إيران ترد اليوم على مسودة اتفاق نقل اليورانيوم.. وواشنطن تحذرها من الرفض

الأمم المتحدة: عمليات التفتيش النووي في قم «خطوة إيجابية» >جيمس جونز: لا يوجد أي خيار مستبعد

جندية أميركية تتحدث مع زميلتها الإسرائيلية في قاعدة عسكرية بإسرائيل خلال المناورات العسكرية بين البلدين أمس (إ.ب.أ)
TT

قالت وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء أمس إن إيران ستسلم الوكالة الدولية للطاقة الذرية اليوم في فيينا ردها الرسمي على مشروع اتفاق حاسم ينص على نقل جزء من اليورانيوم المنخفض التخصيب إلى الخارج للحصول على الوقود، لكنها تريد إدخال تعديلات عليه. وأوردت الوكالة أن علي أصغر سلطانية مندوب إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية «سيلتقي الخميس في فيينا (المدير العام للوكالة) محمد البرادعي وسيسلمه رد إيران»، مضيفة أن سلطانية سيغادر طهران ليل أمس إلى فيينا.

وأوضحت «مهر» نقلا عن «مسؤول مطلع» أن «إيران توافق في ردها النهائي على الإطار الذي أعد أثناء مفاوضات فيينا لتسليم الوقود المخصص لمفاعل الأبحاث في طهران، لكنها اقترحت تعديلات في نص مشروع الاتفاق». كما نقلت أيضا وكالة الأنباء الطلابية عن عضو بارز بالبرلمان الإيراني قوله إن إيران ستقدم ردها على مسودة الاتفاق اليوم. وذكرت وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء أن محمد كرميراد، عضو لجنة شؤون الخارجية والأمن القومي بالبرلمان الإيراني، قال «ستقدم إيران ردها على مسودة اتفاق الوقود النووي التي صاغتها الأمم المتحدة غدا الخميس (اليوم)».

وكانت قناة «العالم» التلفزيونية الإيرانية الناطقة بالعربية ذكرت أول من أمس نقلا عن مصدر مطلع أن إيران ستوافق على «الإطار العام لمشروع الاتفاق لكنها تطالب بإدخال تعديلات كبيرة عليه». وعرض البرادعي في 21 أكتوبر (تشرين الأول) في فيينا بعد يومين ونصف يوم من المفاوضات بين إيران وروسيا والولايات المتحدة وفرنسا، مسودة اتفاق ترمي إلى تهدئة مخاوف الدول الكبرى حول طبيعة النشاطات النووية الإيرانية. ووافقت واشنطن وموسكو وباريس الجمعة على اقتراح الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكن إيران طالبت بمهلة بضعة أيام إضافية لتحضير ردها.

وحذرت الولايات المتحدة طهران من أي رفض للإيفاء بالتزاماتها، مؤكدة أنها «مستعدة» للرد على هذا الاحتمال.

لكن موسكو اعتبرت أن فرض العقوبات على إيران أمر غير مرجح في «المستقبل القريب».

وأفاد دبلوماسيون غربيون بأن مشروع الاتفاق ينص على أن تسلم إيران بحلول نهاية العام الجاري 1200 كلغم من اليورانيوم المخصب بأقل من 5% لتخصيبه في روسيا حتى 20%، قبل أن تحوله فرنسا إلى قضبان وقود نووي لتشغيل مفاعل الأبحاث في طهران الذي يعمل تحت مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

لكن الكثير من المسؤولين الإيرانيين رفضوا فكرة إرسال هذه الكمية من اليورانيوم المخصب إلى الخارج. وتملك إيران حاليا مخزونا من 1500 كلغم من اليورانيوم المنخفض التخصيب.

وقد تكون «التعديلات» التي تحدثت عنها طهران متعلقة بإجراءات تسليم اليورانيوم وكميته.

وأعلن الأمين العام لمجلس تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي، قائد الحرس الثوري سابقا، أن بلاده يجب أن تحتفظ بـ1100 كلغم من اليورانيوم المخصب.

بدوره اقترح رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى، النائب علاء الدين بوروجردي، تسليم إيران اليورانيوم تدريجيا. وقال النائب كاظم جلالي إن «بعضهم يحلم بابتلاع كامل اليورانيوم المنخفض التخصيب الذي نملكه وإخراجه من البلاد لكن ذلك لن يتم». من جانبها أفادت صحيفة «طهران أمروز» القريبة من المحافظين المعتدلين بأن «تسليم مخزون اليورانيوم على دفعة واحدة لا يقبله الرأي العام».

واعتبرت الصحيفة أن «ذلك يجب أن يتم على مراحل عدة» وفي كل واحدة يجب على الدول الكبرى «أيضا أن تخطو خطوات».. وأولاها وقف «عملية اتخاذ قرارات ضد إيران» قبل «إلغاء القرارات السابقة ونهاية العقوبات الظالمة التي فرضت على البلاد تكاليف باهظة». وصدرت خمسة قرارات بحق إيران في مجلس الأمن الدولي، ثلاثة منها أرفقت بعقوبات.

