الخارجية الأميركية تشكك في إمكانية إجراء انتخابات واستفتاء نزيهين في السودان

الناطق باسم حزب البشير لـ«الشرق الأوسط»: تشكيك واشنطن يرد عليه تقرير من الأمم المتحدة أكد العكس

الرئيس السوداني عمر البشير لدى استقباله عددا من الدبلوماسيين ورجال الدين لتهنئته بعيد الأضحى المبارك في الخرطوم أمس (إ.ب.أ)
TT

قالت وزارة الخارجية الأميركية، إن انتخابات السودان العامة التي حدد لها أبريل (نيسان) القادم ربما لن تكون نزيهة، مع نهاية جولة سودانية، قام بها الجنرال المتقاعد سكوت غرايشن، مبعوث الرئيس باراك أوباما للسودان.

ودحض مسؤول في حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، ما قالته الخارجية الأميركية، مشيرا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «التشكيك الأميركي يرد عليه تقرير أممي صدر أخير يقر بأن القضاء السوداني قادر على مراقبة الانتخابات السودانية، بينما كشف في ذات الوقت أن 70 منظمة دولية تشارك الآن في عملية مراقبة الانتخابات التي هي الآن في مرحلة تسجيل الناخبين».

وقال بيان لوزارة الخارجية الأميركية إن «الدوافع وراء التشكيك في إمكانية قيام انتخابات سودانية نزيهة، يعود إلى أن حزب المؤتمر الحاكم والمعارضة لم يستطيعا الاتفاق على قوانين التصويت في الانتخابات». وجاء هذا البيان مع نهاية جولة سودانية قام بها الجنرال المتقاعد سكوت غرايشن، مبعوث أوباما للسودان. وأشار البيان إلى «تحركات بطيئة» في مواضيع مثل تسجيل الناخبين وتسوية مشكلة الحدود بين الشمال والجنوب. وأيضا، شكك البيان في إمكانية إجراء استفتاء حر ونزيه بعد سنتين في جنوب السودان ليحدد ما إذا كان الجنوبيون سيريدون البقاء في سودان واحد أو الانفصال. وقال البيان: «بدون حلول سريعة لهذه المشاكل، نحن قلقون على توفر فرص لإجراء انتخابات واستفتاء نزيهين». وأضاف البيان: «أسفا، لم تقدر الأطراف على إثبات الرغبة السياسية الضرورية لتحقيق حلول لهذه المشاكل الصعبة والحساسة». وأشار البيان إلى أن غرايشن زار مراكز تسجيل في السودان، وأنه «حث المواطنين على التسجيل كطريق وحيد للشعب السوداني للحفاظ على حق المشاركة في الانتخابات في أبريل 2010». وأيضا، أشار البيان إلى اتصالات غرايشن لحل المشاكل بين السودان وتشاد. وأن هذه الاتصالات «ركزت على الأمن على الحدود السودانية التشادية» حيث تجوب عصابات ولا يتوفر حكم القانون. وأضاف البيان: «مواجهة هذا القلق الأمني لا بد منه لتحقيق سلام دائم في دارفور».

وكان غرايشن قد زار السودان خلال الفترة ما بين 16 و23 نوفمبر (تشرين الثاني) بادئا بمنطقة أبيي على الحدود بين الشمال والجنوب في ولاية جنوب كردفان. وكان الجنرال غرايشن وهيلاري كلنتون، وزيرة الخارجية، وسوزان رايس، السفيرة في الأمم المتحدة، قد عقدوا مؤتمرا صحافيا في 19 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعلنوا فيه سياسة الرئيس أوباما الجديدة نحو السودان، والتي لخصها بيان وزارة الخارجية بأنها تعتمد على ثلاثة أركان: أولا: «نهاية كاملة للنزاع وانتهاك حقوق الإنسان والإبادة في دارفور». ثانيا: «تنفيذ اتفاقية السلام بين الشمال والجنوب، بما يديم السلام في السودان بعد استفتاء سنة 2011، أو وضع طريق مستقر نحو دولتين مستقلين وقادرتين وتعيشان في سلام» (إذا اختار الجنوب الانفصال). ثالثا: «ضمان ألا يكون السودان مكانا لتأييد الإرهاب العالمي». ووصف بيان الخارجية العلاقات الأميركية السودانية بأنها «رغم اختلافات سياسية، تظل الولايات المتحدة تقدم دعما إنسانيا كبيرا في كل أنحاء السودان لربع قرن من الزمان».

