الرئيس المصري: نتمسك بحقنا في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية.. والقضية السكانية أكبر خطر يواجهنا

أعلن أمام المؤتمر السنوي للحزب الحاكم عن برنامج إنعاش اقتصادي جديد بمليارات الجنيهات يوجه للريف

جمال مبارك وعلي الدين هلال رئيس القطاع الإعلامي في الحزب الوطني خلال اجتماعات مؤتمر الحزب أمس (رويترز)
TT

أعلن الرئيس المصري حسني مبارك أمام المؤتمر السنوي للحزب الحاكم مساء أمس عن برنامج إنعاش اقتصادي جديد بمليارات الجنيهات يوجه للريف، وقال إن أكبر مستورد للقمح في العالم هي مصر، وأضاف أن القضية السكانية «أكبر خطر يواجهنا»، مشددا على تمسك بلاده بحقها في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية. وقال الرئيس المصري إن «التحدي أمامنا مواصلة السير على طريق الإصلاح وتطوير وتحديث مجتمعنا بجرأة وتصميم وثقة». وشدد على أن المؤسسات هي الباقية، و«الأشخاص زائلون»، قائلا إن الدستور هو الضمان والحكم وهو يعلو فوق الجميع.

وأضاف الرئيس مبارك: إننا مقبلون على عام حاسم في عملنا الحزبي والوطني، وسوف نخوض بعد أشهر قليلة انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى ثم انتخابات مجلس الشعب.. «إن الاستعداد لخوض هذه الانتخابات هو مسؤوليتنا جميعا، وعلى هذا المؤتمر أن يضع معالم البرنامج الانتخابي للحزب العام المقبل، وأن يطرح رؤيته للتعامل مع مشكلات المواطنين وتطلعاتهم، وفق إطار زمني واضح».

وأضاف مبارك أن برنامجه الذي خاض به انتخابات الرئاسة عام 2005 تمكن من تحقيق متوسط زيادة سنوية في الدخل القومي تتجاوز 6 في المائة، وقال: «شهدنا طفرة كبيرة في الاستثمارات الأجنبية، فارتفعت من أقل من 2 مليار دولار في عام 2005 إلى ما يتجاوز 10 مليارات دولار في المتوسط سنويا. وبلغ متوسط الزيادة السنوية في صادراتنا من السلع والخدمات 20 في المائة، منذ يوليو 2004، حتى يونيو الماضي، ونجحنا في إتاحة 3.4 مليون فرصة عمل جديدة لشبابنا في أربع سنوات».

وأضاف الرئيس المصري أن الزيادة في متوسط الأجور خلال السنوات الأربع الماضية وحسب ما وعد به برنامجه الانتخابي ارتفعت بنسبة 115 في المائة للعاملين بالقطاع الحكومي في الدرجات الوظيفية الأدنى، كما وصلت الرواتب بالنسبة للمعلمين إلى 200 في المائة، وزادت مخصصات الإنفاق الاجتماعي لتصل إلى 94 مليار جنيه العام الحالي، وإضافة 25 مليون مواطن للبطاقات التموينية.

وتابع مبارك: أن ما مكننا من مواجهة أزمة الركود الحالي للاقتصاد العالمي، هو برنامج للإنعاش الاقتصادي، بلغ 15 مليار جنيه، وأعقبه برنامج ثان بلغ 8 مليارات جنيه، وسوف نتقدم ببرنامج ثالث لمجلس الشعب في الأسابيع القليلة المقبلة، لتعزيز موارد هيئاتنا الاقتصادية، بما يسمح بزيادة إنفاقها بأكثر من 10 مليارات جنيه إضافية. وشدد الرئيس المصري على مضي البلاد في «برنامجنا لبناء المحطات النووية لتوليد الكهرباء.. نواصل اتصالاتنا بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبكل من يرغب في التعاون معنا من الدول الصديقة.. نتمسك بحقنا في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، باعتباره حقا ثابتا تكفله معاهدة منع الانتشار».

وقال مبارك إن القضية السكانية هي الخطر الأكبر الذي يواجه مستقبلنا.. «إنها قضية شعب ووطن ومصير». وأدعو هذا المؤتمر لمزيد من المناقشات حول هذه القضية، باعتبارها مسؤولية مجتمعية يشارك فيها المواطن والدولة ومنظمات المجتمع المدني والمفكرون والإعلام.

وفي كلمة حظيت بتصفيق شديد من نحو 6 آلاف عضو من أعضاء المؤتمر السنوي السادس للحزب الحاكم، وصف أحمد عز، أمين التنظيم في الحزب الحاكم، جمال مبارك، الأمين العام المساعد لشؤون السياسات ونجل الرئيس مبارك، بأنه (جمال) مفجر ثورة التحديث والتطوير في الحزب. وشارك جمال مبارك، الذي تقول المعارضة إنه قد يخلف والده في انتخابات رئاسية قادمة، في لجان مؤتمر الحزب التي استمرت منذ الليلة قبل الماضية حتى مساء أمس، وقال إن مؤتمر الحزب هذه السنة يتوجه بالأساس إلى الفقراء وتحسين الأحوال المعيشية للمصريين، وأن 60 في المائة من إنفاق موازنة الدولة موجه للدعم.

