أوباما يرجئ زيارته لليابان ويشيد بالتعددية في القوات المسلحة ويصف الحادث بالعمل المفجع

جد نضال في بلدة البيرة الفلسطينية: مستحيل أن يرتكب حفيدي هذا الأمر

TT

بينما أشاد الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أمس، بقدرة المسؤولين في قادة «فورت هود» على وقف المذبحة هناك من أن تشمل مزيدا من الضحايا، يستمر المحققون الأميركيون في جمع معلومات عن نضال حسن، الضابط العسكري الأميركي الفلسطيني، الذي ارتكب المذبحة.

وفي نفس الوقت ذكرت تقارير إخبارية أمس، أن أوباما يريد تأجيل زيارته المقررة لليابان لمدة يوم واحد حتى يتمكن من المشاركة في المراسم التذكارية لوفاة 13 شخصا في مذبحة تمت بقاعدة عسكرية أميركية.

وفي خطابه الأسبوعي للشعب الأميركي، أشاد أوباما بالتعددية والتسامح في القوات الأميركية المسلحة. وقال: «فيها أميركيون من كل عرق ودين ومنطقة. فيها مسيحيون ومسلمون ويهود وهندوس وغير مؤمنين». وأضاف: «فيها أحفاد مهاجرون، وفيها مهاجرون جاءوا مؤخراً».

ومرة أخرى، دعا أوباما إلى الصبر والانتظار حتى تعلن كل الحقائق.

وفي نفس الوقت، ذهب محققون إلى المنزل الذي عاش فيه نضال حسن عندما كان طالبا في الثانوية. وأيضا، ذهب فضوليون. ونقلت صحف وقنوات تلفزيونية زيادة عدد السيارات التي تمر أمام المنزل الذي عاش فيه نضال حسن لعشرين سنة في شارع «رامادا»، في ضاحية «فنتون»، القريبة من مدينة رونوك (ولاية فرجينيا) على مسافة أربع ساعات بالسيارة من واشنطن العاصمة. يتكون المنزل من طابقين وفي حي هادئ، ربما يوضح أن نضال حسن تربي في بيئة طبقية وسطى هادئة، ولم يعان من مشاكل عائلية أو اجتماعية كبيرة.

وكتبت مونيا هوكسلي، صحافية في جريدة «نورفورك تايمز»، أنها سمعت شخصا كان يقف أمام المنزل قال: «لا أكاد اصدق أن شخصا عاش هنا، في هذا المكان الهادئ، يمكن أن يرتكب مجزرة مثل التي ارتكبها في قاعدة (فورت هود)».

وقال ثانٍ: «أعيش قريبا من هنا، وأتذكر مستر حسن عندما كان طالبا في المدرسة الثانوية. كان طويلا ووسيما وأنيقا. شعره أسود كثيف، وشاربه أسود نحيف».

في سنة 1998، كانت جيركوفتش اشترت المنزل من مالك حسن، أميركي فلسطيني، عندما قرر ترك منطقة رونوك الجبلية، عند سفوح جبال «اباليشيان»، والعودة مع زوجته، حنان، إلى «ارلنغتون»، ضاحية بالقرب من واشنطن العاصمة، عبر نهر «بوتوماك». كان الأولاد الثلاثة كبروا، وذهبوا إلى الجامعات، فعاد مالك حسن وزوجته إلى «ارلنغتون» سنة 1998. في نفس السنة توفي مالك حسن بسكتة قلبية وكان عمره 52 سنة. وبعد ذلك بثلاث سنوات توفيت زوجته حنان، وكان عمرها 49 سنة. ودفن الاثنان في مقابر ضاحية «فولز جيرج» القريبة، بحضور الأولاد الثلاثة وأقرباء وأصدقاء. في سنة 1995، في مقابلة مع جريدة «رونوك تايمز»، اعترف مالك حسن بأن المطعم لم يكن «حضاريا»، لكنه كان راضيا عن تقديم وجبات ومشروبات غازية وكحولية أميركية إلى الزبائن، مع صوت أغانٍ أميركية تقليدية من ميكرفونات موزعة داخل المطعم، لكن بالنسبة للوالد، كان المطعم «عائليا»، لأن زوجته كانت تساعده، وأيضا الأولاد الثلاثة، بعد عودتهم من مدارسهم أو في عطلات نهاية الأسبوع.

أمس في مطعم «كابيتول»، تذكر زبون قديم، كان يشرب جعة «اولد ملواكي»، صاحب المطعم «العربي». وقال فيليب ترومبيتر، قاضٍ في مقاطعة رونوك، إن والده كان يملك المطعم، وأجره إلى مالك حسن. وإنه، وهو صغير، كان يزور المطعم مع والده، ويقابل أولاد مالك حسن. في سنة 1995، في آخر ثلاث سنوات له في مدينة رونوك، ترك مالك حسن مطعم «كابيتول غير الحضاري»، وانتقل إلى مطعم «حضاري» جديد، سماه «مطعم وبار جبل الزيتون»، تذكارا للقدس، ولوالده الذي كان يملك أشجار زيتون هناك. كان المطعم يقدم بيرة مستوردة، ووجبات عربية وفلسطينية مثل «شيش كباب» و«حمص» و«بابا غنوج» وورق عنب محشو.