وتتهم عواصم غربية عدة الجمهورية الإسلامية بالسعي إلى امتلاك السلاح الذري تحت غطاء أنشطة نووية مدنية، الأمر الذي تنفيه طهران. وتعتبر مسألة تخصيب اليورانيوم قضية أساسية في هذا الملف، لأنه إذا كان اليورانيوم المنخفض التخصيب يستخدم في المفاعلات النووية المدنية فإن اليورانيوم العالي التخصيب (90%) يمكن أن يستخدم في صنع السلاح النووي.

وكان خافيير سولانا، منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، قال أول من أمس إنه لا يرى ما يدعو لإدخال تعديلات جوهرية على مسودة الاتفاق، كما لمح هو ووزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير إلى أن طهران ستعرض نفسها لعقوبات دولية أشد إذا حاولت إجهاض الاتفاق.

وفي واشنطن، قال جيمس جونز، مستشار الأمن القومي الأميركي، ليل أول من أمس إن الولايات المتحدة مستعدة للرد في حال لم تف إيران بالتزاماتها بشأن برنامجها النووي المثير للجدل.

وأضاف «على إيران الوفاء بالتزاماتها». وحذر جونز في كلمة أمام مجموعة «جاي ستريت» الليبرالية الموالية لإسرائيل «لا يوجد أي خيار مستبعد»، إلا أنه لم يكشف عن تفاصيل محددة حول الرد المحتمل. وأكدت القوى الكبرى أن طهران قد تواجه مجموعة جديدة من العقوبات الأقسى تستهدف قطاع النفط الإيراني إذا واصلت تحدي المطالب الدولية.

وقال جونز «سنرى إذا كان من الممكن أن يثمر الحوار عن النتائج الملموسة التي نريدها، وإذا لم يحدث ذلك فسنكون مستعدين». وجاءت تصريحاته بعد أن ذكر التلفزيون الإيراني الرسمي أن إيران ترغب في إدخال تعديلات كبيرة على مسودة الاتفاق الذي تم التوصل إليه بشأن برنامجها النووي.

وأكد جونز «لا يزال أمامنا طريق طويل»، مشيرا إلى أن إدارة أوباما أجرت مشاورات مع إسرائيل والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا.

وقال جونز «إذا نفذ هذا المشروع فإنه سيعيد قدرات إيران (على إنتاج أسلحة) إلى الوراء، لأنه يخفض من مخزونها إلى ما دون الكمية اللازمة لصناعة سلاح، وسيستغرق إعادة إنتاج كمية لازمة لإنتاج الأسلحة وقتا طويلا». وأضاف «لكن يجب ألا يكون هناك أي شك في أن هدفنا يبقى وقف برنامج إيران لتخصيب» اليورانيوم.

ويأتي ذلك فيما أقرت لجنة بمجلس النواب الأميركي تشريعا يعاقب الشركات التي تبيع البنزين إلى إيران، مما يوفر للرئيس الأميركي باراك أوباما أداة جديدة يستخدمها ضد طهران إذا ما واصلت تحديها فيما يتعلق ببرنامجها النووي. ويهدف مشروع القانون الذي قدمه النائب الديمقراطي هاوارد بيرمان إلى خفض إمدادات إيران من البنزين إذا ما فشلت المفاوضات. غير أن المشروع يتعين إقراره من قبل لجان أخرى والكونغرس بأكمله قبل أن يصبح قانونا. ويوسع مشروع بيرمان قانون عقوبات ضد إيران أقر في عام 1996 ليمنع الشركات التي تبيع منتجات نفط مكررة إلى إيران بما فيها البنزين من العمل في الولايات المتحدة. من ناحيته، رحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس بقرار إيران السماح للمفتشين بالوصول إلى محطة قم للتخصيب التي أعلن عنها في الآونة الأخيرة، ووصف ذلك بأنه خطوة إيجابية. وأضاف «أرحب أيضا بمشروع الاتفاق الذي وزعته الوكالة الدولية للطاقة الذرية المتصل بتزويد مفاعل البحوث في طهران بالوقود». وتابع أن ذلك «سيشكل إجراء مهما لبناء الثقة ويمهد الساحة لمزيد من التقدم في المفاوضات».

ووصل فريق من مفتشي الأمم المتحدة إلى إيران يوم الأحد لزيارة موقع قم الجديد الذي يقع على بعد 160 كيلومترا جنوب طهران. ونقلت وكالة الطلبة عن بوروجردي قوله أمس إن خبراء الأمم المتحدة الذين وصلوا إلى إيران يوم الأحد غادروا البلاد، ولم يقدم أي تفاصيل.