عبد الله عبد الله منافس كرزاي لـ «الشرق الأوسط»: التزوير واقع لا محالة ولن أشارك في انتخابات غير شفافة

قال: الأميركيون بدأوا يدركون الصعاب والمخاطر التي وضعهم فيها كرزاي

عبد الله عبد الله مرشح الرئاسة الأفغانية (أ.ف.ب)
TT

على الرغم من أن عبد الله عبد الله منافس الرئيس المنتهية ولايته حميد كرزاي في الانتخابات الرئاسية الأفغانية طالب بكثير من الضمانات حتى لا تتكرر نغمة الانتهاكات والتزوير، إلا انه غير واثق تماما من عدم تكرار ذلك في جولة الإعادة المقررة 7 نوفمبر «تشرين الأول» الجاري، وكان الدكتور عبد الله عبد الله قد طالب بإقالة عدد من الوزراء واختيار رئيس جديد للجنة الانتخابات، لأن رئيسها عزيز الله لودين مثل تحيزا واضحا في تصريحاته لصالح الرئيس كرزاي، كما دعا عبد الله إلى اتخاذ عدد من الإجراءات التي قال إنها ضرورية لضمان الحد الأدنى من الإنصاف في الجولة المقبلة من الانتخابات، ومن بينها إقالة المتورطين في أعمال التزوير والغش، واستبعاد عدد من الوزراء من بينهم وزير الداخلية، ووزير التربية ووزير الشؤون القبلية. وجاء الحوار على النحو التالي:

* كان عبد الله عبد الله المرشح في مواجهة الرئيس الأفغاني حامد كرزاي هدد بمقاطعة الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 7 نوفمبر تشرين الثاني إذا لم تتم الاستجابة قبل مساء اليوم لسلسلة شروط تضمن نزاهة وانضباط هذه الانتخابات.

وذكرت مصادر في الحملة الانتخابية لعبد الله عبد الله المرشح المعارض في الانتخابات الرئاسية الأفغانية لـ«الشرق الأوسط»، انه سيقاطع الدورة الثانية من الاقتراع إذا لم تلب (أمس) مجموعة مطالب تقدم بها. وألغى عبد الله عبد الله، الحاصل على المركز الثاني في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 20 أغسطس (آب) الماضي، رحلة مقررة للهند أمس، ومن المقرر أن يعلن أمام تجمع لأنصاره صباح اليوم إذا ما كان سيقاطع الانتخابات أم سيشارك في الانتخابات المقررة الأسبوع المقبل، وفقا لما ذكره المتحدث باسمه علي فرهاد هويدا. وألمح عبد الله عبد الله، وزير الخارجية السابق، أنه ربما ينسحب من الجولة الثانية ما لم يتم إيقاف ثلاثة وزراء في الحكومة، بينهم وزير الداخلية، وإقالة رئيس لجنة الانتخابات المستقلة. وقال عبد الله لـ«الشرق الأوسط» إنه وضع شروطا لتجنب تكرار التزوير الذي استشرى في انتخابات أغسطس (آب).

