جامعة الأزهر ونوادي هيئات التدريس المصرية تقاطع الجزائر.. ووزير التعليم يدعو للتروي

الخارجية الجزائرية تستدعي السفير المصري.. والعاهل المغربي يهنئ بوتفليقة بتأهل الجزائر لمونديال 2010

TT

تواصلت ردود الفعل الغاضبة في مصر على أحداث العنف التي صاحبت مباراة كرة القدم بين منتخبي مصر والجزائر التي أقيمت في الخرطوم، يوم الأربعاء الماضي، لحجز بطاقة التأهل لمونديال 2010 في جنوب أفريقيا. وفي تصعيد جديد، قررت نوادي هيئات التدريس بالجامعات الحكومية المصرية ومراكز البحث العلمي وجامعة الأزهر مقاطعة أي تعاون علمي أو ثقافي مع الجزائر، لكن وزير التعليم العالي الدكتور هاني هلال، دعا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى ضرورة التروي قبل اتخاذ ردود فعل متسرعة. وهنأ العاهل المغربي الملك محمد السادس، الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، بمناسبة تأهل المنتخب الجزائري لنهائيات كأس العالم 2010، في بادرة تقارب بين البلدين، اللذين تسود العلاقات بينهما حالة من التوتر المستمر. وتنضم نوادي هيئات التدريس إلى شركات السينما والفنانين بمصر، ممن أعلنوا مقاطعتهم للفن الجزائري بنجومه ومهرجاناته وأفلامه. وطالبت نوادي هيئات التدريس بالجامعات الحكومية وجامعة الأزهر وممثلو مراكز البحث العلمي في بيان لهم أمس بمقاطعة أي تعاون علمي أو ثقافي مع الجزائر، اعتبارا من أمس (السبت) احتجاجا على «اعتداء» مناصرين للفريق الجزائري على مناصرين للفريق المصري بالسودان، علاوة على استهداف مناصرين جزائريين لمصالح مصرية بالجزائر. ودعت نوادي هيئات التدريس بالجامعات، خلال اجتماعها أمس، الحكومة المصرية بقطع جميع العلاقات مع دولة الجزائر، مطالبين الحكومة الجزائرية بالاعتذار الرسمي للشعب المصري. وقالت في بيان أصدرته أمس: «يقرر المجتمعون أن الجزائر فقدت الثقة والاعتبار في مواقفها العربية التي تبنى أساسا على الأخوة والعلاقات الحميمية».

من جانبه، رفض الوزير هلال التعليق على هذا القرار، وقال إن وزارته «لا علاقة لها بهذا القرار، ويجب أن ندرس الموضوع من كل جوانبه قبل اتخاذ أي قرار، ولكن لا داعي لردود الفعل المتسرعة»، ورفض الوزير المصري الخوض في التفاصيل.

وعاد إلى القاهرة فجر أمس 415 مصريا قادما من الجزائر على خلفية التداعيات التي أعقبت مباراة كرة القدم بين منتخبي البلدين. وذكر عدد منهم أن مئات من العاملين المصريين بالجزائر في انتظار مقاعد شاغرة بالطائرات للعودة للقاهرة. وقال مصدر بشركة «مصر للطيران» إن الشركة تنظم 6 رحلات أسبوعيا بين البلدين، ونظرا للإقبال الكبير من المصريين الراغبين في العودة قررت تنظيم رحلات «شارتر»، وتقدمت بطلب إلى السلطات الجزائرية بهذا الخصوص، إلا أنها لم تتلق ردا بعد. وقالت الشركة إنها قررت تشكيل لجنة فنية لدراسة ومعاينة وإجراء حصر لتحديد التلفيات وحجم الخسائر بمكتب الشركة بالجزائر، لمطالبة شركة التأمين بالتعويض. وقال مصدر مسؤول بالشركة: «ستتوجه لجنة إلى الجزائر بعد التأكد من استقرار وهدوء الأوضاع هناك». وأضاف أن اللجنة ستضم أعضاء من مختلف القطاعات وهي المالي والقانوني والهندسي وشركة التأمين، لتحديد حجم التلفيات والخسائر وإجراء المقايسة اللازمة للتجديد والإصلاح.

وأشار إلى أن العاملين بالشركة في الجزائر يباشرون عملهم بمكتب الشركة بمطار هواري بومدين بالجزائر، موضحا أن طائرات الشركة تشهد زيادة كبيرة من المصريين بالجزائر الراغبين في العودة إلى القاهرة. وفي الجزائر، أعلنت وزارة الشؤون الخارجية أنها استدعت الليلة قبل الماضية عبد العزيز سيف النصر، السفير المصري في الجزائر، وأبلغته «الانشغال العميق» للسلطات الجزائرية إزاء تصاعد الحملة الإعلامية على خلفية المباراتين اللتين جمعتا منتخبي البلدين في القاهرة وفي أم درمان بالسودان. وذكر بيان الخارجية الجزائرية أن وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي، عبر عن أمله في أن «يوضع على الفور حد لهذه الحملة التي لا تخدم البلدين ولا الشعبين». وذكر الوزير الجزائري، حسب المصدر ذاته، أن «الجزائر اتخذت في ما يخصها كل الإجراءات لتهدئة الوضع قبل وخلال وبعد مقابلتي كرة القدم، وأقامت جهازا أمنيا مدعما بقصد ضمان أمن الرعايا المصريين وممتلكاتهم في الجزائر».

وفي الرباط، أكدت مصادر مغربية أن العاهل المغربي الملك محمد السادس بعث ببرقية تهنئة إلى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، بمناسبة تأهل منتخب بلاده لكرة القدم لنهائيات كأس العالم 2010. ووصف الملك محمد السادس في برقية التهنئة تأهل المنتخب الجزائري بـ«الإنجاز الرياضي الكبير». وأكد أن «مشاطرة الشعب المغربي لشقيقه الجزائري مشاعر الابتهاج الصادق، بهذا الاستحقاق الرياضي الدولي، إنما تجسد مدى رسوخ روابط القربى والأخوة، ووحدة الانتماء، التي تجمع على الدوام بين الشعبين الجارين الشقيقين». وأضاف «مما يبعث على الاعتزاز، ما أبانته الأجيال الحاضرة والصاعدة، من فرح تلقائي، ليجسد وفاءها لهذه الأواصر العريقة، ومواصلتها لحمل مشعل هذا الرصيد الشعبي التاريخي، من الإخاء الصادق، والمشاعر الوحدوية الراسخة في وجدان الشعبين الشقيقين». وكانت تظاهرات عفوية خرجت في أكثر من مدينة مغربية، فرحا بفوز الجزائر، يوم الأربعاء الماضي، رغم دواعي التوتر المستمر بين البلدين، وهو ما يؤكد أن الخلافات السياسية بين البلدين لم تؤثر على الشعبين الجارين.

وقال العاهل المغربي «وإذ أجدد لكم وللشعب الجزائري الأصيل عبارات التهاني والتنويه، لأدعو الله تعالى لكل أعضاء منتخب بلدكم، بالتمثيل المشرف للكرة المغاربية والعربية والأفريقية، وبالتألق في النهائيات الكروية العالمية لسنة 2010، مما يجعلها مناسبة للتعارف وتوثيق أواصر الوئام والتقارب بين كل الأمم والشعوب».