وخلال تلك السنوات، حرص الوالدان على أن لا ينسى الأولاد الثلاثة اللغة العربية، ومرات كثيرة سافروا معهم إلى فلسطين.

أمس، قال جيمس جوردان، زميل نضال في المدرسة الثانوية في رونوك، لجريدة «رونوك تايمز»، إن نضال لم يكن مشهورا أكاديميا أو رياضيا. لكنه كان مشهورا اجتماعيا، وكان من النوع الاجتماعي الذي يحب النكات والحفلات والمجاملات. وروى على لسانه نكتة بذيئة عندما كان طالبا في المدرسة الثانوية، وقال إنه لا يزال يحتفظ بشريط فيديو فيه النكتة. وأمس، وضع جوردان فيديو النكتة في الإنترنت، وهي باللغة العربية، وصار اسمها «نكتة الدجاج»، لأنها عن ولد قال لأبيه إنه يريد أن يتزوج، لكنه لا يملك مالا، واقترح عليه الأب أن يبيع الدجاج، فبدأ الابن ببيع دجاج لجدته، والدة أبيه.

وأول من أمس، قال لوكالة «اسوشيتدبرس» د. توماس غريغر، رئيس قسم الطب العقلي بمستشفى «وولتر ريد»، إن نضال واجه «مشاكل» خلال الست سنوات هناك. لكن، لأسباب مهنية أخلاقية، رفض غريغر الإفصاح عن أي تفاصيل. غير أنه قال إن نضال، بسبب هذه «المشاكل»، عولج في نفس قسم الأمراض العقلية. وإن بعض «المشاكل» كانت لها صلة بمعاملته لمرضى الأمراض العقلية الذين كان يعالجهم هو نفسه.

لكن، قال رئيس القسم إن نضال كان «هادئا جدا في كثير من الأحيان». ولم يسمع منه أي شيء سلبي عن القوات الأميركية المسلحة أو عن الولايات المتحدة.

وأضاف: «بالتأكيد، أدى قسم الولاء للقوات المسلحة، وأنا لم أسمع أي شيء منه يناقض ذلك».

لكن، أمس نقلت جريدة «واشنطن بوست» على لسان فال فينيل، زميل نضال في قسم الأمراض العقلية، أن نضال، قبل سنوات، كان يقدم محاضرات عن الطب العقلي خلال الحروب. وكان يتحدث عن الحرب ضد الإرهاب، ويقول «إنها حرب ضد المسلمين». ومرات، انتقده أميركيون، «فغضب غضبا عاطفيا».

الذين كان يصلي معهم كل يوم. واعتبره هؤلاء منعزلا ومتقوقعا وانطوائيا.

وأمس، نشرت جريدة «نيويورك تايمز» أن المحققين صادروا كومبيوتر نضال الشخصي، ويدرسون ما كتب فيه وما كتب في موقع باسمه في الانترنت، وفي مواقع أخرى. وكانت أخبار قالت، أول من أمس، إنه كتب مرة أن «الحرب ضد الإرهاب حرب ضد المسلمين». وأيضا أنه كتب أن الذين يفجرون أنفسهم في قنابل بشرية يشبهون جنودا يضحون بحياتهم لإنقاذ زملائهم. غير أن واحدا من هؤلاء المسؤولين قال:«الوقت مبكر للجزم بأي شيء».

وأول من أمس أيضا، قال الرئيس باراك أوباما، بعد التعبير عن حزنه لما حدث، إنه «يجب عدم إعلان أحكام مسبقة عن الدوافع قبل نهاية التحقيقات».

وأعلن نيل ابركرومبي، عضو الكونغرس (ديمقراطي، من ولاية هاواي)، ورئيس لجنة التحقيقات العسكرية، أنه سيبدأ جلسات تحقيق عن «وجود عسكريين مثل (نضال) في القوات المسلحة». بالإضافة إلى التحقيق في «عوامل نفسية، وعوامل ضغط واكتئاب».

وقال مسؤول عسكري: «سنحقق إذا كان الدافع نفسياً أو دافع إسلام سياسي». من جهة أخرى، قال جد الطبيب النفسي، الميجور نضال، إنه من المستحيل أن يكون حفيده ارتكب هذا الأمر. وذكر الجد إسماعيل مصطفى حمد لـ(رويترز) في مقابلة في منزله ببلدة البيرة الفلسطينية، إن حفيده طبيب ويحب الولايات المتحدة، مضيفا أن الفضل يعود للولايات المتحدة لما هو عليه الآن. وقال حمد (88 عاما)، إنه لا يعلم إن كان حسن قد شعر بالغضب، لكن ما يعرفه هو أنه لا يمكن لحفيده أن يرتكب مثل هذا الفعل. وكانت المرة الأخيرة التي زار فيها جده في الضفة الغربية المحتلة قبل نحو 10 سنوات. وقال حمد إنه كان هو الذي يزور حفيده في الولايات المتحدة منذ ذلك الحين.

واستبعد حمد على ما يبدو أي دافع سياسي وراء الهجوم. وقال إن حسن اعتاد أن يأتي إلى منزله ليجلس معه ويقوم بتسليته، وإنه لم يكن أبدا مهتما بالسياسة، ولم يكن حتى يحب مشاهدة التلفزيون.