البيت الأبيض يعبر عن «استيائه» من تحرك إسرائيلي لتوسيع الاستيطان في القدس

إسرائيل راضية من الرفض الأميركي والأوروبي لفكرة إعلان الدولة الفلسطينية من جانب واحد

TT

عبر البيت الأبيض أمس عن غضبه من قرار إسرائيل المضي قدما في التخطيط لتوسيع الاستيطان في القدس الشرقية. وقال الناطق باسم البيت الأبيض أمس: «نشعر باستياء من قرار لجنة التخطيط للتحرك قدما في عملية الموافقة على توسيع مستوطنة جيلو في القدس». وأضاف أن «في الوقت الذي نعمل فيه على إعادة إطلاق المفاوضات، هذه التحركات تجعل من الأصعب إنجاح جهودنا». ويأتي القرار الإسرائيلي بعد لقاء المبعوث الأميركي للسلام جورج ميتشل بمفاوضين إسرائيليين في لندن أول من أمس وطالب بوقف النشاط الاستيطاني. وأفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن ميتشل طالب تحديدا بتجميد موافقات مخططة على أعمال بناء جديدة في مستوطنة جيلو. ولكن وافقت أمس لجنة التخطيط التابعة للحكومة الإسرائيلية على إضافة 900 وحدة سكنية للمستوطنة حيث يعيش نحو 40 ألف إسرائيلي. وشدد غيبس على أن الموقف الأميركي هو عدم «اتخاذ خطوات تحاول أن تستبق، أو تظهر على أنها تستبق، المفاوضات»، مضيفا أن «الولايات المتحدة أيضا تعترض على إجراءات إسرائيلية أخرى في القدس متعلقة بالإسكان بما فيها مواصلة نهج الإخلاء وهدم البيوت الفلسطينية». وتعتبر هذه التصريحات من أشد التصريحات لهجة في الآونة الأخيرة الصادرة عن البيت الأبيض في ما يخص القدس والتصرفات الإسرائيلية. وأوضح غيبس: «موقفنا واضح، وضع القدس يعتبر قضية من قضايا الحل النهائي التي يجب حلها من خلال المفاوضات بين الأطراف». ويزيد القرار الإسرائيلي من المصاعب أمام واشنطن التي ترغب في تقريب وجهات النظر الإسرائيلية والفلسطينية على الأقل بحد أدنى من أجل بدء مفاوضات مباشرة بين الطرفين، على صعيد تقني إن لم يكن سياسي. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد للرئيس الأميركي باراك أوباما ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أنه يعتزم «تقييد» نمو المستوطنات، بعد أن كانت الإدارة الأميركية شددت على أهمية وقف الاستيطان من دون جدوى. وكرر الناطق باسم الحكومة الإسرائيلية مارك ريجيف رفض إسرائيل تضمين المناطق التي ضمتها للقدس كجزء من أي تسوية لدعوة أوباما «لتقييد» النمو الاستيطاني في الضفة الغربية. وقال ريجيف «رئيس الوزراء نتنياهو مستعد لتبني سياسة تنطوي على أكبر قدر من تقييد النمو في الضفة الغربية من أجل إعادة عملية السلام إلى مسارها لكن هذا ينطبق على الضفة الغربية». وعبرت لارا فريدمان من مجموعة «الأميركيون للسلام الآن» وداني سيدمان من منظمة «اير عميم» اليهودية المطالبة بحل عادل في القدس عن استيائهما من القرار الإسرائيلي. وقالا في مقال مشترك أمس إن الخطة الإسرائيلية لتوسيع المستوطنة في القدس «أزمة هندسها رئيس الوزراء الإسرائيلي، من أجل خلق صدام مباشر مع إدارة أوباما حول القدس». وأضافا: «لم يكن لدى الإدارة خيار ما عدا التدخل في هذه الخطة». واعتبرا أن نتنياهو «يضعف فرص المفاوضات التي يدعي أنه يريدها».

وقرار واشنطن إصدار البيان حول قرار لجنة التخطيط يأتي ضمن مؤشر واضح من الإدارة الأميركية بأنها مستعدة للمواجهة المباشرة مع نتنياهو في هذه الخطة. واستخدام البيت الأبيض لكلمة «استياء» لوصف القرار الإسرائيلي يأتي ضمن شعور أوسع في الدوائر الداعية للسلام من التطورات الأخيرة وتعثر جهود إحياء مفاوضات السلام.

