البرلمان الإيراني يدق مسمارا آخر في نعش الاتفاق النووي

بروجردي: لا نحتاج إلى صفقة الوقود النووي > موسوي لنجاد حول الاتفاق مع الغرب: أهذا انتصار أم خداع؟

أعضاء بارزون بالبرلمان الإيراني أعربوا عن رفضهم للاتفاق النووي مع الغرب (أ.ب)
TT

عبر نواب إيرانيون بارزون عن معارضتهم الشديدة لاتفاق حول الوقود النووي، وضعت مسودته الأمم المتحدة، مما ألقى بمزيد من الشكوك على اقتراح يهدف لتهدئة توترات دولية من أنشطة إيران النووية. وتنص الخطة التي تدعمها الولايات المتحدة على أن ترسل إيران معظم مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب إلى الخارج لزيادة معالجته وتحويله إلى وقود، لمفاعل أبحاث في طهران. ويعطي الغرب الأولوية لتقليل مخزون إيران من اليورانيوم منخفض التخصيب، وذلك لدرء أي مخاوف من أن تحوله الجمهورية الإسلامية إلى يورانيوم عالي التخصيب لاستخدامه في صنع قنبلة نووية.

لكن سياسيين في إيران، التي تقول إن برنامجها النووي أغراضه سلمية ويهدف لتوليد الكهرباء، عبروا عن هواجس حول فكرة شحن معظم كمية ما يعتبرونه ورقة مساومة مهمة لإيران.

وقال عدة نواب إيرانيون، إن بلادهم يجب أن تشتري وقود المفاعل الذي تحتاج إليه بدلا من أن ترسل اليورانيوم الخاص بها إلى الخارج. إلا أن أعضاء بارزين بالبرلمان ربما يكونون قد دقوا المسار الأخير في نعش الاتفاق الدولي، بعدما قالوا إن مفاعل الأبحاث المفترض أن إيران تريد من أجله الوقود النووي من روسيا «انتهت فترة صلاحيته تقريبا وأنه سيغلق قريبا» مما يجعل صفقة الوقود النووي مع الغرب ليس لها أي أهمية بالنسبة لإيران. وقال رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي أمس، إن المفاعل البحثي في طهران سيتم إغلاقه في القريب العاجل، وهو ما يجعل صفقة الوقود النووي مع القوى الكبري في العالم غير ذات صلة. وتابع لوكالة أنباء الطلبة الإيرانية «اسنا» «إن مفاعل طهران سيتم استبداله بمفاعل أراك 40 ميغاوات، وبالتالي فإن أي صفقة وقود لن يكون لها معنى وستكون فحسب ذات مدى من الوقت محدود للغاية».

ووفقا لمسودة الخطة التي وضعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية فإن إيران ستقوم بشحن ما لا يقل عن 70 في المائة من اليورانيوم قليل التخصيب الموجود لديها، الذي يقدر حجمه بين 31 طن إلى فرنسا وروسيا من أجل تحويله إلى وقود من أجل المفاعل البحثي الطبي في طهران.

وقال بروجردي، «نحن (البرلمان) نعارض تماما صفقة الوقود هذه، وندرس إمكانية شراء الوقود النووي من أجل نشاط مفاعل طهران للسنوات الباقية من عمله على أساس أن ذلك أنسب خيار اقتصادي».

يذكر أن الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وافقت على الخطة من حيث المبدأ، غير أن إيران طالبت «بتعديلات فنية واقتصادية مهمة». وهناك خلافات فنية في إيران تتعلق بهذه الصفقة، حيث يعتبر بعض الخبراء والمسؤولين أن هذا الأمر لن يكون حكيما ولا اقتصاديا.

وقال بروجردي، «إن الفكرة الموجودة لدى الغرب هو أن صفقة الوقود ستؤدي أيضا إلى وقف عمليات تخصيب اليورانيوم وهذا خطأ، لأن إيران ستواصل عمليات التخصيب على أي حال».

وأوضح علاء الدين بروجردي، في تصريحات نقلتها وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء «نرفض تماما الاقتراح الخاص بتسليم اليورانيوم المخصب بنسبة 3.5 في المائة مقابل يورانيوم مخصب بنسبة 20 في المائة». ونقلت وكالة العمال الإيرانية للأنباء عن النائب كاظم جلالي قوله أمس: «الطلب الذي يلزمنا بتسليم كل المواد النووية المخصبة لدينا إلى بلاد أخرى حتى يلبوا حاجات طهران من الوقود مرفوض تماما». وجلالي هو المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني.

كما أعرب زعيم الإصلاحيين، مير حسين موسوي، عن مفاجأته حيال شروط التبادل مع الغرب. وقال: «للحصول على كمية قليلة من الوقود بات علينا تسليم كل إنتاجنا (من اليورانيوم). أهذا انتصار أم خداع؟»، بحسب موقعه «كاليمي دوت كوم»، حيث اعتبر أن سياسة الحكومة المتطرفة «أنشأت الظروف لزيادة العقوبات على إيران».

وقال دبلوماسيون أول من أمس، إن إيران أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة أنها تريد وقودا جديدا لمفاعل طهران قبل أن توافق على إرسال معظم مخزوناتها من اليورانيوم إلى روسيا وفرنسا. وفيما وصفته وكالة الطاقة بأنه رد مبدئي على مسودة الاقتراح التي صاغتها الوكالة بشأن الوقود النووي، قال دبلوماسيون غربيون، إن القوى الغربية الكبرى وجدت أن الطلب الإيراني للحصول الفوري على وقود نووي جديد غير مقبول.