وقال مولانا فريد وهو مسؤول كبير في حملة عبد الله الانتخابية لـ«الشرق الأوسط»، «إذا لم تتحقق الشروط التي يطالب بها عبد الله، سيعلن قراره في مؤتمر صحافي اليوم بمقاطعة الانتخابات. وأضاف «لن نشارك في انتخابات إذا لم تكن شفافة ولا تزوير فيها». وسيتنافس في الدورة الثانية من الانتخابات في السابع من تشرين الثاني نوفمبر عبد الله والرئيس المنتهية ولايته حميد كرزاي. وكان عبد الله طلب مطلع الأسبوع طرد رئيس اللجنة الانتخابية المستقلة المكلفة تنظيم الاقتراع واحتساب الأصوات، التي يتهمها بالانحياز لكرزاي. «الشرق الأوسط» كانت قد التقت عبد الله عبد الله غداة الجولة الأولى يوم 20 أغسطس (آب) الماضي في فيلته بحي كارتييه بروان بوسط كابل، وكانت مزدحمة بأنصاره والمقربين منه الذين يتلقون البيانات الأولية من اللجان الانتخابية من المناطق المترامية عن قلب كابل، وكانت في أغلبها تشير إلى تقدم عبد الله عبد الله المرشح الطاجيكي على خصمه البشتوني كرزاي. «الشرق الأوسط» تحدثت الى عبد الله عبد الله بعد صلاة الجمعة بوساطة خاصة من اثنين من مديري حملته الانتخابية مولانا فريد والشيخ خليل حناني وكلاهما يتحدث العربية بطلاقة، والأخير خريج جامعة أم القرى بمكة المكرمة، وحاصل على الدكتوراه في رسالة عن المرأة الأفغانية من جامعة الخرطوم. وكان عبد الله منشرحا ومرتاحا، وأثنى على مقابلة «الشرق الأوسط» بتاريخ 22 أغسطس، وقال وهو يضحك بصوت عال: «إن لم يحدث تزوير فالنصر حليفي»، هذا هو السيناريو الذي توقعته، وقد حدث أمام العالم كله. وعبد الله عبد الله طبيب عيون يرتبط بإقليم بانشير بسبب علاقته الوثيقة مع مجاهدي بانشير، والقائد الراحل أحمد شاه مسعود، الذي ساعد في هزيمة السوفيات. ويُعد مسعود حجر الزاوية في حملة انتخابات عبد الله. ففي شوارع كابل تجد ظلال صورته على العديد من الملصقات الانتخابية لعبد الله. وقد انطلقت حملة عبد الله تحت عنوان «ربما أفوز» مايو (أيار) الماضي، للحصول على شعبية مرتفعة من خلال انتشار الحملة الانتخابية في الإعلانات التلفزيونية والإذاعية والتجمعات الانتخابية. ومن أقواله المأثورة للأفغان «أعطوني القوة حتى أستطيع إرجاع السلطة إليكم». وقد تبنى عبد الله طبيب عيون ووزير الخارجية السابق لكرزاي، دعوة تعليم الشعب الأفغاني؛ حيث تبلغ نسبة المتعلمين 32% فقط (15% بالنسبة للمرأة). ويتميز عبد الله بقصر خطاباته وبساطة شعاراته وردوده على ممثلي الإعلام بأجوبة أشبه بالتيكرز لقصرها وجدواها، وحرصه على أن يوافق خطابه الإقليم الموجه إليه. يذكر ان الرئيس المنتهية ولايته كرزاي حصل على نسبة 49،67% من الأصوات في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية ما اضطره إلى خوض دورة ثانية أمام منافسه الرئيسي عبد الله عبد الله، بحسب النتائج الرسمية للجنة الانتخابية المستقلة. ورفضت اللجنة ثلاث مرات على التوالي إعلان النتيجة التي حصل عليها عبد الله في الدورة الأولى فيما قدرت منظمة «ديمقراطية دولية» لمراقبة الانتخابات أن يكون عبد الله جمع 31،5% من الأصوات. وعبد الله عبد الله نصف بشتوني يستمد معظم دعمه من الطاجيك بسبب قربه من الجنرال احمد شاه مسعود زعيم تحالف الشمال المناهض لطالبان، الذي اغتالته القاعدة قبل يومين من هجمات سبتمبر 2001. وتأتي الدورة الثانية في وقت تشهد فيه أعمال العنف تصعيدا حيث كشف هجوم الأربعاء على استراحة تابعة لمنظمة الأمم المتحدة نقاط الضعف التي تعاني منها كابل في مواجهة متشددي طالبان.

* هل تتوقع عمليات تزوير وانتهاكاً في انتخابات الدورة الثانية يوم 7 نوفمبر«تشرين الثاني» الجاري؟ - أعتقد أن التزوير واقع لا محالة ما لم يحدث تغيير واضح وملموس في آليات عمل مفوضة الانتخابات العامة بما يضمن نزاهة وشفافية وانضباط سير العملية الانتخابية.

