الوزير عدنان السيد حسين: طاولة الحوار الوطني قد تلحظ وضع سلاح حزب الله تدريجيا في كنف الدولة

وزير مقرب من رئيس الجمهورية تحدث لـ «الشرق الأوسط» مع اقتراب عودة جلسات الحوار

الوزير عدنان السيد حسين
TT

عادت طاولة الحوار الوطني إلى التداول مع إعلان رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان، نيته تفعيلها وتوسيعها للبحث في المواضيع ذات الطابع «الخلافي»، وعلى رأسها موضوع الاستراتيجية الدفاعية التي كانت قد انتهى عندها الحوار قبيل الانتخابات النيابية في يونيو (حزيران) الماضي. ومن المتوقع أن لا تقتصر حوارات الأقطاب الذين ستتم دعوتهم للمشاركة على هذه النقطة المتعلقة مبدئيا بسلاح حزب الله، بل سوف تشمل كل الملفات ذات الطابع الوطني، ومنها ما طرحه سليمان حول صلاحيات رئاسة الجمهورية والإصلاحات الاقتصادية.

وكانت طاولة الحوار الوطني قد التأمت للمرة الأولى في 2 مارس (آذار) 2006 بدعوة من رئيس مجلس النواب نبيه بري وتميزت بمشاركة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. إلا أن اجتماعات الحوار توقفت مع حرب يوليو (تموز) 2006 والعدوان الإسرائيلي على لبنان، ولم تنفذ القرارات التي صدرت عنها في حينه، لتعود بعد انتخاب سليمان رئيسا للجمهورية، بعد أحداث 7 مايو (أيار) 2008 وبموجب اتفاق الدوحة، فتنعقد بمشاركة اقتصرت على الشخصيات القيادية الـ14 الممثلة لمختلف القوى والأحزاب اللبنانية، من دون مواكبة لأعضاء الكتل والأحزاب، كما كانت الحال في البرلمان. وقد عقدت أولى جلساتها في 16 سبتمبر (أيلول) 2008، بمشاركة الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، وفقا لما نص عليه اتفاق الدوحة. «الشرق الأوسط» حاورت وزير الدولة (من فريق رئيس الجمهورية) الدكتور عدنان السيد حسين، حول الخطوات المرتقبة في هذا الشأن، لا سيما أنه كان أحد أعضاء فريق العمل الرئاسي الخاص بالحوار الوطني والاستراتيجية الدفاعية. وسألته عن المعلومات التي تتحدث عن استعدادات سليمان لتوجيه الدعوة إلى طاولة الحوار وفق معايير جديدة مختلفة عن التجربتين السابقتين اللتين حصلتا في مجلس النواب وقصر الرئاسة، وعن المحاذير التي يشير إليها بعض السياسيين إذا كان التوسيع الاستثنائي للحوار سيؤدي إلى توسيع للصلاحيات بما قد يمس واقعيا أو يصطدم دستوريا بصلاحيات مجلس الوزراء أو مجلس النواب. يؤكد السيد حسين، أن طاولة الحوار الوطني «تهيئ الأجواء للإصلاح وبناء الدولة»، ويقول إنها «عامل مساعد وفعال للسلطتين التشريعية والتنفيذية، وأن فعالية دورها تتلخص في قدرتها على نزع فتائل الأزمات السياسية التي تؤثر على مؤسسات الدولة». ويضيف: «هذا جزء من أعمالها، وقد لعبت هذا الدور قبل الانتخابات النيابية انطلاقا من توجيه رئيس الجمهورية في تسهيل إجراء الانتخابات والاعتراف بنتائجها». وردا على سؤال عن قدرة طاولة الحوار الوطني على اتخاذ قرارات وتفعيلها أو الاكتفاء بمحاصرة الخلافات في مجلسي الوزراء والنواب لامتصاص الأزمات، وتحديدا في ملف سلاح حزب الله والاستراتيجية الدفاعية، أجاب: «هذا يتوقف على المتحاورين أنفسهم. هل سيقررون صيغة محددة لاستراتيجية دفاعية انطلاقا من تنظيم العلاقة بين الجيش والمقاومة؟ المعروف أن هناك تنسيقا بينهما. وقد برز هذا التنسيق خلال حرب يوليو (تموز) 2006. أما ما ستناقشه طاولة الحوار فهو حدود هذا التنسيق ونوعيته ومصيره. يمكن أن يلحظ الحوار وضع هذا السلاح تدريجيا في كنف الدولة. هذا هو الهدف الأساسي للخطة الدفاعية». ويضيف: «قد تتعدد الآراء في هذا الشأن، لكن يجب أن يحسمها الخبراء العسكريون. والأمر يجب أن يدرس بعيدا عن الإعلام».