من جهته دحض فتح الرحمن شيلا الناطق الرسمي باسم حزب المؤتمر الوطني الحاكم ما ورد في بيان الخارجية الأميركية، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التشكيك الأميركي في الانتخابات السودانية يرد عليه تقرير أممي صدر أخير يقر بأن القضاء السوداني قادر على مراقبة الانتخابات السودانية»، وكشف في ذات الوقت أن 70 منظمة دولية تشارك الآن في عملية مراقبة الانتخابات التي هي الآن في مرحلة تسجيل الناخبين.

وأضاف شيلا أن «القوانين التي تنظم الانتخابات أجازتها الأجهزة التشريعية في البلاد، ومفوضية الانتخابات جرى تشكيلها برضا القوى السياسية في البلاد ورئيسها القانوني الجنوبي ابيل الير يشهد له بالنزاهة والكفاءة، وعليه فإن تلك الشكوك لا مجال لها في العمليات التي تمضي الآن لإجراء الانتخابات». وسخر شيلا من التشكيك الأميركي قائلا: إن «الولايات المتحدة تقول هذا القول وهي تعرف أن الانتخابات التي تجري عملياتها الآن جزء من تنفيذ اتفاق السلام السوداني، التي هي جزء منه.. وبدون إجراء الانتخابات لا يمكن أن تجري الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان»، وتساءل «هي تعلم ذلك وكانت حاضرة في نيفاشا، فلماذا التشكك في عملية تعتبر من صميم تنفيذ اتفاق السلام».

وفي السياق ذاته قال شيلا: «بالإضافة إلى ذلك هناك 70 منظمة دولية وإقليمية بما فيها منظمة الرئيس الأميركي جيمي كارتر للسلام تشارك في مراقبة الانتخابات إلى جانب المراقبة المحلية»، وأضاف: «هذه المنظمات تعمل الآن لمراقبة السجل الانتخابي وستستمر إلى نهاية العملية الانتخابية». وحول ما يفسر بأنه يأس أميركي حيال حلحلة عقد اتفاق السلام السوداني بين الشريكين، توقع شيلا أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق حول القضايا الخلافية في مقبل الأيام، واستند في ذلك إلى تصريحات أدلى بها باقان أموم القيادي في الحركة الشعبية، قبل أيام بأن الطرفين يستطيعان التوصل إلى اتفاق، وقال شيلا: «أهنئ باقان بالعيد أنا أشاطره القول بأننا نستطيع أن نتوصل إلى اتفاق بشأن القضايا الخلافية»، وأضاف: «مثلما جرى الاتفاق بين الطرفين في نيفاشا فإن الطرفبن من خلال الآلية المشتركة للحوار وتنفيذ اتفاق السلام يمكن أن يتجاوزا الخلافات»، ولم يشر إلى موعد زمني لحصول ذلك.

في الأثناء، قال تقرير صدر إن عدد المسجلين للانتخابات بلغ أمس 11 مليون شخص من داخل السودان وخارجه، حيث بلغ عدد المسجلين في العاصمة الخرطوم أكثر من المليون ونصف المليون. وتخطط مفوضية الانتخابات لتسجيل 19 مليون سوداني يحق لهم التصويت في الانتخابات المقبلة، ويبلغ النصاب القانوني لعدد المسجلين نحو 13 مليون شخص. وبدا مسؤول في مفوضية الانتخابات تحدث لـ«الشرق الأوسط» متفائلا ببلوغ النصاب في مقبل الأيام، وظهر أن التسجيل للانتخابات يستمر في ضعف شديد، مما اضطرت المفوضية معه إلى تمديد التسجيل إلى السابع من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.