الادعاء الأميركي يتحرك لمصادرة مساجد وناطحة سحاب تملكها مجموعة مرتبطة بإيران

يشمل ثمانية عقارات وتسعة حسابات مصرفية

مبنى «مؤسسة القبة» وهى مركز إسلامي في كاليفورنيا مغلق بالأقفال الحديدية بعدما بدأ الادعاء في أميركا إجراءات للتحفظ عليه وعلى ممتلكات أخرى تتبع لـ«مؤسسة علوي» التي تقول السلطات الأميركية إنها مرتبطة بإيران (أ.ب)
TT

تحرك المدعون العامون الفيدراليون الأميركيون باتجاه مصادرة العديد من الأصول المملوكة لشركات مرتبطة بالحكومة الإيرانية من بينها مسجد ومدرسة إسلامية في بوتوماك وقطعة أرض في برينس ويليام كاونتي وناطحة سحاب في مانهاتن. وتحدث المدعون العامون عن شبكة من الصلات المزعومة بصلة الممتلكات ببنك إيراني تم تحديده على أنه الممول الرئيس للبرنامج النووي الإيراني وبرنامج الصواريخ الباليستية والأنشطة الإرهابية. وقالوا إن في مركز هذه الشبكة المنظمة التي يقع مقرها في نيويورك والمعروفة باسم «مؤسسة علوي» والتي انتابت السلطات الأميركية حولها الشكوك لمدة عقود بأنها واجهة محتملة لإيران.

ويلقى هذا التصرف من جانب النائب العام الأميركي الضغوط على إيران لوقف ارتباطها بالإرهاب، في الوقت الذي تحاول فيه إدارة أوباما التفاوض معها حول طموحاتها النووية. ومن المحتمل أن تؤدي مصادرة مؤسسة تعليمية ودينية من التوتر مع العالم الإسلامي.

وقد عبر مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية عن قلقه فور الإعلان عن العملية قائلا في تصريح له: «إن مصادرة دور أميركية للعبادة يمكن أن يكون له تأثير سيئ على الحرية الدينية للمواطنين من جميع الأديان وربما ترسل رسالة سلبية إلى العالم الإسلامي»، خاصة في أعقاب واقعة فورت هود بتكساس.

ولم تتم مصادرة أي من الممتلكات بصورة رسمية حتى الآن، لكن المدعون العامون شرعوا بالفعل في إجراءات عملية المصادرة التي ينبغي أن تقرها المحكمة. وشددت يوسيل سكريبنر، المتحدثة باسم مكتب النائب العام الأميركي على أن القضية لن تؤثر على المستأجرين أو السكان في هذه الأماكن «وأنه لن توجه اتهامات لأي من المستأجرين أو السكان». وقد أقام المدعون العامون شكاوى مدنية في المحاكم الفيدرالية سعيا وراء مصادرة أصول تقدر بمئات الملايين من الدولارات التي تملكها مؤسسة علوي وشركة أخرى على أساس استخدامها كواجهة من قبل إيران. وإلى جانب الممتلكات في مانهاتن وبوتوماك تستهدف الشكاوى أيضا مركزا إسلاميا في كاليفورنيا وكوينز ونيويورك وهيوستن وكذلك 100 فدان تقريبا في منطقة كاثربين مقاطعة برينس ويليام. وزعم المدعون العامون مستشهدين بقائمة طويلة من الوثائق ورسائل البريد الإلكتروني، أن مؤسسة علوي وقال دأبت على التأكيد أنها مستقلة عن إيران كانت تدار سرا من قبل أعضاء في حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية من بينها نائب رئيس الوزراء والسفير الإيراني في الأمم المتحدة.

ولم يجب المتحدث باسم البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة على الاتصالات الهاتفية التي طلبت منه التعليق على الأنباء.

وأوضح جون وينتر، محامي مؤسسة علوي، أن المؤسسة كانت تتعاون مع الحكومة في تحقيقاتها وقال: «لقد أصيبت المؤسسة بخيبة أمل نتيجة لقرار الحكومة تنفيذ هذه المصادرة. فنحن ننوي رفع دعوى قضائية تجاه هذه المزاعم، ونتوقع النجاح في نهاية القضية».

وقال المدعون العامون إن المؤسسة أنفقت ملايين الدولارات على التطويرات في المساجد التابعة لها في الولايات المتحدة من بينها أكثر من مليون دولار منذ عام 2000 على المنشأة في بوتوماك والمركز التعليمي الإسلامي.