* لماذا صوت المواطنون الأفغان البسطاء والفقراء للدكتور عبد الله عبد الله في الدورة الأولى؟

- بادئ ذي بدء، أعتقد أنهم يدعمونني إلى حد بعيد، وهو ما يعني أنهم فهموا الرسالة، ورسالتي هي خدمة الشعب الأفغاني، والمنطقة، وهذا الجزء من البلاد، وتلك المنطقة، وسأقوم بذلك كشخص عاش داخل أفغانستان لأعوام كثيرة وفي وقت سادت فيه معتقدات مختلفة منها، وبعد ذلك خبرتُ الوضع الجديد الذي تعيشه أفغانستان حاليا. وأعتقد أن الشعب الأفغاني يعلم أني أفهم الوضع على نحو أفضل، وأني في كثير من الأحيان أفضل في التعامل مع الوقائع على الأرض داخل هذه البلاد. ويعيش الأفغان الفقراء في منازلهم، وقد جبت قراهم من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب قبل الجولة الأولى من الانتخابات. ونالت الرسالة التي كنت أحملها للمواطنين ترحيبا من معظم من قابلتهم في أفغانستان، وأعتقد أن الحملة الانتخابية كانت حملة جيدة، وأنها أعطت فرصة للمواطنين الذين لم يعرفوني كي يطلعوا على برامجي واستراتيجيتي، لأن برامجي ذات صلة بالأشياء الأساسية داخل هذه البلاد على الصعيد السياسي والإداري والتنمية الاقتصادية والخدمات وهكذا. وأعتقد أن هذا هو ما ساعدني في الحصول على دعم بين المواطنين الفقراء وبين باقي أطياف المجتمع.

* هل تعتقد أن أميركا رفعت يدها اليوم عن الرئيس كرزاي؟ - لا أعتقد ذلك، بل بدا الأميركيون يدركون مدى الصعاب الضخمة التي وضعهم فيها كرزاي على مدى 8 سنوات من حكمه.

* بعد الهجوم الأخير الذي قامت به حركة طالبان قبل يومين، هل تعتقد أن الوضع الأمني في تدهور؟

- للأسف، أقل ما يمكن قوله هو أن الوضع الأمني لا يتحسن، والهجوم الأخير قبل يومين خير دليل على ذلك، لكن السؤال هو، هل يمكننا أن نغيّر من هذا الوضع، علما بأني أرى أن جزءا من ذلك لا يرتبط بالناحية العسكرية، لكنه مرتبط بأشياء أخرى مثل الحكومة والوضع السياسي، وقدرتنا على تأسيس نظام سياسي مستقر يمكن للمواطنين المشاركة فيه بصورة صحيحة، وأن ينظروا إلى أنفسهم على أنهم جزء من العملية، وهذه هي قضية أسياسية وعنصر في تحقيق الأمن والاستقرار، بعيدا عن العوامل الأخرى المرتبطة بالتعامل مع التمرد وغير ذلك. الوضع الأمني لا يتحسن، وهناك جهد كبير يجب على الأفغان والمجتمع الدولي القيام به، وهو ليس عسكريا وحسب، وأعني أن الحكومة الجيدة سوف تساعد على تحقيق الأمن والعدالة داخل البلاد، وسوف تساعد على خلق نظام سياسي مستقر، ومستقبل مشرق متطور لصالح مواطني هذه البلاد، وجميع هذه الأشياء سوف تساعد على تحقيق الأمن الذي يغيب للأسف في المرحلة الحالية.

* ما أولوياتك إذا ما نجحتم في الوصول إلى القصر الجمهوري؟

- بالطبع، ستكون الأولوية لتحقيق الأمن وتشكيل نظام حكم جيد، وهاتان هما القضيتان الأساسيتان، لكن أول شيء هو عقد مؤتمر دولي حول المصالحة والسلام، لجعل ذلك جزءا من نقاش قومي بدلا من أن يكون نهجا ضيقا لمجموعة أو لحكومة، ويهدف ذلك مشاركة المواطنين والوصول إلى وسائل لتحقيق السلام والمصالحة بين مواطني أفغانستان، ولا يعني ذلك أننا سوف نحقق الأمن والسلم في يوم وليلة، لكن سوف يساعد ذلك في تحقيق الاستقرار بصورة مجملة.

