طالبة رحلت من الضفة إلى غزة: أشعر بالندم كوني غزّاوية

قالت لـ «الشرق الأوسط»: لم يبق على تخرجي سوى شهرين

TT

لا تجد الطالبة في جامعة بيت لحم، برلنتي عزام (22 عاما)، بعدما رحّلها الإسرائيليون قسرا من الضفة الغربية إلى قطاع غزة، قبل شهرين فقط من تخرجها، غير أنها تتمنى لو لم تكن «غزاوية، بل ضفاوية». وقالت برلنتي عزام لـ«الشرق الأوسط»، إنها تشعر بالندم أحيانا كونها من سكان القطاع.

وأصل برلنتي الغزاوي، هو ما حمل الجيش الإسرائيلي على ترحيلها إلى القطاع، بعدما أوقفها عن طريق الصدفة نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عند حاجز عسكري، على بوابة بيت لحم. ولم يشفع لبرلنتي عزام أنها طالبة، وبعد 6 ساعات من الاحتجاز عند حاجز «الكونتينر» (الحاويات) العسكري، نقلها الإسرائيليون، لتجد نفسها فجأة تقف عند بوابة حاجز «ايرز» في غزة، وقال لها الجنود إنه لا خيار آخر أمامها.

وقالت برلنتي عزام: «بعدما اكتشفوا أن هويتي صادرة في غزة، أوقفوني 6 ساعات، من الساعة الثانية عشرة ظهرا وحتى الـ6 مساء، وكلما سألتهم، ماذا أنتظر.. قالوا لي نحن في انتظار اتصال هاتفي». وأضافت: «اتصلت أنا بمحامية مؤسسة (غيشا) الإسرائيلية، كي تتابع الأمر، وأبلغوها، وأنا أنتظر، أنهم سيحققون معي وسيطلقون سراحي».

شعرت برلنتي بالاطمئنان بعد سماعها ذلك، لكن عندما نقلها الجنود إلى سيارة عسكرية، مكبلة اليدين ومعصوبة العينين، ونقلها من سيارة إلى أخرى، اكتشفت برلنتي بعد ساعتين من السفر أنها تقف أمام حاجز «ايرز» العسكري، الذي تحول إلى ما يشبه حدودا كبيرة.

وقالت لنفسها إنها غزة إذن.. ولهول المفاجأة، التزمت برلنتي الصمت، وقالت: «كنت مذهولة، وسألت الضابط المسؤول، هل ترحيلي إلى هنا هو الحل الوحيد، فقال لي نعم، طالما وصلتي (ايرز) فستعودين إلى غزة». ولم تفقد برلنتي عزام الأمل في عودتها إلى جامعتها في الضفة الغربية، لتكمل دراستها في إدارة الأعمال، وتوجهت مع جامعتها إلى القضاء الإسرائيلي، وأول من أمس أعطت محكمة الاستماع الإسرائيلية، المخابرات الإسرائيلية فرصة حتى 22 من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي لإجراء تحقيق مع برلنتي عزام، ومن ثم الرد على طلبها إذا ما كان يمكنها العودة إلى بيت لحم أم لا. وحتى ذلك الوقت، لم يسمح لبرلنتي أن تكمل دراستها عن بعد، عبر الإنترنت، برغم حالتها الاستثنائية، بسبب الإجراءات الصارمة في نظام التعليم في الضفة. لكن مكتب الرئيس الأعلى لجامعة بيت لحم، قال إن إدارة الجامعة تبحث عن بدائل واقعية لتمكين برلنتي عزام من إكمال الشهرين المتبقيين لها في حال إخفاق الجهود القضائية في إعادتها إلى بيت لحم.

وعبرت إدارة جامعة بيت لحم عن احتجاجها لاتخاذ السلطات الإسرائيلية «إجراء تعسفيا» أدى إلى حرمان الطالبة من استكمال تحصيلها العلمي وتخرجها في الجامعة، وطالبت الجامعة بالسماح لها بإنهاء دراستها، مؤكدة أن ذلك يمس بحق حرية التعليم. ودعا طلاب من جامعة بيت لحم وآخرون من غزة، متضامنين مع برلنتي عزام، في لقاء نظم عبر «الفيديو كونفرانس»، إلى ضرورة قيام الجامعات الأوروبية بحملة لمقاطعة الجامعات الإسرائيلية كسلاح استراتيجي يضع إسرائيل في عزلة ويجبرها على أن تخضع للقانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان. وقالت هيئة حقوق الإنسان الإسرائيلية (غيشا) أن ترحيل برلنتي عزام هو سادس حادث من نوعها خلال أسبوعين. وتريد إسرائيل تثبيت واقع تسعى له منذ زمن، باعتبار الضفة وغزة، كيانين منفصلين، وهو ما يقضي على أي أساس لإقامة دولة فلسطينية موحدة. وتمنع إسرائيل جمع شمل العائلات في الضفة الغربية بالنسبة للفلسطينيين القادمين من غزة.وتتواصل برلنتي مع زملائها عبر الإنترنت، ورغم أنها لم تلتق بعائلتها منذ 4 سنوات، فإنها تظهر حزنا شديدا لتركها جامعتها، وتساءلت «ليش صار هيك معي.. أنا لا أهدد أمن إسرائيل؟». وتجيب برلنتي نفسها عن السؤال: «لأني من غزة، لو أنا مش من غزة كان كملت دراستي، هناك تمييز بين غزة والضفة وقصتي أكبر تمييز». وتابعت القول: «أتمنى لو أني من الضفة.. كنت باقدر اتحرك وادرس».

وبعد أسبوعين من عودتها إلى بيتها وصفت برلنتي عزام الحياة في غزة بأنها مأساوية، وقالت: «كل شيء تغير الحياة هنا مأساوية».