وتم جمع المال ـ نحو 4 ملايين دولار ـ عبر مؤسسة علوي التي تمتلك 60% من ملكية 650 Fifth Ave، ناطحة سحاب لمبان إدارية وتضم متجر جوسي كوتشر. وزعم المدعون العامون العام الماضي أن شركة آسا كورب التي تمتلك نسبة 40% الباقية تعتبر شركة واجهة ترسل عائدات الإيجار عبر الشركة الأم في تشانل أيلاندز القريبة من السواحل الفرنسية إلى «بنك ملي» الذي تمتلكه الحكومة الإيرانية بالكامل. وبموجب القوانين المتعددة والأوامر الرئاسية تحظر الحكومة الإيرانية والشركات المرتبطة بها من القيام بأنشطة تجارية من دون ترخيص من وزارة الخزانة. ويعتقد مسؤولو إنفاذ القانون والاستخبارات الذين عبروا عن شكوكهم منذ مدة طويلة عن أن مؤسسة علوي والمؤسسات المرتبطة بها ما هي إلا أدوات يمكن من خلالها للحكومة الإيرانية مراقبة الإيرانيين في الولايات المتحدة والحصول على معلومات عن التكنولوجيا الأميركية وترويج الأفكار الإيرانية بشأن الشؤون الدولية وتقديم أماكن للتجمع للعبادة للناشطين الموالين لإيران ودفع المال للأكاديميين الأميركيين لكسب المزيد من الأصدقاء لإيران. وقد خلص بحث مطول قامت به صحيفة «نيوزداي» أجرته عام 1995 إلى أن مؤسسة علوي يتحكم بها القادة الدينيون الإيرانيون وأن العديد من رؤساء ومديري الشركة متورطون في تهريب شحنات أسلحة وتكنولوجيا لإيران. لكن مسؤولي إنفاذ القانون واجهوا مشكلة صياغة حجة قوية ضد الشركة. وكان قاض فيدرالي قد رفض في عام 1999 القضية التي رفعها أحد ضحايا الإرهاب المتعلق بالحصول على تعويض من شركة علاوي لأن الأدلة المتعلقة بإيران لا تثبت السيطرة اليومية على أعمال الشركة». غير أنه في ديسمبر (كانون الأول)، بدأت الحكومة في التقدم نحو إجراءات المصادرة ضد أسا، وخلال أيام وجهت اتهامات لفارشيد جهيدي رئيس شركة علوي آنذاك بعرقلة العدالة بعد أن تتبعه وكلاء مكتب التحقيقات الفيدرالي ولاحظوا قيامه بتمزيق أوراق أخرجها من جيبه في صندوق قمامة عامة. قام عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالية بعد ذلك باستعادة الأوراق التي كتبت بالفارسية والإنجليزية وثبت أنها تتعلق بتحويلات مالية معقدة تضم مؤسسة علوي والمبنى، ولذا فإن قضيته وشيكة.

كما دأب مسؤولو المركز التعليمي الإسلامي على التأكيد أنهم مؤسسة خيرية تقدم التعليم والخدمات الدينية. أما مسؤولو مركز بوتوماك المقام على مساحة ستة أفدنة في حي ثري فلم يجيبوا على المكالمات الهاتفية أو يردوا على رسائل البريد الإلكتروني. وكان المركز التعليمي الإسلامي قد افتتح رسميا في عام 1983 وتشير سجلاته الضريبية إلى أنه تلقى 6 ملايين دولار للمشروع من مؤسسة مصطفازان في نيويورك والتي غيرت اسمها في عام 1992 إلى علوي.

وقال المركز في استمارته الضريبية في عام 2007 إنه «استخدم المنشآت التي قدمتها مؤسسة علوي من دون مقابل، وأن المؤسسة تدفع تكاليف إصلاح وصيانة المنشآت. وأن المركز الإسلامي ينظم محاضرات وندوات وأنشطة استجابة للاحتياجات العامة والأعياد الدينية والمناسبات التاريخية والأحداث الثقافية، في حي تضم المدرسة الابتدائية والإعدادية أكثر من 150 طالبا. لكن آرلين بيتر روف المعلمة ومساعدة مدير المدرسة قالت يوم الخميس إن تلك الإسهامات من علوي انقطعت منذ أن ظهرت التحقيقات إلى العلن العام الماضي. وقالت: «كان على جميع المدرسين تقبل خفض رواتبهم عندما حدث ذلك لأن الموارد كانت قليلة».

* شارك في إعداد التقرير ويليام وان وكاري جونسون من واشنطن وكولم لينش في الأمم المتحدة وكارل فيك في نيويورك والباحثة ميغ سميث.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»