تقرير للجامعة العربية لا يستبعد تورط مرتزقة صوماليين في القتال إلى جانب الحوثيين باليمن

مسؤول في الحكومة الصومالية لـ «الشرق الأوسط»: الخطر لا يكمن في اللاجئين فقط

قوات سعودية تقوم بعملية إعادة انتشار قرب الحدود السعودية – اليمنية في منطقة خوبة بجازان (رويترز)
TT

كشف تقرير عربي اطلعت «الشرق الأوسط» على فحواه أن مقاتلين صوماليين متورطون في القتال إلى جانب المتمردين الحوثيين في اليمن بدافع المال. ومن ناحية أخرى، تلقى الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى تقريرا من السفير إبراهيم الشويمى مبعوث الجامعة العربية في مقديشو لم يستبعد إمكانية تورط صوماليين بين اللاجئين في اليمن في التمرد الحوثي.

وقال التقرير إن القتال الدائر حاليا في الصومال بات مدفوعا بالمال والمصالح الشخصية، وأنه لم يعد مستغربا تحرك بعض الصوماليين إلى اليمن لتقديم أنفسهم كمرتزقة للعمل إلى جانب الحوثيين في تمردهم ضد السلطات اليمنية. ولفت التقرير إلى أنه قرب السواحل اليمنية من الصومال، يدفع بعض الصوماليين العاطلين عن العمل أو المقاتلين المحترفين إلى التوجه لليمن وعرض خدماتهم على الحوثيين طلبا للمال وليس انطلاقا من الإيمان أو القناعة بما يقاتلون من أجله.

وأوضح التقرير أن من بين المرتزقة الصوماليين بعض قيادات الجماعات الإسلامية المسلحة المناوئة للتواجد العسكري الأجنبي، وللسلطة الانتقالية التي يقودها الشيخ شريف شيخ أحمد في الصومال. وأضاف: «هؤلاء لا يقاتلون انطلاقا من عقيدة أو مذهب، إنهم فقط يبحثون عن مصالحهم الشخصية ولديهم استعداد للقتال إلى جانب من يقدم لهم المال مقابل الحصول على خدماتهم». ولفت التقرير إلى أن الخطر الحقيقي يكمن في اللاجئين الصوماليين على الأراضي اليمنية، حيث يمكن بسهولة تجنيد هؤلاء ودفعهم للقتال من أجل حفنة دولارات أميركية أو بمجرد وعدهم بمكان أفضل للإقامة والعمل.

من جهته، قال مسؤول رفيع المستوى في الحكومة الصومالية إن لدى حكومته معلومات عن تورط عناصر صومالية في القتال الذي يشنه المتمردون الحوثيون ضد الحكومة اليمنية وعلى مقربة من الحدود اليمنية ـ السعودية. وقال المسؤول الذي كان يتحدث لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من العاصمة الإيطالية روما حيث يزور الجنرال محمد شيخ حسن رئيس جهاز المخابرات الصومالية إيطاليا منذ بضعة أيام طلبا للحصول على الدعم اللوجستي والاقتصادي للجهاز الناشئ، إن الحرب الدائرة في اليمن حرب دينية لكن الصومال لم تتأثر إلى الآن بالمد الشيعي. وقال إن الخطر لا يكمن فقط في تواجد اللاجئين الصوماليين في اليمن وإنما يتعدى الأمر إلى عمليات تهريب سلاح تجري باستخدام صوماليين. وأكد أنه يستبعد انضمام عناصر من جماعات إسلامية مسلحة داخل الصومال إلى الحوثيين، لكنه أكد في المقابل أن هناك جالية صومالية كبيرة في اليمن بالإضافة إلى آلاف اللاجئين الصوماليين ومن الممكن، وفقا لما قاله، أن يتورط هؤلاء في الحرب اليمنية. وأضاف: «ليست هناك عمليات تهريب سلاح من الصومال إلى اليمن، لكن بإمكان المتمردين الحصول على السلاح من اريتريا عبر البحر».

وكانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد توقعت مؤخرا ارتفاعا كبيرا في عدد الصوماليين القادمين إلى اليمن بحثا عن اللجوء خلال الأسابيع القادمة بسبب تدهور الأوضاع الأمنية في مقديشو. وأعربت الحكومة اليمنية عن قلقها حيال الارتفاع المرتقب في عدد الوافدين على البلاد بحثا عن اللجوء، حيث يوجد في اليمن حاليا أكثر من 150,000 لاجئ صومالي مسجل وعدد أكبر من الصوماليين الباحثين عن اللجوء والمهاجرين الاقتصاديين الذين يعيشون بالبلاد.

