مسؤول سعودي: خطط المعتدين ليست ثابتة.. ومن يحاول الاختراق سيواجه خيار الهلاك أو الاستسلام

قال لـ الشرق الأوسط»: بعد فشلهم في التخفي بالملابس النسائية.. المتسللون يلجأون إلى التخفي في جلود الحيوانات

TT

على صعيد المواجهات الدائرة حاليا بين القوات السعودية والمتسللين التي تدخل اليوم أسبوعها الرابع، كشفت معلومات وردت من الجبهة أن المتسللين لجأوا إلى تكتيكات قتالية جديدة، ومنها التخفي في جلود الحيوانات بعد أن فشلت حيلهم السابقة باستخدامهم الملابس النسائية، وذلك في محاولات منهم لاختراق الحدود الجنوبية الحصينة للسعودية.

وبحسب روايات جنود سعوديين من أرض المعركة فإن مجموعات المتسللين الصغيرة والتي عادة ما تتكون من 10 إلى 20 مقاتلا كانت تلجأ إلى تضليل التحركات العسكرية وإيهام الجيش السعودي بتحركات وهمية، خصوصا في فترة الليل، حيث استخدموا الحيوانات لتركيب كشافات ضوئية عليها وإطلاقها في مناطق مختلفة من الشريط الحدودي للإيهام بأنها تحركات لمتسللين ينوون مهاجمة مواقع عسكرية سعودية.

وأكدت أن المتسللين عمدوا أيضا إلى نصب الكمائن والاحتيال والتخفي في جلود حيوانات بعد فشل خططهم في التخفي في أزياء نسائية حتى ينفذوا عمليات اختراق والالتفاف حول القوات السعودية ومهاجمتها من الخلف، وهي حيل كانت تنجح في بدايات المواجهات، خصوصا في ظل معرفة المتسللين بالطبيعة الجغرافية للمنطقة واعتمادهم على المرتفعات لكشف تحركات الجيش السعودي داخل أراضيه ذات الارتفاع الجغرافي المنخفض نسبيا عما هو موجود في الجانب الآخر من الحدود حيث الأراضي اليمنية.

بينما بات جليا أن التعزيزات العسكرية التي أدخلت أخيرا إلى أرض المواجهة وكثافة الانتشار العسكري من قبل القوات البرية السعودية ومشاة البحرية وكتائب المظليين المسندة بطائرات الـ«إف 15» والتورنيدو ومروحيات الاستطلاع والأباتشي قد قلصت من عمليات التسلل خلال الفترات الماضية.

من جهة أخرى وصفت مصادر عسكرية سعودية من داخل المعركة أن عمليات الهجوم التي ينفذها المتسللون بشكل مباشر هي «عمليات انتحارية يستحيل أن تثمر عن أي نصر عسكري يمكن أن يسجل لمجموعات تتسلح بشكل خفيف»، وأكدت أن خطوط الرجعة أمام هؤلاء موصدة تماما، وأن من يحاول اختراق الحدود والحضور داخل محيط المنطقة العسكرية المحظورة «سيواجه إما الهلاك أو يقرر الاستسلام». وبينت المصادر أن أقصى ما يسعى إليه المتسللون هو تحقيق خسائر بشرية في صفوف القوات السعودية.

من جانب آخر ذكر مسؤول عسكري رفيع في القوات المسلحة السعودية لـ«الشرق الأوسط» أن خطط المتسللين ليست ثابتة وإنما يتم تغييرها بصفة دائمة متنوعة ما بين الاختباء بين النازحين وإطلاق النار من الخلف أو الاختباء في داخل المنازل بالقرى الحدودية والمهاجمة ليلا، مؤكدا أن القوات السعودية تتصدى لكل هذه المحاولات وتحبطها.

وقد اعتمد المتسللون خلال أول أسبوعين بعد تطهير جبل دخان الذي شهد اندلاع شرارة المواجهات على التسلل بأعداد قليلة ومجموعات لا تتجاوز العشرات تحاول الدخول إلى داخل محيط انتشار القوات السعودية وبالتالي النجاة من نيران القصف الجوي والمدفعي ومن ثم تبادل إطلاق النار، وذلك في عدد من المحاور في جبل دخان والرميح وقرية جلاح الحدودية، بينما لجأ الكثير منهم إلى الاختباء داخل منازل تقع في القرى الحدودية في فترات النهار ومن ثم الهجوم خلال فترات الليل، وهو الأمر الذي اتجهت القوات السعودية لمعالجته بإزالتها عددا من المباني القديمة في تلك المناطق. وفي هذه الأثناء نجح المتسللون في تنفيذ عمليات قصف بالـ«آر بي جي» و«الكاتيوشا» وتبادل إطلاق نار داخل مناطق سعودية بعمق 10 كيلومترات، وفي حين تمكنت القوات السعودية بمساندة طائرات الأباتشي من تدمير مجموعة متسللة تم رصد وجودها في منطقة العين الحارة بالقرب من مقر قيادة العمليات على الشريط الحدودي وهي تنوي تدمير آليات مدفعية، بحسب ما ذكرت المصادر.

