المحقق الدولي في تفجيرات بغداد يلتقي بالمالكي.. ويعد بالإصغاء لمخاوف الحكومة

رئيس الوزراء العراقي يطلب مساعدة فرنسية مع سورية

شرطي عراقي يتولى الحراسة أمس في محيط مبنى وزارة العدل الذي دمر بانفجار في 25 أكتوبر الماضي
TT

شرع المبعوث الدولي أوسكار فرنانديز تارانكو بمهامه، أمس، في تقصي الحقائق حول التفجيرات الدامية التي استهدفت وزارتي المالية والخارجية في أغسطس (آب) الماضي والتي تعرف بتفجيرات الأربعاء، وكذلك للتحقيق في تفجيرات الأسبوع الماضي (تفجيرات الاحد) التي استهدفت مبان حكومية.

وكان العراق قد طالب بإجراء تحقيق دولي لكشف الحقائق بعد أن اتهم الجارة سورية بإيواء العناصر التي خططت لتفجيرات الأربعاء الدامي التي أسفرت عن مقتل وإصابة المئات.

والتقى تارانكو، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، الذي وصل بغداد مساء أول من أمس، برئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وعدد من كبار المسؤولين في الحكومة. ومن المقرر أن يلتقي بمسؤولين في وزارات الخارجية والداخلية والدفاع والأمن الوطني وبعض القيادات الأمنية لبحث الأدلة التي يمتلكها العراق، والتي يؤكد من خلالها ضلوع بعثيين سابقين مقيمين في سورية في التفجيرات الأخيرة.

ووعد تارانكو بالإصغاء إلى المخاوف العراقية حول التفجيرات، ونقت وكالة «الأسوشييتد برس» قوله بأنه جاء إلى بغداد «للإصغاء إلى الحكومة حول المخاوف العراقية» في قضايا الأمن والسيادة. وتأتي مهمة تارانكو ضمن «مشاورات أولية بشأن الظروف المحيطة» بتفجيرات الأربعاء والأحد الدامية.

وكان المالكي، قد قال في وقت سابق أمس، خلال لقائه بوزيرة الدولة الفرنسية للتجارة آن ماري ادراك، إن بلاده حريصة على «إقامة علاقات مبنية على أساس المصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وقد عملنا دائما على إقامة شبكة من العلاقات مع دول الجوار، ولكنها نجحت مع البعض ولم تنجح مع البعض الآخر»، في إشارة إلى سورية.

وناشد المالكي الأسرة الدولية الوقوف إلى جانب الشعب العراقي قائلا «كما ندعو فرنسا إلى مساندتنا في هذا الاتجاه انتصارا لأرواح الأبرياء».

إلى ذلك، أكد علي الموسوي، المستشار الإعلامي للمالكي، أن الأمم المتحدة تأخذ الطلب العراقي بإنشاء محكمة دولية على محمل الجد، موضحا لـ «الشرق الأوسط» أن «وصول موفد الأمين العام إشارة إلى أن اهتمام الأخير بطلب العراقي الذي تقدمت به أخيرا إلى هيئة الأمم المتحدة، وذلك من أجل معرفة الجهات التي تقف وراء الأعمال الإرهابية التي طالت عددا من المؤسسات الحكومية خلال الشهرين الماضيين والتي راح ضحيتها العشرات من العراقيين».

وشدد الموسوي على «أن الحكومة العراقية بدورها تتابع بجدية موضوع تشكيل لجنة تحقيق دولية، سيما أن الحكومة لا يمكن لها أن تقبل أن تراق الدماء العراقية بهذه الطريقة كل يوم من قبل الإرهابيين»، لافتا «على الجانب العراقي تقديم كل الأدلة والمؤشرات التي تؤكد ضلوع المجموعات الإرهابية والتي تتخذ من سورية مقار لها من أجل أن يطلع عليها الموفد الأممي».

وقال الموسوي إن «زيارة الموفد الأممي تعد بداية المباشرة بالاطلاع على ما يمتلكه العراق من أدلة وبراهين على تورط الإرهابيين بالتفجيرات الأخيرة التي حصلت بالبلاد». ومن جانبه، أكد سامي العسكري، النائب عن الائتلاف العراقي الموحد والمقرب من المالكي، أن «العراق سيقدم ما لديه من أدلة وبراهين تؤكد تورط عناصر بعثية تستقر في سورية بالتفجيرات الأخيرة التي استهدفت عددا من المباني الحكومية».

وفيما إذا كانت مهمة الموفد الأممي ستحدد ضرورة إنشاء محكمة دولية من عدمها، أوضح العسكري لـ«الشرق الأوسط» أن «المرحلة الأولى ستكون اطلاع الأمم المتحدة بما لدى العراق من أدلة ترفضها سورية تثبت تورط عناصر بعثية بالتخطيط للعمليات الإرهابية التي حصلت أخيرا في البلاد» مضيفا أن «العراق اتجه بطلبه إلى الأمم المتحدة باعتبارها جهة محايدة يمكن لها أن تحقق بالقضية بعد أن تتطلع على جميع الأدلة والبراهين التي تثبت صحة مطالب العراق». وأضاف أن «الخطوة الثانية، ستكون باتخاذ الأمم المتحدة إجراءات خاصة تلزم سورية أن تقوم بها، كان تقوم بترحيل العناصر المتورطة وتسليمهم إلى العراق من أجل محاكمتهم في حال ثبتت مسؤوليتهم عن تلك التفجيرات».

وأكد العسكري أن «الأمر لن يقتصر على العناصر التي تتواجد في سورية فحسب، فإذا كشفت الأدلة تورط عدد من المجموعات في بلدان أخرى، ترفض التعاون مع العراق بتسليمهم المطلوبين فإن الحاجة ستتجه إلى أن تقوم الأمم المتحدة بإنشاء محكمة دولية من أجل إلزام تلك الدول تسليم المتورطين بأعمال العنف التي تطال البلاد».

يذكر أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد أعلن الأسبوع الماضي أنه سيرسل إلى العراق بناء على طلب السلطات العراقية نائب الأمين العام للشؤون السياسية أوسكار فرناندير تارانكو للتشاور مع الحكومة «حول مسائل أمنية وأخرى لها علاقة بالسيادة». وكان الرئيس العراقي جلال طالباني قد دعا خلال نقاشات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي الأمم المتحدة إلى تشكيل لجنة دولية مستقلة تحقق في الاعتداءات الدامية التي تضرب البلاد منذ عام 2008. واعتبر طالباني أن هذه الاعتداءات ما كان يمكن أن تحصل من دون مساعدة أجنبية ما يبرر إجراء تحقيق دولي.

وكانت اجتماعات رباعية بين العراق وسورية وتركيا والجامعة العربية قد عقدت على ثلاث مراحل لاحتواء الأزمة بين دمشق وبغداد غير أنها لم تسفر عن نتائج تذكر.