ونقلت وكالة أنباء الطلبة عن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، قوله، إنه يأمل أن تتواصل المحادثات مع القوى العالمية، على الرغم من أنه أوضح عدم ثقة إيران في الدول الغربية بسبب «سجلهم السلبي». وقال «الغربيون يعرفون أنه في غياب التفاعل مع إيران فلن يكون في مقدورهم أن يحكموا العالم». وكانت وسائل إعلام إيرانية قد ذكرت أن طهران تريد نقل اليورانيوم منخفض التخصيب إلى الخارج في شحنات صغيرة، وليس على مرحلة واحدة. لكن ذلك من شأنه أن يقوض جوانب في الاتفاق تهدف القوى الكبرى من خلالها إلى الحد من قدرة الجمهورية الإسلامية على صنع القنابل.

وقال دبلوماسي غربي رفيع، إن إيران ترغب في استبدال اليورانيم قليل التخصيب بوقود جاهز لتشغيل مفاعل طهران. وقال المصدر الدبلوماسي «هذا لا يوافق الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولا توافقنا لأنها لا تؤدي إلى نقل 1200 كيلوجرام من اليورانيوم في شحنة واحدة على الفور، وهو ما من شأنه أن يظهر النية الحسنة لإيران». وأضاف الدبلوماسي «أنهم لا يطرحون تعديلات، إنهم يقترحون اتفاقا جديدا سينقل كل المخاطرة إلى جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية وبقية أطراف الاتفاق». ووصف مارك فيتزباتريك، وهو محلل بارز متخصص في شؤون حظر الانتشار في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، الأمر بأنه «مخاطرة سياسية» بالنسبة لإيران.

وأضاف لـ«رويترز»، «تجد القيادة أن من الصعب إبرام أي اتفاق مع الغرب، على الرغم من أن هذا الاتفاق جيد بالنسبة لهم، الوضع متعثر لكنه ليس تعثرا تكتيكيا. توجد اضطرابات سياسية حقيقية في إيران». وحذر الغرب من أن إيران تواجه إمكانية فرض جولة رابعة من العقوبات الدولية، عليها إذا لم تساهم في درء مخاوف تتعلق ببرنامجها النووي.

ويريد الغرب أن تجمد إيران تخصيب اليورانيوم في مقابل حوافز تجارية واقتصادية أخرى، وهو طلب ترفضه طهران. وقال حشمة الله فلاحت بيشه، وهو نائب في البرلمان الإيراني، إن بلاده يجب ألا ترضخ لضغوط حول برنامجها النووي. ونقلت وكالة العمال عنه قوله «يجب أن نكون حذرين للغاية مع اقتراحات الوكالة، حتى لا نقع في فخ الدبلوماسية الأوروبية بأن نعلق كل أنشطتنا النووية». وكان من المقرر أن تستأنف محادثات إيران مع مجموعة 5 + 1 في نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) غير أنه تم تأجيلها بسبب تردد طهران في الرد على اقتراح تبادل صفقة الوقود النووي.

وكان دبلوماسيون قد قالوا أول من أمس، إن إيران أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها تريد وقودا جديدا لمفاعل في طهران، قبل أن توافق على شحن معظم مخزوناتها من اليورانيوم المخصب إلى روسيا وفرنسا. وقال دبلوماسي لـ«رويترز» إن «الإيرانيين يريدون الحصول على وقود يورانيوم مخصب لمفاعلهم أولا قبل أن يرسلوه إلى الخارج وهو شيء ببساطة غير مقبول». وأكد دبلوماسي آخر أن هذه التصريحات صحيحة. وقال الدبلوماسيون إنه لم يتضح ما إذا كان هذا الاقتراح جادا أم أن الإيرانيين يحاولون إطالة العملية التفاوضية.

وقال مسؤول غربي في واشنطن لـ«رويترز» أمس، «هناك بعض من نفاد الصبر. من غير الواضح كم يوم نبقى هنا، ولكن على إيران أن تظهر بسرعة أنها ستتعاون مع الاقتراح المطروح.

قد نعرف بحلول بداية الأسبوع المقبل، هل هم جادون أم هل هم عائدون بأشياء مقبولة أم هل أنهم متمسكون بموقف غير مقبول». ولم يتسن الاتصال على الفور بالمكتب الصحافي للبعثة الإيرانية في الأمم المتحدة، ولا بممثل إيران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتعليق. وامتنع أيضا محمد البرادعي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الموجود في نيويورك لعقد سلسلة من الاجتماعات في مقر الأمم المتحدة عن التعليق، عندما سألته «رويترز» عن رد طهران.

وقالت إدارة أوباما، إنها تفضل المحادثات مع إيران على البدائل الأخرى غير المستساغة من عقوبات أو عمل عسكري، ولكن المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت جيبز قال أول من أمس، إن وقت أوباما ليس غير محدود، موضحا: «أنها ليست محادثات من أجل إجراء محادثات. إنه أمر يتعلق بالتوصل لاتفاق كان يبدو قبل بضعة أسابيع أمرا يريده الإيرانيون». وحث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في وقت سابق من الأسبوع الماضي على قبول اقتراح الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قائلا إنه «سيمثل إجراء مهما لبناء الثقة».