ومع انقضاء أسبوعين من المواجهات أكدت مصادر عسكرية لوسائل إعلام محلية أن القوات باستخدام فرق الاستطلاع تكون نجحت في كشف المنطقة وفضح مخططات المتسللين وإحباط محاولاتهم المتكررة.

وفي ظل هذه الأوضاع شهد الأسبوع الحالي تحركا من نوع جديد يتمثل في الهجوم المباغت بأعداد كبيرة تجاوزت المئات من المتسللين، وتأتي عمليات هذا الهجوم في أوقات حرجة في ساعات الفجر ومنتصف الليل أو أوقات الصلوات بغية تحقيق مكسب على الأرض في حالات قد لا تتوفر فيها جاهزية القوات السعودية حسب تصورهم. بينما عزا مراقبون للوضع أن تكون عمليات الانتشار الواسعة للقوات السعودية قد أحبطت محاولات التسلل الفردية، وهو ما يدفع بالمتسللين إلى اتخاذ تكتيكات جديدة.

وكانت مصادر يمنية في صعدة ذكرت لـ«الشرق الأوسط»، نهاية الأسبوع الماضي، عن توجه تعزيزات بشرية كبيرة من المتسللين المحسوبين إلى مناطق المواجهات مع الجيش السعودي على الشريط الحدودي، وهو الأمر الذي ظهرت نتائجه على السطح حين قام مئات المتسللين الحوثيين فجر السبت الماضي بهجوم مباغت واسع على جبل الرميح، وهو ما نجحت القوات السعودية في صده باستخدام القصف الجوي والمدفعية الثقيلة وقوات الجيش. وذكرت المصادر العسكرية السعودية عن مقتل وأسر معظم المهاجمين، فيما كشفت معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» في حينه عن مقتل ثلاثة جنود سعوديين في اشتباكات جرت طوال اليوم مع المتسللين في جبل الرميح.

وفي ذات التوقيت من أول من أمس الأحد ذكرت مصادر عسكرية تمكن القوات السعودية من كشف تجمع لمتسللين بالمئات قريب من جبل الرميح الحدودي قبل قيامهم بهجوم مباغت، موضحة أن القصف الجوي والمدفعي تمكن من صد الهجوم. وهو الأمر الذي أكده بيان عسكري أصدرته القيادة المسلحة عن قيام طائرات الأباتشي والمدفعية وقوات الجيش بصد هجوم للمتسللين، بينما على الجانب الآخر صدر بيان تابع للحوثيين يزعم صدهم لزحف للقوات السعودية على جبل الرميح.

وفي إشارة إلى فداحة ما تكبدته عناصر التسلل الانتحارية من خسائر، أكدت مصادر أن الروائح المنبعثة عن جثث القتلى تملأ الجبال والأودية الحدودية، ومع ذلك يؤكد البيان العسكري الصادر عن القوات السعودية أن النوايا ما زالت متوفرة لدى المتسللين لمواصلة محاولاتهم لاختراق الحدود.

وتتباين التحليلات العسكرية للغرض الذي يمكن أن يفسر تواصل القتال لأكثر من عشرين يوما، في وقت يستميت خلاله المتسللون وبشتى الطرق في محاولات لاختراق الشريط الحدودي.

وعودة إلى مصادر يمنية في صعدة أشارت إلى أن إلى الباعث العقدي لدى العناصر الحوثية الذين يرون أن موتهم على سفوح جبال الرميح ودخان تعد «شهادة مؤكدة بدخول الجنة»، وفي صعدة أيضا يتحدث الأهالي عن فتوى رائجة للمعتدين مضمونها أن النجاح في قتل ضابط أو جندي بمثابة «الحصول على مفتاح الجنة»، فيما ذكر آخرون يشيرون إلى حرص الحوثيين على إبقاء مصدر مستمر للفوضى والقلق بما يطيل أمد المواجهات، وهو ما يحسب كنصر معنوي في معادلة النصر والهزيمة في حرب العصابات، وذلك في ظل تأكيد القيادات الرسمية في السعودية أن قواتها لن تتجاوز حدودها وإنما ستبقى للدفاع ودحر كل من يفكر في الاعتداء عليها.