وتتوقع الحكومة أن يكون عدد اللاجئين الصوماليين الداخلين إلى اليمن خلال العام الجاري ضعف المسجلين خلال العام الماضي والذي يتجاوز عددهم 33 ألف لاجئ.

وقالت شبكة الأنباء الإنسانية «إيرين» التابعة للأمم المتحدة إنها تلقت من وزارة الخارجية اليمنية معلومات تقدر أن يكون هناك نحو 700 ألف صومالي يعيشون في اليمن، معظمهم مهاجرون اقتصاديون، لافتة إلى أن معظم الصوماليين في اليمن يعيشون على المساعدات التي يحصلون عليها من وكالات الإغاثة الدولية أو المنظمات غير الحكومية، أو يقومون بأعمال مهمشة للتمكن من البقاء على قيد الحياة.

ووفقا لوكيل وزارة الخارجية اليمنية، علي المثنى، يحتاج اليمن إلى المزيد من المساعدات من المجتمع الدولي لتحمل عبء العنف الدائر في مقديشو الذي يدفع بالمزيد من الصوماليين نحو شواطئ اليمن. وقال المثنى لشبكة «إيرين» إن «هناك تعاونا بين اليمن والمجتمع الدولي. ولكنه غير كاف». واعتبر المثني أن الأمر لا يتعلق فقط بإطعام الصوماليين القادمين ولكن أيضا بتمكنهم من العمل وتزويدهم بالخدمات الصحية والاجتماعية، مشيرا إلى أن اليمن لا يستطيع تحمل عبء هؤلاء الأشخاص وحده، فقدرته في هذا المجال محدودة جدا. وأضاف: «لذلك قلنا منذ البدء إن المشكل يكمن في عدم استقرار الصومال. وهو المشكل الذي يحتاج إلى حل في المقام الأول».

ورفعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في اليمن من قدرتها على التعامل مع التدفق المتوقع لنحو 20,000 لاجئ إضافي من الصومال هذه السنة. وهي تحاول الضغط من أجل تغيير السياسات الخاصة بمواضيع الهجرة ورفع الوعي بحقوق الإنسان ودعم تأسيس مركز لدراسات الهجرة واللجوء في جامعة صنعاء. من جهة أخرى نفى مسؤول صومالي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» وجود اتصالات لترتيب جولة جديدة من المصالحة الصومالية الشاملة، وقال إن حكومته تتابع عن كثب الخلافات المستمرة بين المتمردين الإسلاميين، مضيفا: «ننتظر تحركا دبلوماسيا وإلا فإننا مستعدون للدفاع عن أنفسنا في أقرب وقت ممكن».

وبشأن اتهامات المباحث الفيدرالية الأميركية للجالية الصومالية المقيمة في بعض المدن الأميركية بالتورط بدعم المتطرفين الإسلاميين في الصومال، قال المسؤول الصومالي إن عناصر من الجماعة الصومالية متورطون في التفجيرات الأخيرة لكن تنقلاتهم تتم بشكل معقد فهم يستخدمون جوازات سفر صومالية مزورة ويتنقلون عبر لندن وجيبوتي وهرجيسا.

وحول الدعم الذي يحتاجه جهاز المخابرات الصومالي قال المسؤول الذي طلب عدم تعريفه: نحن نطلب كل المساعدة للوقوف إلى جانب هذا الجهاز الوليد الذي يحتاج للخبرة وتبادل المعلومات قبل المساعدات المالية. وتابع: «نحن بحاجة إلى الحصول على معلومات عما يجرى في الصومال ونسعى لتكوين جهاز يتضمن كوادر بشرية لديها نظرة عالمية استنادا إلى ما نحصل عليه من معلومات من الدول الصديقة والشقيقة».

وينهي اليوم رئيس المخابرات الصومالي زيارة بدأها قبل بضعة أيام إلى روما قبل أن ينتقل إلى تركيا، حيث أجرى محادثات مع كبار مسؤولي الحكومة والمخابرات الإيطالية في إطار مساعي الحكومة الصومالية لتعزيز قدراتها الأمنية والعسكرية وتحقيق أكبر قدر ممكن من التعاون مع الدول ذات الصلة المباشرة بتطورات وتعقيدات الأزمة الصومالية.