أحكام بالسجن و13 ألف دولار غرامة ضد رئيس تحرير ورسام كاريكاتور «أخبار اليوم» المغربية المستقلة

دفاع الصحيفة: امتنعنا عن المرافعة في قضية الأمير إسماعيل حرصا على عدم إقحام الأمراء في الدعاوى

TT

أصدرت الليلة قبل الماضية محكمتان منفصلتان أحكاما بالسجن موقوفة التنفيذ والغرامة ضد كل من توفيق بوعشرين ناشر ورئيس تحرير صحيفة «أخبار اليوم» المغربية المستقلة وخالد كدار رسام الكاريكاتور في الصحيفة نفسها وذلك بعد إدانتهما بالمس بالعلم الوطني والإساءة إلى الأمير مولاي إسماعيل ابن عم العاهل المغربي الملك محمد السادس في محاكمة دامت ساعات طويلة وتخللها توترات بين هيئة المحكمة والدفاع والمتابعين.

وفي التفاصيل، أصدرت الهيئة الأولى برئاسة القاضي نور الدين قاسين في محكمة عين السبع بالدار البيضاء على بوعشرين وكدار حكما بالسجن سنة واحدة موقوفة التنفيذ وغرامة مالية قدرها مائة ألف درهم (نحو 13000 دولار) وإغلاق مقر الصحيفة بصفة نهائية وكانت التهمة هي إهانة العلم المغربي.

وقال محامو الدفاع لـ«الشرق الأوسط» إن الحكم بإغلاق المقر لا يعني إيقاف الصحيفة عن الصدور، وفي السياق نفسه، قال مصدر داخل هيئة تحرير الصحيفة إنها قد تستأنف الصدور من مقر جديد. وفي القضية الثانية، أصدر القاضي حسن جابر في محكمة عين السبع نفسها حكما بالسجن ثلاث سنوات مع وقف التنفيذ ضد بوعشرين وكدار وغرامة مالية تصل إلى ثلاثة ملايين درهم (نحو 375 ألف دولار) مع نشر الحكم في صحيفتين محليتين باللغة العربية والفرنسية في القضية الثانية حيث اتهم بوعشرين وكدار بالإخلال بالاحترام الواجب للأمير وامتنع الدفاع عن المرافعة في القضية الثانية.

وقال المحامي عبد الرحيم الجامعي أمام المحكمة إن هيئة الدفاع ليست الوحيدة التي تتابع هذه المحكمة بل العالم كله يتابعها، مشيرا إلى أن وسائل الإعلام داخل وخارج المغرب تتابع أطوار المحاكمة، ليترك الكلمة بعد ذلك للمحامي عبد اللطيف وهبي الذي أعلن أن هيئة الدفاع عن الصحيفة والتي تتكون من عبد الرحيم الجامعي ومصطفى الرميد وعمر الإسكرمي المرابط تكتفي بالاعتذار الذي تقدم به موكلاها، توفيق وخالد، عبر وسائل الإعلام إلى الأمير مولاي إسماعيل.

يذكر أن اعتذار الصحيفة المشار إليه نشر في الصحف المحلية بتوقيع توفيق بوعشرين، ومما جاء فيه: «ببالغ الحزن تلقينا إحساس سموكم بالإساءة من وراء نشر رسم كاريكاتوري بمناسبة حفل زفافكم على صفحات (أخبار اليوم) في عدد 26 سبتمبر (أيلول) الماضي، وأود أن أعبر عن اعتذاري الشديد لسموكم وأؤكد على غياب أية نية لدي ولا لدى الزميل خالد كدار رسام الكاريكاتور للإساءة إليكم كواحد من أفراد الأسرة الملكية أو للعلم الوطني الذي يوجد بطبيعته كرمز للأمة خارج أي سجال إعلامي وسياسي. إن خط تحرير «أخبار اليوم» كان لا يزال حريصا على الابتعاد عن القذف أو التشهير أو الإساءة لأحد».