*عملت مع الرئيس كرزاي من قبل عندما كنت تشغل منصب وزير الخارجية، هل تتفق معه على أي شيء، ولماذا استقلت؟

- ببساطة أقول، إنني لم أجد شيئا جيدا فيه، وأنه كان في البداية يستمع إلى الآخرين ويستشير الناس، وكان يبدو أنه سوف يسير الأمور بالمنطق ويشكل ما يشبه فريق عمل وهكذا. أما السبب وراء استقالتي هو أني أرى في الواقع أنه قرر أنني يجب المشاركة في مجلس الوزراء والعمل في أماكن أخرى آنذاك، وقمت بذلك قبل ثلاثة أعوام ونصف، لكن في هذا الوقت رأيت أن الأشياء بدأت تتغير ولم يكن الفريق الذي يحيط به متماشيا مع ما تريده مصالح هذه البلاد، وكان هناك الكثير من المصالح التي تحيط بقضايا سياسية معينة، وكنت أرى أن ذلك سوف يضر بالبلاد، لذا رفضت أن أنضم إلى الحكومة، وكنت شاهدا على فترة كانت فيها الفجوة بين المواطنين والحكومة في اتساع. أعتقد أن هذا كان هو القصور الرئيسي، لذا رأيت أنه يجب عليّ لعب دور آخر.

* ما الذي تريده من الدول العربية والأطراف الإقليمية مثل السعودية وإيران وتركيا؟ وكيف ترى الدور الذي يجب عليهم القيام به؟

- أعتقد أنهم يمكن أن يشاركوا في تحقيق الاستقرار داخل هذه البلاد وفي خلق حياة أفضل للمواطنين، لأن السيناريو الآخر وهو غياب الاستقرار عن أفغانستان ستكون له آثار سلبية على المنطقة في المجمل. ولا يقف الأمر على فكرة أنه بغياب الاستقرار عن أفغانستان فإن كل طرف سوف يعاني، لكن هناك أيضا فرصا هنا، لذا فإن أفغانستان المستقر يمكن أن يكون جسرا بين جنوب ووسط وغرب آسيا والشرق الأوسط، ويمكن للجميع أن يستفيدوا من ذلك الوضع بصورة أو بأخرى، لذا فإنه من المهم أن يكون هناك تواصل بناء بين المنطقة، وما سواها ولا سيما مع الدول العربية والإسلامية.

* في رأيك، كم من الأعوام سوف تقضيها القوات الدولية داخل أفغانستان؟

- أعتقد أنه يصعب التنبؤ أو التوقع في الوقت الحالي، ويجب أن تكون هناك ظروف في أفغانستان تساعدك على استشراف المستقبل، ولا يوجد ذلك في الوقت الحالي. وبهذا أقصد أننا في حاجة إلى وجود قوات دولية في هذا الوقت، ويجب أن تكون لدينا خارطة طريق للمستقبل، يتولى فيه الأفغان المسؤوليات، وتكون هناك مؤسسات أفغانية مثل جيش وطني وشرطة وطنية، وغير ذلك من المؤسسات. وبسبب الإخفاقات من الجانب الأفغاني، لا توجد لدينا قدرة على استشراف المستقبل تعتمد على الوضع السياسي والإدارة الجيدة وترويج القضايا العادلة وغيرها. لذا فإن المدخل هو إيجاد هذه القدرة داخل أفغانستان ليس من خلال المؤسسات لكن من خلال مشاركة المواطنين في النظام السياسي والإداري. وسوف يساعد هذا الوضع على خلق صورة أفضل للمدة التي نحتاج فيها لقوات أجنبية داخل البلاد.

* رأينا أخيرا حركة طالبان في تحسن، فمن الذي يساعدهم بالأسلحة والمال؟

- هؤلاء الذين يساعدوهم على مدى أعوام عديدة، فلديهم العديد من المساعدين.

* عندما نتحدث عن أفغانستان نسمع أن هناك الكثير من الفساد، ما السبب في ذلك، وأين تذهب الأموال؟

- هذا ليس شيئا جديدا على أفغانستان، لكن تحتاج محاربة ذلك إلى ثروة سياسية، لذا نأمل أن نكون قادرين على القضاء على ذلك بمرور الوقت.