تحذيرات من انتهاك حقوق الأقليات من قبل العرب والأكراد في المناطق المتنازع عليها

مسؤول محلي لـ«الشرق الأوسط»: الميليشيات تأمر المسيحيين والأيزيديين والشبك بالتحدث بالكردية

TT

أقرت الحكومة المحلية في محافظة نينوى، ومركزها الموصل، بوجود خروقات كبيرة في حقوق الأقليات في المناطق المتنازع عليها لوجود ميليشيات وأحزاب تسيطر على تلك المناطق، معتبرة إياها «مناطق خارجة عن القانون»، وجاء ذلك في الوقت الذي حذرت فيه منظمة «هيومان رايتس ووتش» من أن التوترات الكردية ـ العربية في المناطق المتنازع عليها قد تخلق «كارثة» بالنسبة لحقوق الأقليات التي تعرضت لهجمات متصاعدة منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003.

وقال دلدار زيباري، نائب رئيس مجلس محافظة نينوى، إن «سيطرة الميليشيات والأحزاب الكردية على تلك المناطق المتعايش فيها، وليس المتنازع عليها، قد فرضت على المنطقة وضعا خارجا عن القانون»، مؤكدا أن «هذه الميليشيات تقوم بإطلاق النار على المنازل التي يقطنها المسيح أو الشبك أو اليزيدية مهددين أصحاب البيوت بالقتل في حال عدم التحدث بالكردية».

وقال زيباري إن «المدارس في تلك المناطق تدرس اللغة الكردية أيضا بشكل قسري»، وأضاف أن «الفرقة الثالثة التابعة للجيش العراقي خضعت للمحاصصة أيضا وهي تحوي ضباطا أكرادا فقط وهم يسيطرون على تلك المناطق ويقومون بالاعتقالات والتصفيات بالشكل الذي يخدم مصالحهم الحزبية».

وقال زيباري إن «مطالبات رفعت من قبل الحكومة المحلية في الموصل إلى الحكومة المركزية في بغداد لإيجاد حل لهذه المشكلة التي يعاني منها أبناء الأقليات في تلك المناطق، وجعل سلطة القانون للحكومة للسيطرة على الأوضاع هناك وليس للميليشيات»، وزعم أن الميليشيات الكردية تعمل على تغيير الوثائق الرسمية لهذه الأقليات ليكونوا من الأكراد.

من جانبها، ذكرت المنظمة المعنية بحقوق الإنسان التي تتخذ من نيويورك مقرا لها، أن الأقليات مثل المسيحيين الكلدانيين والأيزيديين والشبك وغيرهم لا يزالون عرضة لهجمات من جانب متطرفين من السنة العرب وأيضا لعمليات ترويع من جانب القوات الكردية في نينوى.

ونقلت وكالة «رويترز» عن جوي ستورك، نائب مدير «هيومان رايتس ووتش» في الشرق الأوسط في بيان، أن «المسيحيين العراقيين والأيزيديين عانوا كثيرا منذ عام 2003»، وأضاف أن «السلطات العراقية سواء العرب أو الأكراد بحاجة إلى كبح جماح قوات الأمن والمتطرفين والجماعات الأهلية لتوجيه رسالة مفادها أنه لا يمكن مهاجمة الأقليات والتمتع بحصانة في الوقت نفسه».

وذكرت المنظمة أنه منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003 تحركت السلطات الكردية إلى داخل أراض متنازع عليها للسيطرة على المناطق الغنية بالنفط والتي يسكنها العديد من الأعراق.

من جانبه، أكد سعيد بطوش، سكرتير المكتب السياسي للحزب التقدمي اليزيدي في العراق، أن انتهاكات حقوق الإنسان تجري من الطرفين العرب والأكراد باتجاه الأقليات من الشبك والمسيح. وقال لـ«الشرق الأوسط»، عبر الهاتف من منطقة بعشيقة في الموصل، إن «اليزيديين بشكل خاص يتعرضون للضرب والإهانة وكل أنواع الاعتقالات والقتل، وكان آخر اعتقال لوعد حمد مطر الأمين العام للحزب اليزيدي من قبل الفرقة الثالثة من دون توجيه أي اتهام؛ فقط لأنه من اليزيديين».

وقال بطوش إن «الإدارات العامة في المناطق المتنازع عليها جميعها للأكراد، وليس هناك أي مسؤول من أي أقلية كانت، أما العرب فهم يمارسون الضغط على هذه الأقليات في محاولة لانتزاع السلطة من الأكراد وضم هذه المجاميع إليهم».

وأشار بطوش إلى أن «الكوتة التي منحها البرلمان العراقي في قانون الانتخابات لليزيدية ظلم كبير، لأن في الموصل نحو 750 ألف نسمة من اليزيديين». ومنح القانون الأيزيديين مقعدا واحدا فقط. جدير بالذكر أن المناطق المتنازع عليها هي سنجار وشيخان والكوير ومخمور وبرطلة والقوش وتلكيف والقحطانية ومناطق أخرى. من جانبه، قال باسم بلو، قائم مقام تلكيف، لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات الأمن الكردية تقوم بالاعتقالات من دون وجود أوامر قضائية، وهي تعتقل كل من يعارض سياستها في تدريس اللغة الكردية، وقد حدثت عدة مشكلات بسبب إصرار أولياء أمور الطلبة من العرب على تدريس اللغة العربية»، مشيرا إلى أن جميع هذه المشكلات تم وضعها أمام الحكومة المركزية لكنها لم تجد آذانا مصغية، مشددا على أن الاعتقالات مستمرة والضغوطات عليه كقائم مقام مسيحي متواصلة هي الأخرى.

وحوى تقرير «هيومان رايتس ووتش» الذي جاء في 51 صفحة مقابلات أجريت مع مواطنين في شمال العراق على مدى ثلاثة أسابيع واتهم الأكراد بإنفاق ملايين الدينارات العراقية لبناء شبكة لمناصرة الأكراد وتمويل ميليشيات لحماية الأقليات. وقالت المنظمة في تقريرها إن الأقليات في العراق يجدون أنفسهم في موقف بالغ الخطورة مع تصارع الحكومة المركزية التي يهيمن عليها العرب والحكومة الإقليمية الكردية للسيطرة على الأراضي المتنازع عليها.

وأضافت أن الأقليات العراقية واجهت أيضا هجمات وحشية من جانب جماعات متمردة في نينوى خاصة في العاصمة الموصل وما حولها. وفي أغسطس (آب) قتل متشددون أكثر من 300 من الأيزيديين في هجوم بشاحنة ملغومة.