أثار الموقف الأميركي والأوروبي الرسمي، بمعارضة الإعلان من جانب واحد عن إقامة دولة فلسطينية، ارتياحا في إسرائيل. ولكن في الوقت نفسه، أعربت أوساط حكومية عن استنكارها للطلب الأميركي الرسمي بإلغاء مشروع البناء الاستيطاني الجديد المقرر في مستوطنة غيلو الواقعة فوق أراضي بلدة بيت جالا القريبة من بيت لحم. ووجهت انتقادات شديدة للإدارة الأميركية على هذا الطلب، بلغت حد الشتيمة. وكان الإسرائيليون قد اغتبطوا الليلة قبل الماضية، عندما أصدرت وزارة الخارجية الأميركية بيانا رسميا تقول فيه إنها تعارض الاقتراح الذي أعلنته السلطة الفلسطينية لإعلان الدولة والتوجه إلى مجلس الأمن الدولي بطلب إصدار قرار بهذا الشأن وبدء تجنيد اعتراف دولي بهذه الدولة وفرضها كأمر واقع على إسرائيل. وقال الناطق بلسان الخارجية الأميركية، إيان كالي، إن دولة كهذه تقام فقط بالمفاوضات المباشرة بين الطرفين.

وأثنى على هذا الموقف، ثلاثة من النواب البارزين في الكونغرس، يزورون إسرائيل للمشاركة في ندوات «منتدى صبان». فقال السناتور الجمهوري ليندزي غراهام، إنه لا يتصور في أسوأ أحلامه أن تقدم الإدارة الأميركية على اعتراف بدولة فلسطينية بهذه الطريقة، لأن ذلك سيؤدي إلى دمار عملية السلام. وقال السناتور المستقل، جو ليبرمان، إن إدارة الرئيس باراك أوباما ستستخدم حق النقض (الفيتو) في حالة طرح مشروع كهذا على مجلس الأمن. أما السناتور الديمقراطي، تيد كاوفمان، فقال إن المشروع الفلسطيني المذكور هو مضيعة للوقت.وجاء الموقف الأوروبي مكملا للفرحة الإسرائيلية، حيث أعلن وزير الخارجية السويدي، كارل بيلدت، الذي تترأس بلاده الاتحاد الأوروبي، أن الظروف لا تسمح بالاعتراف بدولة فلسطينية، وينبغي أن تقوم هذه الدولة أولا، حتى يصبح ممكنا الاعتراف بها. لكن الفرحة الإسرائيلية لم تكتمل، حيث إن الأميركيين والأوروبيين أكدوا موقفا حادا ضد مشروعات الاستيطان الإسرائيلية. وخرجت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، بمانشيت عريض تكشف فيه أن إدارة الرئيس أوباما طالبت إسرائيل بإلغاء مشروع بناء حي جديد في مستوطنة غيلو. وقالت الصحيفة إن السناتور جورج ميتشل، المبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط، نقل هذا الطلب خلال لقائه، أمس، في واشنطن مع المستشار الخاص لرئيس الوزراء الإسرائيلي في الموضوع الفلسطيني، يتسحاق مولخو، وإنه خلال لقائهما للبحث في الطلبات الأميركية من إسرائيل لتسهيل استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، قال له: «نما إلى علمنا أنكم تنوون إقامة مشروع سكني في مستوطنة غيلو في القدس. ونحن نطلب إلغاء هذا المشروع، لأنه سيزيد من صعوبة استئناف عملية السلام علينا». كما أن الوزير السويدي قال في إطار تصريحه المذكور إن أوروبا تتفهم دوافع الفلسطينيين لطرح مشروعهم بالإعلان من طرف واحد عن الدولة الفلسطينية، فهم مصابون بالإحباط من استمرار المفاوضات سنين طويلة، قامت إسرائيل خلالها باستغلال هذه المفاوضات لبناء مشروعات استيطان ضخمة تفرض الأمر الواقع في الأرض الفلسطينية. وأثار هذا الموقف غضبا شديدا في إسرائيل. فأصدر مكتب نتنياهو بيانا جاء فيه أنه لا يعتبر القدس منطقة محتلة، بل جزء لا يتجزأ من إسرائيل. ويرى في مستوطنة غيلو حيا يهوديا مثل أحياء تل أبيب وحيفا. وهاجم رئيس الكنيست روبي رفلين، وهو من حزب الليكود الحاكم، الطلب الأميركي وقال: «هذا خط أحمر لن نسمح للأميركيين بتجاوزه». وفي «غيلو» نفسه راحوا يشتمون الأميركيين. وقال رئيس لجنة الحي عضو المجلس البلدي في القدس، مئير تورغمان، إن أهالي الحي سيخرجون في مظاهرات ضد البيت الأبيض على هذا الموقف.