مصادر لـ«الشرق الأوسط»: تورط رئيس مؤسسة خيرية في شبكة الـ44 الإرهابية السعودية

بعد أن استغل مكانته في استقطاب تمويل لصالح «القاعدة»

TT

كشفت معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة، أن أحد عناصر شبكة الـ44 التابعة للقاعدة، الذين أطاحت بهم السلطات السعودية الصيف الماضي، كان مسؤولا عن عمل خيري مؤسساتي، وقد ألقي القبض عليه بعد ثبوت استغلاله موقعه في مؤسسة خيرية رسمية، لجمع المال لصالح التنظيم.

وكان بيان وزارة الداخلية الذي صدر في أغسطس (آب) الماضي، أشار إلى أن أعضاء شبكة منظري القاعدة استغلوا العمل الخيري في تمويل الأنشطة الإرهابية، من دون أن يسمي أحدا من المقبوض عليهم.

وطبقا لمعلومات «الشرق الأوسط»، فإن واحدا ممن ألقي القبض عليه في شبكة الـ44، كان يشرف على عمل خيري، ويجمع التبرعات تحت شعار «خدمة الإسلام والمسلمين».

وتعيد هذه التطورات المهمة في موضوع الشبكة التي درج على تسميتها بشبكة الـ44 التابعة للقاعدة، العمل الخيري في السعودية إلى دائرة الضوء، وكيف أن البعض حاول استغلال شغف الشارع السعودي بالأعمال الخيرية، لصالح تأمين الغطاء التمويلي اللازم لتنظيم القاعدة.

وبدأت الحكومة السعودية، بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، تقنين عملية جمع التبرعات، التي كانت تتم في السابق بطرق عشوائية، ما كان يرفع احتمالية تسرب الأموال لصالح جهات تعمل لأغراض مشبوهة.

ويعد أحدث تحركات الحكومة السعودية في تقنين التبرعات للجمعيات أو المؤسسات الخيرية، ما أعلن عنه مطلع الأسبوع الجاري من منع جمع التبرعات النقدية لجمعيات تحفيظ القرآن، وإعلان وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد تعيين محاسب قانوني لمراجعة القوائم المالية لتلك الجمعيات.

ومع تضييق السعودية الخناق على الثغرات التي كانت تستغل من قبل تنظيم القاعدة لجمع أموال تحت غطاء خيري، لجأ التنظيم لطرق مبتكرة، وأصبح ـ بحسب خبراء ـ يستقطب التمويل عبر أشخاص متعاطفين مع التنظيم، ومعروفين بقيامهم بعمل خيري معين.

غير أن اللواء منصور التركي المتحدث الأمني بوزارة الداخلية، يرى أن استغلال البعض للعمل الخيري لصالح تمويل الفئة الضالة، يجب ألا يكون عاملا لفقد الثقة في الأعمال الخيرية بصفة عامة.

لكنه ـ أي التركي ـ أكد في تعليق لـ«الشرق الأوسط»، حول استغلال القاعدة للعمل الخيري في السعودية، لجلب التمويل للتنظيم، على أهمية توخي المتبرعين الحذر في مسألة التبرعات والصدقات المالية، لكيلا تستخدم من قبل البعض في ترتيب عمل إرهابي قد يكون المتبرع أو أحد أفراد عائلته من ضحاياه. وهذه ليست المرة الأولى التي يستغل فيها تنظيم القاعدة العمل الخيري، لصالح جلب التمويل. ويؤكد المسؤولون السعوديون، أن التمويل هو المحرك الأساسي لـ«القاعدة»، إذ أنه بغير التمويل فلن تستطيع القيام بالمخططات الإرهابية.

وضبطت السعودية، خلال السنوات الـ6 الماضية، ملايين الريالات، بحوزة الخلايا الإرهابية التي تم التعامل معها، إما بالقبض عليها أو تصفيتها.

وكانت اتهامات طالت مؤسسات خيرية في السعودية، بوقوفها خلف دعم نشاط تنظيم القاعدة.

وأمام ذلك، دعا الشيخ عبد المحسن العبيكان المستشار بالديوان الملكي، الجهات المختصة لإحكام الرقابة على المؤسسات الخيرية في بلاده، والتي قال إنها انتشرت انتشارا واسعا، وربما أن بعضها يدار ظاهريا خلافا لمن يديرها من الداخل.

ومقابل اعتماد القاعدة لأشخاص يكتسبون لدى الناس نسبة موثوقية معينة، أكد العبيكان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» ضرورة عدم الوثوق بسمعة الأشخاص أو طابع لباسهم الديني، في عملية دفع الصدقات والزكوات.

وقال «الزكوات أو الصدقات، استغلت في تحقيق مآرب الفئات المنحرفة عن الطريق السنوي، عندما ضعف الوازع الديني، حيث اتخذوا لباس التدين وسيلة لاستعطاف الناس وجمع أكبر قدر ممكن من الزكوات الواجبة أو الصدقات المستحبة واستغلالها أسوأ استغلال».

وأضاف «قد يكون كثير من هؤلاء الذين يدفعون الأموال من المغرر بهم، ظانين أنها تصل لمستحقيها اعتمادا على سمعة أو ظاهر أو وظيفة من يجمعها، فأوقع هذا الأمر كثيرا من الناس بالحرج، وربما تورط البعض في دعم الإرهاب من حيث لا يعلمون».

وأكد المستشار العبيكان، أن من الواجب في هذه الأيام تحديدا، أن يحذر المسلم أشد الحذر، من أن ينجر إلى دعم الإرهاب من حيث لا يشعر، أو أن تكون أمواله وصدقاته عدة للإرهاب والإرهابيين، أو دعم أصحاب المناهج المنحرفة.

وينبه رجل الدين السعودي، مرارا، على أهمية عدم الاغترار باللباس الديني بالنسبة لجامعي التبرعات، وضرورة التأكد من أن التبرعات تصل إلى مستحقيها عبر القنوات الرسمية المعروفة.

وكانت آخر المحاولات التي سعى من ورائها تنظيم القاعدة، لاستغلال المجتمع السعودي في جمع الأموال، الرسالة المرئية التي يظهر فيها سعيد الشهري أحد المطلوبين على قائمة الـ85، وهو يزكي أحد عناصر التنظيم الذي كان يجلس إلى جانبه، والذي سيتولى عملية جمع الأموال في السعودية، وذلك بعرضها ابتداء على أشخاص معروفين بدعمهم لـ«القاعدة»، قبل أن يتولى هؤلاء الأخيرين عملية جمع الأموال لصالح التنظيم تحت الغطاء الخيري.