونحن مقبلون على انتخابات برلمانية العام المقبل، أن ينصبّ الاهتمام على انتخابات مجلسَي البرلمان، قبل أن ينصبّ الاهتمام على طريقة موضوع انتخابات رئاسة الجمهورية. الذين اختاروا توقيت طرح هذا الموضوع في هذا التوقيت، يقصدون به التأثير على الرأي العام للتشويش، رغم أن المؤتمر السنوي ليس من حقه أن يسمي مرشح الحزب للرئاسة. على أي حال، في بعض الأحيان يُنشر في عدد من الجرائد خبر يقول: «صرحت مصادر قريبة من صنع القرار في الحزب الوطني»، أو «صرحت مصادر مطلعة بالحزب الوطني»، ثم ينطق كفرا! في إحدى المرات نشرت إحدى الصحف المصرية الخاصة أن أمانة التنظيم قالت إن الأعضاء الذين فوق سن ستين سنة لن يعاد ترشيحهم مرة أخرى، ولم يكن لمثل هذا الخبر أي أساس من الصحة. مثل هذه الواقعة تثير قضية «المتعالمين» ببواطن الأمور، ممن يزعمون معرفتهم ببواطن الأمور في الحزب، وهم الذين يريدون إعطاءك فكرة أنهم قريبون من دوائر السلطة والقيادة. وهم أبعد ما يكون عن هذا.. ويدخل في هذا السياق كلام لا أساس له من الصحة.. نحن نعتبر هذا الأمر، في الأيام التي تسبق المؤتمر السنوي للحزب الوطني، موسم الهجوم على الحزب. ومع ذلك، سيحظى المؤتمر بتغطية إعلامية واسعة، بما في ذلك المؤتمر الصحافي الذي تنظمه أمانة الإعلام للسيد جمال مبارك، والذي سيعقد ظهر الأحد القادم. وسيكون متاحا للقنوات الفضائية وموقع الحزب على الإنترنت. أما بالنسبة إلى التلفزيون المصري فإنه لا ينقل وقائع مؤتمرات الحزب نقلا مباشرا، وإنما يقوم بالتغطية عن طريق رسائل يومية مثل أي حدث كبير في مصر. وينقل فقط بشكل مباشر خطاب رئيس الجمهورية في المؤتمر.

* وما أبرز الموضوعات والمحاور التي ستُطرح على مؤتمر الحزب للنقاش؟

ـ المحاور تضم دائرة عريضة من الموضوعات. لدينا قضية العدل الاجتماعي، والصحة، والغلاء، ومكافحة الفقر، وكذا قضية الاستثمار من أجل التوظيف، والإسكان والمرافق، والطاقة، والزراعة والمياه. المؤتمر يتناول معظم القضايا الرئيسية التي تهم المواطن العادي، من هنا كان شعار مؤتمر هذه السنة «من أجلك أنت». رسالتنا في المؤتمر: هناك جهد كبير مبذول على أرض مصر، هناك تغيير لوجه الحياة في مصر، وهناك تفاعل وإدراك لمشكلات الناس والقضايا الطارئة، وأن قدرة الاقتصاد المصري على التقليل من آثار الأزمة المالية العالمية لم تأتِ من فارغ بل من اتباع سياسات مالية واقتصادية واضحة منذ عام 2002. ولهذا حين جاءت الأزمة المالية العالمية، لم يحدث في مصر عمليات إفلاس كبرى، ولم يحدث عملية طرد للعمال. رسالتنا في المؤتمر السنوي أيضا هي أنه رغم وجود إنجازات فإننا لم نحقق الكمال. ما زالت هناك تحديات وطريق لا بد أن نستكمله. ورسالتنا أيضا هي ضرورة الثقة بالذات، والتخلص من مقولة «مافيش فايدة»، وهذه رسالة سياسية وشعبية هامة للمؤتمر.

* لكن بالتحديد ما مشروعات القوانين المتوقع أن يناقشها مؤتمر الحزب، تمهيدا لإحالتها إلى البرلمان في دورته السنوية الجديدة التي تبدأ الشهر القادم؟

ـ هناك مشروعات قوانين موجودة بالفعل في البرلمان، مثل قانون يتعلق بالآثار ونقل وزارعة الأعضاء البشرية، وهناك مشروعات قوانين ستُعرَض على مؤتمر الحزب الوطني أولا وسيلتزم الحزب بأن تدخل الدورة البرلمانية القادمة، منها قانون التأمين الصحي، ليشمل كل مواطن على أرض مصر. وقانون الضمان الاجتماعي ليشمل الأسر الفقيرة والأسر التي لا عائل لها، وقانون التأمينات والمعاشات الجديد، بما لا يؤثر على أوضاع المؤمَّن عليهم حاليا. هذه القوانين ستُعرَض على المؤتمر ثم تدخل البرلمان. ويوجد مقترح بمشروع مدته خمس سنوات سيُطرَح في المؤتمر للتحفيز الاقتصادي في البلاد، بحيث يكون الاعتماد على التمويل المالي بالاقتراض من الداخل، دون اللجوء إلى الاقتراض من الخارج.

* وماذا عن الجانب السياسي؟ ما القضايا السياسية المهمة التي سيناقشها مؤتمر الحزب؟

ـ توجد ورقة سياسية في المؤتمر تناقش موضع اللا مركزية ونقل السلطات للمحليات. ونحن نرى أن هذا الأمر ليس مجرد ضرورة سياسية، بل ضرورة تنموية أيضا. وسيتم عرض تجارب رائدة في المؤتمر عن مشروعات جرت بالفعل في ما يتعلق باللا مركزية. كذلك تتضمن الورقة السياسية المعروضة على مؤتمر الحزب قضايا تتعلق بدور مصر الثقافي، خصوصا في ما يخص حل مشكلات صناعة الكتاب والسينما في مصر.