وتذهب بعض التحليلات إلى اعتقاد المتسللين الحوثيين في إمكانية تحقيقهم لانتصار عسكري يضمن لهم نقطة تفاوض في حال اتجهت المواجهات من الحل العسكري إلى السياسي أو السلمي.

من جهة أخرى، شهدت جبهة المواجهات بين الجيش السعودي والمتسللين، أمس الاثنين، يوما ساخنا تواصلت خلاله عمليات القصف الجوي بشكل كثيف بدأت عملياته في ساعات الفجر الأولى، حيث شوهدت ألسنة اللهب من مواقع في جبل رازح المطل على الشريط الحدودي. ورجحت مصادر أن يكون القصف الذي بدأ بعد منتصف الليل وسمعت أصواته بشكل كبير قد نجح في استهداف مناطق استراتيجية ومخابئ أسلحة وخنادق للمتسللين. وذكر سكان محليون أن منازلهم اهتزت جراء أصوات الانفجارات هذه. واستمر تواصل عمليات التحليق طوال اليوم وإلى فترة المساء. وعلمت «الشرق الأوسط» أن هجوما بريا شنه الجيش السعودي ظهر أمس على مناطق تتمركز فيها مجموعات المتسللين في تباب جبال الرميح ودخان مستخدما القوات البرية والطائرات والمدفعية في ذلك الهجوم، الذي ذكرت مصادر عسكرية أنه أنزل خسائر كبيرة في صفوف المتسللين في الأرواح والعتاد، إلا أن مصادر إعلامية عسكرية أجلت التعليق على الأمر إلى يوم غد حيث سيعقد اجتماع إعلامي عسكري وينتظر صدور بيان بالمواجهات. يأتي ذلك في وقت عمد فيه المتسللون إلى شن هجمات ليلية يشارك فيها المئات من المتمركزين في مناطق قريبة من الشريط الحدودي، وبحسب بيان صادر عن المكتب الإعلامي للحوثيين فقد زعم الحوثيون أن الجيش السعودي بدأ ظهيرة أمس بشن هجوم واسع استخدمت فيه آليات برية وراجمات صواريخ ومدفعية ثقيلة والطيران الحربي على الأراضي اليمنية. من جانبه أكد مسؤول عسكري رفيع المستوى أن القوات السعودية ثابتة على مبادئها القتالية التي تتضمن أنه لا هجوم إلا لمواجهة من يعتدي على أراضينا. مشددا على أنه في حالة وجود أي تعد بأي وسيلة كانت أو في أي توقيت فالرد سيكون بكل ما نملك من قوة. وأوضحت مصادر عسكرية أن المواقع التي تمركز فيها المتسللون وجرى تمشيطها قد دمرت تدميرا كاملا خلال قصف بالطائرات على مخابئ المتسللين، حيث نجحت عمليات القصف في تحديد إحداثيات صائبة للمتسللين وقصفها. وأضافت أن القوات السعودية تواصل عملياتها العسكرية بالطيران والمدفعية الثقيلة في مناطق الشريط الحدودي وخاصة في محاور جبال دخان والرميح والدود ووادي الموقد حيث تدور المواجهات حاليا، مبينا أنه جرى تأمين هذه المواقع بشكل كامل، وذكرت المصادر أن درسا قاسيا جرى تلقينه لمجموعات من المتسللين حاولت استخدام الشعاب والأودية الضيقة للتسلل واختراق الشريط الحدودي.

وكانت الأيام الثلاثة الماضية شهدت عمليات هجوم مكثف من قبل المتسللين الذين حاولوا مباغتة القوات السعودية بالمئات في هجمات نجح الجيش السعودي في صدها طوال الأيام منذ بداية الأسبوع، حلقت فيه طائرات الاستطلاع بشكل مكثف على الجبال الواقعة شرقي محافظة المسارحة وذلك لرصد أي عمليات تسلل قد تتم عن طريقها، من جانب آخر ذكرت مصادر طبية أن عددا من الجرحى تم نقلهم أمس إلى مستشفى صامطة العام.