وقال وهبي إن موقف هيئة الدفاع بعدم المرافعة والدخول في تفاصيل وحيثيات ملف القضية مرده الابتعاد عن إقحام اسم الأمير مولاي إسماعيل في أي سجال قانوني أو سياسي أو تعقيب على النيابة العامة يحيط بملف ذي طبيعة خاصة، وأضاف يقول أن الغاية من وراء الامتناع عن المرافعة من طرف هيئة الدفاع هو تفادي تسجيل سابقة في تاريخ الصحافة والسياسة في المغرب تجعل من الأمراء الذين يحظون بالتقدير والاحترام أطرافا في دعاوى قضائية ضد الصحافة في البلاد.

وتابع وهبي قائلا إن «الرسم الكاريكاتوري موضوع المتابعة جاء ضمن تغطية صحافية شاملة لزواج الأمير على صفحات الصحيفة وهي تغطية لم تتضمن كلمة واحدة يمكن أن يفهم منها الإساءة إلى شخص الأمير» ومضى وهبي يقول: «لا يتصور عقلا ومنطقا أن تتضمن صحيفة واحدة بل عدد واحد مادتين متناقضتين في معنيهما ومغزيهما»، وزاد أن «اعتذار موكلينا هو سلوك مهني نبيل كنا وما زلنا ننتظر مقابله موقفا مماثلا من دفاع الأمير الذي يحظى منا بكل الاحترام الواجب لسموه وذلك للمساهمة من الجميع في تحمل مسؤولية الدفاع من جهة عن مناخ حرية الرأي والتعبير في البلاد ومن جهة أخرى لحفظ كرامة الأشخاص وحقهم في اللجوء إلى القضاء عندما يشعرون أن الصحافة أساءت إليهم». وختم وهبي مرافعته قائلا مخاطبا القاضي: «هيئة الدفاع تسند لعدالتكم النظر في القضية المعروضة».

من جهته، طالب محامي دفاع مولاي إسماعيل علي الكتاني بمبلغ 30 مليون درهم، موضحا أنها ليست لفائدة الأمير مولاي إسماعيل بل ستؤول إلى جمعيات خيرية، موضحا للمحكمة أن الرسم جد مشين ويؤثر في شخص يمر بمرحلة مهمة في حياته وهي مرحلة الزواج حيث لم يتصور الأمير أن يتحول زفافه إلى ردهات المحاكم بسبب هذا الرسم، الذي قال خالد كدار أمام المحكمة إنه رسم عادي وبسيط لا يحمل أية إهانة أو نقد سياسي للأمير. وقال المحامي الكتاني لـ«الشرق الأوسط» حول ما تردد عن سحب الأمير الدعوى القضائية إثر اعتذار الصحيفة إن «سحب الدعوى أمر متعلق بالأمير هو الذي يقرر في هذه المسألة لأن الدعوى مرفوعة باسم الأمير وحده»، مشيرا إلى أن الاعتذار جاء بعد فترة طويلة من الفعل والمسألة معروضة على القضاء.

وخلال الجلسة، أوضح كل من بوعشرين وكدار في إطار ردهم على أسئلة المحكمة التي وصفها محامي الدفاع المرابط بأنها لم تكن أسئلة محايدة، أن الرسم هو رسم تجسيد، نظرا لعدم توفر وسائل الإعلام على صور للعرس الأميري.

وأضاف بوعشرين أن الرسم يتضمن عنوانا يشكل 50 في المائة من الرسم والذي يقول «مولاي إسماعيل في العمارية (منصة خشبية)» وأنه لا يحمل أية إساءة أو نيل من شخصية الأمير كما قالت المحكمة، وأوضحا أن الرسم لا توجد فيه النجمة السداسية وأنها مستوحاة من «العمارية»، وكانت المحاكمة التي دامت زهاء ثماني ساعات تخللتها بعض المواجهات بين النيابة العامة وهيئة الدفاع.