وقال أحمد عز، مخاطبا الآلاف من أعضاء مؤتمر الحزب، وعددا من وزراء الحكومة: زملائي في التنظيم الحزبي غاضبون من الانتقائية التي تتبعها بعض الصحف والفضائيات في عرض كل ما هو سلبي في مصر.. للأسف، ومع تقديرنا للصحافة، قد لا ننتظر من الإعلام تقديرا، وسيستمر الهجوم علينا في العام القادم وقد يزداد». وتابع موضحا: «يقول أمناء الوحدات الحزبية إنه أصبح من المخجل أن يمتدح الإنسان حزبه وحكومته، وأن ذكر المساوئ أصبح هو المطلوب.. وأنا أقول: ليس عيبا أن نقول إن مصر باتت أحسن حالا، وليس ذنبا أن أفتخر ببلادي، وليست جريمة أن تبعث الأمل في نفوس الشباب. وأقول لأمناء الوحدات الحزبية: مصر في السنوات الخمس الماضية اقتصادها أصبح أقوى، ومستوى المعيشة فيها ارتفع»، موضحا أن مليونا من المصريين اشتروا سيارات جديدة منها ربع مليون سيارة في العام الماضي فقط، إضافة لتوفير 3.5 مليون فرصة عمل منها 700 ألف فرصة عمل العام الماضي، وأن أكثر من 200 ألف أسرة اشترت وحدات إسكان اقتصادي أو متوسط وعملت إحلالا وتجديدا لبيوتها في الريف.

وقال عز في كلمته التي كانت أكثر وضوحا ومباشرة في الرد على الانتقادات الشديدة التي توجهها المعارضة للحزب الحاكم وحكومته: «نحن نحترم المعارضة، ولا نخشاها. نحن الأكثر تواجدا في الشارع، والأكثر تنظيما وتواصلا مع الناس، وقادرون على تحقيق الأغلبية في البرلمان.. نتمنى لكل الأحزاب المدنية الفوز بنسب في البرلمان.. ولو كنت معارضا لعملت للحزب الحاكم في الانتخابات القادمة ألف حساب». واعترف أمين تنظيم الحزب الحاكم بوقوع أخطاء في انتخابات البرلمان عام 2005، وقال: «ارتكبنا أخطاء في 2005 وتعلمنا منها.. لا يمكن أن نقبل بالتفتيت الذي كان.. تفتيت الأصوات يساوى خسارة المقاعد. لن نقبل إلا بمرشح واحد لمقعد واحد. 69 مقعدا من المقاعد إياها (يقصد من مقاعد الإخوان)، كان يمكن حسم 41 منها (للحزب الحاكم) من الجولة الأولى.. وفي الانتخابات القادمة لن نعطي المعارضة مقاعد في البرلمان على أطباق من الفضة». ودون أن يسمي جماعة الإخوان، أو مرشدها العام، هاجم أحمد عز «التيارات المتطرفة في مصر»، قائلا إن «التيارات المتعصبة التي تتمسح بالدين لا تمارس سياسة، لأن ممارسة السياسة لا تشمل تشكيل ميليشيات في الجامعات (في إشارة إلى قضية ميليشيات الإخوان في جامعة الأزهر العام قبل الماضي).. ولأنه ليس من مصلحة الوطن أن تفضل المسلم غير المصري على كل مصري غير مسلم (في إشارة إلى حديث سابق لمرشد الإخوان عن أنه لا يمانع في أن يتولى أي مسلم رئاسة مصر حتى لو لم يكن مصريا)». وتابع أحمد عز القول: «يخطئ من يؤمن يوما أن الديمقراطية آتية على أكتاف مكتب الإرشاد.. ديمقراطية مكتب الإرشاد تعني مواطنا واحدا وصوتا واحدا، لمرة واحدة فقط، ثم يختفي صوتك إلى الأبد.. هذه التيارات (المتعصبة) قد تفرض زيا موحدا للرجال والنساء ودينا موحدا للقيادات، ومن يخالفها لا يصبح معارضا سياسيا بل معارضا دينيا لها. ومن سيستطيع أن يعارض الحاكم بأمر الله». وأكد جمال مبارك أن الحزب والحكومة، وجها نحو 60 في المائة من الإنفاق العام للموازنة العامة للدولة إلى برامج الدعم المباشر وغير المباشر. وتعهد برفع كفاءة إدارة الدعم. وشدد في اجتماع لجنة التنمية الاجتماعية ومكافحة الفقر على التزام الحزب وحكومته بزيادة معاش الضمان الاجتماعي إلى ما يقرب من 25 في المائة ابتداء من يناير (كانون الثاني) المقبل. وتابع جمال مبارك موضحا في اجتماع لجنة الأمن الغذائي والتنمية الزراعية، أن كافة السياسات وأوراق العمل التي يجرى وضعها في الحزب تهدف إلى خروج الفلاح من معاناته ووضع سياسة زراعية ثابتة، قائلا إن الحزب على دراية كاملة بكافة القضايا والمشكلات التي يعانى منها الفلاح وقضايا الزراعة بوجه خاص و«تم وضع معايير واضحة لمعالجة هذه المشكلات».