هل يعني ذلك أن البحث جار منذ اجتماعات طاولة الحوار ما قبل الانتخابات النيابية؟ يشير السيد حسين إلى «دراسات موجودة، لكن هيئة الحوار لم تنعقد حتى الآن». ويقول: «عندما سيحصل ذلك ستوضع هذه الدراسات على الطاولة وستخضع للنقاش». أما عن المشاركين ونسبة المشاركة ونوعيتها فيقول: «المشاركة ستلتزم نتائج الانتخابات النيابية، إضافة إلى ضرورة إشراك قوى المجتمع المدني من نقابات وجمعيات لا سيما الجمعيات النسائية».

وعن مصادرة طاولة الحوار دور السلطتين التشريعية والتنفيذية، يقول: «هيئة الحوار الوطني هي لقاء فعاليات مؤثرة في المجتمع والدولة، والهدف منها تسهيل أعمال مجلس الوزراء وصولا إلى اتخاذ قرارات وإصدار مراسيم قابلة للتنفيذ في مرحلة إعادة بناء الدولة. بالإضافة إلى ذلك يمكن أن تتحول هيئة الحوار الوطني إلى هيئة وطنية لإلغاء الطائفية السياسية في وقت لاحق مع بعض التعديلات عليها لضرورة إشراك كفاءات فكرية وسياسية واجتماعية فيها، كما تحدد المادة 95 من الدستور اللبناني المعدل وفق اتفاق الطائف للوفاق الوطني الذي صار بمثابة عقد اجتماعي ميثاقي بين اللبنانيين. وهذه المادة تنص على آلية تكوين الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية بإشراف رئيس الجمهورية ومشاركة رئيسي الحكومة ومجلس النواب وشخصيات سياسية واجتماعية». ويضيف: «يمكن الجزم بأن هيئة الحوار الوطني لا تملك صلاحيات دستورية، هي مجرد قوة سياسية تساعد مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية على الانطلاق والعمل».

وينفي ما يتردد عن سعي رئيس الجمهورية ليشكل قوة خاصة به من خلال طاولة الحوار، أسوة ببقية الأقطاب في الساحة السياسية. يقول: «غير صحيح أن رئيس الجمهورية من خلال أدائه سيؤثر سلبا على عمل مجلسي الوزراء والنواب، لأن ترؤسه الهيئة ينطلق من صفته الدستورية كرئيس للدولة وحام للدستور. الحلقة المفقودة في البلد هي المرجعية السياسية والدستورية التي يجب أن تبت في النزاعات الداخلية والدستورية مهما كان نوعها. هذه المرجعية يجب ألا تكون في الخارج، ما يعني حكما أن رئيس الجمهورية بوصفه رئيسا للدولة هو المعني بهذه المسائل وإيجاد الحلول لها».

ويشدد السيد حسين على أن «هيئة الحوار الوطني غير كافية بحد ذاتها، إذ لا بد من إعادة النظر في بعض الصلاحيات الدستورية حتى يتمكن الرئيس من القيام بدوره كرئيس للدولة ومدافع عن سلامة لبنان ووحدته. وهذا ما تعهده تحت القسم الذي لا يقسمه في لبنان إلا رئيس الجمهورية. أما في ما خص القول إن طاولة الحوار هي استبدال أو اختزال لدور مجلسي الوزراء والنواب، فالأمر غير دقيق». أجندة طاولة الحوار برئاسة رئيس الجمهورية وصلت إلى ملف الاستراتيجية الدفاعية. من أين ستنطلق طاولة الحوار حاليا؟

يقول السيد حسين: «هناك مفهوم خاطئ للاستراتيجية الدفاعية. هي لا تنحصر بسلاح حزب الله والمقاومة. هذا فهم قاصر للموضوع. الاستراتيجية الدفاعية تشمل القدرات العسكرية لمواجهة الأخطار التي تهدد كيان لبنان عسكريا وأمنيا، بالتالي هي تشمل قدرات الجيش اللبناني وحاجاته والعلاقة بين الأجهزة الأمنية وكيفية انتظامها، كما تشمل دور الشعب اللبناني في مواجهة أي اعتداء إسرائيلي من حيث آليات العمل والمؤسسات المعنية بالأمر». ويضيف: «عندما نضع كل هذا الأمور على طاولة النقاش نتبين من البحث أن هذه الاستراتيجية تحتاج فعلا إلى قدرات مالية وإلى أمن سياسي عام في الداخل بعيدا عن التجاذبات الطائفية والحزبية والفئوية. بالطبع هناك جانب تقني من هذه الاستراتيجية يترك لذوي الاختصاص في السلك العسكري. سلاح حزب الله يندرج ضمن هذه الدراسة ووفق التنسيق القائم. ويجب أن يبقى هذا الجانب بعيدا عن الإعلام حفاظا على الأمن القومي للبلاد».